الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة غافر
سورةُ غافرٍ مكيَّةٌ بلا خلافٍ؛ وبهذا قال ابنُ عبَّاسٍ والحسنُ ومجاهدٌ وعِكْرِمةُ، ولا مخالِفَ لهم مِن السلفِ؛ وإنَّما النزاعُ في آيةٍ أو آيتَيْنِ منها (1)، ورُويَ عن ابنِ عبَّاسٍ أنَّ جميعَ الحواميمِ مكيَّةٌ (2).
وفي سورةِ غافرٍ دعوةُ الكافِرِينَ إلى اللَّهِ، وتحذيرُهُمْ مِن عقابِه، وتذكيرُهُمْ بطريقِ مَن سبَقَهم، وبيانُ عَظَمةِ اللَّهِ وخَلْقِهِ كالملائكةِ والسماءِ والماءِ، وحذَّر مِن يومِ القيامةِ وما فيه مِن حسابٍ وعذابٍ، وذكَّر المشركينَ بجَحْدِهم لبعضِ الأنبياءِ السابقينَ المشابِهِينَ لرسالةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، فكانتْ عاقبتُهم السُّوءَ، وذكَّر الإنسانَ بضَعْفِهِ وعَظَمةِ اللَّهِ وقُدْرَتِه.
* * *
* قال اللَّهُ تعالى: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (79) وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [غافر: 79 - 80].
ذكَّر اللَّهُ بنِعْمَتِه بخَلْقِ الأنعامِ وركوبِها وتعدُّدِ منافعِها، وهذا في القرآنِ كثيرٌ؛ لأنَّها ألصَقُ النِّعَمِ بالإنسان، وأظهَرُها بينَ يدَيْه، ومع هذا كان في غَفْلَةٍ عن عَظَمتِها وعن شكرِ اللَّهِ عليها، وقد تقدَّم الكلامُ على
(1) ينظر: "تفسير ابن عطية"(4/ 545)، و"تفسير القرطبي"(18/ 322).
(2)
ينظر: "الدر المنثور"(13/ 5).
أحكامِ ركوبِ الدوابِّ عندَ قولِه تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 7 - 8]، وتقدَّم الكلامُ على ركوبِ البحرِ وأحوالِه، وحُكْمِ الغزوِ فبه وفضلِه، عندَ قولِهِ تعالى:{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [يونس: 22].
* * *