الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّلاةَ الَّتي نَسِيَ، ثُمَّ لْيْعِدِ الصَّلَاةَ الَّتي صَلَّاهَا مَعَ الإِمَامِ) (1)، فلا يصحُّ، بل قال أبو زُرْعةَ: هو خطأٌ. وأنكَرَه ابنُ مَعِينٍ (2) وعامَّةُ النُّقَّادِ.
والصوابُ وقفُهُ؛ كما رجَّحَهُ أبو زرعةَ (3)، والدارقطنيُّ (4)، وابنُ عديٍّ (5)، والبيهقيُّ (6)، وغيرُهم.
ويسقطُ الترتيبُ خشيةَ فَوْتِ صلاةِ الجماعةِ، للأمرِ الصريحِ بها، ولأنَّه لا يصحُّ انفرادُ الرجلِ بصلاةٍ فائتةٍ والناسُ يُصَلُّونَ في المسجدِ جماعةً؛ وهذا قولُ الأئمَّةِ الأربعةِ، وإنَّما خلافُهُمْ في إعادةِ ما صلَّاهُ مع الإمامِ بعدَ أداءِ الفائتة ليتحقَّقَ له الترتيبُ؛ لأنَّه امتثَلَ الأمرَ فصلَّى جماعةً ولم يَنفرِدْ وحدَهُ، والأرجحُ: أنَّه لا يُعبدُ؛ وهذا قولُ الشافعيِّ وأحمدَ في روايةٍ عنه، واختارَها ابنُ تيميَّةَ.
والجمهورُ: على أنَّه بُعِيدُ الصلاةَ؛ وهذا قولُ مالكٍ وأبي حنيفةَ والمشهورُ عن أحمدَ، وهو قولُ ابنِ عمرَ، وقد صحَّ عنه في "الموطَّأ"، عن نافعٍ؛ أنَّ ابنَ عمرَ قال:"مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، فَلَمْ يذْكُرْهَا إِلَّا وَهُوَ مَعَ الإِمَام، فَإذَا سَلَّمَ الإِمَامُ، فَلْيُصَلِّ الصَلَاةَ الَّتِي نسِيَ، ثُمَّ ليُصَلِّ بَعْدَهَا الَأُخْرَى"(7).
هل للصَّلَاةِ الفائِتةِ أذانٌ وإقامةٌ
؟
ظاهرُ الآيةِ: أنَّ اللَّهَ أمَرَ بأداءِ الصلاةِ المنسيَّةِ ولم يأمُرْ بشيءٍ قبلَها،
(1) أخرجه البيهقى في "السنن الكبرى"(2/ 221).
(2)
"علل الحديث" لابن أبي حاتم (2/ 172 - 173).
(3)
"علل الحديث" لابن أبي حاتم (2/ 172).
(4)
"علل الدارقطني"(13/ 24).
(5)
"الكامل في ضعفاء الرجال"(3/ 400).
(6)
"السنن الكبرى" للبيهقي (2/ 221).
(7)
أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 168).
وقد اتَّفَقَ الأئمَّهُ الأربعةُ على أنَّه يُقامُ للصلاةِ الفائتة، ولكنَّهم اختلَفُوا في الأذانِ لها على قولَيْنِ:
ذَهب مالكٌ والشافعيُّ وغيرُهما: إلى أنَّه لا يُؤذَّنُ لها؛ لأنَّ الإقامةَ إشعارٌ لقُرْب الدخولِ في الصلاةِ، بخلافِ الأذانِ؛ لأنَّ إعلامٌ بدخولِ الوقت.
وذهب أحمدُ وأبو حنيفةَ: إلى أنَّه يُؤذَّنُ لها كما يُقامُ.
وذهَبَ سُفْيانُ: الى أنَّه لا يُؤذَّنُ لها ولا يُقامُ.
وإنَّما اختَلَفَ الفقهاءُ في ذلك؛ لاختلافِ الرِّواياتِ في قضاءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا فاتَ منه في الخَنْدَقِ وفي قصةِ التَّعْرِيسِ لصلاةِ الفجرِ؛ ففي بعضِها يذكُرُ الأذانَ وفي بعضِها لا يذكُرُهُ، والثابتُ في "الصحيحِ": أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بلالًا أن يُؤذِّن في الناسِ، وذلك عندَما نام النبيُّ صلى الله عليه وسلم والصحابةُ عن صلاةِ الفجرِ حتى طلَعَ حاجبُ الشمسِ، وفيه قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لبلالٍ:(يا بلَالُ، قُمْ فَأَذِّنْ بِالنَّاسِ بِالصَّلَاةِ)، فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى (1).
وحمَلَ بعضُهم ذلك على دعوةِ الناسِ إلى الصلاةِ وجَمْعِهم لا النداءِ المعروفِ.
وهذا الحملُ فيه نظر، وعدمُ ذِكْرِهِ في بعضِ الرِّواياتِ لا يعني عدمَ فِعْلِه؛ فإنَّ عدمَ الذِّكْرِ لا يدُلُّ على العدمِ، وقد جاء صريحًا في حديثِ أبي قتادةَ؛ قال:(إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ، وَرَدهَا عَلَيْكُمْ حِينَ شَاءَ، يَا بِلَالُ، قُم فَأَذِّنْ بالنَّاسِ بالصَّلَاةِ)، فَتَوَضَّأَ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَاضَّتْ، قَامَ فَصَلَّى (2).
(1) أخرجه البخاري (595).
(2)
سبق تخريجه.