الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في شروط الصلاة)
شُرُوط صِحَة الصَّلَاة سِتَّة
(1)
:
طَهَارَةُ الْحَدث
(2)
وَتَقَدَّمت، وَدخُولُ الْوَقْت، فوقتُ الظّهْرِ من الزَّوَالِ حَتَّى يتساوى مُنتصِبٌ وفَيْؤُهُ سوى ظلِّ الزَّوَال
(3)
، ويليه الْمُخْتَارُ للعصر حَتَّى
(1)
وعدَّها الإقناع والمنتهى وغيرهما تسعة بزيادة: الإسلام، والعقل، والتمييز، وهي شروط لكل عبادة إلا الحج فيصح من غير المميز.
(2)
أي: الأكبر والأصغر.
(3)
الزوال: ابتداء طول الظل أو الفيء بعد تناهي قصره، والفيء: الظل بعد الزوال، فإذا طلعت الشمس من المشرق خرج لكل شيء ظلٌ جهةَ المغربِ حتى تستوي في وسط السماء، فإذا زالت الشمس عن وسط السماء بدأ الظل يزيد ومن هنا دخل وقت الظهر. والظل الذي يعود في جهة المشرق إذا زالت الشمس جهة المغرب يسمونه فيئاً أي: رجوع الظل. وظل الزوال: هو الظل الصغير الذي يوجد وقت استواء الشمس في وسط السماء، فلا يعتبر في دخول وقت الظهر ولا في خروجه، فالدخول يكون بزيادة الظل بعد ظل الزوال، والخروج يكون بتساوي طول المنتصب - ككأس وقلم - مع فيئه، ولا يحسب منه ظل الزوال.
يصيرَ ظلُّ كلِّ شَيْءٍ مثلَيْهِ سوى ظلِّ الزَّوَالِ
(1)
،
والضرورةُ إلى الْغُرُوبِ
(2)
، ويليه المغربُ حَتَّى يغيبَ الشَّفقُ الأحمرُ
(3)
،
ويليه الْمُخْتَارُ للعشاء إلى ثلث
(1)
هذا الوقت المختار، والأصل فيه حديث إمامة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم حيث صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، وفي اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثليه، ونقل الترمذي عن البخاري أن هذا أصح شيء في المواقيت. والرواية الثانية عن الإمام أحمد: استمرار وقت العصر إلى اصفرار الشمس لحديث ابن عمرو: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» رواه مسلم، وهو أطول من الوقت الأول. وعلى هذه الرواية، فإن وقت الاضطرار يبدأ إذا اصفرت الشمس. وذكر الإقناعُ هذه الرواية - بعد ذكره للمذهب -، واختارها الموفق والمجد، وقال صاحب الفروع:(اختاره جماعة، وهي أظهر) انتهى.
(فائدة) قيل: اصفرار الشمس يكون قبل الغروب بنصف ساعة تقريباً.
(2)
أي: وقت الضرورة من حين يصير ظلُّ كل شيء مثليه إلى الغروب، ولو وقعت الصلاة في هذا الوقت كانت أداءً، وهو وقت مختص بمن له ضرورة فقط كحائض طهرت، وصبي بلغ، ومجنون أفاق، ونائم استيقظ، ومريض برأ، وذمي أسلم، وكذلك خباز، أو طباخ، أو طبيب فصد، وخشوا تلف ذلك، قاله الزركشي. ويحرم تأخير الصلاة إلى وقت الضرورة من غير ضرورة لحديث:«تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» رواه مسلم، فالذم على التأخير يقتضي التأثيم، كما قاله التنوخي في (الممتع شرح المقنع).
(3)
يمتد وقت المغرب من كمال غياب قرص الشمس إلى غياب الشفق الأحمر، والمراد به: الحمرة المعترضة في السماء. وفي الشرح الممتع لابن عثيمين أنه يتراوح ما بين ساعة وربع، إلى ساعة ونصف وثلاث دقائق تقريباً بعد الغروب. ولذلك فالتقويم عندنا في السعودية يجعلون مدة الوقت بين العشائين ساعةً ونصفًا يومياً.
(تتمة) والمغرب له وقتان، قال في الإنصاف: على الصحيح من المذهب، وقال في الإقناع: ولها وقتان، وقت اختيار وهو إلى ظهور النجوم، وما بعده وقت كراهة، انتهى. وهذا هو المذهب، وإن لم يذكره المنتهى؛ للقاعدة: كل مسألة زادها الإقناع أو المنتهى على الآخر فهي المذهب، لا سيما وأن أصلها الإنصاف.
اللَّيْل الأول
(1)
، والضرورةُ إلى طُلُوع فجرٍ ثَانٍ
(2)
، ويليه الفجرُ إلى
(1)
لحديث إمامة جبريل عليه السلام. والرواية الثانية في المذهب - وذكرها في الإقناع -: أن المختار إلى نصف الليل لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً عند مسلم: «ووقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط» ، واختارها ابن عثيمين وقبله الموفق ابن قدامة والمجد وجمع، وقال في الفروع: هي أظهر.
(2)
جمهور العلماء على أن وقت العشاء إلى طلوع الفجر الثاني. وذكر ابنُ النجار في شرحه على المنتهى قولا آخر: أن وقت العشاء إلى منتصف الليل، واختاره ابن عثيمين لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. ولم أقف على دليل صريح لقول الجمهور إلا ما ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وحديث أبي قتادة عند مسلم:«ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى» ؛ فقالوا: لا يخرج وقت صلاة إلا بدخول وقت الأخرى إلا الفجر، فيخرج وقتها بطلوع الشمس بالإجماع.
الشروق
(1)
.
وتُدْرَكُ
(2)
مَكْتُوبَةٌ بإحرامٍ فِي وَقتِهَا
(3)
، لَكِن يحرم تأخيرُها إلى وَقتٍ لَا يَسعُهَا
(4)
، وَلَا يُصَلِّي حَتَّى يتيقنَه، أو يغلِبَ على ظَنّه دُخُولُه إن عجز عَن الْيَقِين، وَيُعِيد إن أَخطَأ
(5)
. وَمن صَار أهلا لوُجُوبهَا قبل خُرُوج وَقتهَا
(1)
لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما السابق: «وقت الفجر ما لم تطلع الشمس» . وللفجر وقت واحد على الصحيح من المذهب. وذكر صاحبُ الإقناع للفجر وقتين: وقت اختيار ووقت كراهة، فوقت الاختيار من طلوع الفجر إلى الإسفار، ووقت الكراهة من الإسفار إلى طلوع الشمس. ونسبه الزركشي في شرح الخرقي للقاضي في المجرد وابن عقيل في التذكرة وابن عبدوس، ولم يذكره المنتهى ولا الإنصاف؛ بل تعقب البهوتي الإقناع، وذكر أن مقتضى كلام الأكثر أنه لا يوجد وقت كراهة للفجر، فلذلك لا يكون قوله هنا هو المذهب.
(2)
قال ابن النجار في شرحه للمنتهى: ومعنى إدراك الأداء: هو بناء ما خرج منها عن الوقت على تحريمة الأداء في الوقت، ووقوعه موقعه في الصحة والإجزاء، وسواء لعذر أو لغير عذر، انتهى.
(3)
كل الصلوات تدرك أداءً بتكبيرة الإحرام في وقتها، كمن كَبَّر للعصر قبل الغروب، أو للجمعة قبل دخول وقت العصر؛ فالقاعدة: أن الإدراك في الوقت يكون دائماً بتكبيرة الإحرام. وكذا إدراك الجماعة يكون أيضاً بتكبيرة الإحرام إلا في صلاة الجمعة، فلا يكون إدراكها إلا بإدراك الركوع.
(4)
أي: لا يسع فعل كل الصلاة فيه.
(5)
جعلوا هنا غلبةَ الظن في درجة اليقين، بينما في مسائل أخرى جعلوها في درجة الشك، فإذا صلى بغلبة الظن ثم تبين خطؤه صارت نفلا، ولزمه أن يعيد الصلاة في وقتها.
بتكبيرةٍ لَزِمته وَمَا يُجمَعُ إليها قبلهَا
(1)
. وَيجبُ فَوْرًا قَضَاءُ فوائت مُرَتَّباً مَا لم يتَضَرَّر أو ينسَ أو يخش فَوتَ حَاضِرَةٍ أو اخْتِيَارِهَا
(2)
.
(1)
فلو أن صبياً بلغ، أو حائضاً طهرت قبل الغروب بمقدار تكبيرة الإحرام - كخمس ثوان مثلاً - ثم أذن المغرب، وجب عليهما قضاء العصر وما يجمع إليها قبلها - أي الظهر -. فإن لم يوجد ما يجمع إليها قبلها كالفجر، فلا يقضيان إلا الفجر. أما لو أُذن للظهر وأدركت المرأة خمس ثوان ثم أتاها الحيض، قضت الظهر فقط لا العصر. (فرق فقهي)
(2)
دليل وجوب الفورية: حديث: «فليصلها إذا ذكرها» متفق عليه .. وقوله: (ما لم يتضرر): يعود على الفورية، وقوله:(أو ينس): يعود على الترتيب، فلو صلى العصر مثلاً ناسياً أن عليه الظهر حتى فرغ من العصر ثم ذكر الظهر، فعليه أن يصلي الظهر فقط. لكن لو ذكرها وهو في الصلاة، وجب عليه قطعها والإتيان بالظهر ثم العصر؛ لوجوب الترتيب وهذا في حق الإمام، وأما المأموم والمنفرد فيتمها نفلا ثم يستأنف. (فرق فقهي). وقوله:(أو يخش فوت حاضرة أو اختيارها): يعود على الفورية والترتيب. وتلخيص مستثنيات الفورية والترتيب ما يلي:
يستثنى من الفورية ثلاث صور: 1 - إذا حضر لصلاة عيد، فيكره له قضاء الفوائت بموضعها؛ لئلا يقتدى به، 2 - إذا تضرر في بدنه أو ماله أو معيشة يحتاجها، 3 - إذا خشي فوت حاضرة أو فوت وقت اختيارها.4 - إذا كان التأخير لغرض صحيح كانتظار رفقة، أو جماعة لها.
ويستثنى من الترتيب صورتان: 1 - إذا نسي الترتيب بين الفرائض حال قضائها، أو بين حاضرة وفائتة حتى فرغ من الحاضرة، 2 - إذا خشي فوت الحاضرة أو فوت وقت اختيارها، فيقدم الحاضرة، فإن قدم الفائتة مع خشية فوت الوقت، صحت مع الإثم.
(تتمة) لا يسقط الترتيب على المذهب بخوف فوات الجماعة إلا في صلاة الجمعة؛ لأنها لا تقضى، وذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى سقوط الترتيب إذا خشي فوات الجماعة مطلقاً جمعة أو غيرها.
الثَّالِث: سترُ العَوْرَة، وَيجب حَتَّى خَارِجهَا وَفِي خَلوَةٍ وظُلمةٍ بِمَا لَا يصفُ الْبشرَة
(1)
.
وعورةُ رجلٍ وحرةٍ مُرَاِهَقةٍ وأمةٍ مَا بَين سُرَّةٍ ورُكْبَةٍ، وَابْنِ سبعٍ إلى عشرٍ الفرجانِ، وكلُّ الْحرَّةِ عَورَةٌ إلا وَجهَهَا فِي الصَّلَاةِ
(2)
.
(1)
العورة لغة: النقصان والشيء المستقبح، واصطلاحاً: سوأة الإنسان، وكل ما يستحيى منه. فيجب سترها عن النظر حتى عن نفسه، ويجب سترها حتى خارج الصلاة، وفي خلوة وظلمة. والستر يكون بما لا يصف لون البشرة، ويكون من جميع الجهات إلا الأسفل، فلا يجب ستره.
(2)
العورة ثلاثة أقسام: 1 - عورة الرجل، وابن عشر إلى قبيل البلوغ، والأمة، والحرة المراهقة - أي: قاربت البلوغ ولم تبلغ - والمميزة، فعورتهم ما بين السرة والركبة وليستا منها، قالوا: ويستحب استتار الأمة والحرة المراهقة والمميزة كالحرة البالغة. 2 - عورة ذكر ابن سبع إلى عشر، فعورته الفرجان؛ لأنه دون البالغ. 3 - عورة الحرة، فهي كلها عورة إلا وجهها فليس بعورة في الصلاة، لكن لا تكشفه عند وجود الرجال الأجانب.
وَمن انْكَشَفَ بعضُ عَوْرَتِهِ وفَحُش
(1)
أو صلى فِي نجسٍ أو غصبٍ ثوباً أو بقْعَةً أعاد، لَا من حُبِس فِي مَحلٍّ نجسٍ أو غصبٍ لَا يُمكنهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ
(2)
.
(1)
الفاحش هنا: ما يفحش عرفاً في النظر، فيوجب إعادة الصلاة، مع تفصيل فيه.
(2)
الثياب التي نهي عن الصلاة فيها على - على المذهب -ثلاثة:
1 -
الثوب النجس: تجب إعادة الصلاة على من صلى في ثوب نجس ولو ناسيًا أو جاهلًا؛ لأن النجاسة لا يعفى عنها في الصلاة. ولا يجوز أن يصلّي عريانًا مع وجوده، فإن فعل أعاد وجوباً، ويلزمه أن يصلّي فيه لعدم غيره، ويعيد وجوباً.
2 -
ثوب الحرير: إن صلّى فيه عالماً ذاكراً مع وجود غيره أعاد وجوباً، وإن عَدم غيره صلّى فيه وجوباً ولا إعادة.
3 -
الثوب المغصوب: لا يجوز أن يصلّي فيه ولو عدم غيره، بل يلزمه أن يصلّي عرياناً ولا إعادة، فإن صلّى فيه أعاد وجوباً بشرط كونه ذاكراً عالماً أنه مغصوب، وإلا لم يعد.
أما البقاع: فلو صلى في بقعة مغصوبة كدار لم تصح صلاته؛ لأن النهي عندنا يقتضي الفساد والتحريم. ولو صلى في بقعة نجسة لزمه أن يعيد إلا إن حبس في مكان نجس أو مغصوب لا يستطيع الخروج منه، فيلزمه أن يصلي ولا إعادة.
الرَّابِع: اجْتِنَابُ نَجَاسَةٍ غيرِ مَعْفُوٍ عَنْهَا
(1)
فِي بدنٍ وثوبٍ وبقعةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ
(2)
.
وَمن جَبَرَ عَظْمَهُ أو خاطَه بِنَجِس وتضرر بقلعه لم يجبْ، وَيتَيَمَّم إن لم يغطِّه اللَّحْمُ
(3)
. وَلَا تصح بِلَا عذرٍ فِي مَقْبرَةٍ وخلاءٍ وحمامٍ وأعطانِ إبلٍ، ومجزرةٍ، ومزبلةٍ، وقارعةِ طَرِيقٍ وَلَا فِي أسطحتِهَا
(4)
.
(1)
أما المعفوّ عنها، فلا يجب اجتنابها كالدم اليسير من حيوان طاهر في غير طعام وشراب، ويسير طين شارع تحققت نجاسته، وأثر الاستجمار في محله، والمتقاطر من البول لمن به سلس بعد كمال التحفظ. وذكر الإقناع عدة مسائل متعلقة بالنجاسات التي يعفى عن يسيرها.
(2)
والدليل على اشتراط طهارة الثوب: قوله تعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر، 4]. ودليل اشتراط طهارة البدن: حديث: «تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه» رواه الدارقطني. ودليل اشتراط طهارة البقعة: حديث الأعرابي الذي بال في المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصب على بوله ذنوبٌ من ماء، متفق عليه. والمراد بالبقعة: مواضع أعضاء السجود، فلا تبطل بكون ما يقابل صدره نجساً مثلاً مع طهارة مواضع السجود.
(تتمة) ذكر البهوتي في حاشيته على المنتهى أنه لا يجب في غير الصلاة اجتناب النجاسة في الأصح، وقد تقدم في الطهارة أنه لا يجب الاستنجاء على من قضى حاجته إلا إن أراد الصلاة.
(3)
فإن تضرر بقلعه لم يجب القلع، وإلا وجب، ويتيمم وجوباً إن لم يغطه اللحم، فإن غطاه فلا يجب التيمم ويغسل العضو كغيره من الأعضاء.
(4)
لا تصح الصلاة في هذه المواطن تعبداً، فلا يلحق بها غيرها: 1 - المقبرة: وهي مدفن الموتى، ولا بد أن يكون فيها ثلاثة قبور فأكثر وإلا صحت الصلاة، فلا يضر قبر ولا قبران، وفي الإنصاف:(وقيل: يضر، اختاره الشيخ تقي الدين، والفائق. قال في الفروع: وهو أظهر)، 2 - الخلاء: وهو ما أُعِد لقضاء الحاجة، قال في الإقناع:(فيمنع من الصلاة داخل بابه وموضع الكنيف وغيره سواء). فأما إن كانت غرفة في إحدى جوانبها حش ليس له باب أو مفتوحاً على الغرفة بلا جدران، فالظاهر تعلق النهي بموضع الكنيف؛ لأن الحش هنا تابع، والله أعلم (تحرير)، 3 - الحمام: يشبه الساونا، وهو موجود في بعض الدول كالمغرب وسوريا، 4 - أعطان الإبل: وهو المكان الذي تقيم فيه وتأوي إليه لا الذي ترعى فيه، 5 - المجزرة: وهو المكان المعد للذبح، وهل محل بيع اللحم الذي يسمى الآن ملحمةً مجزرةٌ؟ الظاهر: ليس مجزرة؛ لأنها لم تعد للذبح، بل لتقطيع اللحم وبيعه فقط، والله أعلم (تحرير)، 6 - المزبلة: وهو مرمى الزبالة، ولو كانت طاهرة، 7 - قارعة الطريق: لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: «سبع مواطن لا تجوز فيها الصلاة: ظهر بيت الله والمقبرة والمزبلة، والمجزرة، والحمام، ومعطن الإبل، ومحجة الطريق» رواه ابن ماجه والترمذي وقال: (ليس إسناده بالقوي) وفي المطلع: (قارعة الطريق: وسطه، وقيل: أعلاه، والمراد به هاهنا: نفس الطريق ووجهه)، وفي شرح المنتهى للبهوتي: (أي: محل قرع الأقدام من الطريق
…
سواء فيه سالك أو لا)، وفي الإقناع:(قارعة الطريق: ما كثر سلوكه سواء كان فيه سالك أو لا .. ولا بأس بما علا عن جادة الطريق يمنة أو يسرة نصا)، قلت: وسواء كان الذي يسلكه أناسي، أو سيارات، أو دراجات أو غيرها والله أعلم، 8 - أسطحة هذه المواطن؛ لأن الهواء تابع للقرار.
(تتمة) يستثنى من ذلك عدة مسائل: 1 - تصح صلاة الجنازة في المقبرة ولو قبل الدفن بلا كراهة، 2 - تصح صلاة الجمعة والجنازة والعيد في الطريق للضرورة بأن ضاق المسجد أو المصلى واضطُرُّوا للصلاة في الطريق للحاجة، 3 - تصح الصلاة على الراحلة في الطريق، وستأتي بإذن الله، 4 - إذا كان هناك عذر -كما لو حبس فيها -، كما ذكر المؤلف.
الْخَامِس: اسْتِقْبَالُ الْقبْلَةِ وَلَا تصح بِدُونِهِ إلا لعاجزٍ
(1)
ومتنفلٍ فِي سفرٍ مُبَاحٍ
(2)
. وَفرضُ قريبٍ مِنْهَا إصابةُ عيْنهَا، وبعيد جِهَتِهَا
(3)
. وَيعْمل وجوباً
(1)
كمريض يعجز عن استقبالها، والمربوط والمصلوب لغير القبلة، فيسقط عنهم الاستقبال.
(2)
فيستثنى من شرط استقبال المتنفل الراكب - ولو كان هو القائد - والماشي في سفر مباح ولو دون مسافة قصر، لا مكروه ولا محرم.
(تتمة) يلزم الراكب المتنفل في السفر افتتاحُ الصلاةِ إلى القبلة حسب الإمكان، وقبلتُهُ في سائر صلاته جهةُ قصدِهِ، ولو عدلت به السيارةُ أو الدابةُ عن جهة قصده ولم يُعدها لم تصح إلا إن عجز عن إعادتها، ويلزمه أيضا الركوع والسجود إن قدر وإلا أومأ بهما.
(3)
قوله: (قريب منها): أي: من الكعبة، وهو من يمكنه مشاهدتها أو وجد من يخبره عن يقين، ففرضه إصابة عينها ببدنه كله. وكذا على المذهب: المشاهد لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والقريبُ منه، ففرضه إصابة العين؛ لأن قبلته متيقنة لكونه صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ. ولا يضر النزول عن الكعبة أو العلو عنها. وفرض البعيد إصابة جهتها، والبعيد: هو الذي لا يمكنه مشاهدة الكعبة ولم يجد من يخبره عن يقين.
بِخَبَر ثِقَةٍ بِيَقِين، وبمحاريبِ الْمُسلمين
(1)
.
وإن اشتبهت فِي السّفرِ اجْتهد عَارِفٌ بأدلتِها وقَلَّد غَيرُه
(2)
.
وإن صلى بِلَا أحدهما مَعَ الْقُدْرَة قضى مُطلقًا
(3)
.
السَّادِس: النِّيَّةُ
(4)
فَيجب تعْيينُ
(1)
قوله: بخبر ثقة بيقين: أي: شخص متيقن ليس ظاناً ولا شاكاً، ويعمل وجوباً بمحاريب المسلمين بأن يتجه إلى حيث تتجه، والمحاريب جمع محراب وهو صدر المجلس ومنه سمي محراب المسجد والمحراب: الغرفة قاله في المطلع.
(2)
الاجتهاد يكون للعارف بأدلة القبلة، فيجتهد لكل صلاة، أما الذي لا يعرف علامات القبلة ومثله الأعمى، فإنه يقلد وجوبا عارفاً بأدلتها، فإن كان العارفون أكثر من واحد واختلفوا فيلزمه أن يتبع الأوثق عنده.
(تتمة) قوله: في سفر: يدل على أن الاجتهاد في البلد ممنوع، فلا بد أن ينظر إلى محاريب المسلمين، أو يسأل أهلَ البلد. ولو اجتهد أو أخبره ثقة وأخطأ أعاد كل الصلوات.
(3)
أي: لو صلى العارف بأدلة القبلة بلا اجتهاد مع قدرته عليه أعاد وجوبا سواء أخطأ أو أصاب، وكذا لو صلى غير المجتهد بلا تقليدِ عالمٍ بأدلة القبلة مع قدرته على تقليده أعاد الصلاة وجوبا أخطأ أو أصاب.
(4)
النية: القصد، وشرعاً: عزم القلب على فعل الشيء تقرباً إلى الله تعالى. ومحلها: القلب وجوبا. وشروطها: الإسلام والعقل والتمييز، وفي الكشاف:(وكيفيتها: الاعتقاد في القلب، قال في الاختيارات: النية تتبع العلم فمن علم ما يريد فعله قصده ضرورة). وزمنُها: أولُ العبادة أو قبيلها بيسير في الوقت، إلا الصيام فيصح أن ينويه بعد الغروب مع أنه يبدأ من الفجر الثاني.
مُعينَةً
(1)
، وَسُنَّ
(2)
مقارنتُها لتكبيرة إحرامٍ، وَلَا يضر تَقْدِيمهَا عَلَيْهَا بِيَسِير
(3)
.
وَشُرِط نِيَّةُ إمامةٍ وائتمامٍ
(4)
، ولمؤتمٍ انْفِرَادٌ
(1)
أي: من أراد أن يصلي فعليه أمران: أن ينوي فعل الصلاة، وأن يعين الصلاة إن كانت معينة كظهر وعصر ووتر وتراويح، فإن لم تكن معينة كالنفل المطلق أجزأته نية فعل الصلاة.
(2)
وعبارة الإقناع والمنتهى: والأفضل .. الخ، وهذا يدل على أنهم إذا عبروا بالأفضلية، فإنهم يعنون بها السنية، والله أعلم. (تحرير)
(3)
المقارنة هنا: أن يأتي بالتكبير عقب النية، وليس المراد: انبساط النية مع تكبيرة الإحرام، قاله البهوتي. ولا يضر تقديم النية على تكبيرة الإحرام بزمن يسير، وهو ما لا تفوت به الموالاة في الوضوء، ويشترط أن تكون النية بعد دخول الوقت.
(تتمة) يجب استصحاب حكم النية إلى آخر الصلاة بأن لا ينوي قطعها فقط. وتبطل نية الصلاة: بفسخها، وبالتردد في الفسخ، والعزم عليه، لا على فعل محظور.
ولو نوى قطع الصلاة بطلت صلاته، وليس له أن يقلبها نفلاً، بخلاف قطع نية الصوم، فله أن يستأنفه بالنية نفلاً بغير رمضان. (فرق فقهي)
وإن أتى بما يفسد الفرضَ فقط -كمن ترك القيام بلا عذر- انقلب نفلاً.
(4)
فيشترط للإمام أن ينوي الإمامة، ويشترط للمأموم أن ينوي الائتمام. ويشترط أن يكون ذلك من أول الصلاة، فلو صلى أحد منفرداً، ثم بعد تكبيرة الإحرام جاء رجل ليدخل معه، لم يصح أن يقلب نيته من منفرد إلى إمام.
(تتمة) مستثنيات هذه المسألة: 1 - إذا ظنَّ - لا إذا شك - مصل حضورَ مأمومٍ فنوى الإمامةَ صح الاقتداء به، وتبطل إن لم يحضر أحد ويدخل معه قبل رفعه من الركوع. 2 - إذا أحرم إمام الحيّ بمن أحرم بهم نائبه، فعاد النائب مأموماً صحَّ. 3 - لو سُبق اثنان ببعض الصلاة فنوى أحدهما الائتمام بالآخر صحّ، ولو لم يتفقا على هذا قبل الصلاة، ولو اختلف عدد الركعات التي فاتتهما والله أعلم.
لعذرٍ
(1)
،
وَتبطل صلَاتُه بِبُطْلَان صَلَاةِ إمامِه لَا عَكسُهُ إن نوى إمامٌ الِانْفِرَادَ
(2)
.
(1)
أي: لعذر يبيح ترك الجماعة كالخوف على الأهل أو المال، وغلبة النعاس، وتطويل الإمام، والمرض، وفوت الرفقة. فإن لم يكن له عذر وانفرد بطلت صلاته بمجرد مفارقته. ومحل إباحة المفارقة لعذر: أن يستفيد بمفارقة إمامه تعجيل لحوقه لحاجته قبل فراغ إمامه من صلاته، فإن كان لا يتميز انفراد المأموم عن إمامه بنوع تعجيل، لم يجز له الانفراد؛ لعدم الفائدة.
(تتمة): يقرأ مأموم فارق إمامه في قيام قبل أن يقرأ، أو يكمل على قراءة إمامه إن كان الإمام قرأ بعض الفاتحة (وهنا صحت الفاتحة من اثنين، وهي من المسائل الحسان)، وبعدها له الركوع في الحال.
(2)
إن نوى الإمام الانفراد بعد خروج المأموم. وهذا القيد: (إن نوى الانفراد): هو ما مشى عليه في الإقناع - وتابعه الغاية -، فيفهم منه: أنه إن لم ينو الانفراد واستدام الإمامُ نيةَ الإمامة، فإن صلاته تبطل. ومشى في المنتهى كالتنقيح - وهو المذهب - على أنه: لا يشترط هذا القيد، فلا تبطل صلاة إمام ببطلان صلاة المأموم سواء نوى الانفراد أم لم ينوه. (مخالفة الماتن)
وكذا لو كان مع الإمام أكثر من مأموم وبطلت صلاة أحدهم، لم تبطل صلاة الإمام. ولا يصح الاستخلاف من الإمام لغيره - على المذهب - إلا: لحدوث مرض، أو حدوث خوف، أو حدوث حصر له عن قول واجب كقراءة وتشهد وتكبير ونحوه، فيصح استخلافه ولو كانوا في السجود، ويصح في تلك الحالة أيضاً أن يستخلف مسبوقاً فيصلي بهم، ثم ينتظرونه إلى أن يتم صلاته، ثم يسلم بهم.