الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في تصرفات الغاصب وغيره)
وَمن اشترى أرضاً فغَرَسَ أو بنى ثُم اسْتُحِقَّت وَقُلع ذَلِك، رَجَعَ على بَائِع بِمَا غَرِمَه
(1)
.
وإن أطعمه لعالمٍ بغصبه ضَمِنَ آكِلٌ
(2)
.
وَيُضمن مثليٌّ
(3)
بِمثلِهِ،
(1)
أي: رجع المشتري على البائع بما غرمه من الثمن وأجرة الغراس والبناء. وقوله: استُحقت: أي: وُجدت مستحقة لغير البائع.
(2)
أي: إن أطعم الغاصبُ طعاماً مغصوباً لعالمٍ بغصبه، فإن الضمان على الآكل. وإن لم يعلم الآكل بأنه مغصوب، فالضمان على الغاصب.
(3)
ضمان المثلي - سواء كان تالفاً بغصب أو بلا غصب، والمقبوض بعقد فاسد، كما في الإقناع والكشاف (9/ 287) - يكون بمثله.
وتعريف المثليُّ - على ما في المنتهى - هو: (كل مكيل وموزون لا صناعة فيه مباحة، ويجوز فيه السلم. وفي الإقناع: كل مكيل وموزون)، وتبعه الغاية وزاد في أوله:(مثلي: وهو الفلوس وكل مكيل وموزون .. الخ)، ويذكرون أن الفلوس مثلية في باب القرض أيضاً، وتقدم ذلك.
شرح تعريف المثلي: قال في المنتهى وشرحه: ((وهو) أي: المثلي (كل مكيل) من حب وتمر ومائع وغيرهما (أو موزون) كحديد ونحاس ونحوهما، (لا صناعة فيه) أي: المكيل، بخلاف نحو هريسة، أو الموزون بخلاف حلي وأسطال ونحوها (مباحة) خرج أواني الذهب والفضة، فتُضمن بوزنها؛ لتحريم صناعتها، ويأتي (يصح السلم فيه) بخلاف نحو جوهر ولؤلؤ (بمثله) متعلق بضمن، نصاً؛ لأن المثل أقرب إليه من القيمة لمماثلته له من طريق الصورة والمشاهدة والمعنى، بخلاف القيمة فإنها تماثلٌ من طريق الظن والاجتهاد).
فإن تعذر المثل لعدم أو بعد أو غلاء - كما في الإقناع -، فعلى الغاصب قيمةُ مثل المغصوب يوم تعذره في بلد الغصب.
أما القيمي فهو ما عدا المثلي، فالسيارة قيمية، والثوب قيمي، والجوال قيمي؛ لأنها ليست مكيلات ولا موزونات، ففي هذه إذا أُتلفت يَرُد المتلفُ قيمتَها لا مثلها.
وكذا يدخل في القيمي: الموزون إذا صيغ حلياً، فيُضمن - إذا تلف - بقيمته؛ لأن الصناعة تؤثر في قيمته. (بحث مهم)
وَغَيرُهُ بِقِيمَتِه
(1)
.
وَحرُم تصرفُ غَاصِبٍ بمغصوبٍ
(2)
وَلَا يَصح عقدٌ، وَلَا عبَادَةٌ
(3)
.
(1)
أي: بقيمته وقت التلف - كما قال الخلوتي - في بلد غصبه.
(2)
فتصرف الغاصب في المغصوب له حالتان: 1 - ما يتعلق به حكم تكليفي ووضعي، فيكون محرماً، وغير صحيح كالوضوء بماء مغصوب، 2 - ما يتعلق به حكم تكليفي فقط، فيكون محرماً، ولا يوصف بصحة ولا فساد كأكل طعام مغصوب.
(3)
فلو عقد الغاصب بالمغصوب عقداً فإنه لا يصح كبيعه إياه، وكذا لو استعمله في عبادة فإنها لا تصح كأن صلى في مكان مغصوب أو استجمر بمغصوب، بخلاف الاستنجاء فيصح؛ لأن النجاسة تزول بالماء المحرَّم، وتقدم. (فرق فقهي)
وَالقَوْلُ فِي تَالِفٍ وَقدرِهِ وَصفتِهِ قَوْلُه
(1)
، وَفِي رَدِّه وعيبٍ فِيهِ قَولُ رَبِّه
(2)
.
وَمن بِيَدِهِ غَصْبٌ أو غَيرُهُ وَجَهِلَ رَبَّه فَلهُ الصَّدَقَة بِهِ عَنهُ بنيةِ الضَّمَان
(3)
،
(1)
أي: لو اختلف الغاصبُ والمالكُ في قيمة المغصوب التالف، أو قدره، أو صفته، ولم تكن للمالك بينة قُبل قول الغاصب بيمينه؛ لأنه منكر وغارم، فإن كان للمالك بينة حُكم له بها.
(2)
أي: لو اختلفا في رد المغصوب إلى مالكه، أو في كونه معيباً، قُبل قول المالك بيمينه؛ لأن الأصل عدم الرد والعيب.
(3)
فمن كان بيده مغصوب أو مسروق أو غيرهما من الأمانات كالودائع ولم يعرف مالكها، أو عرفه لكنه ميت ولا وارث له، فله أن يتصدق به عنه بنية الضمان لربه، فمتى وجد ربها خُيِّر بين أن يكون له الأجر، أو يأخذ بدلها من الغاصب ونحوه، أو يسلمها للحاكم.
(تتمة) لو التقط لقطة لم يعرِّفها، أو لقطة يحرم التقاطها، فله أن يتصدق بها عن ربها بشرط الضمان، ومن الصدقة بها وقفها، أو شراء عين به يقفها، وله أن يدفعها إلى الحاكم، قال في الإقناع والمنتهى والغاية:(ويلزمه - أي: الحاكم - قبولها). ومثل المغصوب واللقطة: الرهون والودائع وسائر الأمانات والأموال المحرمة؛ فيتصدق بها - إذا جهل ربها - مضمونة؛ لأن في الصدقة عنهم جمعاً بين مصلحة القابض بتبرئة ذمته، ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له، أو يدفعها للحاكم؛ لكن ليس لمن في يده شيء مما ذُكر أَخْذ شيء منها ولو كان فقيراً. والله أعلم. (بحث تحرير)
وَيسْقُطُ إثمُ غصبٍ
(1)
.
وَمن أتلف وَلَو سَهواً مُحْتَرماً ضَمِنَه
(2)
.
وإن ربط دَابَّة بطرِيقٍ ضيقٍ ضمن مَا أتلفته مُطلقًا
(3)
.
وإن كَانَت بيدِ رَاكبٍ أو قَائِدٍ أو سائقٍ
(4)
ضمن جِنَايَةَ مُقدَّمها
(5)
وَوَطْئِهَا برجلها
(6)
.
(1)
أي: إذا تصدق بها عنهم بشرط ضمانها، أو دَفَعَهَا للحاكم سقط عنه إثم الغصب - قال النجدي:(أي: مع التوبة) -؛ لأنه معذور عن الرد للمالك لجهله به، فالثواب لأربابها.
(2)
فيضمن المثلي بمثله، والمتقوم بقيمته.
(تتمة) يشترط لضمان المتلَف - غصباً كان أو غيره -: 1 - كونه مالاً له قيمة شرعاً، 2 - كونه محترماً، فلا يضمن مال حربي وآلة لهو، 3 - كون المتلِف مثلُه يضمن، فلا ضمان على محجور عليه لحظ نفسه أُعطي مالاً فأتلفه، لكنه يضمن إن أتلف ما لم يدفع إليه، 4 - أن يكون المتلِفُ غيرَ مكره، فإن كان مكرهاً فعلى مُكْرِهِهِ.
(3)
وقد خالف الماتنُ المذهب بتقييده الطريق بالضيق، كزاد المستقنع وعمدة الطالب. والمذهب: أن من ربط دابة بطريق ضيق أو واسع فتلف بذلك شيءٌ ضمنه الرابطُ سواء كانت الدابة له أو لغيره، وسواء كانت يده عليها أو لا. (مخالفة الماتن)
(4)
القائد: هو من يقودها من الأمام، والسائق: هو من يسوقها من الخلف.
(5)
أي: فمها، وكذا عندنا في نظام المرور، من يصدم غيره بمقدمة سيارته، فإن الضمان عليه. والله أعلم.
(6)
أي: ويضمن - الذي بيده الدابة - ما تلف بوطء الدابة عليه برجلها، ولا يضمن ما ضربته برجلها من غير سبب. والله أعلم.