الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
192 - " بَاب هَلْ تُنْبَشُ قُبورُ مُشْرِكِي الْجَاهِلِيَّةِ وَيُتَّخذُ مَكَانهَا مَسَاجِدَ
"
232 -
عن أنس رضي الله عنه قَالَ:
قَدِمَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ أعْلَى الْمَدِينَةِ في حَي يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرو بْنِ عَوْفٍ، فَأقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ أرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثمَّ أرْسَلَ إلى بَنِي النَّجَّارِ، فجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفَ، فَكَأنِّي أنظرٌ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ، وأبو بَكْرٍ رضي الله عنه رِدْفُهُ، وَمَلأ بَني النَّجارِ حَوْلَهُ، حتَّى ألْقَى بِفِنَاءِ أبي أيوبَ، وَكَانَ يُحَبُّ أنْ يُصَلِّي حَيْثُ أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ،
ــ
192 -
" باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد "
232 -
معنى الحديث: يحدثنا أنس رضي الله عنه عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فيقول " قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فنزل أعلى المدينة " أي وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد الزوال، فنزل في قباء، وأناخ ناقته في الشمال الشرقي من بئر عذق - وهي بئر السقيا أو بئر الخاتم. غربي دار كلثوم بن الهرم كما أفاده المؤرخ العياشي (1)" في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف " وكانت منازلهم تمتد ما بين العُصبة جنوباً ومسجد قباء شمالاً " ثم أرسل إلى بني النجار فجاءوا متقلدي السيوف " أي متسلحين بسيوفهم خوفاً على النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود وكانوا زهاء خمسمائة رجل تجمعوا في رحبة بني زيد الملاصقة لمسجد قباء، وتقع مئذنته القديمة في طرفها، كما أفاده العياشي "فكأني أنظر إلى النبي
(1)" المدينة بين الماضي والحاضر " لفضيلة الاستاذ العياشي.
وَيُصَلِّي في مَرَابِض الْغَنَمِ، وَأنَّهُ أمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسجِدِ، فأرْسَلَ إلى مَلَأٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: يَا بني النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائطِكُمْ هَذَا، قَالُوا: لا واللهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلَّا إلَى اللهِ تَعَالى، قَالَ أنَسُ: فَكَانَ فِيهِ مَا أقُولُ لَكُمْ: قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وفِيهِ خَرِب، وفِيهِ نَخْلٌ، فَأمرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقُبُورِ الْمُشركِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بالْخَرِبِ فسُوِّيَتْ، وبالنَّخْل فَقُطِعَ، فَصَفُّوا الْنَخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وهم يرتجزون، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ:
" اللَّهُمَّ لا خَيْرَ إلَّا خَيْرُ الآخِرَةِ
…
فَاغْفِرْ لِلأنصَارِ والْمُهَاجِرَة "
ــ
صلى الله عليه وسلم على راحلته وأبو بكر رضي الله عنه ردفه " أي راكب خلفه " حتى ألقى بفناء أبي أيوب " حيث بركت ناقته عند باب داره، فنزل بها، وأقام فيها أكثر من سبعة أشهر "(1) كما أفاده الاستاذ الأنصاري " وأنه أمر ببناء المسجد " أي أمر ببناء مسجده الشريف " فقال يا بني النجار ثامنوني بحائطكم " أي اذكروا لي ثمنه لأني أريد شراءه منكم " فقالوا: والله لا نطلب ثمنه إلاّ إلى الله تعالى " أي لا نأخذ منك مالاً، وإنما نطلب عليه الأجر من الله تعالى وكان لغلامين من الأنصار فاشتراه منهما " وفيه خرب " بفتح الخاء وكسر الراء جمع خربة مثل كَلِم وكلمة أي آثار أبنية قديمة متساقطة " فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت " أي فأخرج ما فيها من الرمم البالية " ثم بالخرب فسوّيت " أي أزيلت تلك الأطلال المتبقية من آثار المنازل والديار، حتى سويت بالأرض " وبالنخل فقطع، فصفوا النخل قبلة المسجد " أي فجعلوا جذوع النخل أعمدة للرواق القبلي من المسجد، وسقفوه بالجريد
(1) آثار المدينة للأستاذ عبد القدوس الأنصاري.