الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى فرض صحته فإنه لايدل على الوجوب.
أولاً: أن هذا حكاية فعل عن بعض أصحاب رسول الله، والفعل المجرد من النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب فكيف من غيره.
ثانياً: أن هذا الأثر فيه اختلاف سنداً ومتناً كما تبين من تخريجه.
ثالثاً: على تفسير: {ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا}
(1)
، بأن المقصود به المجتاز فإنه يعارض هذاالأثر، فإن الآية تضمنت نهي الجنب عن المكث في المسجد، وجعلت غاية النهي هي الاغتسال، بينما الأثر جعل غاية النهي الوضوء.
رابعاً: أن الأثر لم يحك عنهم أن هذا الفعل منهم كان زمن التشريع، بل صريح في أن زيد بن أسلم رآهم، وهذا يدل على أن ذلك كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحك عن عموم الصحابة حتى يكون حكاية للإجماع، فلا يصلح للاحتجاج.
دليل من قال: يجوز مكث الجنب في المسجد
.
الدليل الأول:
أصحاب هذا القول ليسوا بحاجة إلى دليل؛ لأن المطالب بالدليل من منع ذلك؛ لأن الأصل الحل، وبراءة الذمة، ولم يرد دليل صحيح صريح في منع الجنب من المكث في المسجد، ولا يجوز منعه إلا بدليل صحيح صريح سالم من المعارضة، ولم يوجد هنا.
الدليل الثاني:
إذا كان المشرك يدخل المسجد، ويمكث فيه، ولا يبعد أن يكون جنباً، فالمسلم الجنب من باب أولى،
(1)
سورة النساء آية: 43
(1241 - 114) فقد روى البخاري، قال: حدثناعبد الله بن يوسف، قال: حدثنا الليث، قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد،
أنه سمع أبا هريرة، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. وقد اختصره البخاري
(1)
.
وأجاب النووي عن هذا الدليل بقوله: ((القياس على المشرك جوابه من وجهين:
الأول: أن الشرع فرق بينهما!! فقام دليل تحريم مكث الجنب، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس بعض المشركين في المسجد، فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية.
الثاني: أن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد، فلا يكلف بها، بخلاف المسلم، وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئاً لم يلزمه ضمانه، لأنه لم يلتزم الضمان بخلاف المسلم والذمي إذا أتلفا
(2)
.
ويمكن أن يدفع هذا الكلام، بأن الكافر منهي عما ينهى عنه المسلم، فإذا منع المسلم من دخول المسجد، وقد أكل بصلاً أو ثوماً، منع الكافر كذلك في
(1)
صحيح البخاري (462)، وقد رواه البخاري (3472) ومسلم (1764) بأطول من هذا.
(2)
المجموع (2/ 185).