الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
228 - " بَابُ الصَّلَاة كَفَّارَةٌ
"
269 -
عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ:
كُنَّا جُلُوسَاً عند عُمَرَ رضي الله عنه فَقَالَ: أيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ
ــ
المتنفل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وهو مفترض خلف جبريل وهو متنفل، وإليه ذهب الأوزاعى والشافعي وأحمد في رواية اختارها (1) ابن تيمية، وذهب مالك وأبو حنيفة وأحمد في الرواية المشهورة عنه إلى أنها لا تجوز صلاة المفترض خلف المتنفل لقوله صلى الله عليه وسلم:" إنما جعل الإِمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ".
الحديث: أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة كما أخرجه البخاري هنا.
228 -
" باب الصلاة كفارة "
269 -
مضى الحديث: يروي حذيفة رضي الله عنه في هذا الحديث أنهم بينما كانوا جالسين في مجلس الفاروق رضي الله عنه في عهد خلافته إذا به يسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاضرين في مجلسه آنذاك قائلاً " أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة " يعنى أي واحد فيكم يحفظ حديثاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة فليحدثنا به، والفتنة في الأصل مشتقة من الفتن وهو إدخال الذهب في النار لاختباره حتى تظهر جودته ورداءته، وليتبين هل هو ذهب خالص أو مغشوش، ثم استعملت فيما يصيب الفرد أو المجتمع من بلاء دنيوي أو ديني، أمّا الدنيوي فهو ما يصيب الناس فرداً أو جماعة، في النفس والمال والولد من مرض وفقر وموت وغيره، وأما الديني فهو ما يصيب الفرد أو الجماعة من الأسباب المؤدية إلى مخالفة أمر الله بأي نوع من
(1) تيسير العلام ج 1.
اللهِ صلى الله عليه وسلم في الفِتْنَةِ؟ قُلْتُ: أنَا كَمَا قَالَهُ، قَالَ: إنَّكَ عَلَيْهِ أو عَلَيْهَا لَجَرِيءٌ، قُلْتُ: فِتْنَةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ والصَّدَقَةُ والأمْرُ والنَّهْيُ، قَالَ: لَيْسَ هَذَا أرِيدُ، ولكِنِ الْفِتْنَةَ التي تُمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأس يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَاباً مغلَقَاً، قَالَ: أيكْسَرُ أَم يُفْتَحُ، قَالَ: يُكْسَرُ، قال:
ــ
أنواع المخالفات الشرعية، ولما كانت الفتنة الدينية نوعان: فتنة خاصة تصيب الفرد في حد ذاته، وفتنة عامة تصيب الأمّة الإِسلامية بأسرها، فإنّ حذيفة ظن أنّ الفاروق يسأل عن الفتنة الخاصة فقال:" أنا كما قاله " أي أنا أحفظ كلامه صلى الله عليه وسلم في الفتنة حرفياً مثل ما قاله تماماً " قال: إنك عليه أو عليها لجريء " أي إنك بالفعل قادر على الإِجابة عن هذا السؤال، أو عن الفتنة التي سألتك عنها قال حذيفة رضي الله عنه:" قلت فتنة الرجل في أهله وماله وولده " يعني فظن حذيفة رضي الله عنه أن عمر يسأله عن الفتنة الخاصة، فأجابه بأن فتنة الإِنسان في خاصة نفسه على ثلاثة أنواع: الأول: " فتنة الرجل في أهله " وهي أن يغلب حبه لأهله على عقله ودينه، ويحمله هذا الحب الجامح على ارتكاب الذنوب والخطايا، ومقارفة ما لا يحل من الأقوال والأعمال التي لا تبلغ درجة الكبائر كما أفاده ابن بطال. الثاني: فتنة الرجل بماله وهو أن يتغلب حبه لماله على عقله ودينه فيأتي ببعض الذنوب التي لا تبلغ في درجة الكبائر واقعاً تحت تأثير غريزة الملكية. الثالث: فتنة الرجل بولده بأن يتغلب حبه لولده على عقله ودينه، فيأتي ببعض السيئات من صغائر الذنوب تحت تأثير غريزة الأبوة. ثم قال رضي الله عنه " تكفرها الصلاة والصوم والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " أي وجميع هذه الفتن الفردية الخاصة التي تصيب المسلم بسبب حبه لنفسه وولده وماله تكفرها الطاعات
إِذَنْ لَا يُغْلَقُ أبَداً. فَقُلْنَا: أكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا أنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّي حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بالأغالِيطِ، فَهِبْنَا أنْ نَسْألَ حُذَيْفَةَ فَأمرْنَا مَسْرُوقاً فَسَألهُ فَقَالَ: الْبَابُ عُمَرُ.
ــ
والحسنات (1) كما قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) وكما قال صلى الله عليه وسلم: " وأتبع السيئة الحسنة تمحها "" قال: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر " أي ليس هذا الذي سألتك عنه فإنّي لم أسألك عن الفتنة الخاصة التي تصيب المرء بسبب أهله أو ماله أو ولده وإنما سألتك عن الفتنة العامة التي تصيب المجتمع الإِسلامي كله، والتي تضطرب اضطراب البحر فتغرق الأمة الإِسلامية في بحر من الدماء:" فقال: يا أمير المؤمنين إن بينك وبينها باباً مغلقاً " أي إذا كنت تسألني عن الفتنة العامة التي تصيب المسلمين جميعاً بالشرور والبلايا وتوقعهم في الحروب وسفك الدماء فيما بينهم، فاطمأن يا أمير المؤمنين: فإن المسلمين اليوم في مأمن منها، وإن بينك وبين هذه الفتنة باباً مغلقاً قوياً، أما ما هو هذا الباب فسيأتي الجواب عنه في آخر الحديث " قال: أيكسر أم يفتح، قال: يكسر " أي فسأل عمر حذيفة: هل يزول هذا الباب بشدة وعنف وسفك دماء، أم يزول من دون ذلك، فقال حذيفة: بل يزول بالعنف والشدة والدم " قال: إذن لا يغلق " أي ما دام (2) قد فتح بالدماء، فسيبقى هذا الباب مفتوحاً للدماء، فلا تنتهي الحروب بين المسلمين " قيل لحذيفة: كان عمر يعلم الباب؟ قال: كما أن دون الغد الليلة " أي قال بعضهم هل كان عمر يعلم معنى الباب المذكور في هذا الحديث فقال نعم يعلمه كما يعلم أن هذه الليلة قبل الغد "إني حدثته
(1) أي إن الحسنات تكفرها ما دامت لم تتجاوز حدّ الصغائر إلى الكبائر أما إذا تجاوزت هذه الفتن إلى حد اقتراف الكبائر فلا يكفرها إلاّ التوبة أو عفو الله.
(2)
أي ما دام باب الفتنة يفتح بالدماء فستبقى الحروب إلى قيام الساعة.
، 27 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه:
أنَّ رَجُلاً أصَابَ مِنَ امْرَأةٍ قُبْلَةً فَأتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فأخبَرَه فأنزلَ اللهُ عز وجل (أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) فَقَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذَا؟ قَالَ: " لِجَمِيع أمَّتِي كُلِّهُمْ ".
ــ
بحديث ليس بالأغاليط" أي كيف لا يعلمه وقد حدثته حديثاً صادقاً صحيحاً محققاً " فهبنا أن نسأل حذيفة فأمرنا مسروقاً، فسأله فقال: الباب عمر " يعنى أن الحائل بين الإِسلام وبين الفتنة وجود عمر رضي الله عنه. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي وابن ماجة.
ويستفاد منه: أولاً: أنّ الصلاة كفارة للصغائر كما ترجم له البخاري وكذلك جميع الأعمال الصالحة كفارة. ثانياً: أن الفتنة نوعان، خاصة وعامة. ثالثاً: أن وجود عمر كان باباً مغلقاً في وجه الفتن. والمطابقة: في قوله: " تكفرها الصلاة ".
270 -
معنى الحديث: يحدثنا ابن مسعود رضي الله عنه " أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة " أي أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسمّى أبو اليسر قبل امرأة أجنبيَّةً، فندم على ما فرط منه " فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره " بما وقع فيه " فأنزل الله عز وجل " في شأنه " أقم الصلاة طرفي النهار " أي صل الصلوات التي في طرفي النهار، وهما الصبح والظهر والعصر " وزُلفاً من الليل " أي وصل أيضاً الصلاتين اللتين في أول الليل وهما المغرب والعشاء " إن الحسنات يذهبن السيئات " أي فإنّ هذه الصلوات الخمس كفارة لصغائر الذنوب، ومنها ما فعلت " فقال الرجل: أليَ هذا؟ " أي هل هي كفارة لي خاصة أو للناس عامة " قال لجميع أمتي " أي أن هذه الصلوات الخمس كفارة لمن فعل ذلك من جميع أمتي، وقد روى لنا أبو اليسر قصته هذه مفصلة، فقال: