الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
إذا اغتسل بدون وضوء فهل يرتفع الحدث الأصغر
اختلف العلماء في هذه المسألة،
فقيل: يجزئ الغسل عن الوضوء مطلقاً، سواء كان محدثاً حدثاً أصغر قبل الجنابة، أم لا، وسواء نوى رفع الحدثين معاً، أو نوى رفع الجنابة، وهذا هو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
،
وأصح الأقوال في مذهب الشافعية
(3)
،
(1)
يرى الحنفية أن الغسل يجزئ عن الحدثين الأصغر والأكبر، ولو لم ينو أحدهما، باعتبار أن النية في الوضوء والغسل ليست بشرط عندهم، بينما المالكية والشافعية وما اختاره ابن تيمية: يرى أنه إذا نوى الطهارة الكبرى أجزأه عن نية الطهارة الصغرى. انظر في مذهب الحنفية: البناية (1/ 173) تبيين الحقائق (1/ 5)، البحر الرائق (1/ 24).
وقال الجصاص في أحكام القرآن (2/ 515): " قال تعالى: {ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} فأباح الصلاة بالاغتسال من غير وضوء، فمن شرط في صحته مع وجود الغسل وضوءاً، فقد زاد في الآية ما ليس فيها، وذلك غير جائز ".
فهذا نص من الحنفية رحمهم الله تعالى على إباحة الصلاة بالاغتسال فقط، والصلاة لا تجوز إلا وقد ارتفع الحدث الأصغر. وانظر المبسوط (1/ 44).
(2)
قال في الشرح الصغير (1/ 173): " الغسل على الصفة المتقدمة أو على غيرها يجزئ عن الوضوء، ولو لم يستحضر نية رفع الحدث الأصغر؛ لأنه يلزم من رفع الأكبر رفع الأصغر ".
وقال في حاشية الدسوقي (1/ 140): " وكذا إذا أفاض الماء على جسده ابتداء، وذلك بنية رفع الحدث الأكبر، ولم يستحضر الأصغر، جاز له أن يصلي به ". وانظر: حاشية العدوي (1/ 270).
(3)
قال النووي في المجموع (2/ 224 - 225): " الحال الثاني: أن يحدث، ثم يجنب، كما هو الغالب، ففيه الأوجه الأربعة التي ذكرها المصنف، الصحيح عند الأصحاب، وهو المنصوص في الأم أنه يكفيه إفاضة الماء على البدن، ويصلي به بلا وضوء ".
واختاره ابن تيمية
(1)
.
وقيل: لا يرتفع الحدث الأصغر حتى يتوضأ، سواء توضأ قبل الغسل، أو توضأ بعده، وهو أحد قولي الشافعي
(2)
، وقول في مذهب الحنابلة
(3)
.
وقيل: لا تتداخل الطهارتان الكبرى والصغرى إلا بنية، فعلى هذا، إما أن يتوضأ قبل الغسل، أو ينوي بغسله الطهارة من الحدثين، وهذا نص أحمد رحمه الله
(4)
، ووجه في مذهب الشافعية
(5)
.
(1)
قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (21/ 396): " والقرآن يدل على أنه لا يجب على الجنب إلا الاغتسال، وأنه إذا اغتسل جاز له أن يقرب الصلاة، والمغتسل من الجنابة ليس عليه نية رفع الحدث الأصغر، كما قال جمهور العلماء
…
". وانظر شرح العمدة لابن تيمية رحمه الله (1/ 377).
(2)
الشافعية يقولون بذلك في بعض الصور دون بعض، لأنهم يرون أن الجنب له ثلاث أحوال:
الحال الأولى: أن يجنب من غير أن يحدث حدثاً أصغر، فيكفيه في هذه الحالة غسل البدن، ولا يلزمه الوضوء قال النووي: بلا خلاف عندنا كما في المجموع (2/ 223).
الحال الثانية: أن يحدث حدثاً أصغر، ثم يجنب، ففي مذهب الشافعية أربعة أوجه، أحدها: أنه يجب عليه الوضوء، فلو اغتسل بدون الوضوء لم يرتفع حدثه الأصغر. انظر المجموع (2/ 223).
الحال الثالثة: أن يجنب من غير حدث، ثم يحدث، فهل يؤثر الحدث، فيه وجهان، أرجحهما أنه لا يؤثر، حكاه الدارمي عن ابن القطان، وحكاه الماوردي عن جمهور الأصحاب، فعلى هذا يجزيه الغسل بلا وضوء قطعاً.
(3)
قال ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة (1/ 376): " وعنه - أي: عن أحمد - أنه لا يرتفع الأصغر إلا بوضوء مع الغسل، بفعله قبل الغسل، أو بعده ".
(4)
مجموع الفتاوى (21/ 396)، وقال في كشاف القناع (1/ 89):" إن نوى الغسل للجنابة لم يرتفع حدثه الأصغر إلا إن نواه ". وقال ابن تيمية في شرح العمدة في تقريره للمذهب (1/ 376): وإذا نوى الأكبر فقط بقي عليه الأصغر ".
(5)
الروضة (1/ 54)، المجموع (2/ 223).