الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
أن أحاديث غسل الجنابة في السنة خلو من التسمية، ولو كانت مشروعة لما أغفل الصحابة رضي الله عنهم ذكرها، ولو كانت التسمية مشروعة لحفظها الله لنا، فلما لم تنقل لنا التسمية في الغسل، لا في حديث صحيح، ولا في حديث ضعيف، كان هذا دليلاً على عدم مشروعية التسمية، والقول بمشروعية التسمية في غسل الجنابة يعني أن التسمية كانت تفعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صحابته، ولكن الصحابة قد قصروا في نقل هذه السنة للأمة، وأسوق لك بعض الأحاديث الصحيحة في صفة غسل الجنابة، وليس فيها ذكر للتسمية، منها:
(1324 - 197) ما رواه البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يخلل بيده شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده. ورواه مسلم
(1)
.
فهذه صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم من الجنابة وليس فيها ذكر البسملة.
(1325 - 198) ومنها ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس، قال:
حدثتني خالتي ميمونة، قالت: أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة، فغسل كفيه مرتين أو ثلاثاً، ثم أدخل يده في الإناء، ثم أفرغ بها على فرجه،
(1)
البخاري (272) ومسلم (316)
وغسله بشماله، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكاً شديداً، ثم توضأ وضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بمنديل فرده. ورواه البخاري
(1)
.
وهذا الحديث كغيره ليس فيه التسمية، فيبعد أن تكون التسمية مشروعة ثم لا تنقل من قوله صلى الله عليه وسلم ولا من فعله.
(1326 - 199) ومنها ما رواه مسلم من طريق سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن، عبد الله بن رافع مولى أم سلمة،
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء، فتطهرين
(2)
.
فهذه الأحاديث هي التي نقلت لنا صفة غسل الجنابة، وليست التسمية فيها، وبالتالي يقطع الباحث بعدم مشروعية التسمية، ولا حاجة لنا إلى الذهاب إلى القياس على الوضوء، لأمرين بل لثلاثة:
الأول: عدم ثبوت التسمية في الوضوء.
الثاني: أن الغسل كان يتكرر منه صلى الله عليه وسلم، كما كان يتكرر من صحابته رضوان الله عليهم، فكانت الأمة بحاجة إلى معرفة حكم التسمية في الغسل، فلما لم يأت ذكر للتسمية في أحاديث صفة الغسل من الجنابة، علم أنها ليست مشروعة.
(1)
البخاري (257) ومسلم (317).
(2)
صحيح مسلم (330).