الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَكِنَّهَا حُجِبَتْ بِكُلِّ كَرِيْهَةٍ
…
لِيَصُدُّ عَنْهَا المُبْطِلُ المُتَوانِي
وَتَنَالُهَا الهِِمَمُ التِّي تَسْمُو إِلى
…
رَبّ العُلَى بِمَشِيْئَةِ الرَّحمنِ
انْتَهَى
آخَرُ:
هَذِهِ قَصِيْدَةً بَلِيْغَةٌ جِدَّاً وَهِيَ زُهْدِيَّةٌ وَعَظِيَّةٌ ألْق لَهَا سَمعك.
سِهَامُ المَنَايَا في الوَرَى لَيْسَ تُمْنَعُ
…
فَكُلُّ لَهُ يَوْمًا وَإِنْ عَاشَ مَصْرَعُ
وَكُلُّ وَإِنْ طَالَ المَدَى سَوْفَ يَنْتِهِي
…
إِلى قَعْر لَحْدٍ في ثَرَى مِنْهُ يُوْدَعُ
فَقُلْ لِلَّذِي قَدْ عَاشَ بَعْدَ قَرِيْنِهِ
…
إِلى مِثْلِهَا عَمَّا قَلِيْلٍ سَتُدْفَعُ
فَكُلُّ ابْنِ أُنْثَى سَوْفَ يُفْضِي إِلى الرَّدَى
…
وَيَرْفَعُهُ بَعْدَ الأَرائِكِ شَرْجَعُ
وَيُدْرِكُهُ يَوْمًا وَإِنْ عَاشَ بُرْهَةً
…
قَضَاءٌ تَسَاوَي فِيْهِ عَوْدٌ وَمُرْضَعُ
فَلا يَفْرَحَنْ يَوْمًا بِطُولِ حَيَاتِهِ
…
لَبِيْبٌ فَمَا في عَيْشِهِ المَرْءُ مَطْمَعُ
…
فَمَا العَيْشُ إِلا مِثْلُ لَمْحَةِ بَارِقٍ
…
وَمَا المَوْتُ إِلا مِثْلُ مَا العَيْن تَهْجعُ
وَمَا النَّاسُ إِلا كَالنَّبَاتِ فَيَابِسٌ
…
هَشِيْمٌ وَغَضُّ إِثرَ مَا بَادَ يَطْلَعُ
فَتَبًا لِدَارٍ مَا تَزَالُ تَعُلُّنَا
…
أَفَاوِيْقَ كَأْسٍ مُرَّةً لَيْس تُقْنِعُ
سَحَابُ أَمَانِيْهَا جَهَامُّ وَبَرْقُهَا
…
إِذَا شِيْمَ بَرْقٌ خَلَّبٌ لَيْسَ يَهْمَعُ
تَغُرُّ بَنِيْهَا بالمُنَى فَتَقُودُهُمْ
…
إِلى قَعْرِ مَهْوَاةٍ بِهَا المَرْءُ يُوْضَعُ
فَكَمْ أَهْلَكَتْ في حُبَّها مِنْ مُتَيَّمٍ
…
وَلَمْ يَحْظَ مِنْهَا بِالمُنَى فَيُمَتَّعُ
تُمَنِّيْهِ بالآمَالِ في نَيْل وَصْلِهَا
…
وَعَنْ غَيَّهِ في حُبِّهَا لَيْسَ يَنْزِعُ
أَضَاعَ بِهَا عُمْرًا لَهُ لَيْسَ رَاجِعًا
…
وَلَمْ يَنَلِ الأَمْرَ الذِي يُتَوقَّعُ
فَصَارَ لَهَا عَبْدًا لِجَمْعٍ حُطَامِهَا
…
وَلَمْ يَهْنَ فِيها بِالذِي كَانَ يَجْمَعُ
وَلَوْ كَانَ ذَا عَقْلٍ لأغْنَتْهُ بُلْغَةٌ
…
مِنَ العَيْشِ في الدَّنْيَا وَلَم يَكُ يَجْشَعُ
إِلى أَنْ تُوَافِيْهِ المَنِيَّةُ وَهُوَ بالْ
…
قَنَاعَةٍ فِيْهَا آمِنًا لا يُرِوَّعُ
مَصَائِبُهَا عَمَّتْ فَلَيْسَ بِمُفْلَتٍ
…
شُجَاعٌ وَلا ذُو ذِلّةٍ لَيْسَ يَدْفَعُ
وَلا سَابِحٌ في قَعْرِ بَحْرٍ وَطَائِرٌ
…
يُدَوِّمُ في بوْحِ الفَضَاءِ وَيَنْزِعُ
وَلا ذُو امْتِنَاعٍ في بُرُوجٍ مُشِيْدَةٍ
…
لَهَا في ذُرَى جَو السَّمَاءِ تَرَفُّعُ
أَصَارَتْهُ مِنْ بَعْدِ الحَيَاةِ بِوَهْدَةٍ
…
لَهُ مِنْ ثَرَاهَا آخِرَ الدَّهْرِ مَضْجَعُ
تَسَاوَى بِهَا مَنْ حَلَّ تَحْتَ صَعِيْدِهَا
…
عَلَى قُرْبِ عَهْدٍ بِالمَمَاتِ وَتُبَّعُ
فَسِيَّانِ ذُو فَقْرٍ بِهَا وَذَووا الغِنَى
…
وَذُوْ لَكَنْ عِنْدَ المَقَالِ وَمِصْقَعُ
وَمَنْ لَمْ يَخَفْ عِنْدَ النَّوَائِب حَتْفَهُ
…
وَذُوْ جُبُنٍ خَوْفًا مِنَ المَوْتِ يُسْرِعُ
وَذُوْ جَشَعٍ يَسْطُو بِنَابٍ وَمَخْلَبٍ
…
وَكُلُّ بُغَاثٍ ذَلَّةً لَيْسَ يَمْنَعُ
وَمَنْ مَلَكَ الآفَاقَ بَأْسًا وَشِدَّةً
…
وَمَنْ كَانَ مِنْهَا بِالضَّرُوْرَةِ يَقْنَعُ
وَلَوْ كَشَفَ الأَجْدَاثَ مُعْتَبِرًا لَهُمْ
…
لِيَنْظُرَ آثَارَ البِلَى كَيْفَ يَصْنَعُ
لِشَاهَدَ أَحْدَاقًا تَسِيْل وَأَوْجُهًا
…
مُعَفَّرَةً في التُّرْبِ شُوهًا تُفَزعُ
غَدَتْ تَحْتَ أَطْبَاقِ الثَّرَى مُكْفَهِرَّةً
…
عَبُوْسًا وَقَدْ كَانَتْ مِنَ البِشْرِ تَلْمَعُ
فَلَمْ يُعْرَفِ المَوْلَى مِنَ العَبْدِ فِيْهِم
…
وَلا خَامِلاً مِنَ نَابِهٍ يَتَرَفَّعُ
وَأَنَّى لَهُ عِلْمٌ بِذَلِكَ بَعْدَمَا
…
تَبَيَّنَ مِنْهُم مَا لَهُ العَيْنُ تَدْمَعُ
رَأَى مَا يَسُوءُ الطَّرْفَ مِنْهُم وَطَالَمَا
…
رَأَي مَا يَسُرُّ النَّاظِرِيْنَ وَيُمْتِعُ
رَأَى أَعْظُمًا لا َتْسَتطِيْعُ تَمَاسُكًا
…
تَهَافَتَ مِنْ أَوْصَالِهَا وَتَقَطَّعُ
…
مُجَرَّدَةً مِنْ لَحْمِهَا فَهِي عِبْرَةٌ
…
لِذِي فِكْرَةٍ فِيْمَا لَهُ يَتَوقَّعُ
تَخَوَّنَها مَرُّ الليَالِي فَأصْبَحَتْ
…
أَنَابِيْبَ مِنْ أَجْوَافِهَا الرِّيْحُ تُسْمَعُ
إلى حَالَةٍ مُسْوَدَّةٍ وَجَمَاجِمٍ
…
مُطَأْطَأَةٍ مِنْ ذِلَّةٍ لَيْس تُرْفَعُ
أُزِيْلَتْ عَنِ الأَعْنَاقِ فَهِي نَوَاكِسٌ
…
عَلَى التُّرْبِ مِنْ بَعد الوَسَائِدِ تُوْضَعُ
عَلاهَا ظَلامٌ لِلْبِلَى وَلَطَالَمَا
…
غَدَا نُورُهَا في حِنْدِسِ الظُّلْمِ يَلْمَعُ
كَأَن لَمْ يَكُنْ يَوْمًا عَلا مَفْرِقًا لها
…
نَفَائِسُ تِيْجَانٍ وُدُرٍ مُرَصَّعُ
تَبَاعَدَ عَنْهُمْ وَحْشَةًَ كُلُّ وَامِقٍ
…
وَعَافَهُمْ الأَهْلُونَ وَالنَّاسُ أَجْمَعُ
وَقَاطَعَهُمْ مَنْ كَانَ حَالَ حَيَاتِهِ
…
بِوَصْلِهِمُ وَجْدا بِهِمْ لَيْسَ يَطْمَعُ
يُبَكِّيْهِمْ الأَعْدَاءُ مِنْ سُوءِ حَالِهِمْ
…
وَيَرْحَمُهُمْ مَنْ كَانَ ضِدًا وَيَجْزَعُ
فَقُلْ لِلذِي قَدْ غَرَّهُ طُوْلُ عُمْرِهِ
…
وَمَا قَدْ حَوَاهُ مِنْ زَخَارِفَ تَخْدَعُ
أَفِقْ وَانْظُرِ الدُّنْيَا بِعَيْنٍ بَصِيْرَةٍ
…
تَجِدْ كُلَّ مَا فِيْهَا وَدَائِعَ تَرْجِعُ
فَأَينَ المُلُوكُ الصَّيْدُ قِدْمًا وَمَنْ حَوَى
…
مِنَ الأَرْضِ مَا كَانَتْ بِهِ الشَّمْسُ تَطْلَعُ
حَوَاهُ صَرِيحٌ مِنْ فَضَاءِ بَسِيْطِهَا
…
يُقَصِّرُ عَنْ جُثْمَانِهِ حِيْنَ يُذْرَعُ
فَكَمْ مَلِكٍ أَضْحَى بِهَا ذَا مَذَلَّةٍ
…
وَقَدْ كَانَ حَيًّا لِلْمَهَابَةِ يُتْبَعُ
يَقُودُ عَلَى الخَيْل العِتَاقِ فَوَارِسًا
…
يَسُدُّ بِهَا رَحْبَ الفَيَافِي وَيُتْرِعُ
فَأَصْبَحَ مِنْ بَعْدِ التَّنَعُّمِ فِي ثَرَى
…
تُوارِي عِظَامًا مِنْهُ بَهْمَاءُ بَلْقَعُ
بَعِيْدًا عَلَى قُرْبِ المَزَارِ إِيَابُهُ
…
فَلَيْسَ لَهُ حَتَّى القِيَامَةَ مَرْجِعُ
غَرِيْبًا عَنِ الأَحْبَابِ وَالأَهْلِ ثَاوِيًا
…
بَأَقْصَى فَلاةٍ خَرْقُهُ لَيْسَ يُرْقَعُ
تُلِحُّ عَلَيْهِ السَّافِيَاتُ بِمَنْزِلٍ
…
جَدِيْبٍ وَقَدْ كَانَتْ بِهِ الأَرْضُ تُمْرِعُ
رَهِيْنًا بِهِ لا يَمْلِكُ الدَّهْرَ رَجْعَةً
…
وَلا يَسْتَطِيْعَنَّ الكَلامَ فَيُسْمَعُ
تَوَسَّدَ فِيْهِ التُّرْبَ مِنْ بَعْدِ مَا اغْتَدَى
…
زَمَانًا عَلَى فُرُشٍ مِنَ الخَزِّ يُرْفَعُ
كَذَلِكَ حُكْمُ اللهِ في الخَلْقِ لَنْ تَرَى
…
مِنَ النَّاسِ حَيًّا شَمْلُهُ لَيْسَ يَصْدَعُ
انْتَهَى