الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبواب الوِتْرِ
364 - " بَابُ مَا جَاءَ في الْوِتْرِ
"
428 -
عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
أنَّ رَجُلاً سَألَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَن صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقَالَ رَسُولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم: " صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيَ أحَدكُم الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً توتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى".
ــ
" أبواب الوتر "
هو لغة الفرد، أي الشيء الواحد، أو العدد المنتهي بواحد. وقد اختلف فيه الفقهاء شرعاً، فذهب بعضهم إلى أنه ركعة واحدة، كما يدل عليه المعنى اللغوي، وذهب آخرون إلى أنّ أقله ثلاث ركعات بناء على أنّه لغة ما ينتهي بواحد. وحكمه: أنّه سنة مؤكدة عند الحنابلة، وآكد السنن عند الشافعية.
وآكدها بعد ركعتي الطواف عند المالكية، وواجب عند الحنفية.
364 -
"باب ما جاء في الوتر"
428 -
معنى الحديث: يحدثنا ابن عمر رضي الله عنهما: " أنّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل "، أي عن صفتها وكيفيتها " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الحل مثنى مثنى "، أي صلاة الليل ثنائية يسلم المصلي فيها من كل ركعتين، كما قال ابن عمر، " فإذا خشي أحدكم الصبح " أي فإذا شعر المصلّى باقتراب الفجر، " صلى ركعة واحدة، توتر في ما قد صلّى " أي ختم صلاة الليل بركعة واحدة تجعل آخر صلاته وتراً. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية الوتر، وهو واجب عند أبي حنيفة (1) لحديث أبي أيوب:" الوتر حق " أخرجه أبو داود، وغيره من الأحاديث. والجمهور على أنه سنة مؤكدة، لحديث الأعرابي لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ما فرض الله عليه قال:" خمس صلوات كتبنهن الله في اليوم والليلة قال: هل على غيرها، قال: لا "، فلو كان واجباً لذكره مع الصلوات الخمس (2)، وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم:" الوتر حق " فإن في إسناده عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب العتكي، وقد تكلم فيه البخاري وغيره. ثانياً: أنّ أقل الوتر ركعة واحدة، وهو مذهب الشافعية والحنابلة. قال ابن قدامة: ويجوز له إذا صلاها ثلاثاً أن يأتي بالركعتين الأوليين مفصولتين وهو الأفضل، أو يأتي به موصولاً، سواء أتي به بتشهد واحد أو بتشهدين والفصل أفضل من الوصل، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:" الوتر ركعة من آخر الليل " أخرجه مسلم. وقال مالك: يشترط في ركعة الوتر أن يتقدمها شفع، ولهذا قال أشهب: من أوتر بركعة واحدة يعيد وتره بعد شفع ما لم يصل الصبح (3)، وقال سحنون: إن كان بحضرة ذلك شفعها بركعة وأوتر، وإن تباعد أجزأه. وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة وتشهدين، لقول عائشة رضي الله عنها " إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن "
…
إلخ. ثالثاً: إن صلاة الليل ثنائية، تصلى ركعتين ركعتين، وهو مذهب مالك والشافعي في الليلية والنهارية.
قال ابن قدامة: فأمّا تطوع الليل فلا يجوز إلاّ مثنى مثنى هذا قول أكثر أهل العلم، والأفضل في تطوع النهار أن يكون مثنى مثنى، وإن تطوع بأربع فلا بأس. وقال أبو حنيفة في صلاة الليل والنهار: إن شئت ركعتين، وإن
(1) ونقله ابن العربي عن أصبغ وسحنون من المالكية.
(2)
" المغنى " لابن قدامة.
(3)
" شرح الباجي على الموطأ ".
429 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها:
" أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كانَتْ تِلْكَ صَلَاتهُ، تَعْنِي باللَّيْلِ، فَيَسْجُدُ السَجْدَةَ مِنْ ذِلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، ثم يَضْطجِعُ صلى الله عليه وسلم عَلَى شِقِّهِ الأَيمَنِ حَتَّى يَأتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ ".
ــ
شئت أربعاً. والمطابقة: في قوله: " يصلّي ركعة واحدة توتر له ما قد صلّى ".
429 -
معنى الحديث: تحدثنا عائشة رضي الله عنها: " أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، تعني بالليل " وفي رواية مسلم قالت: " كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلّي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة ". ومعنى ذلك أن صلاته صلى الله عليه وسلم الليلية التي كان يصليها ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، لا تزيد عن إحدى عشرة ركعة، منها ركعة الوتر، " يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه "، أي: أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل السجود في قيام الليل حتى أن الوقت الذي يقضيه في السجدة الواحدة يكفي لقراءة خمسين آية، " ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر "، وهما سنة الفجر، " ثم يضطجع على شقه الأيمن " للاستراحة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن أغلب صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشر ركعة بما فيها الوتر. ولهذا قال ابن القيم: " وكان قيامة (1) صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشر ركعة أو ثلاثة عشرة، كما قال ابن عباس وعائشة، فإنه ثبت عنهما هذا وهذا. والصحيح عن عائشة الأول، والركعتان فوق الإِحدى عشر هما
(1)" زاد المعاد " لابن القيم.
ركعتا الفجر، جاء ذلك مبيناً في هذا الحديث " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر " ذكره مسلم. أما ابن عباس فقد اختلف عليه، ففى الصحيحين عن أبي جمرة، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ثلاث عشرة ركعة يعني بالليل، لكن قد جاء عنه هذا مفسراً أنها بركعتي الفجر، حيث قال الشعبي: سألت ابن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ثلاث عشرة ركعة، منها ثمان، ويوتر بثلاث، وركعتين قبل صلاة الفجر. ثانياًً: مشروعية طول السجود في صلاة القيام في حدود قدرة المصلّي وطاقته وقد كان صلى الله عليه وسلم كما في حديث الباب " يسجد السجدة بقدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية ". ثالثاً: مشروعية ركعتى الفجر، وهي سنة مؤكدة عند الشافعية، وآكد السنن وأقواها عند الحنفية، وهي (رغيْبة) عند المالكية يندب (1) فعلها في البيت ووقتها من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وتقضى عند الجمهور خلافاً للحنفية. ويقرأ فيها (الكافرون) و (الإِخلاص) عند الجمهور، والفاتحة فقط عند المالكية، و (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا) إلى آخرها التي في سورة البقرة و (قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا) التي في سورة آل عمران إلى آخرها عند الشافعية. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله: " كان يصلّي إحدى عشرة ركعة " لأن الوتر من ضمنها.
…
(1)" الرسالة " لابن أبي زيد القيرواني.