الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
216 - "بَابُ الْمَسَاجِدِ التي عَلَى طُرُق الْمَدِينَةِ والْمَواضِعِ التي صَلَّى فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
- "
256 -
عَنْ سَالِم بْنِ عَبدِ الله أنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى أمَاكِنَ مِنَ الطرَّيقَ فَيُصَلِّي فِيهَا وَيُحَدِّثُ أنَّ أبَاهُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما:
كَانَ يُصَلِّي فَيهَا، وَأنَّهُ رَأى النَّبِيَّ يُصَلِّي في تِلْكَ الأمكِنَةِ.
ــ
على أن من طبيعة هذا الدين أن يُنْشِىءَ مجتمعاً متماسكاً متناسقاً، أما صورة الفرد المنعزل فإنّها بعيدة عن طبيعته ومقتضاه. ثانياً: جواز تشبيك الأصابع في المسجد كما ترجم له البخاري حيث قالوا: يجوز التشبيك في المسجد، ويكره إذا كان في الصلاة، أو قاصداً لها، إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي.
والمطابقة: في قوله: " وشبك بين أصابعه "
216 -
" باب المساجد التي على طرق المدينة، والمواضع التي صلى فيها "
256 -
معنى الحديث: يحدثنا سالم بن عبد الله رحمه الله تعالى أنه رأى أباه عبد الله بن عمر يصلي في أماكن مخصوصة من طرق المدينة ومكة، فلما سأله عن ذلك أخبره بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلّى في تلك المواضع، وبهذا أصبحت تلك المواضع من المساجد المأثورة التي صلّى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان ابن عمر يحرص على الصلاة فيها.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: دلّ هذا الحديث إجمالاً على وجود بعض الأماكن التي صلّى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق مكة - المدينة، وأن ابن عمر كان يحرص على الصلاة فيها، وقد جاء في رواية أخرى عن ابن عمر توضيح هذه الأماكن والمساجد المأثورة وقد ذكرها في " وفاء الوفا "(1) وبيّن مواقعها
(1) وفاء الوفا لمؤرخ المدينة المنورة العلامة السمهودي.
وهي تسعة. الأول: (مسجد ذي الحليفة): المعروف بآبار علي على بعد ستة أميال من المدينة، ويقال له: مسجد الشجرة، ومسجد المحرم، وقد صلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع تحت شجرة كانت موجودة في مكان المسجد على عهده صلى الله عليه وسلم ولذلك سمّي مسجد الشجرة، وعن أنس رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر أربعاً والعصر بذي الحليفة ركعتين. الثاني: (مسجد المعرس): وقد كان صلى الله عليه وسلم ينزل فيه إذا عاد إلى المدينة آخر الليل، ولذلك سمي " المعرَّس " من التعريس، وهو النزول في آخر الليل. ولم يبق منه سوى بعض آثار، عَثر عليها المؤرخ الاستاذ إبراهيم العياشي أثناء بحثه في تلك الناحية عام 1376 هـ حيث قال:"وجدت الأساسات بأحجار ضخمة في قسميه الداخلي والخارجي ويقع في جنوب مسجد المَحْرَم بنحو مائة وخمسين متراً. الثالث: (مسجد شرف الروحاء): أي أَعلاها، ويقع كما أفاده العيني (1) على أرض مرتفعة عالية في آخر قرية السبالة على بعد ليلتين من المدينة. الرابع: (مسجد عرق الظبية): وهو على بعد ميلين من الروحاء (2) عند جبل صغير يقع في آخرها (3) يدعى عرق الظبية. ولهذا المسجد أهمية تاريخية عظيمة، ففيه استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أثناء ذهابه إلى غزوة بدر وأتى عليه في غزوة الأبواء، وذكر أنّه مصلى الأنبياء، كما روى ابن زبالة عن عمرو بن عوف قال: أول غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه غزوة الأبواء حتى إذا كان بالروحاء عند عِرق الظُبية قال: " هذا جبل من جبال الجنة، اللهم بارك لنا فيه وبارك لأهله فيه، لقد صلى في هذا المسجد قبلي سبعون نبياً، ولقد مر بها يعني وادي الروحاء موسى ابن عمران في سبعين ألفاً من بني إسرائيل على ناقة له ورقاء، ولا تقوم الساعة
(1) شرح العيني على البخاري ج 4.
(2)
وفاء الوفاء للسمهودي.
(3)
أي في آخر الروحاء.
حتى يمر بها عيسى بن مريم حاجاً أو معتمراً، أو يجمع الله له ذلك" رواه الطبراني، وفيه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني المدني، وهو ضعيف وقد كانت آثار هذا المسجد موجودة إلى بداية القرن العاشر الهجري كما أفاد السمهودي. الخامس:(مسجد الرويثة): ويقع في أول الرويثة على بعد ثلاثة عشر ميلاً من الروحاء كما قال الأسدي (1) والرويثة قرية كانت عامرة يشرف عليها جبل يسمى الروحاء، وفي شرقيها جبل آخر يدعى الحسناء.
السادس: (مسجد العرج): ويقع على بعد ثلاثة أميال من قرية العرج.
السابع: (مسجد عقبة هرشى): ويقع في المسيل الذي قيل جبل هرشى المتصل بطرفه عن يسار طريق مكة. الثامن: (مسجد مَرّ الظهران): وهو في المسيل الذي في أوّل مر الظهران من جهة المدينة قال المطري: ويقع بوادي مر الظهران، حين تهبط من " الصفراوات " -أي من الأودية الموجودة هناك- عن يسار الطريق وأنت ذاهب إلى مكة، قال الزين المراغي: ويقال: إنه المسجد المعروف اليوم في مر الظهران بمسجد الفتح، وكذلك قال الفاسي وهو بالغرب من الجموم. التاسع:(مسجد ذي طوى): بضم الطاء في رواية الأكثرين، وبالفتح كما صححه النووي، وفيه لغتان، الصرف وعدمه، قال ابن عمر كما في البخاري: وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل بذي طوى ويبيت حتى يصبح، ثم يصلي الصبح حين يقدم مكة: أي حين يقدم مكة معتمراً أو حاجاً، قال ابن ظهيرة. ومسجد ذي طوى في علو مكة (2) بين الثنيتين اللتين يدخل منهما الحاج. ثانياً: حرص ابن عمر رضي الله عنهما على الصلاة في المساجد التي صلّى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق مكة المدينة والمعروف عنه أنه كان حريصاً على تتبع آثار النبي عامة كما كان عمر رضي
(1) وفاء الوفاء للسمهوري.
(2)
أي في أعلى مكة وفي منطقة الزاهر. قال في المصباح: وذي طوى واد بقرب مكة على نحو فرسخ، ويعرف في وقتنا بالزاهر في طريق التنعيم.
الله عنه على العكس منه لا يرى تتبع هذه الآثار، وذلك لأنّه كما قال عمر:" أخشى أن يلتزم الناس الصلاة في تلك المواضع حتى يشكل على من يأتي بعدهم، فيرى ذلك واجباً "(1) وروى أشهب عن مالك أنه سئل عن الصلاة في المواضع التي صلى فيها الشارعٍ فقال: ما يعجبني ذلك إلاّ في مسجد قباء، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأتيه راكباً وماشياً، ولم يفعل ذلك في تلك الأمكنة. الحديث: أخرجه البخاري. والمطابقة: في دلالة الحديث إجمالاً على وجود هذه المساجد المأثورة على طريق المدينة - مكة، والله أعلم.
…
(1) شرح العيني على البخاري.