الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ثبت الخلاف بين الصحابة في هذه المسألة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كما رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري، عن عائشة.
كما ثبت الخلاف بعد الصحابة من التابعين، رحمهم الله تعالى، والله أعلم.
الجواب الثاني:
أن هذا الحديث كان في أول الإسلام، ثم نسخ في إيجاب الغسل بالتقاء الختانين وإن لم ينزل. وسوف أسوق إن شاء الله تعالى في أدلة القول الثاني ما ورد في هذا الباب.
الدليل الثاني:
(1134 - 7) ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، قال: أخبرني أبي، قال: أخبرني أبو أيوب، قال:
أخبرني أبي بن كعب أنه قال: يا رسول الله إذا جامع الرجل المرأة فلم ينْزل؟ قال: يغسل ما مس المرأة منه، ثم يتوضأ ويصلي
(1)
. وأخرجه مسلم أيضاً.
الدليل الثالث:
(1135 - 8) ما رواه البخاري من طريق النضر، قال: أخبرنا شعبة، عن الحكم، عن ذكوان أبي صالح،
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى رجل من الأنصار، فجاء، ورأسه يقطر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعلنا أعجلناك؟ فقال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعجلت أو قحطت فعليك الوضوء.
(1)
البخاري (293)، ومسلم (346).
قال البخاري: تابعه وهب، قال: حدثنا شعبة، قال أبو عبد الله: ولم يقل غندر ويحيى، عن شعبة الوضوء. ورواه مسلم أيضاً
(1)
.
(1136 - 9) وفي رواية لمسلم من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري،
عن أبيه، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان، فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعجلنا الرجل. فقال عتبان: يا رسول الله أرأيت الرجل يعجل عن امرأته، ولم يمن ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء
(2)
.
وأجيب عنه بجوابين:
الأول: قال ابن عبد البر: هذا إسناد صحيح من جهة النقل ثابت، ولكنه يحتمل التأويل؛ لأن قوله (الماء من الماء) ليس فيه ما يدفع الماء من التقاء الختانين؛ لأن من أوجب الغسل من التقاء الختانين يقول: الماء من الماء ومن التقاء الختانين أيضا، فهي زيادة حكم
(3)
.
ويجاب عن هذا:
بأن هناك فرقاً بين قولنا: الماء من الماء، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الماء من الماء.
فاللفظ الثاني يدل على الحصر، بطريقة النفي والإثبات، لأن معناه: لا ماء واجب إلا من الماء النازل، بخلاف قولنا: الماء من الماء، فهو لا يمنع الزيادة.
(1)
البخاري (180)، ومسلم (345).
(2)
مسلم (343).
(3)
التمهيد (23/ 108).
الجواب الثاني:
قالوا: إن المراد " الماء من الماء " في الاحتلام لا في اليقظة، وهذا مجمع عليه، فيمن رأى أنه يجامع ولم ينزل أنه لا غسل عليه، وقد روي مثل ذلك عن ابن عباس.
(1137 - 10) فقد روى الترمذي رحمه الله، من طريق شريك، عن أبي الجحاف، عن عكرمة،
عن ابن عباس قال: إنما الماء من الماء في الاحتلام.
قال أبو عيسى: سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعاً يقول: لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك
(1)
.
[ضعيف الإسناد]
(2)
.
وأجيب:
أولاً: ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما ضعيف، لا يثبت من جهة الإسناد.
ثانياً: حديث أبي سعيد الخدري يأباه، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم جواباً على سؤال من عتبان، وقد اغتسل عتبان قبل أن ينزل، فقال عتبان: يا رسول الله أرأيت الرجل يعجل عن امرأته، ولم يمن، ماذا عليه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما
(1)
سنن الترمذي (112).
(2)
في إسناده شريك بن عبد الله النخعي، سيء الحفظ، وقد انفرد به كما أشار إلى ذلك وكيع رحمه الله، وقد أخرجه الطبراني (11/ 304) رقم: 11812 عن عبد الله بن أحمد، ثنا محمد بن الصباح، ثنا شريك به.