الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
288 - " بَابُ مَا يَقُولُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ
"
336 -
عن أنسِ رضي الله عنه:
ْ " أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بَكْرٍ وعُمَرَ رضي الله عنهما كَانُوا يفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ".
ــ
البر هي رواية ابن القاسم، والرواية المشهورة التي عليها العمل عند المالكية، لأنّها رواية " المدونة " وعليها العمل والفتوى عندهم، لأنها متأخرة عن رواية "الموطأ "، وقد قال مالك في " المدونة " عن القبض: لا أعرفه: واحتج القائلون بالسدل بحديث أو حميد الساعدي الذي وصف فيه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يذكر القبض، وقد قال رضي الله عنه " أنا أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ". ولكن ليس في ذلك نص صريح على السدل، والأرجح هو القبض - لحديث الباب. ثانياًً: أن المصلّي مخير في أن يضعٍ يده تحت السرة أو فوقها، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد في هذا الحديث موضعاً، وبهذا قال ابن حبيب وأحمد في رواية (1)، وقال أحمد في الرواية المشهورة يضعهما تحت السرة (2)، وقال الشافعي: فوق السرة (3). الحديث: أخرجه أيضاً مالك.
والمطابقة: في كونهم كانوا يؤمرون بوضع اليد اليمنى على ذراع اليسرى في الصلاة.
288 -
" باب ما يقول بعد التكبير "
336 -
معنى الحديث: يحدثنا أنس رضي الله عنه " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين " أي يبدؤون الفاتحة في صلاتهم بقولهم: الحمد لله رب العالين دون
ــ
(1)
" شرح الباجي على " الموطأ " و" المغني " لابن قدامة.
(2)
وهو مذهب أبي حنيفة.
(3)
وجاء في سنن أبي داود وابن خزيمة: على الصدر، وربما كان أقواها، الأمر واسع. (ع).
أي لفظ آخر من بسملة أو غيرها.
ويستفاد منه: أنه لا يقرأ البسملة في الصلاة المكتوبة جهراً أو سراً وهو مشهور مذهب مالك لهذا الحديث، ولما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال:" قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة " أخرجه مالك في " الموطأ " ولو قرؤوها سراً لأخبره أحد الصحابة بذلك، وهذا يدل كما قال الباجي على أنها ليست آية من القرآن، لأنهم تركوا قراءتها، فتركهم القراءة لها مع أنه لا تصح الصلاة إلاّ بقراءة أم القرآن دليل واضح على أن بسم الله الرحمن الرحيمٍ ليست منها، فتحصل من ذلك أنّها ليست آية من القرآن وأنها لا تقرأ سراً وجهراً (1). وذهب جماعة من السلف منهم عمر وابنه وابن الزبير وابن عباس وعلي وعمار إلى وجوب قراءة البسملة سراً في السرية وجهراً في الجهرية، وهو مذهب الشافعي وسعيد بن المسيب وإسحاق والليث، واحتجوا بحديث أم سلمة أنها سئلت عن قراءة رسول صلى الله عليه وسلم فقالت: " كان يقطع قراءته آية آية (بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين)
…
إلخ رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم " كان إذا قرأ وهو يؤم الناس افتتح ببسم الله الرحمن الرحيم " أخرجه الدارقطني، وذهب أحمد وأهل الحديث وأهل الرأي إلى استحباب (2) قراءتها سراً (3) لما في الحديث، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم ". رواه ابن شاهين. الحديث: أخرجه الستة. والمطابقة: في كون الحديث بمنزلة الجواب للترجمة.
…
(1) ومن أهل المدينة من يقول لا بد فيها من بسم الله الرحمن الرحيم، كما قال ابن عبد البر في " الكافي ". (ع).
(2)
وهو مذهب أبي حنيفة في رواية، وفي رواية أخرى يجب قراءتها سراً.
(3)
قال ابن قدامة: ولا تختلف الرواية عن أحمد أنَّ الجهر بها غير مسنون.
337 -
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ إسكَاتَةً فَقُلْتُ: بِأَبِي واُّمِّي يَا رَسُولَ اللهِ إسكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ والْقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قَالَ: أقُولُ: " اللَّهُمَّ باعِدْ بَيني وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ".
ــ
337 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة " قال الخطابي: معناه يسكت بينهما سكوتاً يقتضى كلاماً " فقلت بأبي وأمي يا رسول الله " أي أفديك بأعزّ الأشياء عندي وهما أبواي " إسكاتك (1) بين التكبير والقراءة ما تقول؟ " أي ماذا تقول في سكتتك هذه من ذكر أو دعاء " قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب " أي أسألك اللهم أن تجعل بيني وبين الذنوب والآثام من البعد كما بين المشرق والمغرب " اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس " أي طهرني منها كما يطهر الثوب الأبيض من الأقذار حين يغسل بالماء فيصبح ناصعاً نقياً، قال الشوكاني: وهذا تعبير مجازي يراد منه محو الذنوب بالكلية. " اللهم أغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد " أي وأسألك أن تطهرني بجميع المطهرات من ثلج وبرد وماء، وهو مجاز معناه: اللهم وفقني لجميع الوسائل المؤدية إلى الغفران من ترك السيئات وفعل الحسنات، وكثرة الصدقات، والخشية وحسن الظن بالله، وأن يتغمدني الله برحمته.
ويستفاد منه: مشروعية دعاء الاستفتاح في الصلاة ما بين تكبيرة الإِحرام
(1) بالرفع على أنه مبتدأ خبره ما بعد أو بالنصب على نزع الخافض أي في إسكاتك.