الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
267 - " بَابُ احْتِسَابِ الآثَارِ
"
314 -
عن أنسٍ رضي الله عنه:
أَنَّ بَنِي سَلِمَةَ أرَادُوا أنْ يَتَحَوَّلُوا عَنْ مَنَازِلِهِمْ فَيَنْزِلُوا قَرِيباً مِنَ النَّبِيِّ
ــ
وجوبها بقوله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة " قالوا: لأن المفاضلة بين صلاة الجماعة وصلاة الفرد تقتضي المشاركة في الثواب وتدل على أن المنفرد له حظ من الأجر، ولو كانت الجماعة واجبة لكان المنفرد عاصياً، والعاصي لا أجر له. وأجابوا عن حديث الباب بجوابين: الأول: أن الهم بقتلهم لا يستلزم وجوب الجماعة، فإن السنة الظاهرة كالأذان مثلاً يقاتل عليها كما يقاتل على ترك الواجبات، كما أفاده القاضي عياض.
الثاني: أن هؤلاء الذين توعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا منافقين يحضرون الجماعة ظهراً وعصراً ليراهم الناس، ويغيبون عنها عشاء وصبحاً حيث لا يرونهم، فهمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم لنفاقهم، وهو ما رجحه الحافظ حيث قال: والذي يظهر لي أنّ الحديث ورد في المنافقين لقوله صلى الله عليه وسلم: " ليس صلاة أثقل على المنافقين من العشاء والفجر " لكن المراد به نفاق المعصية (1). الحديث: أخرجه الستة وأحمد في " مسنده " بألفاظ. والمطابقة: كما يراه البخاري في كونه صلى الله عليه وسلم همّ بتحريق بيوت المتخلِّفين عن الجماعة، فلو لم تكن واجبة لما هم بذلك.
267 -
" باب احتساب الآثار "
314 -
معنى الحديث: يحدثنا أنس رضي الله عنه: " أن بني سلِمة " بكسر اللام وهم بنو سلِمة بن سعد بن علي بن أسد الخزرجي الأنصاري، وكانت منازلهم بجزع السيح ما بين القبلتين ومسجد الفتح،
(1)" فتح الباري ".
- صلى الله عليه وسلم قَالَ: فكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَعْرُوا الْمَدِينَةَ، فَقَالَ:" ألَا تَحْتَسِبُونَ آثارَكُمْ ".
ــ
وكانت هذه المنطقة تسمى في ذلك العصر بالمذاد، وهي بعيدة عن المسجد، فلما خلت بعض الديار القريبة " أرادوا أن يتحولوا " أي أن ينتقلوا " عن منازلهم فينزلوا قريباً من النبي صلى الله عليه وسلم "، ويقتربوا من المسجد النبوي الشريف ليتمكنوا من الصلاة معه، وحضور مجلسه، قال جابر: خلت البقاع حول المسجد، فأراد بنو سلِمةَ أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم: إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد، قالوا: نعم يا رسول الله، قد أردنا ذلك، فقال:" يا بني سلِمة ديارَكم تكتب آثاركم "، أخرجه مسلم. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالبقاء في منازلهم، وكان صلى الله عليه وسلم يهدف من وراء ذلك إلى حماية المدينة من العدو من الجهة الغربيّة كما قال أنس:" فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعروا المدينة " أي كره أن تخلو الجهة الغربية منهم، لانهم كانوا بمثابة سور للمدينة يحميها من الأعداء، ولهذا نهاهم عن الانتقال عن تلك المنطقة وبشرهم باحتساب خطواتهم، وتكاثر حسناتهم تبعاً لبعد منازلهم فقال:" ألا تحتسبون آثاركم " أي ألا تفرحون باحتساب خطواتكم وإن لكم بكل خطوة حسنة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: فضل كثرة المشي وبعد الدار عن المسجد، وما يؤدي إليه زيادة الخطوات من زيادة الحسنات وتكفير السيئات ورفع الدرجات. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:" أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى " أخرجه البخاري. ثانياًً: أنه يستحب للمسلم أن يحتسب خطواته إلى المسجد عند الله تعالى، ويستحضر فضل ذلك في أثناء سيره. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا تحتسبون آثاركم".