الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة المعارج
سورةُ المَعارِجِ سورةٌ مكيةٌ، وحَكَى الاتِّفاقَ على ذلك جماعةٌ (1)، وخاطَبَ اللَّهُ فيها المعانِدينَ والمُستَكْبرِينَ مِن كفارِ قريشٍ وغيرِهم، وذكَّر بيومِ القيامةِ وما يَسبِقُهُ وما فيه وما بعدَهُ مِن أهوالٍ وعظائمَ، وذكَر اللَّهُ صفاتِ المُعانِدِينَ وصِفاتِ المؤمِنِينَ المصدِّقِينَ.
* قال اللَّه تعالى: {إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 22 - 23].
ذكَر اللَّهُ صِفاتِ المؤمنينَ، وأعظَمُها الصلاة الدائمةُ، ولم يقدِّمِ اللَّهُ على هذه الصِّفةِ شيئًا؛ لأنَّها أظهَرُ العلاماتِ عليهم، وأَدَلُّها على إيمانِهم بربِّهم، وقد فرَّق اللَّهُ بينَ المصلِّينَ وبينَ الذين هم على صلاتِهم دائمونَ؛ فليس كلُّ مُصَلٍّ يَحفَظُ صَلاتَه؛ فمِنهم مَن يؤدِّيها ولا يكونُ له إلَّا رفعُ الإثمِ وإسقاطُ الواجبِ، وقد تقدَّم الكلامُ على المُحافَظةِ على الصلاةِ عندَ قولِهِ تعالى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238].
وتقدَّم الكلامُ على الخشوعِ في الصلاةِ عندَ قولِه تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1 - 2].
* * *
(1) ينظر: "تفسير ابن عطية"(5/ 364)، و"زاد المسير"(4/ 335)، و"تفسير القرطبي"(21/ 218).
* قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24 - 25].
ذكَر اللَّهُ النفقةَ، وأنَّها أَخَصُّ صفاتِ المؤمنينَ المصلِّين، فذكَر الزكاةَ بعدَ الصلاةِ، وأكثَرُ أركانِ الإسلامِ -بعدَ الشهادتَيْنِ- تلازُمًا في الكتابِ والسُّنَّة: الصلاةُ والزكاةُ.
ولم يُطْلِقِ اللَّهُ فضلَ الصدَقةِ هنا؛ وإنَّما خَصَّ اللَّهُ الذين يُنفِقونَ للسائلِ والمَحرومِ، وفيه شِدَّةُ التحرِّي على مَن يُنفَقُ عليه، وتفاوُتُ مَواضعِ الصدَقةِ، فالصَّدَقاتُ تتفاضلُ مِن جهاتٍ متعدِّدةٍ؛ منها مِن جهةِ صاحِبِها؛ فأعظَمُها أنفَسُها عندَه، ومِن جهةِ الفقيرِ ونفعِهِ بها وأثرِها على الناسِ في زمنِ الشِّدَّةِ والفقرِ والفاقةِ.
والسائلُ: مَن طَلَبَ إلى الناسِ سَدَّ حاجتِه، وقد نَصَّ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ على أنَّ السائلَ لو كانَ صادقًا لم يُفْلِحُ مَن رَدَّهُ.
والمحرومُ: هو المُحارَفُ الذي فيه قُوَّةٌ ولكنَّه لا يَجِدُ عملًا يَتكسَّبُ منه، وقد تقدَّم الكلامُ عليه في أثناءِ تفسيرِ قولِهِ تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60].
* * *
* قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المعارج: 29 - 31].
مدَح اللَّهُ المصلِّينَ والمنفِقِينَ والذين يَخشَوْنَ ربَّهم ويَحفَظونَ
فُرُوجَهم، وقد تقدَّم الكلامُ على ما تضمَّنَتْهُ هذه الآيةُ مِن حُكْمِ حِفْظِ الفَرْجِ مِن جميعِ ما يحرُمُ عليه، عندَ نظيرتِها في صَدْرِ سورةِ المؤمنونَ.
* * *