المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الحدود (1) لَا تجب إلا على مُكَلّفٍ (2) مُلتَزِمٍ (3) عَالمٍ بِالتَّحْرِيمِ (4) ، - الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

[أحمد بن ناصر القعيمي]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ سماحة المفتي العام للمملكة

- ‌تقديم

- ‌تقريظ الشيخ محمد بن عبد الرحمن السماعيل

- ‌مقدمة أسفار

- ‌مصطلحات الحاشية:

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فصل (في الآنية)

- ‌فصل (في الاستنجاء)

- ‌فصل (في السواك وسنن الفطرة)

- ‌فصل (في الوضوء)

- ‌فصل (في المسح على الخفين)

- ‌فصل (في نواقض الوضوء)

- ‌فصل (في الغسل)

- ‌فصل (في التيمم)

- ‌فصل (في إزالة النجاسة)

- ‌فصل في الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل (في الأذان والإقامة)

- ‌فصل (في شروط الصلاة)

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل (في أركانها(1)وواجباتها)

- ‌فصل (في سجود السهو)

- ‌فصل (في صلاةِ التطوع)

- ‌فصل (في صلاة الجماعة)

- ‌فصل (في أحكام الإمامة)

- ‌فصل (في صلاة أهل الأعذار)

- ‌فصل (في القصر والجمع وصلاة الخوف)

- ‌فصل (في صلاة الجمعة)

- ‌فصل (في صلاة العيدين)

- ‌فصل (في صلاتي الكسوف(1)والاستسقاء)

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل (في غسل الميت وتكفينه)

- ‌فصل (في الصلاة على الميت وحمله ودفنه)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل (في زكاة الخارج من الأرض)

- ‌فصل (في زكاة الأثمان والعروض)

- ‌فصل (في زكاة الفطر)

- ‌فصل (في إخراج الزكاة وأهلها)

- ‌كتاب الصيام

- ‌فصل (في مفسدات الصوم وما يكره ويسن فيه)

- ‌فصل (في صوم التطوع)

- ‌فصل (في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌فصل (في المواقيت(1)ومحظورات الإحرام)

- ‌فصل في الْفِدْيَةِ

- ‌باب دخول مكة

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة

- ‌فصل (في أركان وواجبات الحج والعمرة)

- ‌فصل في (الهدي والأضحية)

- ‌كتاب الجهاد

- ‌فصل (في عقد الذمة)

- ‌كتاب البيع(1)وسائر المعاملات

- ‌فصل (في الشروط في البيع)

- ‌فصل (في الخيار)

- ‌فصل (في أحكام قبض المبيع)

- ‌فصل (في الربا والصرف)

- ‌فصل (في بيع الأصول والثمار)

- ‌فصل (في السلم)

- ‌فصل في (القرض)

- ‌فصل (في الرهن)

- ‌فصل (في الضمان(1)والكفالة والحوالة)

- ‌فصل (في الصلح)

- ‌فصل (في أحكام الجوار)

- ‌فصل (في الحجر)

- ‌فصل (في المحجور عليه لحظه)

- ‌فصل (في الوكالة)

- ‌فصل (في الشَّرِكَة)

- ‌فصل (في المساقاة(1)والمزارعة)

- ‌فصل (في الإجارة)

- ‌فصل (في لزوم الإجارة وما يوجب الفسخ)

- ‌فصل (في المسابقة)

- ‌فصل (في العارية)

- ‌فصل (في الغصب)

- ‌فصل (في تصرفات الغاصب وغيره)

- ‌فصل (في الشفعة)

- ‌فصل (في الوديعة)

- ‌فصل (في إحياء الموات)

- ‌فصل (في الجِعالة)

- ‌فصل (في اللقطة)

- ‌فصل (في الوقف)

- ‌فصل (في الهبة)

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل (في الموصى إليه)

- ‌كتاب الفرائض

- ‌فصل (في الجد مع الإخوة)

- ‌فصل (في الحجب)

- ‌فصل (في التعصيب)

- ‌فصل (في التأصيل والعول والرد)

- ‌فصل في ذوي الأرحام

- ‌فصل (في ميراث الحمل)

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل (في أركان النكاح وشروطه)

- ‌فصل (في المحرمات في النكاح)

- ‌فصل (في الشروط في النكاح)

- ‌فصل (في العيوب في النكاح)

- ‌باب الصداق

- ‌فصل في الوليمة

- ‌فصل (في عشرة النساء)

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل (في تعليق الطلاق)

- ‌فصل (في الرجعة)

- ‌فصل (في الإيلاء)

- ‌فصل (في الظهار)

- ‌فصل (في اللعان وما يلحق من النسب)

- ‌باب العِدَد

- ‌فصل (في الرضاع)

- ‌باب النفقات

- ‌فصل (في نفقة الأقارب والمماليك والبهائم)

- ‌فصل (في الحضانة)

- ‌كتاب الجنايات

- ‌فصل (في شروط القصاص)

- ‌فصل (في العفو عن القصاص والقود فيما دون النفس)

- ‌فصل (في الديات)

- ‌فصل (في مقادير ديات النفس)

- ‌فصل (في ديات الأعضاء ومنافعها والشجاج)

- ‌فصل (في العاقلة(1)والقسامة)

- ‌كتاب الحدود

- ‌فصل (في حد المسكر)

- ‌فصل (في القطع في السرقة)

- ‌فصل (في حد قطاع الطريق(1)وفي البغاة)

- ‌فصل (في المرتد)

- ‌فصل (في الأطعمة)

- ‌فصل (في الذكاة)

- ‌فصل (في الصيد)

- ‌باب الأيمان

- ‌فصل (في كفارة اليمين وجامع الأيمان)

- ‌فصل (في النذر)

- ‌كتاب القضاء

- ‌فصل (في الدعاوى والبينات)

- ‌فصل (في القسمة)

- ‌كتاب الشهادات

- ‌فصل (في عدد الشهود)

- ‌فصل (في الشهادة على الشهادة)

- ‌كتاب الإقرار

الفصل: ‌ ‌كتاب الحدود (1) لَا تجب إلا على مُكَلّفٍ (2) مُلتَزِمٍ (3) عَالمٍ بِالتَّحْرِيمِ (4) ،

‌كتاب الحدود

(1)

لَا تجب إلا على مُكَلّفٍ

(2)

مُلتَزِمٍ

(3)

عَالمٍ بِالتَّحْرِيمِ

(4)

، وعَلى إمامٍ

(1)

الحدود: جمع حد، وهو لغة: المنع، وشرعاً: عقوبة مقدرة من الشارع في معصية - من زنا وقذف وشرب وقطع طريق وسرقة - لتمنع من الوقوع في مثلها.

والجنايات الموجبة للحدود عند الحنابلة خمس: الزنا، والقذف، والسرقة، وقطع الطريق، وشرب الخمر.

(2)

شروط من يجب عليه الحد ثلاثة: (الشرط الأول) كونه مكلفاً: أي: بالغاً عاقلاً.

(3)

(الشرط الثاني) كونه ملتزماً: أي: ملتزماً بأحكام الإسلام، فيدخل في ذلك المسلم والذمي، ويستثنى الذمي من حد شرب الخمر فلا يقام عليه؛ لاعتقاده حلها. وأما المستأمن والمعاهد: فتقام عليهما الحدود التي فيها حق لآدمي كحد السرقة والقذف، بخلاف ما كان حداً لله تعالى كالزنا بغير مسلمة، فلا يقام عليهما الحد. (تحرير مهم)

(4)

(الشرط الثالث) كونه عالماً بالتحريم: أي: بتحريم الجنايات الخمس الموجبة للحد كالزنا، فلا حد على جاهل بالتحريم إذا كان مثله يجهله، وكذا لو جهل تحريم المرأة التي وطئها، أما لو علم التحريم وجهل العقوبة المترتبة عليها، فإنه يقام عليه الحد، كما لو علم السارق تحريم السرقة وجهل أنها توجب قطع اليد.

ص: 707

أو نَائِبِهِ إقامتُها

(1)

.

وَيُضَربُ رجلٌ قَائِماً بِسَوطٍ لا خَلَقٍ وَلَا جَدِيدٍ

(2)

، وَيكون عَلَيْهِ قَمِيصٌ وقميصانِ

(3)

، وَلَا يُبْدِي ضَاربٌ إبطه

(4)

.

وَيُسنُّ تفريقُه على الأَعضَاءِ

(5)

، وَيجبُ اتقاءُ وَجهٍ وَرَأسٍ وَفرْجٍ ومقتلٍ

(6)

.

وامرأةٌ كَرجلٍ لَكِن تضربُ

(1)

أي: يجب على الإمام أو نائبه أن يقيم هذه الحدود، فإن أقامها غيرهما لم يضمن فيما حده الإتلاف كالرجم؛ لأنه غير معصوم، لكنه يعزر؛ لافتياته على الإمام، ولا يجوز للإمام إقامة الحد بعلمه، بل لا بد من البينة.

(2)

ذكر الماتن ما يشرع في الضرب: ومن ذلك: أن الرجل يضرب قائماً وجوباً - كما نقله ابن عوض عن الحفيد في حاشية دليل الطالب -، ويضرب بسوط لا خَلَق - وهو القديم البالي - الذي لا يؤلم، ولا جديد يجرح المضروب، كما نص عليه الإمام. وذكر في الكشاف أن السوط يكون من غير الجلد، وجزم به في الغاية، أي: يكون من الشجر، كما أشار إليه الخلوتي.

(3)

والقميص: هو ما نسميه الآن ثوباً، فيكون على المحدود قميص أو قميصان، والحكم في هذا مبهم، ويشترط أن لا يكون ما يلبس من ثياب الشتاء التي لا يشعر المحدود معها بأَلَم الجلد.

(4)

أي: لا يرفع الضارب يده ولا يمدها حتى يبدو إبطه؛ لأن ذلك مبالغة في الضرب، والحكم مبهم هنا، هل هو للكراهة أو التحريم؟ لم أر من بيّنه.

(5)

أي: يسن تفريق الضرب على الأعضاء، فلا يكرره على عضو واحد؛ ليأخذ كل عضو منه حظه، ولئلا يشق الجلد أو يؤدي إلى قتل المجلود.

(6)

فيحرم ضرب هذه المواضع، ومنها المقتل الذي يموت منه الإنسان بسرعة كالخصيتين والقلب.

(تتمة) يشترط في الجلد شرطان: 1 - أن ينوي الذي يقيم الحد - وهو الإمام أو نائبه - كونَ الجلد لله تعالى وللغرض الذي وضعه الله تعالى له، وهو الزجر، فلا يقصد به التشفي، وإلا أثم ولم يعد الضرب، 2 - والتأليم: فلا بد منه في الحد والتعزير، كما في الإقناع والغاية، فإن لم يؤلمه لم يحصل المقصود، ولا تشترط الموالاة في الضرب، بل يجوز تفريقه في الوقت.

ص: 708

جالسةً

(1)

، وتُشدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا وَتُمسَكُ يداها

(2)

، وَلَا يُحْفرُ لمرجومٍ

(3)

، وَمن مَاتَ وَعَلِيهِ حَدٌّ سقط

(4)

.

فيُرجَمُ زَانٍ

(5)

مُحصَنٌ حَتَّى يَمُوت

(6)

، وَغَيرُه يُجلَدُ مائةً ويُغرَّبُ

(1)

والحكم مبهم هنا كذلك، فهل يجب أن تضرب جالسة أو يسن ذلك؟ لم أجد من بيّنه. وقوله:(كرجل): أي: في كل ما تقدم إلا ما يستثنى.

(2)

لئلا تنكشف، وفي الإقناع:(تضرب المرأة في الظهر وما قارب الظهر).

(3)

لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفر للجهنية ولا لليهوديين لما رجمهم، والحكم مبهم هنا أيضاً، فهل يحرم أن يحفر له أو يكره؟ لم أجد من بيّنه.

(4)

وذلك لفوات المحل.

(تتمة) لو أتى الإنسان ما يوجب حداً، فإنه يسن له أن يستر على نفسه على المذهب، ولا يسن أن يعترف ويقر به عند الحاكم.

(5)

انتقل الماتن من هنا إلى الكلام عن حد الزنا. والزنا: فعل الفاحشة في قُبُل أو دُبُر.

(6)

وفي الإقناع: (بالحجارة وغيرها حتى يموت)، ولا يجمع له بين الجلد والرجم، قال في المنتهى:(ولا يجلد قبله، ولا ينفى)، ومثله في الإقناع.

ص: 709

عَاماً

(1)

، ورقيقٌ خمسين وَلَا يغرَّبُ، ومبعَّضٌ بِحِسَابِهِ فيهمَا

(2)

.

والمحصنُ مَنْ وطِئ زَوجتَه بِنِكَاحٍ صَحِيح فِي قُبُلهَا وَلَو مَرّةً

(3)

.

(1)

فغير المحصن يجلد مئة ويغرب عاماً، فيبعد عن البلد التي هو فيها، ولا يحبس في البلد التي نفي إليها؛ لعدم وروده، وذكر في الإقناع في التغريب:(إلى مسافة القصر في بلد معين، وإن رأى الإمام التغريب إلى فوق مسافة القصر فعل)، أما صاحب المنتهى فأطلق ولم يقيده بمسافة قصر، قال البهوتي في شرحه للمنتهى:(إلى ما يراه الإمام)، لكن صرح ابن النجار في شرحه (10/ 420) - في أثناء حديثه عن تغريب المرأة بدون محرم، وأنها تغرب إلى مسافة قصر قال -:(كالرجل)، فدل على أنه كالإقناع وأن الرجل يغرب مسافة قصر فأكثر، والمرأة تغرب مسافة قصر وأكثر إذا كان معها محرم، فإن تعذر فوحدها مسافةَ قصر.

(2)

فمن كان نصفه حر ونصفه عبد مثلاً، فإنه يجلد خمساً وسبعين ويغرب نصف عام.

(3)

المحصن الذي يرجم إذا زنى: من وطئ زوجته - لا سُرِّيتَه - بنكاح صحيح - لا باطل ولا فاسد - ولو كتابية في قُبُلها ولو في حيض أو صوم أو إحرام ونحوه، وهما - أي: الزوجان - مكلفان حران ولو مستأمنَين أو ذميَين. فشروط المحصن: 1 - أن يطأ زوجته في قبلها مع تغييب الحشفة أو قدرها من مقطوعها، 2 - وأن يكون ذلك بنكاح صحيح، 3 - وأن يكون الزوجان مكلفين، 4 - وأن يكونا حرين، 5 - وأن تتوفر هذه الشروط في كليهما حال الوطء في العقد الصحيح بأن يطأ الزوج العاقل الحر زوجته العاقلة الحرة، فإن اختل شرط منها ولو في أحدهما، فلا إحصان لواحد منهما؛ لأنه وطء لم يحصن أحدهما فلم يحصن الآخر كالتسري، ومن ذلك: لو تزوج بنتَ تسعٍ، فإن العقد صحيح لكنه لا يصير به محصناً؛ لأنها غير مكلفة.

ص: 710

وشروطُه ثَلَاثَةٌ

(1)

:

تغييبُ حَشَفَةٍ أصليةٍ فِي فرجٍ أصلي لآدَمِيٍّ وَلَو دُبُراً

(2)

وَانتِفَاءُ الشُّبْهَةِ

(3)

.

وثُبُوتُه

(4)

بِشَهَادَةِ أربعةِ رجالٍ عدُولٍ فِي مجلِسٍ وَاحِدٍ بزنا وَاحِدٍ مَعَ وَصفِهِ

(5)

أو إقرارِهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، مَعَ ذكرِ حَقِيقَةِ الوَطء

(1)

تابع الماتن المنتهى والغاية في جعل الشروط ثلاثة، أما صاحب الإقناع فجعلها أربعة بزيادة:(التكليف)، ولا حاجة له؛ لأنه تقدم في أول الحدود وأنها لا تقام إلا على المكلف.

(2)

شروط إقامة حد الزنا ثلاثة: (الشرط الأول) تغييب حشفة أصلية في فرج أصلي لآدمي ولو دبراً، ذكراً كان أو أنثى، والحشفة: رأس الذكر. وفي الغاية: (ويتجه: إحتمالٌ بلا حائل)، وقال الشيخ البهوتي في الكشاف:(لا حد على من غيبه بحائل). ويشترط أن يكون الموطوء آدمياً حياً - كما في المنتهى والإقناع -، فلو وطئ ميتاً أو بهيمة عُزر ولم يُحدَّ.

(3)

(الشرط الثاني) انتفاء الشبهة: فيشترط أن تكون المرأة محرمة على الواطئ حراماً محضاً لا تخالطه أدنى شبهة حل، ومن أمثلة ما فيه شبهة: الوطء في النكاح المختلف فيه كنكاح المتعة، والمحلل، ونحو ذلك.

(4)

(الشرط الثالث) ثبوته: إما بشهادة، أو إقرار.

(5)

شروط الشهادة على الزنا ستة: 1 - كون الشهود أربعة، 2 - وكونهم رجالاً، 3 - وكونهم عدولاً ظاهراً وباطناً، 4 - وكون شهادتهم في مجلس واحد يجلس فيه القاضي، ولو جاء اثنان على الساعة الثامنة والآخران على الساعة التاسعة مثلاً ما دام القاضي لم يقم من مجلسه، وإلا كانوا قذفة وجلدوا جميعاً، 5 - وأن يشهد الأربعة بزنا واحد، 6 - وأن يصفوا ذلك الزنا الذي وقع؛ لئلا يظنوا ما ليس بزنا أنه زنا كأن يرى رجلاً يقبل امرأة فيدعي أنه زنى بها، ومعنى وصفهم الزنا أن يقولوا: رأينا ذكره في فرجها.

ص: 711

بِلَا رُجُوع

(1)

.

(1)

ويثبت الزنا بإقرار الزاني المكلف المختار - ولو قناً - بثلاثة شروط: 1 - أن يقر أربع مرات، ولو في أكثر من مجلس كأن يقر في أيام مختلفة، فيصح، بخلاف الشهادة. (فرق فقهي) 2 - وأن يذكر حقيقة الوطء؛ لئلا يظن ما ليس بزنا أنه زنا، وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ماعزاً أسئلة كثيرة عندما أقر بالزنا؛ ليتحقق أنه وطئ المرأة، ولا يشترط أن يصرح بمن زنى بها. 3 - وألا يرجع عن الإقرار حتى يتم الحد، فلو رجع عن إقراره خلال تنفيذ الحد فقال: لم أزن، وجب إيقاف الحد، بخلاف الشهادة في الحدود، فلا يسقط الحد الثابت بها برجوع المشهود عليه؛ لأن الحد ثبت بأمر خارج. (فرق فقهي)

(تنبيه) إذا تخلف شرط من شروط وجوب الحد فلا يجب الحد؛ كما لو وطِئَ امرأةً ووجد الشرطان الأولان لكنه لم يثبت عليه، فلا يجب عليه الحد في الدنيا؛ لكن مسمى الزنا لا يسقط عنه، فيخشى عليه مما ورد من وعيد شديد للزناة، نسأل الله تعالى أن يعيذنا من عقابه وعذابه.

(تتمة) يجوز للقاضي أن يُلَقِّنَ مَن أقر بالحد الرجوعَ؛ كأن يقول له: لو رجعت عن إقرارك لكان أفضل ونحو ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أُتي بسارق أقر بالسرقة قال له: ما إخالك سرقت، أي: ما أظنك سرقت، رواه أبو داود. وقد رد ماعزاً ثلاث مرات عندما أقر بالزنا. فلا ينبغي للقاضي المسارعة إلى إقامة الحد على المقِر، بل ينصحه ويدعوه إلى الرجوع والتوبة، أما في القصاص وحقوق الآدميين، فلا يجوز للقاضي أن يلقِّن الخصمَ حجته. (فرق فقهي)

ص: 712

والقاذفُ

(1)

مُحصناً يُجلَدُ حُرٌّ ثَمَانِينَ

(2)

، ورقيقٌ نصفَهَا، ومبعَّضٌ بِحِسَابِهِ.

والمحصَنُ هُنَا: الحُرُّ المسلمُ العَاقِلُ العَفِيفُ.

(1)

القذف لغة: الرمي، واصطلاحاً: الرمي بالزنا أو لواط، أو الشهادة بأحدهما ولم تكمل البينة. والقذف محرم إجماعاً، وهو من كبائر الذنوب.

(تتمة) يشترط لوجوب حدِّ القذف: 1 - مطالبة المقذوف، وألا يرجعَ عن المطالبة حتى يقام الحد، 2 - وألا يأتي القاذف ببينة - وهي: أربعة رجال - بما قذفه به، 3 - وألا يصدقه المقذوف، فإن صدقه لم يحد، 4 - وألا يلاعن القاذفُ المقذوفة فيما لو كان بين زوجين، فإذا لاعن الزوج سقط عنه الحد، وتقدم في اللعان، 5 - وأن يقذفه بما يمكن حصول الزنا أو اللواط من المقذوف، فإن كان ممن لا يمكن فلا حدّ.

(2)

أي: فإذا قذف وهو مكلف مختار، ولو كان أخرس بإشارة مفهومة، ولو كان المقذوف ذات محرم، أو مجبوباً، أو خصياً، أو كانت المقذوفة رتقاء؛ حُدَّ الحر ثمانين جلدة لقوله تعالى:{والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة} [النور، 4].

ص: 713

وَشُرِطَ كَونُ مثله يَطَأُ أو يُوطَأُ لَا بُلُوغُه

(1)

.

وَيُعَزَّرُ

(2)

بِنَحوِ: يَا كَافِر، يَا مَلعُون، يَا أعور، يَا أعرج.

وَيجبُ التَّعْزِيرُ فِي كلِّ مَعْصِيّةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ

(3)

، ومرجعُهُ إلى

(1)

المحصن في باب القذف - خلافاً لباب الزنا - الذي يحد قاذفه من توفرت فيه خمسة شروط: 1 - كونه حراً، 2 - وكونه مسلماً، 3 - وكونه عاقلاً، 4 - وكونه عفيفاً عن الزنا ولو في الظاهر ولو تائباً عن الزنا، 5 - وكون مثله يطأ أو يوطأ، وهو ابن عشر وبنت تسع؛ للحوق العار لهما. ولا يشترط بلوغه ليكون محصناً، لكن لا يحد قاذف غير بالغ حتى يبلغ ويطالب به إِذَن؛ إذ لا أثر لطلبه قبل ذلك؛ لعدم اعتبار كلامه.

(تتمة) يثبت القذف بأحد أمرين: بشهادة رجلين يأتي بهما المقذوف ليقام الحد على قاذفه، أو بإقرار القاذف مرة.

(2)

التعزير لغة: المنع، واصطلاحاً: التأديب، كذا في المنتهى والإقناع والغاية، وزادوا بعده: فيجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وسيذكره الماتن.

(تتمة) لا تشترط المطالبة لإقامة التعزير على المذهب، كما في المنتهى والإقناع. واستثنى الإقناعُ - ونحوه في الغاية - صورة، وهي: ما لو شَتَمَ الولدُ والدَه، فلا يعزر إلا بمطالبة الوالد؛ لإمكان الأب أن يؤدبه بنفسه، ولم يستثن المنتهى - كالتنقيح - هذه الصورة ولا غيرها، ونبه على هذه المخالفة البهوتي في الكشاف، والمذهب ما في المنتهى، والله أعلم. (مخالفة)

(3)

فالتعزير يكون على فعل المحرمات: كالقذف بغير الزنا، والمباشرة دون الفرج، والخلوة بامرأة أجنبية، والجناية التي لا قود فيه، والصفعة، واللعن، والسب، والشتم

وكما يكون التعزير على فعل المحرمات، فإنه يكون أيضاً على ترك الواجبات: ومن جنس ذلك: كتم ما يجب بيانه كالبائع المدلس في المبيع بإخفاء عيب ونحوه، والمؤجر المدلس.

ص: 714

اجتِهَادِ الإمَامِ

(1)

.

(1)

فيختار من العقوبات الجائزة في التعزير ما يراه مناسباً.

(تتمة) ما يجوز التعزير به: 1 - الجلد، ولا يزاد على عشر جلَدات في المذهب - ولم أقف على بيان لحكم الزيادة على عشر جلَدات، والظاهر: التحريم -؛ للحديث: «لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» ، متفق عليه، وفي الإقناع:(ويجوز نقص التعزير عن عشر جلدات إذ ليس أقله مقدرًا، فيرجع إلى اجتهاد الإمام والحاكم فيما يراه، وما يقتضيه حال الشخص)، 2 - والحبس، 3 - والصفع، 4 - والتوبيخ، كقوله له: كيف يصدر هذا من مثلك؟ 5 - والعزل عن الولاية كأن يُفصل من وظيفته، 6 - وتسويد الوجه، 7 - والمناداة عليه بذنبه بين الناس، 8 - والنيل من عرضه، كأن يقال له: يا ظالم! يا معتدي! 9 - وبإقامته من المجلس.

وما يحرم التعزير به: 1 - حلق اللحية، 2 - وقطع الطرف، 3 - والجرح، 5 - وأخذ المال، خلافاً لشيخ الإسلام الذي يرى جواز التعزير بالمال، 6 - وإتلاف المال. والله أعلم.

ص: 715