المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب البيع(1)وسائر المعاملات - الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

[أحمد بن ناصر القعيمي]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ سماحة المفتي العام للمملكة

- ‌تقديم

- ‌تقريظ الشيخ محمد بن عبد الرحمن السماعيل

- ‌مقدمة أسفار

- ‌مصطلحات الحاشية:

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فصل (في الآنية)

- ‌فصل (في الاستنجاء)

- ‌فصل (في السواك وسنن الفطرة)

- ‌فصل (في الوضوء)

- ‌فصل (في المسح على الخفين)

- ‌فصل (في نواقض الوضوء)

- ‌فصل (في الغسل)

- ‌فصل (في التيمم)

- ‌فصل (في إزالة النجاسة)

- ‌فصل في الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل (في الأذان والإقامة)

- ‌فصل (في شروط الصلاة)

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل (في أركانها(1)وواجباتها)

- ‌فصل (في سجود السهو)

- ‌فصل (في صلاةِ التطوع)

- ‌فصل (في صلاة الجماعة)

- ‌فصل (في أحكام الإمامة)

- ‌فصل (في صلاة أهل الأعذار)

- ‌فصل (في القصر والجمع وصلاة الخوف)

- ‌فصل (في صلاة الجمعة)

- ‌فصل (في صلاة العيدين)

- ‌فصل (في صلاتي الكسوف(1)والاستسقاء)

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل (في غسل الميت وتكفينه)

- ‌فصل (في الصلاة على الميت وحمله ودفنه)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل (في زكاة الخارج من الأرض)

- ‌فصل (في زكاة الأثمان والعروض)

- ‌فصل (في زكاة الفطر)

- ‌فصل (في إخراج الزكاة وأهلها)

- ‌كتاب الصيام

- ‌فصل (في مفسدات الصوم وما يكره ويسن فيه)

- ‌فصل (في صوم التطوع)

- ‌فصل (في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌فصل (في المواقيت(1)ومحظورات الإحرام)

- ‌فصل في الْفِدْيَةِ

- ‌باب دخول مكة

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة

- ‌فصل (في أركان وواجبات الحج والعمرة)

- ‌فصل في (الهدي والأضحية)

- ‌كتاب الجهاد

- ‌فصل (في عقد الذمة)

- ‌كتاب البيع(1)وسائر المعاملات

- ‌فصل (في الشروط في البيع)

- ‌فصل (في الخيار)

- ‌فصل (في أحكام قبض المبيع)

- ‌فصل (في الربا والصرف)

- ‌فصل (في بيع الأصول والثمار)

- ‌فصل (في السلم)

- ‌فصل في (القرض)

- ‌فصل (في الرهن)

- ‌فصل (في الضمان(1)والكفالة والحوالة)

- ‌فصل (في الصلح)

- ‌فصل (في أحكام الجوار)

- ‌فصل (في الحجر)

- ‌فصل (في المحجور عليه لحظه)

- ‌فصل (في الوكالة)

- ‌فصل (في الشَّرِكَة)

- ‌فصل (في المساقاة(1)والمزارعة)

- ‌فصل (في الإجارة)

- ‌فصل (في لزوم الإجارة وما يوجب الفسخ)

- ‌فصل (في المسابقة)

- ‌فصل (في العارية)

- ‌فصل (في الغصب)

- ‌فصل (في تصرفات الغاصب وغيره)

- ‌فصل (في الشفعة)

- ‌فصل (في الوديعة)

- ‌فصل (في إحياء الموات)

- ‌فصل (في الجِعالة)

- ‌فصل (في اللقطة)

- ‌فصل (في الوقف)

- ‌فصل (في الهبة)

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل (في الموصى إليه)

- ‌كتاب الفرائض

- ‌فصل (في الجد مع الإخوة)

- ‌فصل (في الحجب)

- ‌فصل (في التعصيب)

- ‌فصل (في التأصيل والعول والرد)

- ‌فصل في ذوي الأرحام

- ‌فصل (في ميراث الحمل)

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل (في أركان النكاح وشروطه)

- ‌فصل (في المحرمات في النكاح)

- ‌فصل (في الشروط في النكاح)

- ‌فصل (في العيوب في النكاح)

- ‌باب الصداق

- ‌فصل في الوليمة

- ‌فصل (في عشرة النساء)

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل (في تعليق الطلاق)

- ‌فصل (في الرجعة)

- ‌فصل (في الإيلاء)

- ‌فصل (في الظهار)

- ‌فصل (في اللعان وما يلحق من النسب)

- ‌باب العِدَد

- ‌فصل (في الرضاع)

- ‌باب النفقات

- ‌فصل (في نفقة الأقارب والمماليك والبهائم)

- ‌فصل (في الحضانة)

- ‌كتاب الجنايات

- ‌فصل (في شروط القصاص)

- ‌فصل (في العفو عن القصاص والقود فيما دون النفس)

- ‌فصل (في الديات)

- ‌فصل (في مقادير ديات النفس)

- ‌فصل (في ديات الأعضاء ومنافعها والشجاج)

- ‌فصل (في العاقلة(1)والقسامة)

- ‌كتاب الحدود

- ‌فصل (في حد المسكر)

- ‌فصل (في القطع في السرقة)

- ‌فصل (في حد قطاع الطريق(1)وفي البغاة)

- ‌فصل (في المرتد)

- ‌فصل (في الأطعمة)

- ‌فصل (في الذكاة)

- ‌فصل (في الصيد)

- ‌باب الأيمان

- ‌فصل (في كفارة اليمين وجامع الأيمان)

- ‌فصل (في النذر)

- ‌كتاب القضاء

- ‌فصل (في الدعاوى والبينات)

- ‌فصل (في القسمة)

- ‌كتاب الشهادات

- ‌فصل (في عدد الشهود)

- ‌فصل (في الشهادة على الشهادة)

- ‌كتاب الإقرار

الفصل: ‌كتاب البيع(1)وسائر المعاملات

‌كتاب البيع

(1)

وسائر المعاملات

ينْعَقدُ: بمعاطاةٍ

(2)

،

وبإيجابٍ

(1)

البيع لغة: دفع عوض وأخذ معوض، مأخوذ من الباع؛ لأن كلاً من المتبايعين يمد يده عند البيع. وهو اصطلاحاً: مبادلة مال ولو في الذمة أو منفعة مباحة بمثل أحدهما - أي: المال أو المنفعة - على التأبيد غير ربا وقرض، وهو التعريف الذي ذكره الحجاوي في الزاد والإقناع. وقوله: على التأبيد: أخرج به الإجارةَ.

والبيعُ جائز بالقرآن والسنة والإجماع، فقد قال تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة، 275]، وفي الحديث:«البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» ، متفق عليه.

(تتمة) أركان البيع ثلاثة: العاقدان، والمعقود عليه، والصيغة المعقود بها.

(2)

ينعقد البيع بأحد أمرين: (الصيغة الفعلية) المعاطاة، والمراد بها: المناولة - كما في المطلع -، سواء كانت المعاطاة من البائع والمشتري، أو من أحدهما، أي: والكلام من الآخر. ومثال المعاطاة من الطرفين: أن يدخل شخص محلاً فيأخذ خبزاً، ويضع ريالاً عند البائع، ثم ينصرف.

(تنبيه) ذكر في الإقناع لصحة المعاطاة: الفورية بين القبض والإقباض، فقال:(ويعتبر في المعاطاة معاقبة القبض أو الإقباض للطلب)، قال البهوتي:(وظاهره أن التأخير في المعاطاة مبطل ولو كان بالمجلس، لم يتشاغلا بما يقطعه؛ لضعفها عن الصيغة القولية)، بخلاف الصيغة القولية، فيجوز التراخي حتى يتفرقا من المجلس أو يتشاغلا بما يقطعه كما سيأتي. (فرق فقهي)

ص: 329

وَقبُولٍ

(1)

، بسبعةِ شُرُوطٍ:

(1)

الأمر الثاني الذي ينعقد به البيع هو: (الصيغة القولية) الإيجاب والقبول. والإيجاب: هو اللفظ الصادر من البائع كقوله: بعتك ونحوه، والقبول: هو اللفظ الصادر من المشتري، كقوله: قبلت ونحوه. وإن تقدم القبول على الإيجاب صح بشرط: أن يكون القبول بلفظ الأمر كأن يقول المشتري: بعني؛ فيقول البائع: بعتكه، أو بلفظ الماضي المجرد عن الاستفهام كأن يقول المشتري: اشتريت منك؛ فيقول البائع: بعتك؛ فيصح فيهما.

(تتمة) يشترط لصحة الصيغة القولية (الإيجاب والقبول):

1 -

أن يكون القبول على وفق الإيجاب في النقد، والقدر، والحلول، والتأجيل؛ فلو قال البائع: بعتك بمئة، فقال المشتري: قبلت بخمسين، لم يصح.

2 -

أن لا يتشاغل العاقدان بما يقطع البيع عرفاً، ككلامهما بين الإيجاب والقبول بما لا يتعلق بالعقد.

3 -

اتصال القبول بالإيجاب ولو مع التراخي ما داما في المجلس، فإن تفرقا قبل إتمامه بطل.

ويصح البيع بالهاتف، كما يستفاد من كلام الإقناع؛ لإنه صحح العقد بالكتابة فبالهاتف أولى بشرط التحقق من الأصوات. أما البيع بالكتابة، فقد نص صاحب الإقناع - وتابعه الغاية - على جوازه وصحته - قلت: ولعله فيما يصح السلم فيه، وإلا فلا يصح -، ومثاله: أن يكتب البائع في بلد ما: بعتك سيارة كذا بثمن كذا، فإذا وصلت الرسالة إلى المشتري يقول: قبلت؛ لكن البهوتي اعترض على الإقناع في الكشاف: (بأن ظاهر كلام الأصحاب خلافه؛ لأن الاتصال شرط، وهو ينتهي بالتفرق قبل القبول، وبالمراسلة ينقطع القبول عن الإيجاب، وظاهر المنتهى عدم صحته)، وقال ابن عبدالهادي في زينة العرائس 1/ 350:(البيع لا يصح بالكتابة بلا خلاف فيه، والله أعلم). (مخالفة)

ص: 330

الرِّضَا مِنْهُمَا

(1)

، وَكَونُ عَاقدٍ جَائِزَ التَّصَرُّف

(2)

، وَكَونُ مَبِيعٍ مَالاً وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ

(3)

،

وَكَونُه مَمْلُوكاً لبَائِعِه أو مأذوناً لَهُ

(1)

شروط صحة البيع سبعة: (الشرط الأول) الرضا منهما، أي: من المتعاقدين؛ للحديث: «إنما البيع عن تراض» ، رواه ابن ماجه وابن حبان. ويستثنى: ما لو أُكره على البيع بحقٍّ كمن أكرهه حاكم على بيع ماله لوفاء دينه، فيصح.

(2)

(الشرط الثاني) كون العاقد جائز التصرف، وهو: الحر المكلف الرشيد. أما السفيه والصغير - ولو غير مميز - فلا يصح البيع منهما إلا في حالتين: (الحالة الأولى) إذا كان في شيء يسير كرغيف ونحوه ولو من غير مميز، ولو لم يأذن له وليه، أو (الحالة الثانية) إذا أذن له وليه في المال، فيصح بيعه في القليل والكثير؛ لكن قالوا: ويحرم على وليه إذنه للمميز بلا مصلحة. فإن أذن بلا مصلحة فتَصَّرَفَ الصبي، فهل يصح؟ في الغاية: يصح ويضمن الولي، ووافقاه، وقال النجدي: يحرم ولا يصح. (مخالفة)

(3)

(الشرط الثالث) كون المبيع مالاً، والمال في المذهب: ما يباح نفعه مطلقاً من غير حاجة ولا ضرورة، وهو إما عين كسيارة، أو منفعة كممر في دار.

أما العين، فيشترط فيها شرطان: 1 - أن يكون فيها منفعة، فأخرج ذلك ما لا منفعة فيه كالحشرات، 2 - وأن تكون المنفعة مباحة مطلقاً، أي في جميع الأحوال من غير حاجة ولا ضرورة، فلا تباح في حال دون حال. أما الكلب فلا يسمى مالاً؛ لأنه لا يباح اقتناؤه إلا لحاجة صيد، وماشية، وزرع فقط. وكذا جلد الميتة على المذهب لا يباح استعماله إلا في اليابسات بعد دبغه، فليس مالاً ولا يجوز بيعه.

وأما المنفعة، فيشترط: كونها مباحة، ويمثِّلون لها ببيع منفعة الممر في الدار، ومنفعة ممر الماء على سطح البيت، فيجوز بيع ذلك، ومثله لو اشترى منفعة مرور أسلاك كهربائية مثلاً في أرضه، ونحو ذلك.

ص: 331

فِيهِ

(1)

،

وَكَونُه مَقْدُورًا على

(1)

أي: وقت العقد؛ فيشترط أن يكون مالكاً للمبيع وقت العقد، وهذا (الشرط الرابع). وإنما قُيد بوقت العقد؛ لإخراج بيع الفضولي، وهو الذي يبيع ملك غيره بلا إذنه، فلا يصح بيعه، حتى لو أذن له صاحبه فيما بعد؛ لأنه ليس مالكاً للمال وقت العقد ولا مأذوناً له فيه، وفي الحديث:«لا تبع ما ليس عندك» ، رواه الأربعة. أما قوله: مأذوناً له: أي: يشترط لصحة البيع - إذا لم يكن مالكاً للمبيع وقت العقد - أن يكون مأذوناً له، ومثاله إِذْنُ المالك للوكيل، وإذن الشارع لولي الصغير، وناظر الوقف.

(تتمة) هناك أشياء لا تُملك، ولا يصح بيعها على المذهب:

1 -

الأراضي التي فتحت عنوة كمصر والشام والعراق، فهي موقوفة وتصح إجارتها، لكنها لا تُملك ولا يصح بيعها إلا إذا رأى الإمام مصلحة في بيع شيء منها.

2 -

رِباع مكة، وهي: المنازل، ودور الإقامة، وكل الحرم، وبقاع المناسك كمنى وعرفات ومزدلفة. فهذه لا تملك، ولا يصح بيعها، ولا إجارتها؛ لأنها موقوفة على جميع المسلمين. ومن أَجبر غيرَه على الإجارة، فالإثم عليه.

3 -

الأوقاف التي لا يزال نفعها باق، فلا يصح نقل الملك فيها، وتصح إجارتها.

4 -

الماء العِدّ الذي له مادة لا تنقطع، فلا يملك حتى مِن مالك الأرض. والناس شركاء فيه قبل حيازته، أي: ما دام في البئر أو العين أو الأرض، لكن لا يجوز لهم دخول الأرض بغير إذن مالكها. أما من حاز هذا الماء في خزان مثلاً، فإنه يملكه.

5 -

المعادن الجارية كالنفط والبترول، فلا تُملك بملك الأرض؛ لكنها تُملك بالحيازة.

ص: 332

تَسْلِيمِه

(1)

، وَكَونُه مَعْلُوماً لَهما بِرُؤْيَةٍ أو صفةٍ تَكْفِي فِي السَّلمِ

(2)

، وَكَونُ ثمنٍ مَعْلُوماً

(3)

، فَلَا يَصح بِمَا يَنْقَطِع بِهِ

(1)

(الشرط الخامس) كون المبيع مقدوراً على تسليمه. ويستثنى منه: المغصوب، فيجوز بيعه لغاصبه، أو لقادر على تخليصه من الغاصب.

(2)

(الشرط السادس) كون المبيع معلوماً للمتعاقدين، وذلك بأحد أمرين: 1 - إما برؤية تحصل بها معرفة المبيع مقارِنَة للعقد - بأن لا تتأخر عنه إما لجميعه كوجهيْ ثوب منقوش أو لبعض مبيع يدل على بقيته كأحد وجهيْ ثوب غير منقوش -، أو قبله بيسير بحيث لا يتغير.

2 -

وإما بالصفة، لكن لا يصح البيع بالصفة إلا فيما يصح فيه السلم؛ ليمكن ضبط صفاته.

(تتمة) إن وجد المشتري ما وُصف له أو تقدمت رؤيته متغيراً، فله الفسخ.

(3)

حال العقد، وهذا (الشرط السابع): والعلم بالثمن يكون بالرؤية أو الصفة على ما سبق تفصيله في الشرط السادس.

(تتمة) يصح البيع بالمشاهدة على المذهب - ولو لم يُعلم القدر - سواء كان ذلك في الثَّمن أو المثمن، ومثاله: أن يُخرج المشتري ريالات من جيبه ويقول للبائع: أشتري هذه السيارة بهذه الريالات التي تراها ولا يعلم عددها، ويرضى البائع، فيصح العقد. ويُرجع مع تعذر معرفة قدر الثمن في فسخٍ بقيمة مبيعٍ إذن؛ لأن الغالب أن الشيء يباع بقيمته. وكذا يصح لو قال البائع: بعتك هذا القطيع من الغنم، والمشتري لا يعلم عدد الغنم الذي فيه ويشتري كل القطيع، فيصح.

ص: 333

السّعرُ

(1)

.

وإن بَاعَ مشَاعاً بَينه وَبَين غَيره، أو عَبدَه وَعبدَ غَيره بِغَيْر إذن، أو عبداً وحراً، أو خَلًّا وخمراً صَفْقَة وَاحِدَة، صَحَّ فِي نصِيبه وَعَبده والخل

(1)

ولهذا اشترطت معرفة الثمن وقت العقد، فلا يصح بما ينقطع به السعر، ومثاله: أن يتبايعا على سلعة، ويتم العقد، ويتفقا على أن الثمن هو أعلى ما تصل إليه بعد عرضها للسوم، فلا يصح هذا العقد عند الحنابلة؛ لأن الثمن مجهول حين العقد.

(تتمة) يصح بيع المزايدة - والمعروف عندنا بالبيع بالحراج -، وهو أن يعرض مالك السلعة سلعته في السوق، فيقول الأول: أشتريها بمئة، ثم يقول الثاني: أشتريها بمئة وخمسين ونحو ذلك، حتى إذا سيمت بسعر يرتضيه مالكها باعها بذلك السعر. وهذا سوم جائز؛ لأن العقد وُجد بعد رضا البائع والمشتري بأعلى سعر وصل إليه السوم، بخلاف البيع بما ينقطع به السعر، فيكون العقد قد تم قبل أن يعرض المبيع ويعلم ثمنه. (فرق فقهي)

ص: 334

بِقسْطِهِ

(1)

، ولمشترٍ الْخِيَار

(2)

.

(1)

هذه المسائل مشهورة في المذهب بمسائل تفريق الصفقة. وتفريق الصفقة اصطلاحاً: أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح بيعه صفقة واحدة، أي: في عقد واحد، بثمن واحد.

ومسائل تفريق الصفقة لها ثلاث صور، ذكر الماتن منها صورتين:

(الأولى) أن يبيع مشاعاً بينه وبين غيره كدار بخمسين مثلاً، ولم يميز - من هذه الخمسين - قدر الثمن الذي يقابل النصيبَ الذي يملكه من هذا المشاع.

(والثانية) أن يبيع عبده وعبد غيره بغير إذنه، أو عبداً وحراً، أو خلًا وخمراً، بخمسين مثلاً، ولم يميز - من هذه الخمسين - قدر الثمن الذي يقابل عبده، أو العبد، أو الخل.

ويمكن أن يعبَّر عنهما: ببيع جميع ما يملك بعضَه: فالصورة الأولى: أن يكون المبيع مشاعاً. والمشاع: هو معلوم القدر مجهول العين؛ فلو اشترك اثنان في أرض مثلاً، كلُّ واحد منهما يملك نصفاً غير محدد منها، فباع أحدُهما جميعَ الأرض بلا إذن الآخر بأربعين ألف ريال مثلاً، فيصح في نصيب البائع بقسطه، أي: عشرين ألف ريال. أما الصورة الثانية: فهي أن يبيع جميع ما يملك بعضه، لكنه غير مشاع، فمن باع عبده وعبد غيره بغير إذنه، أو عبداً وحراً في عقد واحد صح البيع في عبده بقسطه من الثمن.

والقسط: النصيب والحصة، كما في المطلع. وسنبيِّن كيفية استخراج القسط في خيار العيب إن شاء الله.

(2)

أي: إذا علم المشتري أن الأرض مشاعة بين البائع وغيره، أو أن العبد ليس ملكاً للبائع، فله الخيار بين الإمساك والرد؛ بشرط أن يجهل الحال وقت العقد، كما في الإقناع، وإلا فلا خيار له؛ لدخوله فيه على بصيرة.

ص: 335

وَلَا يَصح

(1)

بِلَا حَاجَة بيعٌ وَلَا شِرَاءٌ مِمَّن تلْزمهُ الْجُمُعَةُ بعد ندائِها الثَّانِي

(2)

وَتَصِح سَائِرُ الْعُقُود

(3)

،

وَلَا بيعُ عصيرٍ أو عِنَب لمتخذه خمراً

(4)

،

(1)

سيذكر الماتن البيوع المنهي عنها، وكل هذه المسائل مبنية على قاعدة:(النهي يقتضي فساد المنهي عنه)، وهي قاعدة أصولية توسع فيها الحنابلة.

(2)

هذا لفظ المنتهى، لكن لفظ الإقناع أَولى حيث قال:(بعد الشروع في ندائها)، فالتحريم يبدأ من وقت الشروع في الأذان، قال الله تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة، 9]، والنهي يقتضي الفساد. والمقصود بالنداء الثاني: الذي تعقبه الخطبة؛ فيحرم البيع والشراء ممن تلزمه الجمعة - بنفسه أو بغيره - بعد نداء الجمعة الثاني - وكذا قبل النداء لمن منزله بعيد بحيث يدركها إذا سعى لها -: إذا كان البائع والمشتري، أو أحدهما - أي: تلزم أحدهما والآخر لا تلزمه - ممن يريد الصلاةَ مع إمام ذلك المسجد. ويستمر التحريم إلى انقضاء الصلاة. ويستثنى: إذا كان ثَم حاجة، أو ضرورة للبيع والشراء، فيجوز ويصح؛ كما لو احتاج عريان لسترة، أو اضطر إلى طعام أو شراب.

(3)

خص الحنابلة النهي بالبيع لكثرته، وتصح عندهم سائر العقود؛ لندرة وقوعها في ذلك الوقت، هذا الحكم الوضعي. أما الحكم التكليفي فمختلف فيه: فيرى البهوتي جوازَ هذه العقود كالإجارة والنكاح، بخلاف الكرمي - ووافقه الرحيباني، وخالفه الشطي - فيرى حرمتها اتجاهاً، مع اتفاقهما في الصحة. (خلاف المتأخرين)

(تتمة) تحرم المساومة والمناداة بعد النداء الثاني، وتحرم الصناعات كلها.

(4)

حتى لو كان المشتري ذمياً يعتقد حله، فيحرم ولا يصح بشرط أن يعلم أن الذي يشتريه سيتخذه خمراً. ولا يجوز أن يُؤتى بالأطعمة في نهار رمضان للعمال حتى لو اعتقدوا حل ذلك؛ لأن فيه إعانة على المعصية؛ لأنهم مخاطبون بفروع الشريعة.

(تتمة) ذكر الإقناع ضابطاً هو أَولى من هذه الأمثلة، فقال:(ولا يصح بيع ما قُصد به الحرام، فيدخل فيه بيع العصير لمتخذه خمراً .. ).

ص: 336

وَلَا سلَاحٍ فِي فتْنَة

(1)

، وَلَا عبدِ مُسلم لكَافِرٍ لَا يعْتق عَلَيْهِ

(2)

.

وَحرُم وَلم يَصح بَيْعه على بيع أخيه

(3)

، وشراؤُه على شِرَائِهِ

(4)

،

(1)

أي: لا يجوز ولا يصح بيع السلاح في الفتنة التي تحصل بين المسلمين، بشرط أن يعلم - ولو بقرائن - أن الذي يشتريه سيستخدمه في الفتنة، وهذا المذهب، وفي الإنصاف:(وقيل: أو ظنه، اختاره الشيخ تقي الدين .. قلت: وهو الصواب).

(2)

أي: لا يجوز، ولا يصح بيع عبد مسلم لكافر لا يعتق على المشتري الكافر. وضابط من يعتق عليه: كل امرأة لا يجوز أن يتزوجها من النسب - كأمه وأخته -، وكلُّ ذكرٍ لو قُدِّر أنه أنثى لا يجوز أن يتزوجها بسبب النسب؛ كالأخ يُقَدَّر أختاً، فلو اشتراه عتق عليه بمجرد الشراء.

(3)

للحديث: «لا يَبِع الرجل على بيع أخيه» ، متفق عليه، والنهي يقتضي الفساد. والتحريم مقيد - على المذهب - بزمن الخيارين: خيار المجلس وخيار الشرط، فلا يحرم بعدهما؛ لعدم قدرة العاقد على الفسخ، ومثل البيع: الإجارة.

(4)

فيحرم ولا يصح، ومثال ذلك: أن يرى شخصاً يشتري سلعة بثمن معين، فيأتي البائع فيقول له: اشتري منك تلك السلعة بأكثر مما أعطاك فيها.

ص: 337

وسومُه على سومه

(1)

.

(1)

فهو محرم في البيع والإجارة؛ للنهي الوارد في الحديث: «لا يسم المسلم على سوم أخيه» ، رواه مسلم. ويشترط في التحريم: أن يكون بعد الرضا الملفوظ الصريح من البائع أو المشتري لا بعد رد. ومثاله: أن يسوم شخص سلعة، فيقول للبائع: هل تبيع هذه السلعة بمئة؟ فيقول: نعم؛ ثم قبل أن يُتما البيع يقول شخص آخر للبائع: هل تبيعها لي بمئة وعشرين؟ ليعقد معه، فيحرم، وهذا الحكم التكليفي. أما الحكم الوضعي: فالبيع صحيح؛ لأن النهي في السوم لم يرد على العقد، بل على أمر خارج عنه، بخلاف النهي في البيع على بيع الغير؛ فإن العقد محرم لورود النهي عليه. (فرق فقهي) وفي نسخة مضبوطة بخط الماتن:(وحرم سومه على سومه) وهي تفيد تحريم السوم على سوم المسلم فقط.

ويستثنى من تحريم السوم على سوم المسلم: حال المناداة - والمعروف عندنا ببيع الحراج -؛ قال في الإقناع وشرحه: ((وهو، أي: السوم الذي يحرم معه السوم من الثاني (أن يتساوما في غير) حال (المناداة) حتى يحصل الرضا من البائع (فأما المزايدة في المناداة فجائزة) إجماعاً؛ فإن المسلمين لم يزالوا يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة).

ص: 338