الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الذاريات
سورةُ الذَّارِيَاتِ سورةٌ مكيَّةُ؛ كما قالهُ ابنُ عبَّاسٍ وابنُ الزُّبَيْرِ (1)، وقد حكى الإجماعَ على ذلك جماعةٌ (2)، وتتضمَّنُ آياتُها ذِكْرَ آياتِ اللَّهِ في الكونِ وتدبيرِهِ وتسخيرِهِ له بحِكْمةٍ ودِقَّةٍ، وذِكْرَ أوصافِ الفريقَيْنِ: أهلِ النعيمِ وأهلِ الجحيمِ وأعمالِهِما، وذِكْرًا لبعضِ قَصَصِ الأنبياءِ والأممِ السابقِينَ للاعتبارِ.
* * *
* قال اللَّهُ تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19].
ذكَرَ اللَّهُ أجَلَّ صفاتِ المؤمنينَ، ومنها النفقةُ وتفقُّدُهُمْ أحوالَ المُعْوِزِينَ الذين يَسْأَلُونَ والذين يَتكفَّفونَ مِن أهلِ الحاجةِ، والمحرومُ هو الذي فيه قوةٌ، لكنَّه لا يجدُ عملًا يَتكسَّبُ منه؛ لكسادِ السوقِ، أو لجَدْبِ الأرضِ، أو بسببِ الخوفِ كأزمنةِ الحروبِ وغيرِ ذلك، وقد تقدَّم الكلامُ على معنى المحرومِ خاصَّةً، وأهلِ الزكاةِ عامَّةً، عندَ قولِهِ تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} الآية [التوبة: 60].
* * *
(1)"الدر المنثور"(13/ 649).
(2)
"تفسير ابن عطية"(5/ 171)، و"زاد المسير"(4/ 167)، و"تفسير القرطبي"(19/ 468).
* قال اللَّهُ تعالى: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: 25].
في هذا: بَذْلُ إبراهيمَ التحيَّةَ للملائكةِ وردُّهُمْ عليها بمِثْلِها، وقد تقدَّم الكلامُ على بَذْلِ التحيَّةِ وأحكامِها وألفاظِها عندَ قولِهِ تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86].
* * *
* قال اللَّهُ تعالى: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات: 26 - 27].
أكرَمَ إبراهيمُ أضيافَهُ الملائكةَ ولم يَستَأْذِنْهُمْ ولم يُشاوِرْهم، ولو شاوَرَهم، لَمَا أذِنُوا له؛ لأنَّ الملائكةَ لا تأكُلُ ولا تَشْرَبُ، وفي هذا استحبابُ إكرامِ الضيفِ مِن غيرِ سؤالٍ واستئذانٍ، وهذه الآيةُ وما قبلَها مِثلُ قولِهِ تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69]، وقد تقدَّمتْ.
* * *