الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في بيع الأصول والثمار)
(1)
وإذا بَاعَ دَاراً
(2)
شَمل البيع أرضَها
(3)
، وبناءَها
(4)
، وسقفَها، وباباً مَنْصُوبًا
(5)
، وسُلَّماً ورفًّا مسمورَيْن
(6)
،
(1)
سيتناول المؤلف في هذا الفصل بيع الأصول والثمار. والأصول: جمع أصل، وهو ما يتفرع عنه غيره، والمراد به هنا: بيع الأراضي والدور والبساتين. والثمار: جمع ثمرة، وهي معروفة. وهذا الباب تابع لما تقدم في البيع، لكنّ بيع الدور، والأراضي، والأشجار، والثمار، والزروع له أحكام وأحاديث تخصه، فيُفرد بالذكر.
(2)
بدأ المصنف بـ (القسم الأول) وهو بيع الدور، ومثلُ بيعها: هبتها ورهنها ووقفها. والمراد: إذا باع ونحوه داراً ما الذي يدخل في البيع ونحوه؟
(3)
أي: التي يصح بيعها، بخلاف ما فُتح عنوة كسواد العراق ومصر والشام. ويدخل في بيع الأرض معدِنُها الجامد كالذهب والحديد؛ لأنه من أجزائها، ولا يدخل المعدن الجاري كالنفط - وهو البترول الآن -، بل الناس فيه شركاء، لكنه يُملك بحيازته.
(4)
أي: البناء الموجود في هذه الدار.
(5)
مثبتاً في الدار.
(6)
السلم يسمى المرقاة، كالدرج الآن، ولا يدخل في البيع إلا إذا كان مثبتاً في الدار، وكذا لا يدخل الرف إلا إذا كان مسمراً في الجدار.
وخابيةً مدفونةً
(1)
، لَا قُفْلاً، ومفتاحاً، ودلواً، وبكرةً
(2)
وَنَحْوهَا، أو أرضاً
(3)
شَمِل غرسَها
(4)
، وبناءَها
(5)
، لَا زرعاً
(6)
وبذرَه إلا بِشَرْط
(7)
، وَيصِح مَعَ
(1)
وهي: الوعاء الذي يحفظ فيه الماء، فالخابية المدفونة في الأرض تدخل في البيع ونحوه.
(2)
التي يُخرج بها الماء، فلا تدخل جميع هذه الأشياء في البيع ونحوه.
(3)
(القسم الثاني) الأراضي، فإذا باع أو رهن أو وهب أرضاً ما الذي يدخل في البيع ونحوه؟
(4)
الغرس: كل ما له ساق، وهو في المذهب ملحق بالبناء.
(5)
أي: الموجود في الأرض، فيدخل في البيع.
(6)
فلا يدخل في بيع الأرض، وإنما هو للبائع إلا أن يشترطه المشتري. والزرع في المذهب أنواع: 1 - ما يحصد كالشعير والقمح، 2 - وما يُجزُّ كالبرسيم والنعناع والأوراق الخضراء ونحوها، 3 - وما يُلتقط كالباذنجان والخيار، 4 - وما المقصود منه مستتر في الأرض كالبصل والجزر والفجل والثوم.
(تتمة) الثمار قسمان: 1 - ثمارٌ أصولها من الزروع كالباذنجان والطماطم، 2 - وثمار أصولها من الأشجار، وأحكامهما متقاربة.
(7)
أي: إذا باع الأرض وفيها بذرٌ بَذَرَهُ البائعُ قبل البيع، فلمن يكون هذا البذر بعد البيع؟ فيه تفصيل: لا يخلو نوع البذر: 1 - أن يكون هذا البذر إذا خرج زرعه يبقى أصله في الأرض كالقت، والنعناع، أو يبقى له أصل ظاهر على الأرض - وهو ما تتكرر ثمرته - كالطماطم والباذنجان، فبذور هذه إذا بيعت الأرض تكون للمشتري، 2 - أن يكون هذا البذر لا يبقى له أصل في الأرض إذا حُصد كالحبوب من البر والأرز، فإذا بيعت الأرض فالبذر يكون للبائع مبقىً للحصاد بلا أجرة إلا أن يشترطه المشتري. فإن لم يعلم المشتري بهذا البذر، فله فسخ البيع أو إمضاؤه مجاناً. (تحرير)
جهل ذَلِك
(1)
.
وَمَا يُجَزُّ أو يلقط مرَارًا فأصوله لمشترٍ، وجِزةٌ ولَقْطةٌ ظاهرتان لبائع
(2)
مَا لم يشرطه مُشْتَر
(3)
.
وَمن بَاعَ نخلاً
(4)
تشقق طلعُه فالثمرُ لَهُ
(5)
مُبقَّى إلى جدَادٍ
(6)
مَا لم
(1)
أي: لو عقد المشتري البيع جاهلاً أن الزرع أو البذر للبائع ثم تبين له ذلك، فإن العقد صحيح، لكن له الخيار بين الفسخ والإمضاء.
(2)
فما يجز مراراً كالنعناع، وكذا ما يُلْقَطُ مِراراً كالطماطم، فأصوله للمشتري. والأصول: هي ما يوجد في الأرض والأغصان ونحو ذلك، أما الجزة واللقطة الظاهرتان فهما للبائع. ويشترط أن يقطعها في الحال؛ لأنها ليس لها حد تنتهي إليه. والجِزة بكسر الجيم: ما تهيأ لأن يجز، وبالفتح: المرة - كما في المطلع -.
(تنبيه) يجب على البائع قطع الجزة الظاهرة، واللَّقطة الأولى ونحوها في الحال - أي: فوراً -؛ لأنه ليس له حد ينتهي إليه، وربما ظهر غيرُ ما كان ظاهراً، فيعسر تمييز حق كل منهما.
(3)
فتكون له إذا اشترطها، وذلك في كل ما تقدم.
(4)
(القسم الثالث) بيع النخيل.
(5)
الطلع بفتح الطاء - خلافاً لقول البهوتي أنه بكسر الطاء ونسبه لحاشية الحجاوي على الإقناع -: وعاء العنقود. وكل نخلة أنثى يكون لها طلع تلقح فيه. وظاهر عبارة الماتن أن الثمر - فقط - لمعطٍ نخلاً من بائع ونحوه منذ تشقق وتفتح الطلع ولو لم يؤبّر النخل، وهذا هو المذهب. والتأبير: هو التلقيح، وهو وضع طلع الفُحَّال - على وزن تفاح - في طلع الثمر، والفُحَّال: هو ذكر النخل الذي يلْقِح حوامل النخل. وفي الحديث: «من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر، فثمرتها للذي باعها إلا أن يشترط المبتاع» ، متفق عليه، وظاهر الحديث أن الثمار تكون للبائع إذا أبرها ولقحها، وإلا فهي للمشتري؛ لكن الحنابلة يقولون: الحكم منوط بالتشقيق وإن لم يؤبر، لصيرورته في حكم عين أخرى وإنما نص على التأبير لملازمته التشقق غالبا؛ فيحصل التأبير بعد التشقق، ولذا علقوا الأمر بالتشقق لا بالتلقيح.
وفي المبدع: (وعنه: الحكم منوط بالتأبير لا بالتشقيق، وهو ظاهر الخبر، فبعده للبائع، وقبله للمشتري، ذكره ابن أبي موسى ونصره الشيخ تقي الدين، وهو المختار).
(تنبيه) يستثنى مما ذكره الماتن - من كون المتشقق للمعطي - ما لو أوقف شخص نخلاً أو أوصى به، فتدخل الثمرة في الوقف والوصية أُبر النخل أم لم يؤبر، تشقق طلعه أو لم يتشقق.
(6)
قوله: مبقى: أي: متروكاً في النخل إلى الجداد، وذلك حين تتناهى حلاوة ثمرها، وفي غير النخل حين يتناهى إدراكه. وتبقيته إلى الجداد مُقيد بما إذا لم تجر عادة بأخذه بسراً، فإن كان كذلك فيجدّه البائع إذا اكتملت حلاوته.
وقوله: إلى جداد: بالدال المهملة، وفي بعض النسخ: جذاذ، بالمعجمة، وكلاهما صحيح - كما في المطلع -، ومعناه: القطع. والجداد يشمل ثمار النخيل وغيرها، فيُترك إلى أوان أخذه.
يشرطه مُشْتَرٍ
(1)
، وَكَذَا حكمُ شجرٍ
(2)
فِيهِ ثَمَرٌ باد
(3)
، أو ظَهَرَ من نَوْرِه كمشمش
(4)
، أو خرج من أكمامه كوردٍ وقطنٍ
(5)
، وَمَا قبل ذَلِك
(6)
وَالْوَرقُ مُطلقًا
(7)
لمشترٍ.
وَلَا يَصح بيعُ ثَمَرٍ قبل بُدو صَلَاحه
(8)
، وَلَا زرعٍ قبل
(1)
أي: إذا اشترط المشتري أن يكون هذا المتشقق له، فهو له.
(2)
(القسم الرابع) الأشجار: والأصل في هذه الأحكام هو بيع النخيل، وألحق به الحنابلة ثمار الشجر.
(3)
أي: ظاهر، كالتين؛ فهذا النوع من الثمار يظهر مباشرة على أغصان الشجرة بدون أن يتقدمه زهر ولا غير ذلك، فإذا كان ظاهراً عند البيع فهو للبائع، وإلا فهو للمشتري.
(4)
هذا النوع من الثمار يُزهر أولاً ثم تتفتح الزهرة وتخرج الثمرة وسط الزهرة. والنَّور - بفتح النون -: الزهر، وله ألوان مختلفة؛ فإذا كان الثمر ظاهراً وقت البيع ولو لم يبد صلاحه فهو للبائع، وإلا فهو للمشتري.
(5)
الأكمام جمع كم، والمراد بِالكِمّ - بكسر الكاف كما في مختار الصحاح وكشاف القناع -: الغلاف، فإذا خرج الورد من غلافه وتفتح قبل البيع فهو للبائع، وإن لم يتفتح فهو للمشتري.
(6)
أي: قبل تشقق الطلع، وظهور الثمر من نَوره، وخروجه من أكمامه.
(7)
أي: الورق الذي على الأشجار مطلقاً للمشتري سواء كان يُقصد أخذُه كورق العنب أو لا.
(8)
هذا القسم الخامس (بيع الثمار والزروع): ويحرم بيعها قبل بدو الصلاح في الثمر، واشتداد الحب في الزرع؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها، متفق عليه.
اشتداد حبِّه
(1)
لغير مَالكِ أصلٍ أو أرضه
(2)
إلا بِشَرْط قطعٍ إن كَانَ مُنْتَفعاً بِهِ وَلَيْسَ مشَاعاً
(3)
،
وَكَذَا بقل ورطبةٌ
(4)
وَلَا قثاءٍ وَنَحْوِه
(1)
وسيأتي إن شاء الله وصف اشتداد الحب وبدو صلاح الثمر.
(2)
يستثنى من تحريم بيع الثمر قبل بدو صلاحه وبيع الزرع قبل اشتداد حبه ثلاث صور: (الصورة الأولى) أن يباع الثمر الذي لم يبد صلاحه لمالك الشجر والنخيل، أو يباع الزرع الذي لم يشتد لمالك الأرض - ولا يقال: مالك الأصل؛ لأن الزرع ليس له أصول -؛ فمن باع أرضاً فيها زرع فالزرع له، فإن باع الزرع قبل أن يشتد لمشتري الأرض بعد ذلك جاز؛ لأنه باعه لمن يملك الأرض.
(3)
(الصورة الثانية) يجوز بيع الثمر قبل بدو صلاحه، والزرع قبل اشتداد حبه إذا اشترط قطعه في الحال. وإنما يصح هذا بقيدين: 1 - أن يكون منتفعاً به؛ لأنه إذا قطعه ولم ينتفع به كان إسرافاً وتبذيراً، 2 - وأن لا يكون الثمر أو الزرع مشاعاً، كأن يملك نصف الثمار لكن لا يُعلم عين الثمر الذي يملكه، فلا يجوز بيعه إذن. والمشاع هو: معلوم القدر مجهول العين.
(تتمة)(الصورة الثالثة) يجوز أيضاً بيع الثمر قبل بدو صلاحه إذا باعه مع أصله، أي: باع الشجر مع ثمرها، ومثل ذلك الزرع قبل أن يشتد حبه إذا بيع مع الأرض.
(4)
البقل: كل نبات اخضرت به الأرض - كما قال عثمان النجدي - كالجرجير، والنعناع، والبقدونس والبصل. والرطبة: القَتّ، وتسميه العامة عندنا في الأحساء: الجت، وهو البرسيم، فيجوز بيعها. والمراد: أنه لا يصح بيع البقول والرطبة مفردة - لغير مالك الأرض - بعد بدو صلاحها - كما في الإقناع - إلا جزة مرئية موجودة عند البيع بشرط القطع في الحال، وكان مما ينتفع به أيضاً كما تقدم.
إلا لَقطَةً لَقطَةً
(1)
أو مَعَ
(1)
أي: لا يجوز بيع الثمار التي من الزرع الذي تتكرر ثمرته إلا في حالتين: (الحالة الأولى): أن يباع منها اللَّقطة الظاهرة المرئية منه كالباذنجان والقثاء - وهو نوع من الخيار -، ويدل على ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع السنين، كما هو عند مسلم. فلا يصح أن يقول شخص لصاحب مزرعة: بعني ما تنتجه مزرعتك من الباذنجان لمدة سنة؛ لأنه بيع معدوم، فقد يوجد في المستقبل وقد لا يوجد، وهو أيضاً بيع لمعدوم عند العقد. فلا يصح بيع إلا ما يوجد وقت العقد، بخلاف شيخ الإسلام فيرى جواز ذلك.
(تنبيه) لم يذكر الأصحابُ هنا القطعَ في الحال فيما إذا باع ثمر الزرع الذي تتكرر ثمرته كالقثاء والباذنجان بعد بدو الصلاح. أما إذا بيع قبل بدو الصلاح، فإنهم جوزوه بشرط القطع في الحال وكان يُنتفع به، كما قرره صريحاً في الإقناع وشرحه، انظر الكشاف (8/ 74).
وهذا على التفصيل التالي: وهو أنه يجوز بيع ثمار الزرع بدون أصولها - أي أغصانها -، ولا يخلو حالها:
1 -
إن بيعت بعد بدو الصلاح، فيجوز للقطة الظاهرة فقط، دون ما لم يخلق، ولم يذكروا اشتراطَ قطعها في الحال هنا؛ لكن تقدم أول الباب فيما لو باع أرضاً وفيها ما يلقط، فيكون للبائع، قالوا:(وعليه قطعه في الحال فوراً؛ لأنه ليس له حد ينتهي إليه، وربما ظهر غيرُ ما كان ظاهراً، فيعسر تمييز حق كل منهما)، وهذا يشمل ما بدا صلاحه وما لم يبد، وهذه العلة متحققة هنا فيما لو اشترى اللَّقطة الظاهرة، فيشترط قطعه في الحال سواء بدا صلاحه أو لا، وإلا بطل البيع، والله أعلم.
2 -
وإن بيعت قبل بدو صلاحها جاز بشرط قطعها في الحال وكان يُنتفع بها، والله أعلم. والحاصل: أنه يجوز بيع ثمار الزرع بعد بدو الصلاح، وكذا قبله بشرط القطع في الحال فيهما، ويزاد في الأخيرة أن ينتفع به، والله أعلم. (بحث وتحرير)
(تنبيه) يلاحظ مما سبق: جواز بيع البقول والثمار التي من الزروع بعد بدو صلاحها بشرط قطعها في الحال، بخلاف الثمار التي على الأشجار، فإنه يجوز بيعها بعد بدو صلاحها ولو بلا شرط قطعها في الحال. ولعل العلة في ذلك: أن الثمار التي من الزروع لا تخرج دفعة واحدة، فإن لم يقطع الموجود خرج غيره مما هو ملك للبائع واختلط بملك المشتري. وزد على ذلك أن هذه الثمار لا يقف نموها عند حد معين، بل إن أُبقيت في أغصانها استمر نموها واختلط إذَنْ حق البائع وحق المشتري، بخلاف الثمار التي على الأشجار والنخيل، فإنَّ لنموها حدا. (فرق فقهي)
أصله
(1)
، وإن تُرك مَا شُرط قطعُه بَطل البيعُ بِزِيَادَةٍ غيرِ يسيرَةٍ
(2)
إلا الْخشبَ
(1)
هذه (الحالة الثانية) التي يجوز فيها بيع الثمر الذي من الزرع، وهي: إذا بيعت اللَّقطة مع أصلها - أي: أغصانها - جاز، ولو لم تُبع معه أرضه كما في الإقناع، ولو لم يبد صلاحه، كما في الغاية.
(2)
أي: إذا اشترى ثمراً أو غيره بشرط القطع في الحال، وتركه فلم يقطعه، وزادت زيادة غير يسيرة عرفاً بطل البيع، أما الزيادة اليسيرة عرفاً كيومين - كما في الإقناع والغاية -، فلا تضر. ويدخل فيها الصور الآتية:
الأولى: إذا باع الثمر الذي من النخيل والأشجار قبل بدو صلاحه بشرط القطع في الحال.
الثانية: إذا باع الزرع قبل اشتداد حبه بشرط القطع في الحال.
الثالثة: الرطبة والبقول إذا باعها ولو بعد بدو الصلاح بشرط القطع في الحال، فمتى طالت الجزة بطل البيع.
الرابعة: الثمر الذي تتكرر ثمرته كالقثاء ونحوه قبل بدو الصلاح أو بعده، فيشترط في صحة بيعها القطعُ في الحال، فمتى كبرت اللقطة بطل البيع.
(تتمة) متى بدا صلاح الثمر واشتد الحب جاز بيعه مطلقاً - بلا شرط قطع أو تبقية -، وبشرط التبقية.
(تنبيه) تقدم أنه يستثنى من مسألة صلاح الثمر ما تتكرر ثمرته كالقثاء ونحوه، فلا يجوز بيعه بشرط التبقية ولا مطلقاً، ويشترط لصحة بيعه قطعه في الحال.
فَلَا، ويشتركان فِيهَا
(1)
.
وحصادٌ ولَقَاطٌ وجدادٌ على مُشْتَر
(2)
، وعَلى بَائِع سقيٌ وَلَو تضرر أصل
(3)
. وَمَا تلِف سوى يسيرٍ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ
(1)
أي: في الزيادة. فالخشب مستثنى من بطلان البيع بالزيادة غير اليسيرة، وذلك إذا بيع بشرط القطع وتُرك حتى زاد فلا يبطل البيع بذلك، ويشتركان في الزيادة نصاً؛ فَيُقَوَّم الخشب يوم العقد ويوم القطع، ويشتركان في الزيادة التي بين القيمتين.
(2)
ما لم يشترط المشتري ذلك على البائع. والحصاد: للزرع، واللَّقَاط: لما يلقط، والجداد والجذاذ: قطع الثمار.
(3)
أي: لو اشترى ما بدا صلاحه لزم البائع - لأن «على» للوجوب - سقيُ الأشجارِ والنخيلِ - ولو لم تحتج إليه - حتى يأتي أوانُ أخذ الثمر ولو تضرر الشجر بذلك، قال البهوتي:(بخلاف شجر بيع وعليه ثمر لبائع، فلا يلزم مشترياً سقيه؛ لأن البائع لم يملكه من جهته، وإنما بقي ملكه عليه). (فرق فقهي)
فعلى بَائِعٍ
(1)
مَا لم يُبع مَعَ أصلٍ أو يُؤَخَّر أخذٌ عَن عَادَتِه
(2)
.
(1)
هذه مسألة مشهورة، وهي: وضع الجوائح، والجائحة: آفة سماوية - من عند الله تعالى - تُتْلِفُ الثمارَ أو بعضها كالأمطار الشديدة والغبار. فالثمار التالفة بسبب الجوائح تكون من ضمان البائع - وهذا معنى وضع الجوائح - وإن كان المشتري قد قبضها بالتخلية وقبل الجداد؛ لأنه قبضٌ غير تام. والتخلية: أن يخلي البائع بين المشتري والثمار، فلا يمنعه شيء من الوصول إليها وأخذها، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«لو بعت من أخيك ثمراً فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ من ماله شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق» ، رواه مسلم. وقوله: سوى يسير: أي: لا يبطل البيع بتلف يسير من الثمار بآفة سماوية، أما لو أخذ المشتري الثمرةَ ووضعها في الجرين ثم أصابتها جائحة، فالضمان عليه.
ولها ثلاث أحوال: الأولى: أن تتلف الثمار قبل القبض، فمن ضمان البائع، الثانية: أن تتلف بعد القبض - ويكون بالتخلية - وقبل الجداد، فمن ضمان البائع أيضاً، الثالثة: أن تتلف بعد القبض والجداد، فمن ضمان المشتري.
(2)
هذه حالات يكون فيها الضمان على المشتري: 1 - أن تباع الثمار مع أصلها كأن يبيع الثمر مع الشجر، 2 - أو يؤخر المشتري أخذ هذه الثمار عن عادته فتتلف بجائحة، 3 - ذكر صاحب كشاف القناع حالة ثالثة - وقال: ولم أره منقولاً -: أن يباع الثمر الذي بدا صلاحه لمالك الأصل، فإن تلف بجائحة بعد ذلك فمن ضمان المشتري؛ لحصول التسليم التام.
(تتمة) وضع الجوائح في المذهب خاص بالثمار التي من الزروع أو من النخيل والأشجار فقط. أما الزروعُ التي تحصد كالبر، أو تجز كالبرسيم والنعناع، فهي من ضمان المشتري إذا تلفت بالجائحة على ما ذكر الشيخ منصور، وقد خالفه صاحب غاية المنتهى فجعلها من ضمان البائع كالثمار- وهو اختيار الشيخ السعدي كما في الفتاوى السعدية -، لكن الرحيباني تعقبه، وذكر أنه قول مرجوح. (خلاف المتأخرين)
(تتمة) إن تلف الثمر أو غيرُه بصنع آدمي خُيِّر مشتر بين فسخ أو إمضاء ومطالبة المتلِف بالبدل.
وَصَلَاحُ بعضِ ثَمَرَةِ شَجَرَة صَلَاحٌ لجَمِيع نوعها الَّذِي فِي الْبُسْتَان
(1)
،
فصلاحُ ثَمَرِ نخل أن يحمرَّ أو يصفرَّ
(2)
، وعنبٍ أن يتموه بِالْمَاءِ الحُلو
(3)
،
(1)
أي: لو صلُح بعض ثمر شجرة حُكم بصلاح كل الثمر الذي على الشجرة، وكذا جميع شجر البستان الذي من نوعها فقط، فيجوز إذن بيع النوع كله ولو لم يبد الصلاح في بعضه. أما لو باع شجرة بمفردها، فإنها تعتبر بنفسها، فإن بدا الصلاح فيها أو في بعضها جاز بيعها وإلا فلا. فإذا كان للبائع أنواع من التمر مثلاً كالخلاص والشيشي، فبدو الصلاح في بعض الخلاص يكون صلاحاً لنخل الخلاص فقط، لا غيره. (فرقان فقهيان فتأمل فيهما)
(تتمة) لو اشتد بعضُ حب، فالحكم فيه كالحكم في الثمار.
(2)
كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصابته الحمرة أو الصفرة فهو صالح، ويجوز بيعه إذن.
(3)
والمراد: أن يصفو لونه، ويظهر ماؤه، وتذهب مرارته.
وَبَقِيَّةِ ثَمَرٍ بُدُوُّ نُضجٍ وَطيبُ أكل
(1)
.
ويَشْمَلُ بيعُ دَابَّةٍ عذارَها
(2)
ومِقودَها
(3)
ونَعْلَها
(4)
، وقنٍّ لِبَاسَه لغير جمال
(5)
.
(1)
في بقية الثمار غير النخيل والعنب كالبرتقال، فإذا ظهر نضجها وطاب أكلها فقد بدا صلاحها وجاز بيعها.
(تنبيه) ما ذكره الماتن في صلاح الثمار هو الذي ذهب إليه صاحب الإقناع، وتابعه الغاية، ومشى عليه في الزاد والدليل. ومشى في المنتهى - تبعاً للتنقيح - على التقسيم التالي: 1 - إن كان الثمر يخرج دفعة واحدة، فالصلاح فيه طيب أكله وظهور نضجه سواء كان رُطباً أو عنباً أو غيرهما، 2 - وإن كان يخرج دفعة بعد دفعة كقثاء، فصلاحه أن يصل لحد يؤكل فيه عادة، وهو المذهب، والله أعلم. (مخالفة الماتن)
(تتمة) بدو الصلاح في الحب: أن يشتد أو يبيض. والمراد بالشدة: أن يصير صلباً بحيث لا ينضغط لو ضغط، أي: لا ينكسر.
(2)
أي: اللجام، وهذا للفرس.
(3)
وهو ما تقاد به الدابة غير الفرس.
(4)
أي: الحذاء الذي يكون في قدميها ورجليها.
(5)
أي: إذا بيع قن شمل البيعُ لباسَه الذي لغير جمال، أما ثياب الجمال فلا تدخل في البيع، والله أعلم.