الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المالكية
(1)
، وهو مذهب الظاهرية
(2)
.
دليل من قال: للجنب أن ينام دون أن يمس ماء
.
الدليل الأول:
(1268 - 141) ما رواه أحمد، قال: حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن الأسود،
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام، وهو جنب، ولا يمس ماء
(3)
.
[حديث معلول]
(4)
.
(1)
انظر إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 142)، مواهب الجليل (1/ 316)، وسبق لنا أن هذا القول منسوب إلى مالك، وهو ظاهر عبارة المدونة، والله أعلم.
(2)
قال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 44): وأما من أوجبه من أهل الظاهر، فلا معنى للاشتغال بقوله لشذوذه؛ ولأن الفرائض لا تثبت إلا بيقين". اهـ
(3)
المسند (6/ 146).
(4)
هكذا رواه أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة بلفظ:" دون أن يمس ماء ".
وخالفه إبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن الأسود، فروياه عن الأسود، ولم يقولا:" دون أن يمس ماء "
أما رواية إبراهيم النخعي، فرواها أبو داود الطيالسي (1384) حدثنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم عن الأسود،
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنباً، فأراد أن ينام، أو يأكل توضأ.
ومن طريق شعبة أخرجه أحمد (6/ 126) ومسلم (305) وأبو داود في السنن (224)، والنسائي (255)، وفي الكبرى (525، 253)، وابن ماجه (591)، والدارمي (2078)، وأبو عوانة (1/ 278)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125)، وابن خزيمة (215)، والبيهقي في السنن (1/ 193، 202). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الطبراني في الأوسط (5203) من طريق ميمون، عن إبراهيم به.
وأما رواية عبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، عن عائشة، فأخرجها أحمد (6/ 273) من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي،
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: سألتها، كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع، إذا كان هو جنب، وأراد أن ينام قبل أن يغتسل؟ قالت: كان يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم ينام.
وهذا سند حسن، رجاله كلهم ثقات إلا ابن إسحاق، فإنه صدوق، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه ابن راهوية في مسنده (1485)، والدارمي (757).
وتابع حجاج بن أرطأة ابن إسحاق، وحجاج ضعيف، ويمشي في المتابعات، فقد أخرجه أحمد (6/ 224) حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا حجاج، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه،
عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنب من الليل، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة حتى يصبح، ولا يمس ماء.
وأخرجه أحمد (6/ 260) حدثنا سليمان بن حيان، حدثنا حجاج به.
وهذا المتن وإن كان إسناده فيه مقال، إلا أنه يوضح الإشكال القائم في إسناد أبي إسحاق، وأن المقصود بقوله:" ولا يمس ماء " يعني به: ولا يغتسل، وليس معناه أنه لا يتوضأ، وبهذا ينتفي الإشكال لكن هذا يقال: لو كان إسناد الحديث صحيحاً، أما وقد انفرد به مثل حجاج، فهو ضعيف، ومتنه منكر؛ لتفرده بهذا اللفظ.
كما أن الحديث رواه غير الأسود عن عائشة، في الصحيحين وفي غيرهما، موافقاً لرواية إبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن الأسود، عن الأسود، عن عائشة، ولم يذكروا ما ذكره أبو إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، وسوف يأتي تخريجها إن شاء الله تعالى عند ذكر أدلة القائلين بوجوب الوضوء عند النوم.
فاختلف العلماء هل الحديثان محفوظان؟ أعني لفظ حديث أبي إسحاق، عن الأسود، ولفظ إبراهيم النخعي، وعبد الرحمن بن الأسود عن الأسود أو أن أحدهما أرجح من الآخر؟
فذهب أكثر العلماء إلى ترجيح رواية إبراهيم، وعبد الرحمن بن الأسود، وأن رواية أبي إسحاق خطأ ووهم، ذهب إلى ذلك إمام أهل السنة أحمد رحمه الله، وشعبة، ومسلم، والثوري وأبو داود، والترمذي، ويزيد بن هارون، وأبو حاتم الرازي وغيرهم، فهؤلاء هم أدرى الناس بعلل بالحديث، ومن خالفهم في هذا الشأن فقد تكلف، وتكلم بما لا يعرف. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال أبو داود في السنن (228) حدثنا الحسن بن علي الواسطي، قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: هذا الحديث وهم، يعني حديث أبي إسحاق.
وجاء في كتاب العلل لابن أبي حاتم (1/ 49): سمعت أبي، وذكر حديث أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة .... وذكر الحديث. فقال أبي: سمعت نصر بن علي، يقول: قال أبي: قال شعبة: قد سمعت حديث أبي إسحاق، أن النبي صلى الله عليه وسلم كا ينام جنباً، ولكني أتقيه ".
وقال الترمذي بعد أن ذكر رواية أبي إسحاق: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب، ولا يمس ماء " قال: وقد روى غير واحد، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ قبل أن ينام. وهذا أصح من حديث أبي إسحاق عن الأسود، وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث: شعبة، والثوري، وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق ". اهـ كلام الترمذي.
وقال الحافظ في تلخيص الحبير (187): " قال أحمد: إنه ليس بصحيح.
وقال أبو داود: هو وهم ". ثم ذكر كلام يزيد بن هارون المتقدم، ثم قال الحافظ: "وأخرج مسلم الحديث دون قوله: " ولم يمس ماء " وكأنه حذفها عمداً؛ لأنه عللها في كتاب التمييز.
وقال مهنأ، عن أحمد ابن صالح: لا يحل أن يروى هذا الحديث.
وفي علل الأثرم: لو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم النخعي وحده لكفى، فيكف وقد وافقه عبد الرحمن بن الأسود، وكذلك روى عروة وأبو سلمة عن عائشة.
وقال ابن مفوز: أجمع المحدثون على أنه خطأ من أبي إسحاق ". وتعقبه الحافظ، فقال: "كذا قال، وتساهل في نقل الإجماع، فقد صححه البيهقي، وقال: إن أبا إسحاق قد بين سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، ثم قال: وقال الدارقطني في العلل: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، قاله بعض أهل العلم.
وقال الترمذي: يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق، وعلى تقدير صحته فيحمل على أن المراد:" لا يمس ماء " للغسل، ويؤيده رواية عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن أحمد بلفظ:"كان يجنب من الليل، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، حتى يصبح، ولا يمس ماء"، أو كان يفعل الأمرين لبيان الجواز، وبهذا جمع ابن قتيبة في اختلاف الحديث، ويؤيده ما رواه هشيم، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن عبد الملك، عن عطاء، عن عائشة، مثل رواية أبي إسحاق، عن الأسود، وما رواه ابن خزيمة في صحيحيهما، عن ابن عمر، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، أينام أحدنا، وهو جنب؟ قال: نعم، ويتوضأ إن شاء، وأصله في الصحيحين دون قوله:" إن شاء ". اهـ نقلاً من تلخيص الحبير. وزيادة " إن شاء " زيادة شاذة كما سيأتي تخريجها إن شاء الله تعالى ضمن أدلة هذا القول.
قلت: والحق مع من ضعف هذا الحديث، وخلاف البيهقي لا يعارض به جهابذة أهل الحديث، كأحمد وأبي حاتم وشعبة والثوري وأبو داود والترمذي ويزيد بن هارون، وأحمد بن صالح، وغيرهم.
وأما كلام الدارقطني، فهو مع أنه نقله عن بعض أهل العلم، فإنه مع ذلك ليس فيه جزم بصحة الحديث، وإنما قال: يشبه أن يكون الخبران صحيحين، فليس في هذا الكلام جزم بالصحة، والحديث الشاذ يشبه في إسناده إسناد الحديث الصحيح من جهة عدالة نقلته، إلا أن فقد شرطاً من شروط الحديث الصحيح، وهو سلامته من العلة القادحة.
[تخريج رواية أبي إسحاق]
الحديث يرويه جماعة عن عائشة، منهم الأسود كما في هذا الحديث، وقد رواه عن الأسود، عبد الرحمن بن الأسود وإبراهيم النخعي، وسبق تخريج روايتهما قبل قليل.
ورواه أبو إسحاق السبيعي، عن الأسود، وانفرد بقوله:" دون أن يمس ماء " وقد علمت ما فيها، ويرويه جماعة عن أبي إسحاق، منهم:
الأول: إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق به،
أخرجه أحمد (6/ 146)، والنسائي في السنن الكبرى (9054)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد به، وقد صرح هشيم بالتحديث عند الطحاوي، كما أن رواية النسائي ليس فيها قوله:" ولا يمس ماء ".
الثاني: الأعمش، عن أبي إسحاق به.
أخرجه أحمد (6/ 43) وإسحاق بن رواهوية (1518)، والترمذي (118)، والنسائي في الكبرى (9052) وابن ماجه (584)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق عبيد الله بن عمرو، عن الأعمش به.
الثالث: سفيان الثوري، عن أبي إسحاق.
أخرجه الطيالسي (1397)، وعبد الرزاق في المصنف (1082)، وأحمد (6/ 107)، وإسحاق بن راهوية (1512)، وأبو داود (228)، والترمذي (119)، وابن ماجه (583)، وأبو يعلى في مسنده (4729)، وابن المنذر في الأوسط (605)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 124)، والبيهقي في السنن (1/ 201) من طرق عن سفيان الثوري به.
الرابع: أبو الأحوص، عن أبي إسحاق.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 64) رقم 682 عن أبي الأحوص به، بلفظ: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت له حاجة إلى أهله قضاها، ثم نام كهيئته، لا يمس ماء ".
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن ماجه (582)، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق مسدد، عن أبي الأحوص به.
الخامس: إسرائيل، عن إبي إسحاق.
أخرجه أحمد (6/ 214) حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق به بتمامه.
وأخرجه أحمد (6/ 63) حدثنا وكيع، عن أبيه وإسرائيل، عن إبي إسحاق به، ببعضه.
وأخرجه ابن ماجه (1365)، وابن حبان (2589) من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل وحده به.
وأخرجه أحمد (6/ 109) حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا إسرائيل به، ببعضه.
السادس: شعبة، عن أبي إسحاق.
أخرجه الطيالسي (1386)، وإسحاق بن راهوية (1513، 1514)، وأحمد (6/ 176)، والبخاري في صحيحه (1146)، والنسائي في الكبرى (1389)، وفي المجتبى (1680)، وابن حبان (2593) وتعمد شعبة ترك قوله:" دون أن يمس ماء "
السابع: شريك، عن أبي إسحاق.
أخرجه أحمد (6/ 109) حدثنا أسود بن عامر، قال: أخبرنا شريك، عن أبي إسحاق به، بلفظ:" إذا كانت له حاجة إلى أهله، أتاهم، ثم يعود، ولا يمس ماء ". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الثامن: زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق به.
واختلف على زهير فيه، فرواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 125) من طريق أبي غسان، عن زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، قال:
أتيت الأسود بن يزيد - وكان لي أخاً وصديقاً - فقلت: يا أبا عمرو حدثني ما حدثتك عائشة رضي الله عنها: أم المؤمنين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام أول الليل، ويحيى آخره، ثم إن كانت له حاجة قضى حاجته، ثم ينام قبل أن يمس ماء، فإذا كان النداء الأول وثب - وما قالت: قام - فأفاض عليه الماء - وما قالت: اغتسل، وأنا أعلم بما تريد - وإن كان جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة.
فبناء على هذه الرواية بهذا اللفظ لا إشكال، " فإن كانت له حاجة قضى حاجته، ثم نام قبل أن يمس ماء، وإن كان جنباً توضأ وضوء الرجل للصلاة "
قال ابن العربي في شرحه لسنن الترمذي (1/ 182): فهذا يدل على أحد وجهين:
إما أن يريد الحاجة حاجة الإنسان من البول والغائط، فيقضيها، ثم يستنجي، ولا يمس ماء، وينام، فإن وطئ توضأ كما في آخر الحديث.
ويحتمل أن يريد بالحاجة حاجة الوطء، وبقوله:" ثم ينام ولا يمس ماء " يعني: الاغتسال، ومتى لم يحمل الحديث على أحد هذين الوجهين تناقض أوله وآخره، فتوهم أبو إسحاق أن الحاجة هي حاجة الوطء، فنقل الحديث على معنى ما فهم ".
ووافق المباركفوري ابن العربي على هذا الفهم في تحفته (1/ 115)، والشوكاني في نيل الأوطار.
والحق أن هذا اللفظة أعني قوله: " وإن كان جنباً توضأ وضوءه للصلاة " قد انفرد بها أبو غسان، عن زهير، وقد رواه غيره عن زهير بلفظ:" إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم نام قبل أن أن يمس ماء ثم قال: وإن لم يكن جنباً توضأ وضوءه للصلاة، ثم صلى ركعتين ".
رواه أحمد (6/ 102) والبيهقي في السنن (1/ 201) عن حسن بن موسى.
وأخرجه مسلم في صحيحه (739) والبيهقي في سننه (1/ 201) عن أحمد بن يونس ويحيى بن يحيى. =