الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1232 - 105) وبما رواه البخاري رحمه الله من طريق الزهري، حدثني عروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن،
أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتهما، أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت في حجة الوداع فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحابستنا هي؟ فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله، وطافت بالبيت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلتنفر. ورواه مسلم
(1)
.
وأجيب:
بأن قياس الجنب على الحائض قياس مع الفارق، فأنتم لا تقولون بأن أحكامهما واحدة من كل وجه حتى يتم القياس،
فهذه الحائض لا تقضي الصلاة، بخلاف الجنب، ولا يصح الصوم مع الحيض، بخلاف الجنب فإنه يصح أن يصبح صائماً، وهو جنب، وإذا توضأ الجنب مكث في المسجد عندكم، مع أن الجنابة لم ترتفع، ولا تبيحون للحائض أن تمكث في المسجد ولو توضأت، فكل هذا يجعل قياس الأخف على الأغلظ قياساً ضعيفاً، مع أن مكث الحائض في المسجد متنازع فيه، وقد رجحت في كتابي الحيض والنفاس جواز مكث الحائض في المسجد، فانظره هناك.
الدليل الخامس:
استدل بعضهم بقوله تعالى: {وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئاً وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود}
(2)
.
(1)
صحيح البخاري (4401)، ومسلم (382 ـ 1211)
(2)
سورة الحج آية (26).
وجه الاستدلال من وجهين:
الأول: أن الطواف ذكر مع الصلاة، فإذا كانت الصلاة تشترط لها الطهارة، فكذلك الطواف، بل إن تقديم الطواف على الصلاة يدل على أن الطهارة فيه أولى.
الوجه الثاني:
إذا وجب تطهير مكان الطائف، فبدنه من باب أولى.
وأجيب:
بأن هذه الدلالة دلالة اقتران، وهي من أضعف الدلالات، ولا يلزم من اقترانهما اشتراكهما في الحكم.
قال تعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده}
(1)
.
والأكل مباح، فهل إتيان حقه يوم حصاده تقولون: إنه مباح، ثم إنه قال في الآية الأخرى:{وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود}
(2)
.
هل تقولون: إن المعتكف لا يصح اعتكافه إلا على طهارة؛ لأنه قرن بالصلاة، فإذا سقطت الدلالة من هذه الآية سقطت من تلك.
وكونه قدم الطواف على الصلاة ليس دليلاً على كونه أولى بالطهارة من الصلاة، فقد يكون قدم باعتبار أن الطواف أخص بالبيت من الصلاة، فالصلاة يصليها الإنسان في كل المساجد، بل في الأرض كلها، وأما الطواف فلا يطوف الإنسان إلا في هذا البيت، والله أعلم.
(1)
سورة الأنعام آية (141).
(2)
سورة البقرة آية (125).