الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
454 - " بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الشَّهِيدِ
"
529 -
عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ:
" كَانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أحُدٍ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أيّهُمْ أكْثَرُ أخذاً لِلْقُرآنِ، فَإِذا أشِيرَ لَهُ إلى أحَدِهِمَا قَدَّمه في اللَّحْدِ، وَقَالَ: أبردا شَهِيدٌ على هَؤُلاءِ يَومَ الْقِيَامَةِ، وَأمَرَ بِدَفْنِهِم في دِمَائِهِم وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ ".
ــ
454 -
" باب الصلاة على الشهيد "
529 -
معنى الحديث: يقول جابر رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد " أي يلفهما في ثوب واحدٍ ويفصل بينهما بالإذخر، " ثم يقول: أيهما أكثر أخذاً للقرآن "، أي ثم يسأل صلى الله عليه وسلم عن أكثرهم حفظاً للقرآن وعلماً به، " فإذا أشير إليه " أي فإذا أشار الصحابة إلى أكثرهما حفظاً " قدمه في اللحد " على غيره تكريماً للقرآن وأهله، " وأمر بدفنهم في دمائهم، لم يغسّلوا ولم يصلّ عليهم "، أي بدون غسل ولا صلاة. الحديث: أخرجه أصحاب السنن أيضاً.
فقه الحديث: دل الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الشهيد لا يغسل ولا يصلّى عليه، وهو مذهب المالكية والشافعية (1) وقال أبو حنيفة: يصلى عليه، ولا يغسل، وقال أحمد: لا يغسل إلاّ إذا كان جنباً لقوله صلى الله عليه وسلم في حنظلة وقد قتل يوم أحد: " ما شأن حنظلة؟ فإني رأيت الملائكة تغسله ". وذلك لأنه جامع أهله وخرج إلى المعركة فاستشهد فغسلته الملائكة ولا يصلّى عليه في أصح الروايتين عند أحمد. ثانياً: جواز الجمع بين عدة أموات في ثوب واحد وقبر واحد، وهو مذهب الجمهور. والمطابقة: في قوله: " ولم يغسلوا ولم يصل عليهم ".
(1)" الإفصاح " لابن هبيرة الحنبلي.
530 -
عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه:
" أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَاً فَصَلَّى عَلَى أهْلِ أُحُدٍ صَلَاتَهُ عَلَى المَيِّتِ ثُمَّ انْصَرَفَ إلى المِنْبَرِ فَقَالَ: " إِني فَرَط لَكُمْ وإِنى شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ وإنِّي وَاللهِ لأنْظر إلى حَوْضِي الآنَ، وِإنِّى أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الأرْض أوْ مَفَاتِيحَ الأرْض، وِإنِّي وَاللهِ مَا أخَافُ عَلَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، وَلَكِنِّي أخافُ عَلَيْكُمْ أنْ تَنَافَسُوا فِيهَا ".
ــ
530 -
معنى الحديث: يحدثنا عقبة بن عامر " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلّى على أهل أحد صلاته على الميت "، أي صلّى عليهم صلاة الجنازة كما يصلي على غيرهم من الموتى العاديين، " ثم انصرف إلى المنبر فقال: إني فرط لكم " أي: سابقكم وأول واردٍ منكم على الحوض يوم القيامة، " وأنا شهيد عليكم "، أي وأنا شهيد لكم يوم القيامة بالشهادة في سبيل الله، " وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض " أشار بذلك صلى الله عليه وسلم إلى اتساع الدولة الإِسلامية، وكثرة فتوحاتها، وتدفق الأموال عليها، لأنّ من فتح بلداً فكأنما تسلم مفاتيح خزائنه، وامتلك ثرواته وأمواله، " ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها " أي ولكنني أخشى أن يحملكم التنافس على المال والجاه على التنازع فيما بينكم فيودي بكم ذلك إلى العداوة والبغضاء والتقاتل على الدنيا وخيراتها. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي.
فقه الحديث: دل الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية الصلاة على الشهيد وهو مذهب أبي حنيفة خلافاً للجمهور، لقوله في الحديث:" خرج صلى الله عليه وسلم يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ". ثانياً: التحذير من إقبال الدنيا وفتنتها ومخاطرها، وسيأتي بيان ذلك في موضعه. والمطابقة: في قوله: في قول عقبة رضي الله عنه: " خرج يوماً فصلّى على أهل أحد ".