الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في (الهدي والأضحية)
والأضحيةُ
(1)
سُنةٌ يكره تَركُهَا
(1)
وهي: ما يذبح من الإبل والبقر والغنم أيام النحر بسبب العيد تقرباً إلى الله تعالى.
(تتمة) هل يقترض ليضحي؟ لم أر لهم نصاً في ذلك، لكنهم نصوا على استحباب القرض للعقيقة، قال الإمام أحمد رضي الله عنه:(إذا لم يكن عنده ما يعق فاستقرض، رجوت أن يخلف الله عليه؛ لأنه أحيا سنة)، وإذا كان الشأن كذلك في العقيقة التي يكون لها وقتٌ للقضاء - وهو ما بعد السابع، والرابع عشر، والواحد والعشرين، وهي في هذه الثلاثة أيام أداء -، فالأضحية التي ليس لها قضاء - ما عدا الواجب منها - أولى أن يُستحب أن يَقترض العادم لثمنها ليضحي. والله أعلم.
ثم وقفت على كلام الشيخ منصور في الكشاف بشأن الاقتراض للأضحية حيث قال: (ومن عدم ما يضحي به اقترض وضحى مع القدرة على الوفاء، ذكره في الاختيارات، وهو قياس ما يأتي في العقيقة). (بحث)
لقادرٍ
(1)
.
وَوقتُ الذّبْح بعد صَلَاة الْعِيد أو قدرِهَا
(2)
إلى آخرِ ثَانِي التَّشْرِيق
(3)
.
(1)
الأضحية ليست واجبة؛ للحديث: «إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحي» ، رواه مسلم، فقوله صلى الله عليه وسلم «أراد» يدل على التخيير، لكن يكره تركها لقادر؛ للنصوص الواردة.
(تتمة) تتعين الأضحية بقوله - بعد أن يتملك شاة ونحوها -: هذه أضحية، أو: لله، ونحوه من ألفاظ النذر كقوله: هذه صدقة. ومما يترتب على هذا التعيين: أنه لا يجوز بيع ما عيَّنه، إلا أن يبدله بخير منه ولو ببيعه وشراء خير منه، ومنها: له جز صوفها والتصدق به، ومنها: لو بانت مستحَقَّة لزمه بدلها.
أما مجرد نية التضحية فقط - أي: بدون أن يقول: هذه أضحية، ونحو ذلك - مع الشراء، فلا تتعين به الأضحية.
(2)
يبدأ وقت الذبح - لأضحية وهدي تمتع وقران - لمن في البلد: بعد أسبق صلاة عيد في البلد. أما من هو خارج البلد أو كان في بلد لا تصلى فيه صلاة العيد: فبعد مرور قدر صلاة العيد، ولا تحسب الخطبة في ذلك؛ لكن بعدها أفضل.
(3)
أيام الذبح في المذهب ثلاثة فقط: يوم النحر - وهو أفضلها، فما يليه - ويومان بعده، قال الإمام أحمد رحمه الله:(عن خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أي: يقول بذلك خمسة منهم، أما الشيخ ابن عثيمين فيقول في الشرح الممتع: (يوم النحر، وثلاثة أيام بعده)، وهو القول الثاني في المذهب، واختاره شيخ الإسلام. فإن فاتت الصلاة بالزوال: ذبح بعده في اليوم الأول قاله المنتهى، ويجوز الذبح نهاراً، وكذا ليلاً؛ لكن قيَّده في الإقناع - وتابعه الغاية - بالكراهة ليلاً للخروج من الخلاف، وظاهر المنتهى - كالتنقيح - لا كراهة، قاله البهوتي في الكشاف. ولعل المذهب الكراهة، فليحرر؛ وذلك لكونها مصرحاً بها في الإقناع، فتُقدم على مفهوم المنتهى، ويؤيده كلام المرداوي في الإنصاف:(قلت: الأَولى الكراهة ليلاً مطلقاً)، والله أعلم. (مخالفة)
(تتمة) إذا فات وقت الذبح قضى الواجبَ كالأضحية المعينة ودم المتعة والقران، وسقط التطوع كما لو اشترى شاة ناوياً التضحية بها ولم يعيِّنها حتى فات وقت الذبح.
وَلَا يُعْطى جازرٌ أجرتَه مِنْهَا
(1)
، وَلَا يُبَاعُ جلدُهَا وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا بل يُنْتَفعُ بِهِ
(2)
.
وأفضلُ هدي وأضحيةٍ إبلٌ، ثمَّ بقرٌ، ثمَّ غنمٌ
(3)
.
(1)
أبهم الماتن الحكم هنا، وهو التحريم، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، متفق عليه، ولأنها جُعلت لله عز وجل، فلا تجوز المعاوضة فيها.
(2)
الحكم مبهم هنا أيضاً، وفي المنتهى: يحرم.
(3)
فالإبل والبقر إن أُخرجت كاملة أفضل من الشاة، والشاة أفضل من سُبع بدنة.
وَلَا يجزئ إلا جذعُ ضأنٍ أو ثَنِيُّ غَيرِه
(1)
،
فَثَنِيُّ إبلٍ مَا لَهُ خمسُ سِنِين، وبقرٍ سنتَانِ
(2)
، وتجزئ الشَّاةُ عَن وَاحِد
(3)
، والبدنةُ وَالبَقَرَةُ عَن سَبْعَة
(4)
، وَلَا تجزئ هزيلةٌ، وَبَيِّنَةُ عوَرٍ أو عرجٍ، وَلَا ذَاهِبَةُ الثنايا أو أكثرِ أُذُنِها أو قرنِها
(5)
، وَالسّنةُ نحرُ إبلٍ قَائِمَةً معقولةً يَدُهَا
(1)
أي: غير الضأن. وجذع الضأن: ما تم له ستة أشهر، فيجزئ؛ للحديث:«يجزئ الجذع من الضأن أضحية» ، رواه الإمام أحمد وابن ماجه، ووافق الشافعيةُ الحنابلةَ في إجزاء جذع الضأن لا في سِنِّه، فقالوا: هو ما له سنة.
(تتمة) ذكر الخرقي أنه إذا نامت الصوف على ظهر الضأن فقد أجذع.
(2)
يشترط في بدنة الإبل أن يكون لها خمس سنين، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة كاملة.
(3)
وعن أهل بيته وعياله.
(4)
قال ابن النجار في شرحه للمنتهى: (ومحل ذلك: إذا أرادوا كلهم القربة، وإن أراد بعضهم القربة وبعضهم اللحم جاز، نص عليه)؛ فيشترط على ما في المنتهى ذبح البدنة والبقرة عنهم: أي بالنية عنهم، وكل واحد منهم أوجب سُبعاً عن نفسه، لكن لو اشترك فيها ثلاثة وأوجبوها كلها عن أنفسهم، لم يجز لهم أن يشركوا أحداً، والله أعلم.
(5)
ذكر بعض العيوب التي تمنع الإجزاء: 1 - كونها هزيلة: وهي التي لا مخ فيها، أي: في عظامها، 2 - كونها عوراء بيِّنة العور: وهي التي انخسفت عينها، والعمياء من باب أولى، 3 - كونها عرجاء بيِّنة العرج: وهي التي لا تطيق مشياً مع صحيحة، 4 - كونها ذهبت ثناياها، 5 - كونها ذهب أكثر أذنها أو أكثر قرنها، أي: ذهب أكثر من نصف الأذن أو أكثر من نصف القرن، وتسمى العضباء، فإن كان الذاهب النصف فأقل فإنها تجزئ مع الكراهة.
الْيُسْرَى
(1)
وَذبحُ غَيرِهَا
(2)
،
وَيَقُولُ: بِسم الله
(3)
اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك
(4)
.
وَسُن أن يأكلَ وَيُهْدِيَ وَيتَصَدَّقَ أثلاثاً مُطلقًا
(5)
وَالْحلقُ بعْدهَا
(6)
، وإن أكلها إلا أوقيةً جَازَ
(7)
، وَحرم على مريدِها أخذُ شَيْءٍ من شعره وظُفُره
(1)
أي: أن تكون واقفة ومربوطة يدها اليسرى؛ لقوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج، 36]، فيطعنها بنحو حربة في الوهدة: التي بين أصل العنق والصدر، قال البهوتي في حاشيته على المنتهى:(يعني: إن لم يخش أن تنفر فيذبحها).
(2)
أي: البقر والغنم، فتذبح على جنبها الأيسر ..
(3)
وجوباً بعد توجيهها للقبلة على جنبها الأيسر حين يحرك يده بالفعل، ويستحب أن يزيد:«الله أكبر» .
(4)
استحباباً.
(5)
أي: سواءً كانت الأضحية واجبة أو لا.
(تتمة) تجوز الأضحية عن اليتيم من ماله، لكن يقولون: لا يجوز التصدق منها، بل توفر له؛ لأنه محجور عليه ولا يُتصرف في ماله إلا بالأحظ له، قال في الإنصاف:(لأن الصدقة لا تحل بشيء من ماله تطوعاً، جزم به المصنف، والشارح، وصاحب الفروع وغيرهم، قلت: لو قيل بجواز الصدقة والهدية منها باليسير عرفاً: لكان متجهاً).
(6)
أي: يسن الحلق بعد الأضحية.
(7)
أي: يجوز أكل الأضحية كلها إلا أوقية. والأوقية: أربعون درهماً، وهي تقريباً:(119 جم). وحرم أن يأكلها كلها، فإن فعل اشترى من السوق (119 جم) من اللحم وتصدق به، فيجب أن يتصدق منها أو من غيرها.
وبشرتِه فِي الْعشْر
(1)
.
وَتسن الْعَقِيقَةُ
(2)
، وَهِي عَن الْغُلَام شَاتَان
(3)
، وَعَن الْجَارِيَة شَاةٌ تُذبحُ يَوْم السَّابِع
(4)
، فَإِن فَاتَ فَفِي أربعةَ عشر، فَإِن فَاتَ فَفِي أحْدٍ وَعشْرين، ثمَّ لَا تعْتَبر الأسابيع
(5)
.
(1)
أي: يحرم على مريد الأضحية، ويستمر هذا التحريم إلى الذبح؛ للحديث المشهور، ولو ضحى بأكثر فإن التحريم يزول بذبح واحدة. والتحريم هنا من مفردات الحنابلة، وقال غيرهم بالكراهة.
(2)
العقيقة: هي ما يذبح عن المولود، وهي في المذهب سنة في حق الأب، فلا يفعلها غيره، حتى الابن لو كبر لا يُسَنُّ له أن يعق عن نفسه، ولا تأخذ حكم العقيقة، كما نص عليه صاحب الكشاف، خلافاً لما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله.
(3)
متقاربتان في السن والشبه، وهل يجزئ التفريق كما لو ذبح شاة في اليوم السابع، والثانية مثلاً بعد شهر أو أكثر أو أقل؟ الظاهر: الإجزاء فليحرر، ونصوا: على أنه إن عجز عن اثنتين أجزأت واحدة. (تحرير)
(4)
من ولادته.
(5)
تسن العقيقة في اليوم السابع من الولادة، فإن فات فتسن في الرابع عشر، فإن فات فتسن في الحادي والعشرين. أما الأيام التي بين الولادة والسابع، وما بين السابع والرابع عشر، وما بين الرابع عشر والحادي والعشرين فالعقيقة فيها جائزة، وما بعد اليوم الحادي والعشرين تكون العقيقة قضاءً.
وَحكمُهَا كأضحيةٍ
(1)
.
(1)
فيما يجزئ وما لا يجزئ، وما يستحب فيها ويكره في أكلٍ وهديةٍ وصدقةٍ؛ إلا أن هناك فروقاً بين الأضحية والعقيقة، ومنها: 1 - أنه لا يجزئ فيها شرك في دم، أي: لا يجزئ فيها سُبع بدنة ولا سُبع بقرة، لكن تجزئان كاملتين، 2 - ومنها: أنه لا يشترط فيها التمليك، فيجوز أن يدعو الناس فيأكلوا منها مطبوخة، بخلاف الأضحية، فيجب أن يملك الفقير فيعطيه لحماً نيئاً ولا يطعمه مطبوخاً، 3 - ومنها: أنه يستحب أن ينزع أعضاءها نزعاً ولا يكسر عظمها، فتؤخذ اليد مثلاً من المفصل، وهكذا.
(تتمة) إذا اتفق وقت عقيقة وأضحية أجزأت شاة عنهما إن نواهما، سواء كانت العقيقة أداءً - كما لو وافق السابعُ، أو الرابعُ عشر، أو الحادي والعشرين من الولادة يومَ العيد أو اليومين بعده -، أو كانت العقيقة قضاءً - كما لو وافق اليومُ الثلاثين من الولادة يومَ الأضحى - فذبح شاة عنهما أجزأه، كما قرره اللبدي في حاشيته على نيل المآرب. وتجزئ أيضاً شاةٌ واحدة عن أضحية وهدي كما ذكر ابن القيم رحمه الله في «تحفة المودود» ، وأخذ الحنابلة هذا الحكم عنه، والله أعلم.