الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو حمل حديث أبي هريرة على غير المعذور، وحمل حديث عائشة وأم سلمة على المعذور، ومن سلك طريق الجمع لم ير حديث أبي هريرة غلطاً، أو منسوخاً، وإنما رأى أن هناك دليلين ظاهرهما التعارض، فحاول الجمع، وما زال بعض التابعين لا يرون أن أبا هريرة رجع عن حديثه.
ولذلك قال الترمذي في سننه: حديث عائشة وأم سلمة حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، ثم قال: وقد قال قوم من التابعين: إذا أصبح جنباً يقضي ذلك اليوم، والقول الأول أصح
(1)
.
فهنا الترمذي يرى أن هناك قوماً من التابعين يأخذون بحديث أبي هريرة.
(1266 - 139) وروى عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أيبيت الرجل جنباً في شهر رمضان حتى يصبح، يتعمد ذلك، ثم يصوم؟ قال: أما أبو هريرة فكان ينهى عن ذلك، وأما عائشة فكانت تقول: ليس بذلك بأس، فلما اختلفا على عطاء، قال: يتم يومه ذلك، ويبدل يوماً
(2)
.
[وإسناده صحيح عن عطاء].
الراجح من خلاف أهل العلم
.
بعد استعراض أدلة الأقوال نرى أن استصحاب حكم الجنابة لا يؤثر على الصيام، وقد دللنا على ذلك أثراً ونظراً، وهذا القول قد رأى بعضهم أن الإجماع انعقد عليه عند المتأخرين، قال النووي: ((وأما حكم المسألة فقد أجمع
(1)
سنن الترمذي (779).
(2)
المصنف (7400).
أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب، سواء كان من احتلام أو جماع، وبه قال جماهير الصحابة والتابعين))
(1)
.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: «وقد بقي على مقالة أبي هريرة بعض التابعين كما نقله الترمذي، ثم ارتفع ذلك الخلاف، واستقر الإجماع على خلافه كما جزم به النوووي، وأما ابن دقيق العيد، فقال: صار ذلك إجماعاً أو كالإجماع»
(2)
.
وهل ينعقد الإجماع بعد ثبوت الخلاف عند الصحابة والتابعين، هذه مسألة خلافية عند أهل الأصول، ليس هذا موضع تحريرها، فلعل الله أن ييسر لأكتب في هذه المسألة بحثاً مستقلاً إن شاء الله تعالى، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1)
شرح النووي على صحيح مسلم تحت رقم (1109).
(2)
الفتح تحت رقم (1926).