المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب القضاء (1) وَهُوَ فرضُ كِفَايَةٍ كالإمامةِ (2) ، فينصِبُ الإِمَامُ بِكُل إقليمٍ - الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

[أحمد بن ناصر القعيمي]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ سماحة المفتي العام للمملكة

- ‌تقديم

- ‌تقريظ الشيخ محمد بن عبد الرحمن السماعيل

- ‌مقدمة أسفار

- ‌مصطلحات الحاشية:

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فصل (في الآنية)

- ‌فصل (في الاستنجاء)

- ‌فصل (في السواك وسنن الفطرة)

- ‌فصل (في الوضوء)

- ‌فصل (في المسح على الخفين)

- ‌فصل (في نواقض الوضوء)

- ‌فصل (في الغسل)

- ‌فصل (في التيمم)

- ‌فصل (في إزالة النجاسة)

- ‌فصل في الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل (في الأذان والإقامة)

- ‌فصل (في شروط الصلاة)

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل (في أركانها(1)وواجباتها)

- ‌فصل (في سجود السهو)

- ‌فصل (في صلاةِ التطوع)

- ‌فصل (في صلاة الجماعة)

- ‌فصل (في أحكام الإمامة)

- ‌فصل (في صلاة أهل الأعذار)

- ‌فصل (في القصر والجمع وصلاة الخوف)

- ‌فصل (في صلاة الجمعة)

- ‌فصل (في صلاة العيدين)

- ‌فصل (في صلاتي الكسوف(1)والاستسقاء)

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل (في غسل الميت وتكفينه)

- ‌فصل (في الصلاة على الميت وحمله ودفنه)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل (في زكاة الخارج من الأرض)

- ‌فصل (في زكاة الأثمان والعروض)

- ‌فصل (في زكاة الفطر)

- ‌فصل (في إخراج الزكاة وأهلها)

- ‌كتاب الصيام

- ‌فصل (في مفسدات الصوم وما يكره ويسن فيه)

- ‌فصل (في صوم التطوع)

- ‌فصل (في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌فصل (في المواقيت(1)ومحظورات الإحرام)

- ‌فصل في الْفِدْيَةِ

- ‌باب دخول مكة

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة

- ‌فصل (في أركان وواجبات الحج والعمرة)

- ‌فصل في (الهدي والأضحية)

- ‌كتاب الجهاد

- ‌فصل (في عقد الذمة)

- ‌كتاب البيع(1)وسائر المعاملات

- ‌فصل (في الشروط في البيع)

- ‌فصل (في الخيار)

- ‌فصل (في أحكام قبض المبيع)

- ‌فصل (في الربا والصرف)

- ‌فصل (في بيع الأصول والثمار)

- ‌فصل (في السلم)

- ‌فصل في (القرض)

- ‌فصل (في الرهن)

- ‌فصل (في الضمان(1)والكفالة والحوالة)

- ‌فصل (في الصلح)

- ‌فصل (في أحكام الجوار)

- ‌فصل (في الحجر)

- ‌فصل (في المحجور عليه لحظه)

- ‌فصل (في الوكالة)

- ‌فصل (في الشَّرِكَة)

- ‌فصل (في المساقاة(1)والمزارعة)

- ‌فصل (في الإجارة)

- ‌فصل (في لزوم الإجارة وما يوجب الفسخ)

- ‌فصل (في المسابقة)

- ‌فصل (في العارية)

- ‌فصل (في الغصب)

- ‌فصل (في تصرفات الغاصب وغيره)

- ‌فصل (في الشفعة)

- ‌فصل (في الوديعة)

- ‌فصل (في إحياء الموات)

- ‌فصل (في الجِعالة)

- ‌فصل (في اللقطة)

- ‌فصل (في الوقف)

- ‌فصل (في الهبة)

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل (في الموصى إليه)

- ‌كتاب الفرائض

- ‌فصل (في الجد مع الإخوة)

- ‌فصل (في الحجب)

- ‌فصل (في التعصيب)

- ‌فصل (في التأصيل والعول والرد)

- ‌فصل في ذوي الأرحام

- ‌فصل (في ميراث الحمل)

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل (في أركان النكاح وشروطه)

- ‌فصل (في المحرمات في النكاح)

- ‌فصل (في الشروط في النكاح)

- ‌فصل (في العيوب في النكاح)

- ‌باب الصداق

- ‌فصل في الوليمة

- ‌فصل (في عشرة النساء)

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل (في تعليق الطلاق)

- ‌فصل (في الرجعة)

- ‌فصل (في الإيلاء)

- ‌فصل (في الظهار)

- ‌فصل (في اللعان وما يلحق من النسب)

- ‌باب العِدَد

- ‌فصل (في الرضاع)

- ‌باب النفقات

- ‌فصل (في نفقة الأقارب والمماليك والبهائم)

- ‌فصل (في الحضانة)

- ‌كتاب الجنايات

- ‌فصل (في شروط القصاص)

- ‌فصل (في العفو عن القصاص والقود فيما دون النفس)

- ‌فصل (في الديات)

- ‌فصل (في مقادير ديات النفس)

- ‌فصل (في ديات الأعضاء ومنافعها والشجاج)

- ‌فصل (في العاقلة(1)والقسامة)

- ‌كتاب الحدود

- ‌فصل (في حد المسكر)

- ‌فصل (في القطع في السرقة)

- ‌فصل (في حد قطاع الطريق(1)وفي البغاة)

- ‌فصل (في المرتد)

- ‌فصل (في الأطعمة)

- ‌فصل (في الذكاة)

- ‌فصل (في الصيد)

- ‌باب الأيمان

- ‌فصل (في كفارة اليمين وجامع الأيمان)

- ‌فصل (في النذر)

- ‌كتاب القضاء

- ‌فصل (في الدعاوى والبينات)

- ‌فصل (في القسمة)

- ‌كتاب الشهادات

- ‌فصل (في عدد الشهود)

- ‌فصل (في الشهادة على الشهادة)

- ‌كتاب الإقرار

الفصل: ‌ ‌كتاب القضاء (1) وَهُوَ فرضُ كِفَايَةٍ كالإمامةِ (2) ، فينصِبُ الإِمَامُ بِكُل إقليمٍ

‌كتاب القضاء

(1)

وَهُوَ فرضُ كِفَايَةٍ كالإمامةِ

(2)

، فينصِبُ الإِمَامُ بِكُل إقليمٍ قَاضِياً

(3)

ويختارُ أفضلَ من يجد علماً وورعاً

(4)

، ويأمُرُه بالتَّقوَى وتحري العدل.

(1)

القضاء لغة: إحكام الشيء والفراغ منه، قال تعالى:{فقضاهن سبع سموات في يومين} [فصلت، 12]، وشرعاً: هو تبيين الحكم الشرعي، والإلزام به، وفصل الخصومات. وهو فرض كفاية؛ لأن أمور الناس لا تستقيم بدونه، قال في الإقناع:(وإذا أجمع أهل بلد على تركه أثموا، وولايتُهُ رتبةٌ دينيةٌ، ونَصْبَةٌ شرعيةٌ، وفيه فضل عظيم لمن قَوِي على القيام به وأداء الحق فيه، قال الشيخ: والواجب اتخاذها ديناً وقربة، فإنها من أفضل القربات، وإنما فسد حال الأكثر لطلب الرياسة والمال بها، انتهى، وفيه خطر عظيم ووزر كبير لمن لم يؤد الحق فيه).

(2)

أي: نصب الإمام فرض كفاية على المسلمين.

(3)

أبهم الماتن الحكم، والصحيح - كما في المنتهى والإقناع - أنه يجب على الإمام الأعظم أن ينصب بكل إقليم قاضياً واحداً، والإقليم: القطعة من الأرض، ويقولون: إن الأقاليم سبعة: الهند، والحجاز، ومصر، وبابل في العراق، والشام، وبلاد الترك، وبلاد الصين.

(4)

أبهم الماتنُ الحكمَ هنا كذلك، والصحيح: أنه يجب على الإمام أن يختار أفضل من يجد علماً وورعاً.

(تتمة) شروط صحة ولاية القضاء: 1 - أن تكون من إمام أو نائبه، وهي في زمننا - في السعودية - من صلاحيات الملك، 2 - وأن يعرف المُوَلِّي للقضاء كونَ المولَّى على صفة يصلح للقضاء، 3 - والمشافهة للمولَّى إن كان حاضراً، فيقول له مثلاً: وليتك الحكم، أو بالمكاتبة إن كان بعيداً، مع الإشهاد على ذلك في المشافهة والمكاتبة، 4 - وأن يعين له مكان القضاء من عمل وبلد.

والمراد بالعمل - كما قال ابن النجار، والبهوتي، وعثمان النجدي -:(ما يجمع بلاداً وقرى متفرقة كمصر ونواحيها) يعني كالدول كالسعودية، وليبيا، والجزائر، وأما المدن فيسمونها بلاداً: كبلد مكة، وبلد الرياض، وبلد الأحساء.

ص: 755

وتُفيدُ ولَايَةُ حُكمٍ عَامَّةٌ فصلَ الحُكُومَة، وأَخذَ الحقِّ وَدفعَه إلى ربِّه، وَالنَّظَرَ فِي مَالِ يَتِيمٍ وَمَجنُونٍ وسفيهٍ وغائبٍ وَوَقفِ عملِهِ، لِيُجرَى على شَرطِهِ، وَغيرِ ذَلِك

(1)

.

وَيجوزُ أن يُوليَهُ عُمُومَ النَّظرِ فِي عُمُومِ العَمَلِ، وخاصاً فِي أحدهما أو فيهمَا

(2)

.

(1)

فإذا ولى الإمامُ قاضياً ولايةً عامة - أي: لا تختص بحالة دون حالة -، فإنّ ولايته تفيد أموراً كثيرة جداً ذكر الماتن بعضها كفصل الخصومات، والنظر في أوقاف عمله لتُجرى على شرطها.

(2)

صفات التولية: يجوز للإمام أن يولي القاضيَ: 1 - عموم النظر في عموم العمل، فيكون له النظر في جميع قضايا الناس من جميع الدول الإسلامية التي تحت سلطة الإمام، 2 - أو عموم النظر في خصوص العمل كالنظر في جميع قضايا دولة معينة أو بلد معين، 3 - أو خصوص النظر في عموم العمل كأن يقضي في الأنكحة فقط لكن في جميع بلاد المسلمين دولاً وبلداناً، 3 - أو خصوص النظر في خصوص العمل، فيكون قاضياً في الأنكحة في السعودية فقط، أو في بلد الرياض فقط مثلاً، وقد كان عمر رضي الله عنه يولي قاضياً للأنكحة فقط أو للجند، أما الآن فالقاضي ينظر في كل القضايا من المعاملات والجنايات والأحوال الشخصية، وذلك مُجهِد بلا شك.

ص: 756

وَشُرِطَ كَونُ قَاضٍ بَالغاً عَاقِلاً ذكراً حراً مُسلماً عدلاً سميعاً بَصيراً متكلِّماً مُجْتَهداً وَلَو فِي مَذهَبِ إمامِهِ

(1)

.

(1)

يشترط في القاضي عشر صفات: 1 - كونه بالغاً، 2 - عاقلاً، 3 - ذكراً، وفي الحديث:«لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة» ، رواه مسلم، 4 - حراً، 5 - مسلماً، 6 - عدلاً، فلا يجوز تولية الفاسق، 7 - سميعاً، وإلا لم يمكنه سماع دعوى الخصمين، 8 - بصيراً، فلا تصح تولية الأعمى على المذهب، خلافاً للمعمول به الآن، 9 - متكلماً؛ لأن الأخرس لا يمكنه النطق بالحكم، 10 - مجتهداً، والمجتهد مأخوذ من الاجتهاد وهو: استفراغ الفقيه وسعه لتحصيل ظن بحكم شرعي، والمراد: المجتهد اجتهاداً مطلقاً: وهو الذي اجتمعت فيه شروط الاجتهاد المذكورة في كتاب القضاء، فإن لم يوجد اكتُفي بمجتهدٍ في مذهب إمامه فقط للضرورة.

(تتمة) المراد بالمجتهد في مذهب إمامه: ذكر المرداوي - وتبعه ابن النجار في آخر شرحه للمنتهى - للمجتهد في مذهب إمامه أربعة أحوال - أخذاً من آداب المفتي والمستفتي لابن حمدان -، وهذا ملخصها: الحالة الأولى: أن يكون غير مقلد لإمامه في الحكم والدليل، لكن سلك طريقه في الاجتهاد ودعا إلى مذهبه، وجعل المرداوي ممن يدخل في هذا القسم:(الموفق، والمجد)، قلت: هذا القسم يأتي بعد المجتهد المطلق - إذا عُدم - بلا شك.

الحالة الثانية: أن يكون مجتهداً في مذهب إمامه مستقلاً بتقريره بالدليل، لكن لا يتعدى أصوله وقواعده، مع إتقانه للفقه والقواعد وأدلة مسائل الفقه، وهو من أصحاب الأوجه والطرق في المذهب. قال المرداوي:(والحاصل: أن المجتهد في مذهب إمامه: هو الذي يتمكن من التفريع على أقواله، كما يتمكن المجتهد المطلق من التفريع على كل ما انعقد عليه الإجماع، ودل عليه الكتاب والسنة والاستنباط)، وهو الذي يعنونه بقولهم:(مجتهداً ولو في مذهب إمامه).

فضابط هذه الحالة: الحافظ والعالم بمذهب إمامه بأدلته مع علمه بالفقه وأصوله، والقدرة على التفريع على أقوال وقواعد وأصول إمامه، مع معرفته بالحديث واللغة والنحو.

وعرَّف ابن عوض - في حاشيته على دليل الطالب - هذا المجتهد بقوله: (هو العارف بمدارك المذهب القادر على تقرير قواعده، والجمع والفرق)، وأصل هذا التعريف بنصه لابن النجار في مختصر التحرير.

الحالة الثالثة: الحافظ لمذهب إمامه العارف بأدلته لكنه لم يبلغ رتبة أصحاب الوجوه والطرق؛ لكونه لم يبلغ في حفظ المذهب مبلغهم، أو لكونه غير متبحر في أصول الفقه أو غير ذلك، ولهم تخريجات لكنها دون من هم في الحالة الثانية، قال المرداوي:(وفتاويهم مقبولة).

الحالة الرابعة: الذي يحفظ المذهب أو يستحضر أكثره، ويفهمه متصورا لمسائله على وجهها وينقله، فهو يفتي بمنصوص الإمام أو تفريعات أصحابه، فلا يفتي إلا بمنقول عنهم، ويُدخل بعض الفروع تحت ضابط صالحٍ له في المذهب، وهذا هو المقلد الذي يعنونه بقولهم:(مجتهداً ولو في مذهب إمامه، أو مقلداً)، كما سيأتي في التتمة الآتية.

(تتمة) فإن لم يكن ثم مجتهد مطلق، ولا مجتهد في مذهب إمامه، جاز تولية القضاء لمقلد: قال في الإقناع - ونحوه الغاية - بعد تقديم تولية المجتهد في المذهب: (واختار في الإفصاح والرعاية: أو مقلداً، قال في الإنصاف - عن تولية القاضي المقلد -: قلت: وعليه العمل من مدة طويلة وإلا لتعطلت أحكام الناس، انتهى)، وزاد في الإقناع:(وكذا المفتي، فيشترط أن يكون مجتهداً، أو مجتهداً في مذهبه، أو مقلداً)، ثم قال:(فيراعي كلٌ منهما ألفاظَ إمامه، ومتأخِّرَها، ويقلد كبار مذهبه في ذلك، ويحكم به). والواقع الآن - فيما أعلم - أنه لا يوجد عندنا مجتهد مطلق ولا مجتهد في المذهب ولا مقلد عارف لمذهب معين، والمعمول به الآن: هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام، وهو كون شروط القضاء تعتبر حسب الإمكان، وأنه يجب تولية الأمثل فالأمثل، قال:(وعلى هذا يدل كلام الإمام - أي: أحمد - وغيرِه. وقال: فيولى للعدم أنفع الفاسقين وأقلهما شراً، وأعدل المقلدين وأعرفهما بالتقليد). قال الحجاوي نقلاً عن ابن مفلح في الفروع: (وهو كما قال)، قال الشيخ منصور في الكشاف:(وإلا - أي: إن لم يُعمل بقول شيخ الإسلام - لتعطلت الأحكام واختل النظام).

ص: 757

وإن حَكَّمَ اثنَانِ بَينهمَا رجلاً يصلحُ للقَضَاء نفذ حكمُهُ فِي كلِّ مَا ينفذُ فِيهِ حكمُ مَنْ ولاه إمامٌ أو نَائِبُه

(1)

.

(1)

فإن حكّم اثنان بينهما رجلاً يصلح للقضاء - بأن توفرت فيه الشروط السابقة - نفذ حكمه في المال والقصاص والحدود وكل ما ينفذ فيه حكم من ولاه الإمام أو نائبه، حتى مع وجود قاض. ولكل من المتحاكمين الرجوع عن حكم مَنْ حَكَّماه قبل شروعه في الحكم لا بعده.

ص: 759

وَسن كَونُه قَوِياً بِلَا عُنفٍ، ليِّناً بِلَا ضَعفٍ، حَلِيماً، متأنياً، فطِناً، عفيفاً

(1)

.

وَعَلِيهِ العدلُ بَين متحاكمينِ فِي لَفظِهِ ولحظِهِ ومجلسِه وَدخُولٍ عَلَيهِ

(2)

.

وَحرُم القَضَاءُ وَهُوَ غَضبَانُ كثيراً

(3)

، أو حاقنٌ أو فِي شِدَّة جوعٍ أو

(1)

ذكر الماتن بعض الآداب التي يستحب أن يتصف بها القاضي: 1 - أن يكون قوياً، لكن لا يكون عنيفاً، 2 - وليناً، لكن لا يكون ضعيفاً، 3 - وحليماً، والحِلم: الأناة والصفح، قال في المطلع:(الحليم الذي لا يستفزه الغضب، ولا يستخفه جهل جاهل)، 4 - ومتأنياً، 5 - وفطناً، والفطنة - كما في المطلع -:(الفهم، حتى لا يُخدع من بعض الخصوم)، 6 - وعفيفاً، أي: كافاً نفسه عن الحرام.

(2)

ومن آداب القاضي الواجبة: العدل بين المتحاكمين: 1 - في لفظه، أي: كلامه لهما، فلا يكلم أحدهما أكثر من الآخر، 2 - ولحظه، أي: نظره إليهما، فلا ينظر إلى أحدهما أكثر من الآخر، 3 - ومجلسه، فيجلسهما أمامه ولا يجعل أحدهما خلف الآخر، 4 - ودخولٍ عليه، فيدخلان معاً، لكن يستثنى من ذلك: المسلم مع الكافر، فيقول العلماء: يجوز تقديم المسلم على الكافر. ومما يستثنى أيضاً: جواز رده السلام على من سلم عليه من الخصمين.

(3)

للحديث: «لا يقضي القاضي وهو غضبان» ، متفق عليه.

ص: 760

عَطَشٍ، أو هَمٍّ، أو مَلَلٍ، أو كَسَلٍ، أو نُعَاسٍ، أو بَرْدٍ مُؤلمٍ، أو حَرٍّ مُزعِجٍ

(1)

، وَقبُولُ رِشوةٍ

(2)

وهديّةٍ من غيرِ مَنْ كَانَ يُهاديه قبلَ ولَايَتِهِ وَلَا حُكُومَةَ لَهُ

(3)

.

وَلَا ينفذُ حكمُه على عدُوِّه

(4)

وَلَا لنَفسِهِ ولا لَمنْ لَا تُقبلُ شَهَادَتُه لَهُ

(5)

.

وَمن استعداهُ على خصمٍ فِي البَلَدِ بِمَا تتبعُهُ الْهِمَّةُ لزمَهُ إحضارُه

(6)

إلا

(1)

حتى لو أُلزم بالقضاء وهو في أحد هذه الأحوال فإن له ترك القضية، بل يحرم عليه أن يقضي وهو كذلك، والعلة في تحريم الحكم في هذه الأحوال: ما يعرض للفكر من التشويش الذي قد يحجب القاضي عن إصابة الحق.

(2)

بتثليث الراء، والمراد: ما يعطى بعد طلبه لها - كما في الإقناع -، فيحرم قبوله للرشوة، ويحرم بذلها من الراشي؛ لكن قال في الإقناع:(وإن رشاه ليدفع عنه ظلمه ويجريه على واجبه، فلا بأس به في حقه).

(3)

والمراد بالهدية: ما يدفع إليه ابتداءً من غير طلب - كما في الإقناع -، فيحرم عليه قبولها إلا ممن كان يعرفه ويهاديه قبل توليه للقضاء، فإن أهداه شيئاً بعد ولايته ولم يكن للمهدي خصومة ينظر فيها جاز له قبول هديته.

(4)

لا ينفذ: أي: لا يصح حكمُه على خصم هو عدو له، ويحرم عليه أن ينظر في قضيته.

(5)

وممن لا تقبل شهادته لهم: الأصول، والفروع، والزوجة ولو في الماضي، وما كان فيه جر نفع.

(6)

الاستعداء: طلب الخصم من القاضي أن يحضر خصمه، فلو استعداه على خصم في البلد بشيء تتبعه الهمة لزمه إحضاره، أما لو ادعى عليه بشيء تافه كعشرة ريالات، فلا يلزم إحضاره.

ص: 761

غيرَ برزةٍ فتُوكِّلُ، كمريضٍ وَنَحْوِه، وإن وَجب يَمِينٌ أَرسل من يحلِّفُهُما

(1)

.

(1)

فيستثنى ممن يلزم إحضاره غير البرزة، والبرزة: المرأة التي تبرز لقضاء حوائجها، وغير البرزة: هي المخدرة التي لا تبرز لقضاء حوائجها، فإذا ادُّعِي على غير البرزة لزمها التوكيل، ولم تحضر. وممن يستثنى كذلك: المريض ونحوه ممن له عذر، ويجب عليه أن يوكِّل، وإن وجب على غير البرزة أو المريض يمين لزم القاضي أن يرسل أميناً ومعه شاهدان يحلفهما.

ص: 762