الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الخلع
(1)
يُبَاحُ لسوءِ عشرَةٍ، وبُغْضَةٍ وَكِبَرٍ وَقِلَّة دينٍ
(2)
، وَيُكرَهُ مَعَ استقامةٍ
(3)
.
(1)
الخُلْع - بضم الخاء وسكون اللام -: فراق الزوج زوجته بعوض بألفاظ مخصوصة. والأصل فيه: قوله تعالى: {فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به} [البقرة، 229]، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال:«أتردين عليه حديقته؟ » ، قالت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» ، رواه البخاري.
وفائدته: تخليصها من الزوج على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها.
(2)
أحكام الخلع: (الحكم الأول) الإباحة: فيباح لها مخالعة زوجها: 1 - لسوء عشرة بينهما وكراهة كل واحد للآخر، 2 - ولبغضها له لخُلقه أو خَلقه - أي: شكله وأعضائه -، 3 - ولكِبَره وضعفه، 4 - ولقلة دينه، وضعف فيه، وتخشى في كل هذه الأحوال أن لا تقيم حدودَ الله في حقوقه الواجبة عليها كما هو مقيد في الإقناع والمنتهى.
(تتمة) حيث أبيح الخلع: سن للزوج إجابتها إلا مع محبته لها فيسن صبرها وعدم افتدائها.
(3)
(الحكم الثاني) الكراهة: فيكره الخلع مع استقامة الحال بين المرأة وزوجها، لكنه يصح.
(تتمة)(الحكم الثالث) التحريم: فيحرم ولا يصح الخلع إذا عضلها لتفتدي نفسها بأن ضارها بضرب، أو ضيّق عليها، أو منعها حقها من القسم والنفقة ظلماً.
وَهُوَ بِلَفْظ خُلْعٍ، أو فَسْخٍ، أو مُفاداةٍ: فسخٌ
(1)
. وبلفظ طَلَاقٍ، أو نِيَّته، أو كنايته: طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ
(2)
.
وَلَا يَصحُّ إلا بعِوَضٍ
(3)
، وَيكرهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أعطاها
(4)
. وَيصِحُّ بذلُهُ مِمَّن يَصحُّ تبرعُهُ من زَوْجَةٍ وأجنبيٍّ
(5)
.
(1)
فيكون الخلع فسخاً إذا وقع بلفظ الخلع أو الفسخ أو المفاداة ولم يكن نوى الطلاق، وإلا وقع طلاقاً، كما سيأتي.
(2)
فيكون الخلع طلقة بائنة: 1 - إذا وقع بلفظ الطلاق، 2 - أو وقع بلفظ خلع مع نية الطلاق، 3 - أو وقع بكناية الطلاق مع نية الطلاق، ولكن لا يكون طلاقاً بائناً فيما تقدم إلا مع عوض وإلا فهو طلاق رجعي.، وليس للزوج في الطلاق البائن أن يرجع إلى امرأته إلا بعقد جديد وولي وشاهدين، حتى لو كانت في العدة.
(3)
يشترط لصحة الخلع عدة شروط: (الشرط الأول) كونه بعوض، فالعوض ركن في الخلع كالثمن في البيع، فلا يصح بدونه، بخلاف النكاح فيصح بلا مهر وتكون المرأة إذَن مفوضة. (فرق فقهي)
(4)
أي: يكره أن يأخذ منها في الخلع أكثر من مهرها، وقيده بعض العلماء: إن كانت هي التي بذلت العوض.
(5)
أي: يصح كون العوض من الزوجة أو غيرها بشرط كون الباذل ممن يصح تبرعه، وهو: الحر المكلف غير المحجور عليه.
وَيصِحُّ بِمَجْهُولٍ ومعدومٍ، لَا بِلَا عوضٍ
(1)
، وَلَا بِمحرَّمٍ
(2)
، وَلَا حِيلَةً لإسقاط طَلَاقٍ
(3)
.
وإذا قَالَ: مَتى أو إذا أو إن أعطيتِني ألفًا فَأَنتِ طَالِقٌ، طَلُقَتْ بعطيِّتِه وَلَو تراخَتْ
(4)
.
(1)
فلا يصح الخلع بلا عوض كما تقدم، لكن يصح بمجهول كـ: على ما في بيتها، أو: ما في جيبها من النقود، وبمعدوم كـ: على حمل أمتها أو شجرتها.
(2)
(الشرط الثاني) كون العوض مباحاً، فإن كان محرماً كخمر والزوجان يعلمان تحريمه لم يصح الخلع؛ لأن وجود العوض هنا كعدمه، وإن لم يعلما تحريمه كأن خالعته على بيت فظهر مستحقًّا صح الخلع وللزوج بدل العوض.
(3)
(الشرط الثالث) ألا يكون الخلع حيلة لإسقاط الطلاق، كأن يقول لامرأته: إن جاء رمضان فأنت طالق، ثم يندم فيخالعها قبل رمضان بيوم أو يومين حتى يدخل الشهر حال كونها أجنبية عنه ويسقطَ طلاقه، فإذا مر على الشهر بضعة أيام عقد عليها ثانياً. فإذا فعل ذلك لم يصح الخلع ووقع الطلاق.
(تتمة) بقية شروط صحة الخلع: (الشرط الرابع) أن يكون من زوج يصح طلاقه، (الشرط الخامس) أن يكون جاداً لا هازلاً، (الشرط السادس) ألا يكون عاضلاً لزوجته، (الشرط السابع) أن يكون بصيغة منهما، (الشرط الثامن) أن يكون منجزاً؛ إلحاقا له بعقود المعاوضات، (الشرط التاسع) أن يقع الخلع على جميع الزوجة فلا يصح أن يخالع جزءاً منها كنصفها؛ لأنه فسخ.
(4)
أي: تطلق بمجرد بذلها لما شرط عليها ولو تراخت، فلا يشترط فيه الفور، ويعبر الحنابلة عن هذه المسألة بقولهم:(الطلاق المعلق أو المنجز بعوض كخلعٍ في إبانته)، فإذا علق الطلاق بعوض فإنّ حكمه حكم الخلع في حصول البينونة، لكنه يحسب من عدد طلقاته. والتعليق الصادر من الزوج يلزمه وليس له إبطاله.
وإن قَالَت: اخْلَعْني بألف أو على أَلْفٍ فَفعل، بَانَتْ واستحقَّها
(1)
.
وَلَيْسَ لَهُ خَلعُ زَوْجَةِ ابْنهِ الصَّغِير وَلَا طَلاقُهَا، وَلَا ابْنَتِهِ الصَّغِيرَة بِشَيْءٍ من مَالهَا
(2)
.
وإن علق طَلاقهَا على صفةٍ ثمَّ أبانها فَوُجدَت أو لا ثُمَّ نَكَحَهَا فَوُجِدَت طلَقتْ
(3)
، وَكَذَا عِتْق
(4)
.
(1)
وكذا لو قالت: «طلقني بألف» أو «على ألف» فأجابها إلى الخلع أو الطلاق، فإنها تبين بذلك ويستحق الألف بشرط أن يجيبها فوراً، بخلاف المسألة الماضية. وللزوجة أن ترجع قبل أن يفعل الزوج ما طلبته، فليس التعليق بلازم لها، بخلاف تعليق الزوج. (فرق فقهي)
(2)
أي: يحرم على الأب أن يخالع أو يطلق زوجة ابنه الصغير؛ للحديث: «إنما الطلاق لمن أخذ بالساق» ، رواه ابن ماجه، ويحرم عليه أيضاً أن يخالع ابنته الصغيرة بشيء من مالها، لكن يجوز بشيء من ماله، كما في الشرح الكبير، وجزم به البهوتي في الروض المربع.
قلت: والظاهر من كلام الأصحاب: لا يصح الخلع ولا الطلاق فيما فعله الأب مع زوجة ابنه الصغير، وزوج ابنته الصغيرة، والله أعلم.
(3)
فلو قال لها: «إن دخلتِ دار أخيك فأنت طالق» ، ثم أبانها بخلع مثلاً أو بطلقة، ثم دخلت دارَ أخيها أو لم تدخلها، فإن عقد عليها ثانياً ثم وُجدت هذه الصفة بأن دخلت دار أخيها فإنها تطلق، نص عليه الإمام أحمد.
(4)
أي: إذا علق عتق عبده على صفة، ثم باعه فوجدت الصفة أو لم توجد، فإنه إن عاد إلى ملكه ووجدت الصفة بعد العقد الثاني عتق.