الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
239 - " بَابُ وقْتِ الْعِشَاءِ إلى نِصْفِ اللَّيْلِ
"
283 -
قَالَ أبو بَرْزَةَ:
كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ تَأخِيرَهَا.
ــ
صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم في اليومين في وقت واحد (1)، ولما جاء في حديث الباب هذا. وذهب الجمهور من الحنيفة والحنابلة والأظهر عند الشافعية، وهو مذهب الشافعي القديم إلى أنه يمتد إلى مغيب الشفق لما جاء في حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم " وقت المغرب ما لم يغيب الشفق " أخرجه مسلم. وفي حديث أبي موسى " فصلى المغرب -أي من الغد- قبل أن يغيب الشفق " أخرجه أبو داود، أما حديث جابر فقد حمله الجمهور على وقت الفضيلة والاختيار لا على الجواز. الحديث: أخرجه الشيخان وابن ماجة. والمطابقة: في دلالته على المبادرة إلى صلاة المغرب.
239 -
" باب وقت العشاء إلى نصف الليل "
283 -
معنى الحديث: يقول أبو برزة رضي الله عنه " كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب تأخيرها " أي يفضل تأخيرها يعني يرغّب أصحابه في تأخير صلاة العشاء دون أن يبين مقدار ذلك.
ويستفاد منه: استحباب تأخير صلاة العشاء إلاّ أن أبا برزة لم يحدد مقدار هذا التأخير الذي سيأتي موضحاً في الأحاديث الآتية. والمطابقة: في قوله: " يستحب تأخيرها ". الحديث: أخرجه البخاري موصولاً في باب وقت العصر.
…
(1) وهو غير الاظهر المعمول به عند الشافعية.
284 -
عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ:
أَخَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ العِشَاءِ إلى نِصْفِ اللَّيلَ، ثُمَّ صَلَّى، ثمَّ قالَ:" قَدْ صَلَّى النَّاسُ وَنَامُوا، أَمَا إنَّكُمْ فِي صَلَاةٍ ما انْتَظرتُمُوها ".
ــ
284 -
معنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل العشاء ليلة إلاّ في آخَّر النصف الأول من الليل، ثم قال لهم: لقد صلّى غيركم، أما أنتم فقد أخرتم هذه الصلاة إلى هذا الوقت المتأخر من الليل، فكنتم في صلاة مدة انتظاركم لها، يحتسب لكم ثوابها طوال هذه المدة، وفي رواية أخرى أنه قال:" ولولا ضعف الضعيف، وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل " أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة. الحديث: أخرجه الشيخان بألفاظ.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: ظاهر الحديث أن وقت العشاء يمتد إلى آخر نصف الليل، ويخرج بالنصف وهو وقت الاختيار عند الجمهور والرواية الثانية عن أحمد وقول ابن المبارك وأصحاب الرأي وأحد قولي الشافعي كما أفاده القسطلاني (1) وابن قدامة (2) لما روي عن أنس قال:" أخَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل " رواه البخاري، وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأمرت بهذه أن تؤخر إلى شطر الليل " رواه أبو داود والنسائي، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال:" وقت العشاء إلى نصف الليل " رواه أبو داود، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ذهب عامة الليل، ثم خرج فصلّى، ثم قال:" إنه لوقتها " أي وقتها المختار " لولا أن أشق على أمتي لأخرتها إليه " أخرجه مسلم، وروي عن أحمد أنّ وقت العشاء المختار يمتد إلى ثلث الليل، وهو قول عمر وأبي هريرة وعمر
(1) شرح القسطلاني ج 1.
(2)
المغني ج 1.
ابن عبد العزيز ومالك بن أنس لما جاء في حديث جبريل أنه صلى النبي صلى الله عليه وسلم في المرة الثانية ثلث الليل، وقال:" الوقت ما بين هذين " وذهب الظاهرية إلى أنّ وقتها الاختياري يمتد إلي طلوع الفجر لما جاء في حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما التفريط أن تؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى " فهو عام متأخر عن حديث إمامة جبريل، وناسخ له اهـ. كما حكاه ابن رشد.
ثانياً: أن تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل أفضل لحديث الباب، ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد " لولا ضعف الضعيف، وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل " حيث دل على أن تأخيرها إلى نصف الليل أفضل وإنما قدمها صلى الله عليه وسلم مراعاة للضعفاء والذين لا يستطيعون التأخير إلى ذلك الوقت المتأخر من الليل فيؤدي ذلك إلى تفويت تكثير الجماعة، ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن تأخيرها أفضل، وذهب بعضهم إلى أن صلاتها في أول الوقت عند مغيب الشفق أفضل، وروى العراقيون من أصحابنا عن مالك أن تأخيرها أفضل، وبه قال أبو حنيفة لما جاء في حديث أم كلثوم بنت أبي بكر عن عائشة:" أعتم النبي صلى الله عليه وسلم حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، خرج فصلى، فقال: إنه لوقتها " وقال في المنهل العذب (1): وقد اختلف العلماء أتقديمها أفضل أم تأخيرها؟ وهما مذهبان مشهوران للسلف، وقولان لمالك والشافعي، فذهب فريق إلى تفضيل التأخير محتجاً بهذه الأحاديث، كحديث الباب، وحديث أبي سعيد، وحديث ابن عمر المتقدمة، وذهب فريق إلى تفضيل التقديم محتجاً بأنه العادة الغالبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هي التقديم، وإنما أخرها في أوقات يسيرة لبيان الجواز، أو لشغل أو لعذر، ولو كان تأخيرها أفضل لواظب عليه. " وَرُدَّ " بأن هذا يتم لو لم يكن منه صلى الله عليه وسلم إلاّ مجرد الفعل
(1)" المنهل العذب " ج 3.