الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
أبواب صلاة الخوف
"
355 - " بَابٌ
"
418 -
عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: " غزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قِبَل نَجْدٍ، فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ، فَصافَفْنَا لَهُمْ، فَقامَ رَسُولُ اللهَ صلى الله عليه وسلم
ــ
" أبواب صلاة الخوف "
وهو نوعان: خوف يمنع من إتمام هيئة الصلاة، ويكون عند الإِلتحام، فيؤخر المجاهدون الصلاة إلى آخر الوقت، ثم يصلونها مشاة أو ركباناً، يومئون في الركوع والسجود. وخوف من مفاجأة العدو فيجوز الصلاة أفذاذاً أو فيؤدون على طريقة صلاة الخوف المشروعة في كل قتال مشروع، سواء كان جهاداً أو قتالاً للمحاربين، وفي كل صلاة مكتوبة، جمعة أو الصلوات الخمس.
أما حكمها واستمراره وبقاء مشروعيتها: فقد قال ابن قدامة: جمهور العلماء متفقون على أنّ حكمها باق بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقال أبو يوسف: إنّما كانت تختص بالنبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ) الآية. اهـ. قال ابن العربي المالكي: كونه فيهم إنما ورد لبيان الحكم لا لوجوده. وقال ابن المنير: الشرط إذا خرج مخرج التعليم لا يكون له مفهوم وصلاة الخوف رخصة شرعية، كما قال خليل، وقيل واجبة كما في " الرسالة "، وقيل سنة كما في " أقرب المسالك "، وهي عند الجمهور رخصة جائزة مشروعة باقية إلى قيام الساعة.
والحكمة فيها: المحافظة على أداء الصلاة جماعة مع اتخاذ الحيطة اللازمة من العدو، بحيث لا تُتْرَك له فرصة الانقضاض على المجاهدين أثناء صلاتهم.
355 -
" باب "
418 -
معنى الحديث: يقول ابن عمر رضي الله عنهما: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبل نجد " أي خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى غزوة جهة
يصَلِّي لَنَا، فقامَتْ طَائِفَةٌ مَعَة تصَلِّي، وأقْبَلَتْ طَائِفَةٌ علَى الْعَدُوِّ، وَرَكَعَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْ مَعَه، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثم انْصَرَفوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ التي لم تصَلِّ، فجاءوا فركع رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهِمْ رَكْعَةً، وسجدَ سَجْدَتَيْنِ، ثم سَلَّمَ، فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فرَكَعَ لِنَفْسِهِ ركعَة، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ".
ــ
نجد، وهي غزوة ذات الرقاع، " فوازينا العدو، فصاففنا لهم " أي فوقفنا أمام العدو صفوفاً منظمة مرتبة كما رتبنا النبي صلى الله عليه وسلم، "فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي لنا " أي: فلما حضرت صلاة العصر أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي بنا هذه الصلاة كما تصلّى صلاةُ الخوف، " فقامت طائفة معه، فصلى وأقبلت طائفة على العدو" أي فانقسم الناس إلى طائفتين، طائفة تصلّي معه، وطائفة أخرى تقف أمام العدو للحراسة، " وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتين " أي فصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائفة الأولى ركعة تامة بسجدتيها " ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل " أي ثم ذهبوا ليقفوا مكان الطائفة الأخرى، ويخلفوهم في الحراسة، " فجاءوا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعة " أي: فجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة تامّة " وسلم " من صلاته " فقام كل واحد فركع لنفسه ركعة " أي فأتمّوا لأنفسهم على التعاقب.
يعنى فأتمت طائفة، والأخرى تحرس، ثم أتمت الطائفة الأخرى، قال القسطلاني: وهو الراجح من حيث المعنى، وإلّا فيستلزم ضياع الحراسة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: مشروعية صلاة الخوف وهي رخصة شرعية عند الحاجة إليها حضراً أو سفراً تخفيفاً ومعونة على جهاد العدوّ، مع أداء صلاة الجماعة. ثانياً: بيان كيفية صلاة الخوف التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع. وقد اختار هذه الكيفية البخاري وأبو حنيفة، ورجحها
ابن عبد البر لقوة إسنادها. واختار الجمهور الكيفية التي رواها سهل بن أبي حثمة. وهي أنه يفرقهم الإِمام إلى طائفتين، طائفة بإزاء العدوّ، وطائفة خلفه، فيُصلي بالتي خلفه ركعة ويثبت قائماً وتتم لنفسها الركعة الثانية بفاتحة وسورة، وتمضى للحراسة فتأتي الطائفة الثانية فيصلي بهم الركعة الثانية، ويجلس للتشهد وتتم لنفسها الركعة الأخيرة لها بفاتحة وسورة، ويطيل الإمام التشهد حتى يتموا فيسلم بهم. ولصلاة الخوف كيفيات كثيرة، أوصَلها بعضهم إلى سبعة عشر كلها جائزة. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي. والمطابقة: في دلالة هذا الحديث على كيفية صلاة الخوف.
***