الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في اللعان وما يلحق من النسب)
(1)
وَيجوزُ اللِّعانُ بَين زَوْجَيْنِ بالِغَيْن عاقلين
(2)
لإِسْقَاط الحَدِّ
(3)
.
(1)
اللعان لغة: مشتق من اللعن، وهو الطرد والإبعاد؛ لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذباً. واللعان شرعاً: شهادات مؤكدات بأيمان من الجانبَين مقرونة بلعن من زوج وغضب من زوجة. والأصل في اللعان من الكتاب قوله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم} الآيات [النور، 6 - 10]، ومن السنة: حديث عن سهل بن سعد رضي الله عنه: أن عويمرا العجلاني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«قد نزل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فأت بها» ، قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا قال عويمر: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتها! فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، متفق عليه، والظاهر أن اللعان حصل مرتين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم يحصل إلا في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله.
(2)
يشترط لصحة اللعان: (الشرط الأول) كونه بين زوجَين بالغَين عاقلَين، ولو قبل الدخول، فلا تصح ملاعنة الأجنبية أو الموطوءة بشبهة أو زنا.
(3)
الأصل وجوب الحد على من قذف غيره ولم يأت ببينة؛ للحديث: «البينة، وإلا حد على ظهرك» ، رواه البخاري، لكن الزوج إذا قذف امرأته ولم يأت ببينة وأكذبته وطالبت بالحد؛ فعليه الحد أو يلاعنها ليسقط الحدَ إن كانت محصنة، أو التعزيرَ إن كانت غير محصنة، فيسقط ذلك عنه ولو نكلت عن اللعان. أما الزوجة إذا رمت زوجها ولم تأت ببينة فعليها الحد، وليس لها أن تلاعن. (فرق فقهي)
(تتمة) شروط إحصان الزوجة خمسة: 1 - العقل، 2 - والإسلام، 3 - والحرية، 4 - والعفة بأن لا تُعرف بالفحش بين الناس، 5 - وأن تكون ممن يجامع مثلها، أي: بنت تسع سنين. فإذا اختل شرط منها لم يحد الزوج بقذفها، وإنما يعزر.
فَمن قذف زَوجتَه لفظاً
(1)
وكذّبته
(2)
، فَلهُ لعانُها بِأَن يَقُولَ أربعاً: أشهَدُ بِاللَّه إنِّي لصَادِق فِيمَا رميتها بِهِ من الزِّنَا
(3)
. وَفِي الخَامِسَةِ: وإن لعنة الله
(1)
(الشرط الثاني) أن يقذفها بالزنا - في القبل أو الدبر - لفظاً ولو كان أعمى، فيقول لها: يا زانية.
(2)
(الشرط الثالث) أن تُكذِّبه الزوجة في قذفه، وتستمر على التكذيب حتى ينقضي اللعان.
(3)
فيكرر ذلك أربع مرات، ويشير إليها إن كانت حاضرة وإلا سماها، ويشترط: أن يبدأ الزوج باللعان. وقوله: (بأن يقول: .. ): فلا يصح بالإشارة أو الكتابة. ويشترط أيضاً: حضور حاكم أو نائبه، وألا ينقص أحدُهما شيئاً من الألفاظ الخمسة.
(تتمة) لو نكل الزوج عن اللعان أو بعضِه فإنه يحد أو يعزر على ما سبق تفصيله، أما إذا لاعن الزوج ونكلت الزوجة، فإنها تحبس حتى تقر أو تلاعن، ولا ترجم بمجرد النكول؛ لأنها لو أقرت بلسانها ثم رجعت عن إقرارها لم ترجم، فأولى أن لا ترجم إن أبت اللعان.
إن كَانَ من الكَاذِبين. ثُمَّ تَقولُ هِيَ أربعاً: أشهَدُ بِاللَّه إنه لَكَاذِب فِيمَا رماني بِهِ من الزِّنَا. وَفِي الخَامِسَة: وإن غضبَ الله عَلَيْهَا إن كَانَ من الصَّادِقين.
فإذا تمّ سقط الحَدُّ وَثبتت الفرْقَةُ المؤبدةُ، وينتفي الوَلَدُ بنفيه
(1)
.
وَمن أتت زَوجتُهُ بِولدٍ بعد نصف سنةٍ مُنْذُ أمكن اجتماعُهُ بهَا
(2)
، أو لدونِ أربعِ سِنِين مُنْذُ أبانها وَلَو ابنَ عشرٍ
(3)
، لَحِقه نسبُهُ
(4)
، وَلَا يحكم
(1)
إذا تم اللعان ترتب عليه أربعة أحكام: (الحكم الأول) سقوط الحد عنها، وكذا عنه إن كانت محصنة، أو سقوط التعزير عنه إن كانت غير محصنة، (الحكم الثاني) ثبوت الفرقة المؤبدة بينهما، ولو بغير تفريق الحاكم، (الحكم الثالث) انتفاء الولد؛ لكن بشروط، وهي: 1 - أن يذكره في اللعان صريحاً أو ضمناً، 2 - أن ينفيه باللعان التام منهما لا من أحدهما، 3 - أن يكون الولد مولوداً، فلا يصح نفيه وهو حمل. (الحكم الرابع) ثبوت التحريم المؤبد بين المتلاعنَين ولو أكذب نفسه.
(2)
أي: يمكن إلحاق الولد بالواطئ إن أتت زوجته بولد سواء في نكاح صحيح أو فاسد أو شبهة لا بزنا. ويشترط لإلحاق الولد بالواطئ: 1 - أن تأتي به بعد نصف سنة منذ أمكن اجتماعهما، كأن يكونا في بلد واحد، فلا يشترط تيقن اجتماعهما، وذلك تشوفاً لإلحاق النسب. 2 - أن يكون الزوج ممن يولد لمثله وهو ابن عشر فأكثر.
(3)
فإن أتت به لأربع سنين فأكثر منذ أبانها لم يلحق به، وهذه الحالة متعلقة بالبينونة - سواء بطلاق أو فسخ - خلافاً لما قبلها.
(4)
أي: ولو كان هذا الزوج ابن عشر سنين وقت الوطء لا وقت الولادة، فإن هذا الولد يلحقه؛ للحديث:«الولد للفراش» متفق عليه.
بِبُلُوغِهِ مَعَ شكٍّ فِيهِ
(1)
.
وَمن أعتق أو بَاعَ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا، فَولدت لدون نصفِ سنةٍ لَحِقَه، وَالبيعُ بَاطِلٌ
(2)
.
(1)
هذه من المسائل التي تُبعّض فيها الأحكام حيث أُلحق الولد بالزوج الذي استكمل عشر سنين، ولم يُحكم ببلوغه إن شُك فيه؛ لأن البلوغ له علامات معلومة، وليس منها إلحاق الولد.
(2)
أي: من أعتق أو باع أَمَةً أقر بوطئها فولدت لأقل من نصف سنة منذ أن أعتقها أو باعها، فإن الولد يلحقه، ويبطل البيع لكونها أم ولد.