الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
367 - " بَابُ القُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ
"
432 -
عن أنسٍ رضي الله عنه:
أنَّهُ سُئِلَ عنِ الْقُنُوتِ، فَقَالَ: "قدْ كَانَ الْقُنُوتُ، فَقِيلَ لَهُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أوْ بَعْدَهُ؟ قالَ: قَبْلَهُ، قِيلَ: فإِنَّ فُلَاناً أخْبَرَنِي عنْكَ أنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ. فَقَالَ: كَذَبَ، إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرَاً، أرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمَاً يُقَالُ لَهُمْ القُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلاً إِلَى قَوْم
ــ
وهو أمر ندب واستحباب فقط. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن تأخير الوتر إلى آخر الليل لمن أراد التهجد ووثق من قيامه أفضل من أدائه في أوله. فإن لم يرد القيام، أو لم يثق من قيامه، فالأفضل تقديمه، لحديث جابر:" من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوّله، ومن طمع أن يقوم آخره فإن صلاة آخر الليل مشهودة ".
فإن صلّى الوتر وقام للتجهد فلا يعيده عند الجمهور لقوله صلى الله عليه وسلم: " لا وتران (1) في ليلة " أخرجه أبو داود. ثانياًً: استدل به أبو حنيفة على وجوب الوتر. والمطابقة: في كون الترجمة جزءاً من الحديث.
367 -
" باب القنوت قبل الركوع وبعده "
432 -
معنى الحديث: يروي لنا عاصم الأحول في هذا الحديث " عن أنس رضي الله عنه أنه سئل عن القنوت " أي أن أنس بن مالك سئل هل كان القنوت موجوداً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم " فقال: قد كان القنوت " موجوداً، " فقيل له: قبل الركوع أو بعده؟ " أي: هل كان النبي وأصحابه يفعلونه قبل الركوع أو بعده؟، " قال: قبْله، قيل: فإنّ فلاناً "، ويحتمل
(1)" المغني " لابن قدامة.
مِنَ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أولَئِكَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ الله عَهْدٌ، فَقَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم" شَهْراً يَدْعُو عَلَيْهِمْ.
ــ
أنّه ابن سيرين، كما أفاده العيني " أخبر عنك أنك قلت بعد الركوع، قال: كذب "، أي أخطأ في فهمه إن روى لك أن القنوت دائماً بعد الركوع " إنما قنت بعد الركوع شهراً " أي إنما كان قنوته صلى الله عليه وسلم بعد الركوع مدة محدودة، وزمناً قليلاً لا يتجاوز الشهر، وفي أحوال استثنائية، وعند النوازل، ثم بين سبب قنوته بعد الركوع، وقال:" بعث قوماً يقال لهم: القراء زهاء سبعين " أي يقارب عددهم سبعين رجلاً " إلى قوم من المشركين دون أولئك "، أي وكان عددهم أقل من المبعوث إليهم وإنما أرسلهم إليهم ليعلموهم القرآن، وأحكام الإسلام، " وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد " فنقضوا العهد وغدروا بأولئك القراء وقتلوهم. " فقنت رسول الله شهراً يدعو عليهم "، أي يدعو على أولئك الغادرين من رَعلٍ وذكوان ثلاثين صباحاً.
الحديث: أخرجه الشيخان.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: استدل به المالكية والحنفية على أن القنوت قبل الركوع، لأن أنساً لما سئل عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال: قبله، كما في حديث الباب. وذهبت الشافعية والحنابلة (1) إلى أن القنوت بعد الركوع واستدلوا على ذلك بحديث ابن مسعود " أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع "، أخرجه مسلم. ومما يدل على أن القنوت بعد الركوع حديث علي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: "اللهم إني أعوذ برضاك
(1) واختلفوا هل هو في صلاة الصبح أو في الوتر؟ فذهب مالك والشافعي إلى أنه في صلاة الصبح، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى أنه في الوتر. قال الترمذي: واختلف أهل العلم في القنوت فرأى عبد الله، بن مسعود القنوت في الوتر في السنة كلها قبل الركوع، وبه يقول سفيان الثورى وابن المبارك وإسحاق وأهل الكوفة، وهو قول أبي حنيفة. وذهب الشافعي إلى أن القنوت سنّة في الصبح بعد الركوع، وكذلك يرى مالك القنوت في الصبح إلا أنه قبل الركوع. قال خليل:" وَقنوت سِراً بِصبحٍ فَقَطْ قَبلَ الركُوْعِ " أي أن القنوت مستحب في صلاة الصبح، كما أفاده الحطاب.
من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ". ثانياًً: في الحديث دليل على مشروعية القنوت عند النوازل ويسمى هذا القنوت عند أهل العلم قنوت الحاجة أو قنوت النوازل. ويستعمل في أوقات مخصوصة، ولفترة محدودة عندما ينزل بالمسلمين مكروه من مرض أو خوف أو هزيمة أو عدوان عليهم، لقول أنس " فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو عليهم ". وفي رواية أخرى عن أنس:" قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رِعل وذكوان ".
تتمة وتكملة: اتفق الأئمة الأربعة على وجود دعاء مخصوص للقنوت، واختلفوا في هذا الدعاء، فاختار الشافعية والحنابلة ما رواه الحسن بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمه كلمات القنوت أن يقول:" اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، ووقني شر ما قضيت، فإنّك تقضى ولا يقضى عليك.، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت " رواه أحمد وأصحاب السنن، وقال الترمذي: حديث حسن، لا نعرف في القنوت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً أحسن منه، هذا وزاد البيهقي بعد:" ولا يذل من واليت " ولا يعز من عاديت. واختار المالكية والحنفية ما روي عن عمر رضي الله عنه وهو: " اللهم إنّا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك، ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخضع لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إيّاك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك، ونخشى عذابك، إنّ عذابك الجد بالكافرين ملحق "، رواه البخاري والبيهقي موقوفاً على عمر بألفاظ مختلفة، وأخرج سحنون عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي أن علياً قنت في الفجر به. وأخرج الطحاوي عن ابن عباس أنّ لفظ القنوت هذا كان قرآناًْ ثم نسخ كما أفاده في " مسالك الدلالة ". مطابقة الحديث للترجمة: في كونه يدور حول القنوت، هل هو قبل الركوع أو بعده، وما إلى ذلك. اهـ.