الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في الشهادة على الشهادة)
وَتُقبلُ الشَّهَادَةُ على الشَّهَادَةِ فِي كُلِّ مَا يُقبَلُ فِيهِ كتابُ القَاضِي إلى القَاضِي
(1)
.
وَشُرطَ:
تعذُّرُ شُهُودِ أصلٍ بِمَوتٍ، أو مرضٍ، أو غَيبَةٍ مَسَافَةَ قصرٍ، أو خوفٍ من سُلطَانٍ أو غَيرِه
(2)
.
(1)
الشهادة على الشهادة: هي إخبار الشاهد عن سماعه شهادةَ غيره. مثالها وصورتها: أن يشهد عمرو على زيد بأن عنده لخالد ألفَ ريالٍ، فيقول عمرو لصالح: اشهد عليَّ أني أشهد أن لخالد عند زيد ألف ريال. وشاهد الأصل: هو الذي شهد الحادثة مباشرة، وشاهدُ الفرع: هو الذي شهد على شهادة الأصل. وشُرط لقبولها عشرة شروط: (الشرط الأول) كونها في ما يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي، أي: حقوق الآدميين من مال وقصاص وحق قذف، فلا تقبل في حقوق الله تعالى.
(2)
(الشرط الثاني) تعذر شهادة شهود الأصل بموت، أو مرض يمنعهم من الشهادة، أو غيبةٍ مسافة قصر، أو خوفهم - إن أدوا الشهادة - من لحوق الضرر بهم من سلطان أو غير سلطان، فيصح حينئذ أن يشهد شهود الفرع.
ودوامُ عدالتهما
(1)
.
واسترعاءُ أصلٍ لفرعٍ أو لغيرِه وَهُوَ يَسمَعُ فَيَقُولُ: اشهَدْ أني أَشهَد أن فلَان بن فلَان أشهدني على نَفسه أو أقر عِندِي بِكَذَا وَنَحوَه، أو يسمَعُهُ يشهَد عِند حَاكمٍ، أو يعزُوها إلى سَبَبٍ كَبَيعٍ وقرضٍ
(2)
.
وتأديَةُ فرعٍ بِصفةِ تحمُّلِه
(3)
، وتعيينُه
(1)
(الشرط الثالث) دوام عدالة شهود الأصل والفرع، فيشترط كونهم عدولاً - كما سيأتي إن شاء الله -، وأن تدوم عدالتهم.
(2)
(الشرط الرابع) يشترط لقبول تحمل شهادة الفرع من شاهد الأصل أن يتحملها بواحد من الأحوال التالية: 1 - أن يسترعي الأصلُ الفرعَ: بأن يقول شاهدُ الأصل لشاهد الفرع مثلاً: اشهدْ على شهادتي أني شهدت على فلان أنه أقر على نفسه بكذا، 2 - أو يسمع الفرعُ الأصلَ يسترعي شخصاً آخر ويقول له مثلاً: يا فلان اشهدْ على شهادتي أني شهدت أن فلاناً أخذ من فلان ألف ريال، فيجوز للسامع أن يكون شاهدَ فرع، 3 - أو يسمع الفرعُ شاهد الأصلَ يشهد عند الحاكم، 4 - أو يسمع شاهدُ الفرع شاهدَ الأصل يعزو وينسب شهادتَه إلى سبب، كأن يسمع خالدٌ (شاهد فرع) من زيد (شاهد أصل): أن صالحاً أخذ من يوسف قرضاً قدره ألف ريال أو أقر بأن له عليه ثمن مبيع، فيجوز لخالد أن يشهد بهذا. وأصل الاسترعاء قوله: أَرعِني سمعك، وقوله: أشهدَني على نفسه أو أَقَر عندي بكذا: أي بأن عليه ألفَ ريال لفلان مثلاً.
(3)
(الشرط الخامس) تأدية فرع بصفة تحمُّلِه، أي: يشهد بالصفة التي تحمل بها الشهادة في الأحوال الأربعة المتقدمة في الشرط الرابع، فيشهد أن فلاناً استرعاه على الشهادة، أو أن فلاناً شهد عند الحاكم، ونحوه بمثل ما تقدم في الشرط الرابع، ولا يصح أن يقول مثلاً: أشهد أن فلاناً أخذ من فلان كذا بدون ذكرٍ لشاهد الأصل.
لأصلٍ
(1)
، وَثُبُوتُ عَدَالَةِ الجَمِيع
(2)
.
وإن رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ قبلَ حُكمٍ لم يُحكَمْ، وَبعدَهُ لم يُنقَض وضَمِنُوا
(3)
.
(1)
(الشرط السادس) أن يعيِّن شاهدُ الفرع شاهدَ الأصل.
(2)
(الشرط السابع) ثبوت عدالة شهود الأصل والفرع.
(تتمة)(الشرط الثامن) دوام تعذر شهادة شهود الأصل إلى صدور الحكم، كما في المنتهى. (الشرط التاسع) اتفاق شهود الأصل والفرع في العدد، فلو كان شهود الأصل اثنين كالأموال، فإنه يعتبر كون شهود الفرع اثنين أيضاً. (الشرط العاشر) ألا ينكر شهود الأصل شهادة شهود الفرع.
(3)
فإذا شهد الشهود على مالٍ كأن شهدوا على شخص أن عليه ألف ريال لفلان، ثم رجعوا قبل الحكم فقالوا: ليس له عليه شيء، لم يحكم بشيء. أما لو رجعوا بعد صدور الحكم، فإن الحكم لا ينقض، ويلزمهم بدل المال الذي شهدوا به، قُبض أو لم يقبض، تلف أو لا؛ لأنهما أخرجاه من يد مالكه بغير حق، وكما لو أتلفاه على صاحبه، ويستثنى من هذا: إذا صدَّقهم المشهودُ عليه، فلا يضمنون.
(تتمة) رجوع شهود القود والحد: لا يخلو الحال فيها: 1 - إن رجع الشهودُ في قودٍ أو حد قبل الحكم، فلا شيء فيه، ولا يستوفى القصاص، ولا ينفذ الحد، 2 - وإن رجعوا بعد الحكم وقبل الاستيفاء والتنفيذ، لم يستوف القصاص، ولم ينفذ الحد كذلك، 3 - أما لو رجعوا بعد الحكم واستيفاء القصاص، فلا يخلو من حالين:(الأول) فإن قالوا: أخطأنا، فإنهم يغرمون الدية، (الثاني) وإن قالوا: عمدنا بشهادتنا قتلَه أو قطعَه، فعليهم القصاص، كما تقدم في بداية كتاب الجنايات.
وإن بَان خطأُ مُفْتٍ أو قَاضٍ فِي إتلافٍ لمخَالفَةِ قَاطعٍ ضَمِنَا
(1)
.
(1)
أي: إن ظهر خطأُ مفتٍ لم يكن أهلاً للفتيا أو خطأ قاضٍ، وترتب عليه إتلافٌ كقتلٍ في شيء ظناه ردةً، أو قطعٍ في سرقة لا قطع فيها، وكان الخطأ عن مخالفة دليلٍ قاطع لا يحتمل التأويل ضمن المفتي والقاضي ما تلف بسبب خطئهما، قال الشيخ منصور في الكشاف:(لأنه إتلاف حصل بفعلهما أشبه ما لو باشراه، وعلم منه: أنه لو أخطأ فيما ليس بقاطع مما يقبل الاجتهاد لا ضمان). قلت: وقد تقدم في باب العاقلة أن خطأ الحاكم في حكمه على بيت المال لا على العاقلة. والله أعلم.