الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
(1150 - 23) ما رواه عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبيد الله وعبد الله ابنا عمر، عن سعيد المقبري،
عن أبي هريرة أن ثمامة الحنفي أسر، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إليه، فيقول: ما عندك يا ثمامة؟ فيقول: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تمن تمن على شاكر، وإن ترد المال تعط منه ما شئت، وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحبون الفداء، ويقولون: ما نصنع بقتل هذا، فمر النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فأسلم، فحله، وبعث به إلى حائط أبي طلحة، فأمره أن يغتسل، فاغتسل، وصلى ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد حسن إسلام إخيكم
(1)
.
[في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالغسل، وهو غير محفوظ، وإنما المحفوظ أنه اغتسل من قبل نفسه كما هي رواية الصحيحين، كما أن المحفوظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم مَنَّ عليه بإطلاق سراحه قبل أن يعلن إسلامه، فذهب واغتسل، ثم أعلن إسلامه، فكان غسله قبل أن يعلن إسلامه خلاف
= وانظر لمراجعة بعض طرق الحديث: أطراف المسند (5/ 210)، التحفة (11100)، إتحاف المهرة (16356).
(1)
المصنف (9834). ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن الجارود في المنتقى (15)، وابن خزيمة (253)، وأبو عوانة (6699)، وابن حبان (1238)، والبيهقي في السنن (1/ 171).
وأخرجه ابن حبان في الثقات (1/ 280) من طريق عبد الرزاق، عن عبد الله بن عمر وحده به.
وأخرجه أحمد (2/ 304) حدثنا عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن عمر وحده به، ولفظه:" اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فمروه أن يغتسل ".
هذا الحديث]
(1)
.
(1)
انفرد بهذا الحديث العمريان: عبيد الله وعبد الله ابنا عمر، وقد رواه غيرهما عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، وليس فيه الأمر بأن يغتسل، وإنما فيه أنه اغتسل، وقد كنت أحمل على عبد الرزاق في المخالفة، إلا أني وقفت على راو آخر وهو عبد الرحمن بن مهدي يرويه عن عبد الله بن عمر المكبر، وفيه الأمر بالغسل، كما جاء في علل الخلال نقلاً من كتاب الإمام في معرفة أحاديث الأحكام (3/ 38) عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن سريج، عن عبد الله بن عمر - يعني العمري - عن سعيد المقبري به، وفيه: فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينطلق إلى حائط أبي طلحة، فيغتسل. فخرج عبد الرزاق من عهدته، والله أعلم.
وقد قُرِنَتْ رواية عبد الله بن عمر الضعيف برواية أخيه عبيد الله الثقة، وكنت أعتقد أن اللفظ لعبد الله وحده، لأنه يبعد أن يكون عبيد الله بن عمر، وهو الثقة ينفرد بألفاظ في هذا الحديث ليست محفوظة، منها الأمر بالغسل، ومنها أنه اغتسل بعد إسلامه، ومنها أن إطلاق سراحه كان بعد أن أعلن إسلامه، وكل هذه الألفاظ مخالفة لرواية الصحيحين، بل ومخالف لكل من روى الحديث ولو خارج الصحيح، وقد وقفت على طريق عبد الله بن عمر منفرداً، وفيه الأمر بالغسل، كما سبق ذكره من طريق ابن مهدي وسريج، وقد كان من سبيل أهل الحديث الحمل على الضعيف وتبرئة الثقة إذا وجد إلى ذلك سبيل، خاصة أن هذه المخالفات تليق بحال عبد الله بن عمر لما عرف من سوء حفظه، إلا أني وقفت على طريق عند البزار كما في كشف الأستار (333) حدثنا سلمة بن شبيب وزهير بن محمد - واللفظ لزهير - أنا عبد الرزاق، أنا عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ثمامة بن أثال رضي الله عنه أسلم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر.
وقد انفرد البزار بهذا الطريق، وكل من رواه من طريق عبد الرزاق إنما رواه مقروناً برواية أخيه عبد الله، فإن كان طريق البزار محفوظاً فهذا يبين أن الوهم من عبيد الله وأخيه، وأنا أشك في ذلك، لأن البزار فيه لين، وانفراده بهذا الطريق يجعل في النفس منه شيئاً، والموجود في مصنف عبد الرزاق روايته عن الأخوين مقرونين (9834).
وقد رواه جمع من الحفاظ عن عبد الرزاق عن العمريين مقرونين، منهم:
الأول: محمد بن يحيى الذهلي، كما في المنتقى لابن الجارود (15)، وصحيح ابن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= خزيمة (253)، ومسند أبي عوانة (6699)، والسنن الصغرى للبيهقي (1/ 113)، وفي الكبرى
(1/ 171).
الثاني: سلمة بن شبيب، كما في صحيح ابن حبان (1238)، وهذه الواية عن سلمة تخالف رواية البزار عنه، حيث رواه سلمة عن عبد الرزاق، عن عبيد الله وعبد الله، بل إن ابن حبان رواه في الثقات (1/ 280) من طريق سلمة بن شبيب، ثنا عبد الرزاق، عن عبد الله بن عمر المكبر وحده.
الثالث: النجار، كما في الأوسط لابن المنذر (2/ 115).
الرابع: أبو الأزهر، كما في سنن البيهقي الصغرى (1/ 113)، والكبرى (1/ 171).
وسواء جعلنا الوهم من عبد الله أو من أخيه عبيد الله إلا أن الحديث من هذا الطريق قد انفرد بالأمر بالغسل، والمحفوظ أن ثمامة هو الذي اغتسل من قبل نفسه، وقبل أن يعلن إسلامه، وإليك بيان من وقفت عليه ممن روى الحديث، ولم يذكر الأمر بالغسل:
الأول: الليث بن سعد، وهو في البخاري (462، 469، 2422، 2423، 4372) ومسلم (1764)، وأبو داود (2679)، والنسائي (189)، وابن خزيمة (252)، وابن حبان (1239)، والبيهقي (1/ 171).
وأنقل إليك لفظ البخاري لتعرف قدر المخالفة في لفظ العمريين عن لفظ الصحيح،
فقد رواه البخاري (4372) من طريق الليث، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد،
أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فترك حتى كان الغد، ثم قال له: ما عندك يا ثمامة؟ قال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد فقال: ما عندك يا ثمامة؟ فقال عندي ما قلت لك، فقال: أطلقوا ثمامة، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب =
ويحتمل أن يكون ثمامة اغتسل لمقابلة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان في الأسر ثلاثة أيام، وهو كبير قومه، فلما أطلق سراحه وكان يريد الجلوس مع النبي صلى الله عليه وسلم، لإعلان إسلامه رأى أن يحسن من حاله، خاصة أن بلاد الحجاز بلاد حارة، كما أنه يليق بثمامة وهو كبير قومه، وقد نوى أن يقابل رجلاً مثل النبي صلى الله عليه وسلم
= الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي، وإن خيلك أخذتني، وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ
الثاني: عبد الحميد بن جعفر، كما في صحيح مسلم (1764)، وأبي عوانة (6696)، والبيهقي في السنن (9/ 65).
الثالث: ابن عجلان، كما في مسند أحمد (2/ 246) إلا أنه قال: فذهبوا به إلى بئر الأنصار، فغسلوه، فأسلم .... الخ الحديث، وليس فيه الأمر بالاغتسال، وإن كان هذا مخالف لما في الصحيحين من كونه انطلق هو فاغتسل.
الرابع: محمد بن إسحاق، واختلف عليه في إسناده،
فرواه البيهقي في السنن (9/ 66) وفي الدلائل (4/ 79 - 80) من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، وفيه: " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطلقوه، فقد عفوت عنك يا ثمام، فخرج ثمامة حتى أتى حائطاً من المدينة، فاغتسل فيه، وتطهر، وطهر ثيابه، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو جالس في المسجد
…
وذكر الحديث. وليس فيه أنه أمره بالغسل.
ورواه البيهقي في الدلائل (4/ 181) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، فزاد في إسناده (والد سعيد المقبري) وهو وهم.
ورواه أحمد (2/ 304) حدثنا عبد الرحمن -يعني ابن مهدي- حدثنا عبد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد به، بلفظ: أن ثمامة بن أثال أو أثالة أسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به إلى حائط بني فلان، فمروه أن يغتسل. ومن طريق أحمد أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 36).