الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
أبواب صلاة الجماعة والإمامة
"
266 - " بَابُ وُجوُبِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
"
313 -
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " والذي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدَ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بِحَطَب فَيُحْطَبَ، ثم آمُرَ بالصَّلَاةِ فيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَال فَأحَرقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، والذي نَفْسِي بِيَدِهِ،
ــ
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أنّه يجوز للإِمام أن ينشغل بحاجة تعرض له بعد إقامة الصلاة، فيؤخر الشروع فيها، كما يجوز له الكلام بعد الإِقامة، وكرهه الحنفية. وقال مالك: يستحسن إعادة الإقامة إذا. بعدت. ثانياً: أنّ النوم الخفيف لا يبطل الصلاة. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود.
والمطابقة: في قوله: " أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلاً "
266 -
" باب وجوب صلاة الجماعة "
313 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها "، أي يقسم النبي صلى الله عليه وسلم بالله عز وجل الذي روحه بيده يتصرف فيها كيف يشاء، أنه عزم على أن يأمر أصحابه بجمع الحطب وتكسيره، وإشعال النار فيه " ثم آمر رجلاً فيؤم الناس " أي ثم يأمر بلالاً بإقامة صلاة العشاء أو الصبح، قال صلى الله عليه وسلم:" ثم أخالف إلى رجال فأحرِّق عليهم بيوتهمْ "، أي ثم أعاقب رجالاً من المنافقين يشهدون الظهر والعصر مع الجماعة رياءً ويتخلفون عن العشاء والصبح مع الجماعة، حيث لا يراهم الناس بسبب ظلمة الليل، فأحرِّق عليهم بيوتهم عقوبةً لهم على نفاقهم، ولكنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل مَا هَمَّ بِه رحمةً
لَوْ يَعْلَمُ أحَدُهُمْ أنه يَجِدُ عَرْقَاً سَمِيناً أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ".
ــ
بالنساء والأطفال الموجودين في البيوت، كما جاء في رواية أخرى أنه قال:" ولولا ما في البيوت من النساء والذريّة لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون " أخرجه أحمد، ثم قال صلى الله عليه وسلم:" والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً " بفتح العين وسكون الراء " سميناً "، أي لو يعلم أحد هؤلاء أنه يجد في المسجد عظماً عليه شيء من اللحم والشحم ولو يسيراً " أو مرماتين حسنتين "، يعني أو سهمين جيدين " لشهد العشاء " أي لحضر صلاة العشاء لأنّه لا يهمه إلاّ العرض الدنيوي ولو كان يسيراً.
ويستفاد منه: تأكيد الأمر بصلاة الجماعة، واستدل به البخاري وبعض أهل العلم على وجوبها. واختلف الفقهاء في حكمها على أربعة أقوال: الأول: أنها شرط في صحة الصلاة، وأن صلاة المنفرد باطلة، وهو مذهب داود الظاهري ويشترط فيها المسجد، لحديث:" لا صلاة لجار المسجد، إلاّ في المسجد ". الثاني: أنها فرض عين، فتصح صلاة المنفرد مع الإِثم، ولا يشترط فيها المسجد لقوله صلى الله عليه وسلم:" جعلت لي الأرض طيبة طهوراً ومسجداً " فأيما رجل أدركته الصلاة صلَّى حيث كان " متفق عليه، وأما حديث: " لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد " فهو من قول على رضي الله عنه كما أفاده ابن قدامة، وبهذا قال إسحاق وعطاء والأوزاعي وأحمد. الثالث: أنها فرض كفاية لقوله صلى الله عليه وسلم: " ما من ثلاثة في قرية، أو بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان " أخرجه أبو داود، وهو ظاهر قول الشافعي وبعض المالكية، وصححه النووي في " المنهاج ". الرابع: أن الجماعة سنة مؤكدة، وهو قول الجمهور ومشهور مذهب مالك وأبي حنيفة وقول للشافعيّة. قال الشوكاني (1): وهو أعدل الأقوال وأقربها إلى الصواب (2)، واستدلوا على عدم
(1)" نيل الأوطار " للشوكاني.
(2)
لكن حديث الأعمى الذي لم يرخص له صلى الله عليه وسلم في التخلف عنها يدل على وجوبها. المؤلف.