الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
298 - " بَابُ الْجَهْرِ بِقِرَاءَةِ صَلَاةِ الفَجْرِ
"
352 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
انْطَلَق النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وقد حِيلَ بَيْنَ الشَيّاَطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاء، وأرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتْ الشَيّاَطِينُ إلى قَوْمِهِمْ، فقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَال بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلَّا شَيءٌ حَدَثَ، فاضْرِبُوا مشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهِا، فانْظرٌوا
ــ
أي شيء سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعله ومواظبته عليه، وترغيب الناس فيه.
ثالثاً: أن الإِسرار بالقراءة في الصلاة السرية، والجهر بها في الصلاة الجهرية سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لقول أبو هريرة:" فما أسمعنا رسول الله أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم ". والمطابقة: في قوله: " في كل صلاة يقرأ " حيث يدخل في ذلك صلاة الفجر ويشملها عمومه.
298 -
" باب الجهر بقراءة صلاة الفجر "
352 -
معنى الحديث: يقول ابن عباس رضي الله عنهما " انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ " أي ذهب النبي صلى الله عليه وسلم مع جماعة من أصحابه إلى سوق عكاظ، لينتهز فرصة وجود القبائل فيه أثناء انعقاده، فيعرض عليهم الإِسلام " وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء " أي وكان خروجه صلى الله عليه وسلم إلى سوق عكاظ بعد أن حُجِبَ الشياطين ومنعوا من استراق السمع، وسلط الله عليهم الشهب (1) تحرقهم، وتحول
(1) والشهب جمع شهاب، وهو شعلة نازية تخرج من الكوكب متجهة نحو الشيطان فتحرقه وتحول بينه وبين ما يريد.
مَا هَذَا الذي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فانْصَرَفَ أولئِكَ الذين تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ بِنَخْلَة عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بأصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا: هَذَا وَاللهِ الذي حالَ بَيْنَكُمْ وبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجِعُوا إلى قَوْمهِمْ فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) فأنزلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) وإنَّمَا أوْحِيَ إليْهِ قَوْلُ الجِنِّ.
بينهم وبين الصعود إلى السماء، فلما رأوا ذلك " قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء " أي ما منعكم من الاستماع إلى حديث الملائكة، واختطاف الأخبار منهم إلا أمر جديد وحادث عظيم وقع في هذا العالم " فأضربوا مشارق الأرض ومغاربها " أي فسيروا في الأرض شرقاً وغرباً لاكتشاف سبب ذلك.
وروي أن النجوم لما بدأت ترميهم بالشهب، ولم تكن تفعل ذلك من قبل ذكروا ذلك لِإبليس فقال لهم: ما هذا إلاّ من أمر قد حدث، فبعث جنوده في كل مكان من الأرض " فانصرف أولئك " الجن " الذين توجهوا نحو تهامة " وهي ما انخفض من أرض الحجاز " إلى النبي صلى الله عليه وسلم " فوجدوه مصادفة " بنخلة " بين مكة والطائف على بعد ليلة من الطائف، أي على بعد عشرة أميال منها " وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر " أي وكان يصلي صلاة الفجر ويقرأ القرآن جهراً فسمعه هؤلاء الجن " فلما سعوا القرآن فهنالك حين رجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا، إنّا سمعنا قرآناً عجباً " أي فعند ذلك آمنوا، وذهبوا إلى قومهمٍ مبشرين بمحمد صلى الله عليه وسلم وهم يقولون: يا قومنا إنّا سمعنا قرآناً عجباً، أي عجيباً في ألفاظه غريباً في معانيه، خارجاً عن مقدور البشر " يهدي إلى الرشد " أي إلى الدين الحق الخ " وإنما الذي أوحى إليه " في أول سورة
353 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ:
" قَرَأ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا أمِرَ، وَسَكَتَ فيِمَا أمِرَ (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ".
ــ
الجن هو " قول الجن " أي هو إخباره عما قاله الجن عند استماعهم إلى قراءته صلى الله عليه وسلم. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. والمطابقة: في قوله: " فلما سمعوا القرآن ".
353 -
معنى الحديث: يقول ابن عباس رضي الله عنهما: " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر وسكت فيما أمر " أي جهر النبي (1) صلى الله عليه وسلم في الصلوات التي أمره الله بالجهر فيها، وهي الصلوات الليلية، وأسَرَّ في الصلوات التي أمره الله تعالى بالإسرار فيها، وهي الصلوات النهارية " وما كان ربك نسياً " ولم يذكر الله ذلك في القرآن نسياناً منه، فهو المنزه عن ذلك، ولكنه ترك بيان هذه الأحكام لنبيه صلى الله عليه وسلم " ولقد كان لكم في رسول الله أسوة " فيجب عليكم اتباع سنته.
ويستفاد من الحديثين ما يأتي: أولاً: استحباب الجهر في صلاة الصبح لجهر النبي صلى الله عليه وسلم فيها ولو لم يجهر لما سمعه الجن. ثانياً: أن الجهر في الصلوات الليلية، والإِسرار في النهارية سنة، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم جهر في هذه وأسر في هذه. الحديث: أخرجه البخاري. والمطابقة: في قوله: " قرأ فيما أمر، وسكَت فيما أمر ".
…
(1) لأن معنى قوله: " قرأ النبي " أًي جهر بالقراءة، ومعنى " وسكت " أي أمر بالقراءة.