الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
إذا دخل الحمام بنية الاغتسال ثم شك هل اغتسل
إذا دخل رجل الحمام بنية الاغتسال من الجنابة، وبعد ما خرج منه بمدة، حصل له شك، هل اغتسل من الجنابة أم لا؟
فقيل: لا غسل عليه، وهو مذهب الحنفية
(1)
.
وقيل: يجب عليه الغسل، وهو مذهب الجمهور
(2)
.
وجه قول الحنفية:
قالوا: غلبنا الظاهر على الأصل، وذلك أن الظاهر من حاله أنه لا يخرج من الحمام إلا بعد أن يغتسل، والبناء على الظاهر واجب، ما لم يعلم خلافه.
وجه قول الجمهور:
العمل باليقين، وذلك أن الجنابة متيقنة، وأما رفع الجنابة فمشكوك فيه، والأصل عدم الغسل، وأنه باق على حكم الجنابة حتى يتيقن الانتقال منها.
وقد دل على هذه القاعدة حديث متفق عليه،
(1)
قال في المبسوط (1/ 86): " وكذلك المحدث إذا علم أنه جلس للوضوء، ومعه الماء، وشك في أنه قام قبل أن يتوضأ، أو بعدما توضأ، فلا وضوء عليه؛ لأن الظاهر أنه لا يقوم حتى يتوضأ، والبناء على الظاهر واجب، ما لم يعلم خلافه ". اهـ وانظر بدائع الصنائع (1/ 33).
(2)
هذه المسألة تمشي على قاعدة مشهورة عند الجمهور، من تيقن الطهارة، وشك في الحدث، فإنه يبني على اليقين، انظر المجموع (2/ 74)، المنثور في القواعد (3/ 136)، البحر المحيط (1/ 16)، القواعد لابن رجب (ص: 339)، الإنصاف (1/ 222)، الفروع (1/ 187).
(1322 - 195) فقد روى البخاري، قال: حدثنا علي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب ح
وعن عباد بن تميم، عن عمه، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، ورواه مسلم
(1)
.
فأمره الرسول صلى الله عليه وسلم إذا شك في الحدث، وهو في الصلاة أن يستمر فيها، وأن يبقى على طهارته، ولا ينصرف عنها إلا بيقين، وكذلك الحكم لا يختلف لو كان متيقناً الحدث، وشك في الطهارة، فإنه لا يزال محدثاً حتى يتيقن أنه اغتسل، وعلى هذه القاعدة فروع كثيرة منتشرة في كتب القواعد الفقهية، وكتب الفروق، فيرجع إليها في مظانها ليرى جوانب تطبيق هذه القاعدة، والله أعلم.
(1)
صحيح البخاري (137)، ومسلم (361).