الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال تعالى: {وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون}
(1)
، فذم على ترك امتثال أمره.
(1175 - 45) وبما رواه البخاري من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة
(2)
.
وقد أجمعت الأمة على وجوب الصلاة والزكاة من قوله سبحانه وتعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة}
(3)
.
الدليل الثاني:
(1176 - 49) ما رواه مسلم من طريق وهيب، حدثنا عبد الله بن طاوس، عن أبيه،
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام، يغسل رأسه وجسده. ورواه البخاري
(4)
.
وجه الدلالة: قوله (حق لله) فالحق بمعنى الواجب، ففي الصحيحين من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أن يعبدوه، ولا
(1)
المرسلات: 48.
(2)
صحيح البخاري (887).
(3)
النور: 56.
(4)
مسلم (849)، والبخاري (898).
يشركوا به شيئاً))
(1)
.
فاسْتُعْمِلَتْ كلمة حق في أعظم الواجبات على الإطلاق، وهو ما خلق الخليقة من أجله، قال تعالى:{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}
(2)
.
الدليل الثالث:
(1177 - 50) ما رواه البخاري من طريق صفوان بن سليم، عن عطاء ابن يسار،
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم. ورواه مسلم
(3)
.
فالواجب هو اللازم شرعاً، وقد حاول الجمهور تأويل الحديث؛ فقالوا: إن كلمة واجب المقصود بها التوكيد، كما تقول: إكرامك علي واجب، والذي حملهم على هذا التأويل المخالف لظاهر الحديث:
إما لأنهم فهموا من كلمة واجب، أن الغسل شرط في صحة الصلاة، فقالوا: الإجماع منعقد على صحة الصلاة، ولو لم يغتسل للجمعة، فحملهم هذا على تأويل الحديث عن ظاهره، والحق أن الحديث نص في وجوب الغسل، وليس نصاً على شرطية الغسل، فلا يصح الاعتراض
(4)
.
(1)
البخاري (7373)، ومسلم (30).
(2)
الذاريات: 56.
(3)
صحيح البخاري (879)، ومسلم (846).
(4)
قال الشافعي في الرسالة (ص: 303) قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل يوم الجمعة واجب، يحتمل معنيين: الظاهر منهما أنه واجب، فلا تجزئ الطهارة لصلاة الجمعة إلا بالغسل، كما لا يجزئ في طهارة الجنب غير الغسل. =
أو لأنهم حاولوا الجمع بين الأحاديث التي توجب الغسل وبين أحاديث تعارضها، ولكن ليست صحيحة، مثل حديث «من اغتسل يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» .
قالوا: فقوله «الغسل أفضل» فإنه يقتضي إشتراك الوضوء والغسل في أصل الفضل، فيستلزم إجزاء الوضوء، فحملهم ذلك على تأويل «غسل يوم الجمعة واجب» إلى ما ذكرنا من أن المقصود به توكيد الغسل، وليس لزومه.
والحق أن سند هذا الحديث لا يمكن أن يعارض به أحاديث الصحيحين، فقد علمت ما في الحديث من اختلاف من خلال الكلام على سنده ومتنه.
قال ابن دقيق العيد: ذهب الأكثرون إلى استحباب غسل الجمعة، وهم محتاجون إلى الاعتذار عن مخالفة هذا الظاهر - يعني من الأمر بالغسل، ومن الحكم بأنه واجب - وقد أولوا صيغة الأمر على الندب، وصيغة الوجوب على التأكيد، كما يقال: إكرامك علي واجب، وهو تأويل ضعيف إنما يصار إليه إذا كان المعارض راجحاً على هذا الظاهر، وأقوى ما عارضوا به هذا الظاهر حديث «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» ولا يعارض سنده سند هذه الأحاديث. الخ كلامه رحمه الله
(1)
.
= ويحتمل واجب في الاختيار والأخلاق والنظافة، ثم استدل للاحتمال الثاني بقصة عثمان مع عمر التي تقدمت، قال: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل دل ذلك على أنهما عقد علما، أن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل على الاختيار. اهـ
قال ابن حجر في الفتح تحت رقم (879) بعد أن نقل نص الشافعي المتقدم: وقد نقل الخطابي وغيره الإجماع على أن صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة لكن حكى الطبري من قوم أنهم قالوا بوجوبه، ولم يقولوا: إنه شرط، بل واجب مستقل تصح الصلاة بدونه، كأن أصله قصد التنظيف وإزالة الروائح الكريهة التي يتأذى بها الحاضرون من الملائكة والناس. الخ كلامه رحمه الله تعالى.
(1)
الفتح تحت رقم (879).
قلت: وكلمة (واجب) في الحقيقة الشرعية تعني اللزوم، قال صلى الله عليه وسلم:«لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم» .
وقد أخرج أبو داود
(1)
، والنسائي
(2)
، وابن الجارود
(3)
، والطبراني في المعجم الأوسط
(4)
، والطحاوي في شرح معاني الآثار،
(5)
وابن خزيمة
(6)
، وابن حبان
(7)
، والبيهقي
(8)
، من طرق عن مفضل بن فضالة، عن عياش بن عباس، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن نافع، عن ابن عمر،
عن حفصة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على كل محتلم رواح الجمعة، وعلى كل من راح إلى الجمعة الغسل. فجمع بكلمة (على) الظاهرة في الوجوب بين الرواح وبين الغسل
(9)
.
(1)
السنن (342).
(2)
روى النسائي الجملة الأولى منه فقط دون الغسل (1371).
(3)
المنتقى (287).
(4)
الأوسط (4816).
(5)
شرح معاني الآثار (1/ 116).
(6)
صحيح ابن خزيمة (1721).
(7)
صحيح ابن حبان (1220).
(8)
سنن البيهقي (3/ 172).
(9)
تفرد بالزيادة في إسناده ومتنه مفضل بن فضالة، عن عياش، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن نافع، ورواية نافع عن ابن عمر في الصحيحين وغيرهما، ليس فيه زيادة ذكر حفصة في الإسناد، وليس فيه الجمع بين الأمر بالرواح، والأمر بالغسل.
قال الطبراني كما في الفتح تحت رقم (879): لم يروه عن نافع بزيادة حفصة إلا بكير، ولا عنه إلا عياش، تفرد به مفضل. ولم أقف على تعليق الطبراني في نسختي من الأوسط.
وتعقبه الحافظ بقوله: رواته ثقات، فإن كان محفوظاً فهو حديث آخر، ولا مانع أن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يسمعه ابن عمر من النبي صلى الله عليه وسلم، ومن غيره من الصحابة، فسيأتي في ثاني أحاديث الباب من رواية ابن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله الله عليه وسلم، ولا سيما مع اختلاف المتون. أهـ
قلت: القواعد الحديثية تقتضي شذوذ هذه الزيادة، فقد رواه نافع وسالم وأخوه عبد الله وعبد الله بن دينار عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي بعضها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، ورواية بعضهم في الصحيحين، ولم يذكروا حفصة في إسناده، كما لم يجمعوا بين وجوب الرواح ووجوب الغسل، بل اقتصروا على لفظ: إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل. وإليك بيان ما وقفت عليه ممن خرج أحاديثهم، فقد روى الحديث جماعة منهم:
الأول: مالك كما في الموطأ (1/ 102)، ومسند أحمد (2/ 64)، وصحيح البخاري
(877)
، وسنن النسائي (1376)، والسنن الكبرى له (1678)، وسنن الدارمي (1536)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 115)، وسنن البيهقي (1/ 293).
الثاني: الليث كما في صحيح مسلم (844)، وسنن البيهقي (1/ 297).
الثالث: عبيد الله بن عمر كما في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 435)، رقم 5014، ومسند أحمد (2/ 3)، والمنتقى لابن الجاورد (280)، والطبراني في الكبير (13392)، وصحيح ابن حبان (1225)، والخطيب في تاريخه (5/ 300).
الرابع: الحكم بن عتيبة، كما في الطيالسي (1850)، ومصنف ابن أبي شيبة (1/ 436) رقم 5021، وأحمد (2/ 77)، وسنن النسائي (1405)، وفي الكبرى (1677)، والطحاوي (1/ 115)، والمعجم الأوسط للطبراني (108).
الخامس: أبو إسحاق السبيعي، كما في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 433)، ومسند أحمد (2/ 42)، والنسائي في الكبرى (1679)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 115).
السادس: يحيى بن سعيد الأنصاري كما في صحيح ابن حبان (1225).
السابع: يحيى بن كثير الكاهلي، كما في صحيح ابن حبان (1224)،.والله أعلم.
الثامن: مالك بن مغول، كما في مسند أحمد (2/ 41).
التاسع: أيوب، كما في مسند الطيالسي (1848)، والحميدي (610)، أحمد (2/ 48)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 115).
العاشر: يحيى بن أبي كثير، كما في مسند أحمد (2/ 105)، والطبراني في الأوسط =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (26، 56).
الحادي عشر: الزهري، كما في معجم الأوسط للطبراني (46).
الثاني عشر: عبد الله بن سعيد بن أبي هند، كما في المعجم الأوسط للطبراني (257).
كل هؤلاء رووه عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يذكروا في الإسناد حفصة، ولم يجمعوا بين الأمر بالرواح إلى الجمعة وبين الأمر بالغسل، بل اقتصروا على قولهم " من جاء منكم الجمعة فليغتسل ".
وقد وافقهم سالم وأخوه عبد الله وعبد الله بن دينار، فرووه عن ابن عمر بمثل ما رواه الجماعة من طريق نافع، عنه.
فأما رواية سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رواه الطيالسي (1818)، وأحمد (2/ 9)، والحميدي (608)، والبخاري (894)، ومسلم (844)، والترمذي (492)، والنسائي في الكبرى (1672)، وفي المجتبى (1406)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 155) وابن الجارود في المنتقى (283) وابن خزيمة (1749)، والبيهقي (3/ 188).
وأما رواية عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنه. فهي في مسند أحمد (2/ 37)، والحميدي (609)، وصحيح ابن حبان (1223).
وأما رواية عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، فهي في مسند أحمد (2/ 120)، وصحيح مسلم (844)، والترمذي (493)، والنسائي في الكبرى (1675)، وفي المجتبى
(1407)
، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 115) من طريق الليث،
وأخرجه عبد الرزاق (5291)، وأحمد (2/ 149)، ومسلم (844)، والنسائي في الكبرى (1673) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 115)، والبيهقي في السنن (1/ 293) من طريق ابن جريج كلاهما (الليث وابن جريج) روياه عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً.
قال النسائي: ما أعلم أحداً تابع الليث على هذا الإسناد غير ابن جريج، وأصحاب الزهري يقولون: عن سالم بن عبد الله عن أبيه.
ورواه يحيى بن وثاب، عن ابن عمر كما في مسند أحمد (2/ 53،115)، والنسائي في الكبرى (16801)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 115). =