الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في الوديعة)
(1)
وَيُسن قَبُولُ وَدِيعَةٍ لمن يعلمُ من نَفسه الأمانةَ
(2)
، وَيَلزمُ حفظُهَا فِي حرزِ مِثلِهَا
(3)
. وإن عيَّنَهُ رَبُّهَا فأحرزَ
(1)
الوديعة لغة: من ودَع الشيء إذا تركه لتركها عند المودَع، وشرعاً: المال المدفوع إلى من يحفظه بغير عوض. والأصل فيها: قال البهوتي في الكشاف: (والإجماع في كل عصر على جوازها، وسنده قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: 58]، مع السنة الشهيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك»، رواه أبو داود والترمذي وحسنه، والمعنى يقتضيها؛ لحاجة الناس إليها). وهي عقد جائز من الطرفين، فإن أذن المالك للمدفوع في استعمالها فاستعملها صارت عارية مضمونة، كما في الإقناع. ويشترط لصحتها: كونها من جائز التصرف لمثله.
(2)
أي: يسن للمودَع قبول الوديعة إن علم أنه ثقة قادر على حفظ الوديعة، أما غير الثقة فيكره له قبولها. قال الشيخ منصور في الكشاف:(قال في المبدع: ويكره لغيره إلا برضا ربها انتهى قلت: ولعل المراد إعلامه بذلك إن كان لا يعلمه لئلا يغره)
(3)
الحِرْز: هو المكان الذي تحفظ فيه الأشياء حسب العرف؛ فيلزم المودَع حفظ الوديعة - بنفسه أو، وكيله، أو مَنْ يحفظ ماله عادة كزوجة - في المكان الذي تحفظ فيه عادة، فلو أُودع ذهباً حفظه في الصناديق المغلقة أو المصرف، لا في السيارة أو مجلس البيت.
بِدُونِهِ
(1)
أو تعدَّى
(2)
أو فرَّطَ
(3)
أو قطعَ عَلَفَ دَابَّةٍ عَنْهَا بِغَيْر قَولٍ ضَمِنَ
(4)
، وَيُقْبَلُ قَولُ مُودَعٍ فِي رَدِّهَا إلى رَبِّهَا
(5)
أو غَيرِه
(1)
أي: إن عيّن صاحبُها حرزاً فأحرزها المودَع في مكان أقل أمناً مما عينه صاحبها ضمنها إن تلفت؛ لكن لو حفظها في مثل الحرز الذي عينه أو أحرَزَ منه جاز، فلا يتعين عين الحرز وإنما يتعين جنسه.
(2)
مثل أن يُودَع ثوباً فيلبسه، أو دراهمَ فينفقها فإنه يصير ضامناً، وتعديه فيها محرم، ويشتد التحريم إن كان المال المنفَق من أوقاف المساجد مثلاً.
(تتمة) إن تعدى بانتفاعه بالوديعة ترتب عليه عدة أمور: 1 - تبطل الوديعة، 2 - تصير يده يد ضمان، 3 - يجب ردها فوراً، 4 - لا تعود وديعة إلا بعقد جديد.
(3)
أي: في الحفظ، وتقدم أن التعدي: هو فعل ما لا يجوز، والتفريط: هو ترك ما يجب.
(4)
أي: لو قطع المودَعُ العلفَ عن الدابة المودَعة عنده بغير قول المالك فماتت ضمنها. والنفقة على الوديعة تجب على المودِع، لكن إذا أنفق المودَعُ عليها بنية الرجوع رجع بشرط استئذان صاحبها، أو تعذُّر استئذانه وإلا لم يرجع.
(5)
لأنه أمين، ويده يد أمانة، فإن ادعى المودَع الرد قُبل قوله بيمينه، قال في شرح المنتهى:(لأنه لا منفعة له في قبضها، أشبه الوكيل بلا جُعل)، فيفهم منه أنه لو كان مودَعاً بجُعل من رب الوديعة فلا يقبل قوله في الرد إلا ببينة.
بِإِذْنِهِ
(1)
لَا وارثِهِ
(2)
، وَفِي تلفهَا
(3)
وَعدمِ تَفْرِيط وتعدٍّ
(4)
، وَفِي الإذنِ
(5)
.
وإن أودع اثنَانِ مَكِيلًا أو مَوْزُوناً يُقسَمُ فَطَلَبَ أَحدُهمَا نصِيبَه لغيبةِ شريكٍ أو امْتِنَاعِه سُلِّم إليه
(6)
.
(1)
أي: لو ادعى المودَع ردَ الوديعة إلى غير مالكها بإذنه، فيُقبل قول المودَع بيمينه.
(2)
فلو ادعى المودَع الرد إلى ورثة المودِع لم يقبل قوله إلا ببينة ولو لم يكن مودَعاً بجُعل؛ لأنهم لم يستأمنوه، وإنما استأمنه المودِعُ الميتُ.
(3)
إن ادعى المودَع تلفَ الوديعة فلا يخلو الحال: أ- أن يدعي تلفها بسبب خفي كالسرقة، فيقبل قوله بيمينه، ب- وإن ادعى تلفها بسبب ظاهر كحريق، فلا يقبل قوله حتى يقيم بينة بالسبب الظاهر ويحلف أن الوديعة تلفت في ذلك السبب الظاهر، وإن لم يقم بينة بالسبب الظاهر ضمن؛ لعدم تعذر إقامة البينة عليه. (تحرير)
(4)
فلو ادعى المودِع أن المودَع فرط في حفظ الوديعة حتى تلفت أو عابت، أو تعدى فيها مما أدى إلى تلفها فأنكر المودَع قُبل قوله بيمينه؛ لأنه أمين.
(5)
فإن قال المودَع: أذنتَ لي في دفعها لفلان، فأنكر المودِع، فالقول قول المودَع؛ لأنه أمين.
(6)
فلو اشترك اثنان في ملك مكيل كوَسَق من البر، أو موزون كطُنٍّ من حديد فأودعاه عند شخص، ثم طلب أحدهما نصيبه لغيبة صاحبه أو امتناعه من استلام الوديعة، وجب على المودَع أن يسلِّم الحق لطالبه. وهذا إنما يكون فيما يقبل القسمة بلا ضرر، وهو الذي لا ينقص بتفرقةٍ، قاله البهوتي، لا في مكيل أو موزون دخلته صناعة كآنية نحاس، أو غير مكيل وموزون كسيارة.
ولمودَع ومضارَبٍ ومرتَهِنٍ ومستأجِرٍ إن غُصِبت العينُ المطَالبَةُ بهَا
(1)
.
(1)
فلو غُصبت منهم العين فلهم المخاصمة ورفع الأمر إلى المحاكم للمطالبة بالعين، وقول المصنف - كغيره مثل المنتهى والإقناع والزاد -:«ولمودع» يدل على الإباحة، لكن المذهب وجوب المطالبة؛ لأن ذلك من ضروريات الحفظ، ذكره النجدي وغيره. (تقرير)