الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
291 - " بَابُ وُجُوبِ القِرَاءَةِ للإِمَامِ وَالْمَأمُومِ في الصَّلَواتِ كُلِّهَا
"
340 -
عنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنهما قَالَ:
شَكَا أهْلُ الْكُوفَةِ سَعْداً إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَعَزَلَهُ، واسْتَعْمَلَ عَلَيهِمْ عَمَّاراً، فشكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أنَّهُ لا يُحْسِنُ يُصَلِّي، فأرْسَلَ إليْهِ فقَالَ: يا أبَا إِسْحَاقَ إِنَّ هَؤُلاءِ يَزْعُمُونَ أنَّكَ لَا تُحْسِنُ تُصَلِّي، قَالَ:
ــ
أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: " يا بني إيّاك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان ولا بد ففي التطوع " أخرجه الترمذي، والهلكة لا تكون إلاّ بارتكاب محرم، وقال الجمهور: هو مكروه كراهة تنزيهيةً، أي إنه خلاف الأولى، لأنّه إنما يؤثر في الخشوع، والخشوع ليس من أركان الصلاة، ولأنه سماه النبي صلى الله عليه وسلم اختلاساً، والاختلاس ما يؤخذ من المرء دون إرادته، فكيف يكون حراماً. أما قوله:" فإن الالتفات هلكة " فمعناه أن الالتفات ينقص من ثواب الصلاة، كما أفاده الشوكاني، ولو كان حراماً لما قال له: فإن كان ولابد ففي النافلة، لأن ما يحرم في الفرض يحرم في النفل، والله أعلم.
291 -
" باب وجوب القراءة للإِمام والمأموم في الصلوات كلها "
340 -
ترجمة الراوي: هو جابر بن سمرة العامري ابن أخت سعد ابن أبي وقاص صحابي ابن صحابي، سكن الكوفة وتوفي بها سنة 72 هـ روى مائة وستِة وأربعين حديثاً، اتفقا على حديثين، وانفرد مسلم بستة وعشرين حديثاً.
معنى الحديث: يقول جابر بن سمرة رضي الله عنهما: "شكا أهل الكوفة
أمَّا أنا وَاللهِ فَإِنِّي كُنْتُ اُّصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أصَلِّي صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَأَرْكُدُ في الاُّولَيَيْنِ، واُّخِفُّ في الأخْرَيَيْنِ قَال: ذَاكَ الظنُّ بِكَ يا أَبَا إِسْحَاقَ، فأرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً، أَوْ رِجَالاً إلى الْكُوفَةِ فَسَأَل
ــ
سعداً" أي شكوا سعد بن أبي وقاص عندما كان أميراً على الكوفة إلى عمر رضي الله عنه، ووجهوا إليه بعض التهم الباطلة، " فعزله " عمر لتهدئة النفوس وإطفاء نار الفتنة، مع ثقته فيه، حيث قال: لم أعزله عن عجز ولا خيانة، وروي أن سعداً هو الذي طلب إعفاءه فقال لعمر: أتأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة " حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي " وذلك لسوء فهمهم، وجهلهم بكيفية الصلاة، حيث ظنوا مشروعية التسوية بين الركعتين الأوْليين والأخريين في القيام والقراءة، وقاسوا هاتين على هاتين لجهلهم بالمائة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يطول في الأُوْليين، ويخفف في الأخريين، فلم يعرفوا ذلك لأنّهم أعراب جهلة لا يفقهون شيئاً " فقال: يا أبا إسحاق، إنّ هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، فقال: أمّا أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي وأمّا هم فإنهم قالوا ما قالوا عن جهل وسوء فهم، وأما أنا فإني كنت أصلي بهم مثل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " ما أخرم (1) منها "، أي لا أنقص منها شيئاً " أصلي صلاة العشاء فأركد " بضم الكاف أي أطيل " في الأوْليين وَأخف " بضم الهمزة وكسر الخاء " في الأخريين "، أي وأخفف القراءة في الركعتين الأخريين، فأقتصر فيها على الفاتحة " قال " له عمر رضي الله عنه: " ذاك الظن بك يا أبا إسحاق " أي لقد أصبت السنة فيما فعلت، وصليت مثل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وحققت ما نظنه فيك من الفقه في الدين، والعمل بسنة سيد المرسلين، " فأرسل معه " إلى
(1) بفتح الهمزة وسكون الخاء وكسر الراء، كما أفاده القسطلاني.
عَنْهُ أهْلَ الْكُوفَةِ، وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِداً إلاّ سَأل عَنْهُ، وَيُثْنُونَ عَلَيْهِ مَعْرُوفاً حَتَّى دَخَلَ مَسْجِداً لِبَنِى عَبْسٍ، فَقَامَ رَبُي مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أسَامَةُ بْنُ قتَادَةَ، يُكَنَّى أبا سَعْدَةَ قَالَ: أمَا إِذْ نَشَدْتَنَا، فَإِنَّ سَعْداً كانَ لا يَسِيرُ بالسَّرِيَّة، وَلَا يَقْسِمُ بالسَّوِية، وَلَا يَعْدِلُ في القَضِيَّةِ مَال سَعْدٌ: أمَا وَاللهِ لأدْعُوَنَّ بِثَلَاثٍ: اللَّهُمَّ إنْ كَانَ عَبْدُكَ هذَا كَاذِباً، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فأطِلْ عُمْرَهُ، وَأطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ، وَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبِير مَفْتُونٌ أصابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَأنَا رأيتُهُ بَعْدُ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيِهِ مِنَ الْكِبَرِ، وِإنَّهُ لَيتَعَرَّضُ للْجَواِري في الطرَّيقِ يُغْمِزُهُنَّ.
ــ
العراق " رجلاً أو رجالاً "، أي أرسل لجنة يرأسها محمد بن مسلمة للتحقيق في قضيته " فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجداً إلاّ سأل عنه " أي فسأل محمد بن مسلمة عن سيرة سعد في جميع مساجد الكوفة " ويثنون عليه معروفاً " أي وجميعهم يثنون عليه ويزكونه " حتى دخل مسجداً لبني عبس " وهي قبيلة من قيس " فقام رجل فقال: أما إذ نشدتنا "، أي أما غيرنا فإنه عندما سألته عن سعد أثنى عليه، وأما نحن إذ سألتنا عنه فإنا نقول " إن سعداً لا يسير بالسرية "، أي لا يخرج للغزو في سبيل الله " ولا يقسم بالسوية " أي ولا يعدل في قسمته، " ولا يعدل في القضية " أي ولا يعدل في الحكم بين الناس، " فقال سعد اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياءً وسمعة فأطل عمره " في سقم وضعف وقبح صورة " وأطل فقره "، أي سلط عليه الفقر، وكثرة العيال، لأنه جهد البلاء " وعرضه بالفتن " بالنساء فلا يراهن إلّا ويغازلهن أمام الناس. " قال الراوي ": وهو عبد الملك بن عمير" فأنا رأيته " في شيخوخته " وإنه ليتعرض للجواري في الطريق يغمزهن " أي
يلمس أجسامهن، ويعصر أعضاءهن بأصابعه، ويغازلهن أمام الناس، كما في رواية أخرى عن عبد الملك بن عمير قال: رأيته يتعرض للإِماء في السكك أمام المارة، ويغازلهن، فإذا سألوه أي إذا لاموا عليه قال: كبير فقير مفتون .. ، وهكذا أصابته دعوة سعد. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي.
والمطابقة في قوله: " كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم "، قال العيني: ولا نزاع في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته دائماً.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أنه تجب القراءة في كل ركعة من الصلاة، وهو ما ترجم له البخاري في قوله:" باب وجوب القراءة في الصلوات كلها " لأنّ سعداً كان يقرأ في صلاته كلها، ويقول: كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي كنت أقرأ في الصلاة كما كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم. ثانياً: أنه يسن التطويل في الركعتين الأوليين بقراءة الفاتحة والسورة، والتخفيف في الركعتين الأخريين بالاقتصار على قراءة الفاتحة فقط، لأن سعداً رضي الله عنه كان يطيل في الأُوْليين، ويخفف في الأُخْريين، ويقول: كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن قدامة: ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أنه يسن قراءة سورة مع الفاتحة في الركعتين الأوليين من كل صلاة. اهـ.
وهذا يقتضي أن تكون الركعتان الأوليان أطول من الأخريين لزيادة القراءة فيهما. أما بالنسبة إلى الأولى والثانية، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يسوى بينهما إلا في الفجر، فيطيل الأولى عن الثانية وعند الشافعية قولان أشهرهما التسوية بينهما، كما نقله العيني عن " شرح المهذب "، وكره الجمهور إطالة الثانية على الأولى خلافاً لمالك حيث قال: لا بأس بذلك، وذهب الحنابلة إلى استحباب تطويل الأولى عن الثانية وهو مشهور مذهب المالكية وقول لبعض الشافعية، كما أفاده العيني.
***
341 -
" عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه:
أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ".
ــ
341 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " يحتمل أن يكون هذا النفي موجهاً إلى صحة الصلاة، أو إلى كمال الصلاة، وعلى الأوّل فمعناه: أن من لم يقرأ بالفاتحة لا تصح صلاته، بل تكون باطلة، وعلى الثاني معناه: أن من لم يقرأها تصح صلاته، ولكنها تكون ناقصة غير كاملة، والأول أظهر، لأنّه إذا لم يمكن نفي الصلاة لوجود صورتها، تعين نفي أقرب الأشياء إلى ذاتها وهو الصحة، لأن الوجود الشرعي يتوقف عليها. فيكون المعنى أن الصلاة بغير فاتحة ليس لها وجود شرعي، ولذلك فإنها لا تصح، وإنما تكون باطلة غير مقبولة عند الله تعالى.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا بها، وهو قول الجمهور خلافاً للحنفية حيث قالوا: الفاتحة واجبة والواجب عندهم ليس فرضاً، وإنما هو بين الفرض والنفل، وليست ركناً، لأن الركن لا يثبت إلاّ بدليل قطعي من آية محكمة، أو سنة متواترة، ولا شيء من ذلك.
فالركن مطلق القراءة لقوله تعالى: (فاقرءوا ما تيسر منه) وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: " إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر من القرآن " ولم يعين الفاتحة. واستدل الجمهور بحديث الباب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفى كل صلاة لا يقرأ فيها بالفاتحة، وهو يقتضي نفي وجودها وصحتها شرعاً، كما يؤكد ذلك حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " أخرجه ابن خزيمة وأما الآية المذكورة فهي في قيام الليل، وأما حديث المسيء فهو مجمل بينته الأحاديث الصريحة، وقد جاء في إحدى رواياته أنه صلى الله عليه وسلم قال للمسيء: " ثم اقرأ بأم القرآن
…
" أخرجه
أحمد، والمجمل يحمل (1) على المبين. ثانياًً: استدل به بعض أهل العلم على مشروعية قراءة الفاتحة للمأمومَ في السرية والجهرية لدخوله في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " وهو مذهب البخاري والشافعي في الجديد أن القراءة تجب على المأموم حتى فيما جهر فيه الإِمام. وكره بعض الحنفية قراءتها للمأموم سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كان له إمام فقراءة الإِمام له قراءة " أخرجه الدارقطني. وقالت المالكية: لا تلزم الفاتحة مأموماً، فالإِمام يحملها عنه، كما نص عليه ابن عرفة والخطاب (2)، وكره مالك قراءة الفاتحة فيما يجهر فيه الإِمام -كما في " الإِفصاح " (3) - ويقرأها في السرية كما قال ابن القاسم. وقالت الحنابلة: قراءة الإِمام قراءة له إلاّ أنه يستحب له أن يقرأ في السرية في سكتات الإِمام، كما أفاده ابن قدامة في " عمدة الفقه "(4).
ثالثاً: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة من الصلاة فرضاً كانت أو نفلاً، وهو مذهب مالك والأوزاعي والشافعي -وأحمد في رواية- وعنه في رواية أخرى أنها لا تجب الفاتحة إلاّ في ركعتين من الصلاة، كما أفاده ابن قدامة (5) في " المغني "، ونحوه عن النخعي والثوري وأبي حنيفة. والأرجح قراءتها في كل ركعة لحديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من صلى ركعة فلم يقرأ فيها لم يصل إلاّ خلف إمام ". وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة ". فإن نسيها في ركعة فسدت صلاته عند الشافعية والحنابلة. وقال مالك فيما رواه عنه ابن القاسم: إنه إن كانت الصلاة ثنائية فسدت، وإن كانت رباعية فروي
(1) كما هو معروف في أصول الفقه وقواعد التشريع الإِسلامي.
(2)
" فتح الجليل شرح مختصر خليل ".
(3)
" الإِفصاح عن معاني الصحاح " لابن هبيرة ج 1.
(4)
" عمدة الفقه " لابن قدامة.
(5)
" المغني " لابن قدامة.
342 -
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجلٌ فَصَلَّى فَسَلَّمَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَدَّ وقَالَ: " ارْجِعْ فَصَل فَإنكَ لمْ تُصلِّ "فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" ارْجِعْ فَصَل فإِنَّكَ لم تُصَلِّ "، ثَلاثاً فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ مَا أحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ:" إِذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فَكَبِّر ثُمَّ اقْرَأ ما تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعَاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمَاً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، وافْعَلْ ذَلِكَ في صلاِتكَ كُلِّهَا".
ــ
عنه ثلاث روايات الأولى: أنها لا تجزئه ويعيد الصلاة، والثانية: أنه يسجد للسهو فقط، والثالثة: أنه يعيد تلك الركعة ويسجد للسهو. الحديث: أخرجه الخمسة. والمطابقة: في كونه يدل على أنه لا بد من قراءة الفاتحة في الصلوات (1) كلها.
342 -
معنى الحديث: يحدثنا أبو هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجلاً وهو خلاد بن رافع " فصلى " متعجلاً صلاته ولم يطمئن في قيامه وركوعه وسجوده " فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد " أي فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام " وقال: ارجع فصل فإنك لم تصل " أي فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة تلك الصلاة، لأنّها بطلت بسبب ترك الطمأنينة فيها " فرجع يصلي كما صلى " أي فعاد فصلى من دون طمأنينة كما فعل في صلاته
(1) كما قال الكرماني وقال العيني: المطابقة غير ظاهرة لأن الترجمة أعم من أن تكون القراءة بالفاتحة أو بغيرها، والحديث يعين الفاتحة. اهـ.
الأولى. " ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصل فإنك لم تصل ثلاثاً " أي فأمره صلى الله عليه وسلم بالإعادة ثلاث مرات " فقال والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني " أي لا أعرف صلاة أحسن مما رأيت " فعلمني "، أي فإن كانت هذه الصلاة باطلة فعلمني كيف تكون الصلاة الصحيحة " فقال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن " وهي الفاتحة، أي ثم اقرأ بفاتحة الكتاب لما في رواية أحمد أنه قال له: " ثم اقرأ بأم القرآن " " ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً " أي ثم حافظ على الاعتدال في القيام والطمأنينة في الركوع والسجود. الحديث: أخرجه الستة.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: وجوب القراءة للإمام والمأموم كما ترجم له البخاري لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ". ثانياً: أن الطمأنينة ركن تبطل الصلاة بتركها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بإعادة الصلاة التي لم يطمئن فيها، وهو مذهب الجمهور، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال بوجوبها، ولا تبطل الصلاة بتركها. ثالثاً: مشروعية الاعتدال في الصلاة، وهو فرض عند الشافعي وأحمد (1) وسنة عند أبي حنيفة، وأما مالك فلم ينقل عنه نص في ذلك -كما قال ابن رشد (2) - واختلف أصحابه: هل ظاهر مذهبه يقتضي أنه سنة أو واجب. والمطابقة: في قوله: " ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ".
…
(1)" الافصاح " ج 1.
(2)
" بداية المجتهد " ج 1.