الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
إذا كان المجامِع أو المجامَع صغيراً فهل يجب عليه غسل
؟
اختلف الفقهاء في ذلك،
فقيل: لا يجب عليه غسل، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، وقول في مذهب الحنابلة
(3)
.
وتعليلهم ظاهر، وهو قائم على أن الصغير غير مكلف، ولا تجب عليها الصلاة التي تجب الطهارة لها، وأن الأصل في وجوب الغسل هو الإنزال، وليس من أهله، وإنما أقيم التقاء الختانين مقام الإنزال؛ لأنه سبب فيه، ولأنه لا
(1)
حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (1/ 16)،
(2)
الشرح الصغير (1/ 165)، بل إن المالكية لا يوجبون الغسل على المرأة الكبيرة إذا وطئها غير بالغ، انظر مواهب الجليل (1/ 309).
وهناك قول آخر في مذهب المالكية، وهو أن الصغيرة إذا وطئها بالغ، فإن كانت تؤمر بالصلاة أمرت بالغسل، انظر مواهب الجليل (1/ 309) وانظر بهامشه التاج والإكليل في الصفحة نفسها، والله أعلم.
قال الحطاب في مواهب الجليل: الصور العقلية أربع: الأولى: أن يكونا بالغين، فلا إشكال في وجوب الغسل.
الثاني: عكسه، أن يكونا غير بالغين، ولا فرق بين الصغير والمراهق على المشهور. قال ابن بشير: مقتضى المذهب أن لا غسل، وقد يؤمران فيه على وجه الندب.
الثالث: أن يكون الواطئ غير بالغ، فلا غسل إلا أن تنزل.
الرابع: أن تكون الموطوءة غير بالغة، وهي ممن تؤمر بالصلاة، قال ابن شاس: لا غسل عليها؛ لأنها إنما أمرت بالوضوء ليسره، بخلاف الغسل، كما أمرت بالصلاة دون الصوم. وقال أشهب: عليها الغسل. قال ابن الحاجب: تؤمر الصغيرة على الأصح. الخ كلامه رحمه الله.
(3)
الإنصاف (1/ 234).
يطلق عليه جنب ما دام لم يبلغ السن الذي يستطيع فيه الإنزال.
وقيل: يجب عليه الغسل، وهو مذهب الشافعية
(1)
، والحنابلة
(2)
إلا أن الحنابلة اشترطوا أن يكون مثله يجامع وإن لم يبلغ، وبعضهم يشترط كون الذكر ابن عشر سنين والأنثى بنت تسع سنين، وهذا تفسير للشرط.
قالوا: وإذا قلنا بوجوب الغسل، فلا يعني ذلك: أنه يأثم بتركه، وإنما هو شرط لصحة الصلاة ونحوها مما تشترط لفعله الطهارة.
وللقياس على البول، فكما أن الصغير إذا بال لم تصح صلاته حتى يتوضأ، ولا يقال: يجب عليه الغسل، كما لا يقال: يجب عليه الوضوء، بل يقال: صار محدثاً، ويجب على الولي أن يأمره بالغسل إن كان مميزاً، كما يأمره بالوضوء.
واستدل الإمام أحمد بفعل عائشة، وقد تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم، وهي بنت تسع سنين.
قال ابن قدامة: سئل يعني أحمد عن الغلام يجامع مثله ولم يبلغ ، فجامع المرأة ، يكون عليهما جميعا الغسل؟
قال: نعم.
قيل له: أنزل أو لم ينزل؟ قال: نعم. وقال: ترى عائشة حين كان يطؤها النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن تغتسل؟ ويروى عنها: «إذا التقى الختانان وجب الغسل»
(3)
.
(1)
قال النووي في روضة الطالبين (1/ 81): " ويصير الصبي والمجنون المولجان أو المولج فيهما جنبين بلا خلاف، فإن اغتسل الصبي وهو مميز صح غسله، ولا يجب إعادته إذا بلغ. الخ كلامه رحمه الله تعالى.
(2)
المغني (1/ 132)،
(3)
المغني (1/ 132).
إلا أن السؤال الذي يرد على الاستدلال بفعل عائشة، هل كانت عائشة صغيرة لم تبلغ الحنث حين كانت زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم ?؟ أو كانت قد بلغت، وإن كانت بنت تسع سنين؟ الظاهر الثاني، فإذا كانت قد بلغت لم يكن هناك دليل على مسألتنا، والله أعلم.
ولذلك روى الترمذي
(1)
، والبيهقي
(2)
، كلاهما تعليقاً:
قال البيهقي: وروينا عن عائشة رضي الله عنها قالت:
إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة.
قال البيهقي: تعني - والله أعلم - فحاضت فهي امرأة.
[ضعيف لتعليقه]
(3)
.
(1)
سنن الترمذي (3/ 418).
(2)
سنن البيهقي (1/ 320).
(3)
سبق بحثه في كتاب الحيض والنفاس رقم (17).
فرع
إذا دخل ذكر النائم والمجنون في فرج المرأة أو العكس
نص الجمهور من المالكية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.على أن المرأة إذا أدخلت ذكر رجل نائم، أو مجنون، أو مغمى عليه، أو مكره، فعليهما الغسل؟
وعللوا ذلك بأن موجب الطهارة لا يشترط فيه القصد، بدليل احتلام النائم وسبق الحدث، والله أعلم.
ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ". سبق تخريجه.
وقيل: لا يجب الغسل على النائم والمجنون ونحوهما، وهو قول في مذهب الحنابلة
(4)
، واختيار ابن حزم رحمه الله تعالى
(5)
.
واستدل ابن حزم بأن الغسل لا يجب بمجرد مطلق الإيلاج، لقوله صلى الله عليه وسلم " إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل "
فقوله صلى الله عليه وسلم " إذا جلس " وقوله " ثم جهدها " هذه الألفاظ لا تطلق إلا على المختار القاصد، ولا يسمى المغلوب أنه قعد، ولا النائم ولا المغمى عليه كذلك.
(1)
مواهب الجليل (1/ 308)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (1/ 163 - 164).
(2)
روضة الطالبين (1/ 81)، تحفة المحتاج (1/ 162).
(3)
شرح منتهى الإرادات (1/ 80)، الإنصاف (1/ 233)، مطالب أولي النهى (1/ 165).
(4)
الإنصاف (1/ 233).
(5)
المحلى (1/ 248).
فكان المراد معنى زائداً على مجرد الإيلاج، وهو انتشار الذكر ولذته بذلك، وأما إذا كان الذكر لم ينتشر، كما هو الحال في النائم فلا فرق بين دخوله ودخول الأصبع في الفرج، ومع ذلك لا يوجب الغسل إيلاجه في فرج المرأة، ولو وجدت اللذة بذلك.