الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في الشك في التقاء الختانين أو الشك في إنزال المني
إذا شك الرجل هل أنزل منياً أو لم ينزل، أو شك، هل التقى الختانين أو لا؟ فهل يوجب هذا الشك الغسل عليه؟ اختلف العلماء في ذلك،
فذهب الجمهور إلى أنه لا يجب عليه الغسل بمجرد الشك حتى يستيقن
(1)
.
وذهب المالكية إلى وجوب الغسل بالشك
(2)
.
وأدلة هذه المسألة هي أدلة المسألة السابقة معنا، إذا أولج في فرج خنثى مشكل، فهل يجب عليه الغسل، مع الشك هل هو فرج أصلي أو زائد؟ أو لا يجب عليه الغسل حتى يتيقن أنه فرج أصلي؟ فأغنى ذكر الأدلة هناك عن إعادتها هنا.
ومذهب المالكية في الشك قول ضعيف غير مطرد، فهم يفرقون بين الشك في نجاسة الماء، وبين الشك في نجاسة غيره، ويفرقون بين الشك في نجاسة البدن، وبين الشك في نجاسة الثوب، ويفرقون بين الشك في النجاسة وبين الشك في الحدث، ويفرقون بين الشك في الحدث داخل الصلاة وبين الشك فيه خارجها.
(1)
حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 57)، شرح فتح القدير (1/ 186)، السراج الوهاج (صك 13)،مغني المحتاج (1/ 39)، منهاج الطالبين (1/ 4)، المغني (1/ 130)، المبدع (1/ 171).
(2)
الشرح الصغير (1/ 162)، الذخيرة (1/ 302).
وإليك بيان مذهبهم في هذه المسائل.
إذا شك في نجاسة الثوب ونحوه وجب نضحه
(1)
.
وإذا شك في نجاسة البدن وجب غسله
(2)
.
وإذا شك في حصول الحدث، ففيه قولان:
فقيل: ينقض مطلقاً، وهو رواية ابن القاسم عن مالك.
وقيل: الشك ينقض الوضوء خارج الصلاة، ولا ينقض داخلها، وهو المشهور من مذهب المالكية
(3)
، ونسب هذا القول للحسن رحمه الله
(4)
.
(1)
قال الدسوقي في حاشيته (1/ 81): " يجب غسل النجاسة في حالتين: إذا تحققت النجاسة، أو ظنها ظناً قوياً، ويجب النضح في حالتين: إذا شك في إصابة النجاسة أو ظنها ظناً ضعيفاً. اهـ وانظر مختصر خليل (ص: 9)، الخرشي (1/ 116)، البيان والتحصيل (1/ 85).
(2)
البيان والتحصيل (1/ 81).
(3)
جاء في تهذيب المدونة (ص: 181): " ولو أيقن بالوضوء، ثم شك في الحدث، فلم يدر أأحدث بعد الوضوء أم لا، فليعد وضوءه". اهـ
وقال الخرشي في شرحه (1/ 157): من شك في طريان الحدث له بعد علمه بطهر سابق، فإن وضوءه ينتقض إلا أن يكون مستنكحاً بأن يشم في كل وضوء أو صلاة أو يطرأ له في اليوم مرة أو أكثر فلا أثر لشكه الطارئ بعد علم الطهر، ولا يبني على أول خاطر به على ما اختاره ابن عبد السلام؛ لأن من هذه صفته لا ينضبط له الخاطر الأول من غيره، والوجود يشهد لذلك، وإن كان ابن عرفة اقتصر على بنائه على ذلك، وكلام المؤلف فيمن حصل له الشك في طرو الحدث قبل الدخول في الصلاة بخلاف من شك في طرو الحدث في الصلاة أو بعدها فلا يخرج منها ولا يعيدها إلا بيقين؛ لأنه شك طرأ بعد تيقن سلامة العبادة. اهـ وانظر التاج والإكليل (1/ 301)، الثمر الداني (1/ 200)، القوانين الفقهية (ص: 21)، حاشية العدوي (1/ 431).
(4)
المغني (1/ 126).
وروى ابن نافع عن مالك أنه لا وضوء عليه مطلقاً كالجمهور
(1)
.
وأما مذهب المالكية في الشك في الماء، فيعمل بالأصل، وهو الطهارة كمذهب الجمهور
(2)
.
وقد بسطت أدلتهم والجواب عليها في كتاب المياه من هذا البحث، فارجع إليها إن شئت
(3)
.
(1)
فتح الباري (1/ 238).
(2)
قال الباجي في المنتقى (1/ 59): " إن وجد مريد الطهارة الماء متغيراً، ولم يدر من أي شيء تغير، أَمِنْ معنى يمنع التطهر به، أم مِنْ معنى لا يمنع ذلك؟ فإنه ينظر إلى ظاهر أمره، فيقضي عليه به، فإن لم يكن له ظاهر، ولم يدر من أي شيء هو حمل على الطهارة، روى ذلك ابن القاسم في المجموعة. اهـ
وقال في الفواكه الدواني (1/ 125): لو تحققنا تغير الماء، وشككنا في المغير له، هل هو من جنس ما يضر أم لا؟ فهو طهور حيث استوى طرفا الشك، وإلا عمل على الظن، بخلاف ما لو تحققنا التغير وعلمنا أن المغير مما يضر التغير به وشككنا في طهارته ونجاسته فلا يكون طهوراً بل هو طاهر فقط. اهـ
(3)
انظر كتاب أحكام الطهارة: المياه والآنية: الباب التاسع: في الشك والاشتباه. الفصل الأول: في حكم الماء ونحوه إذا كان مشكوكاً فيه.