الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في العاقلة
(1)
والقسامة)
وعاقلةُ جَانٍ ذُكُورُ عصبتِهِ نَسَباً وَوَلَاءً، وَلَا عقلَ على فَقيرٍ وَغيرِ مُكَلّفٍ
(1)
العاقلة: هي من غَرم ثُلث الدية أو أكثر بسبب جناية غيره، وعاقلة الجاني: ذكور عصبته نسباً وولاءً على ما تقدم في الفرائض، فيدخل فيها: الأبناء، والآباء، والإخوة، وأبناء الإخوة، والأعمام، وأبناؤهم. وليس من العاقلة: الإخوة لأم، ولا الزوج، ولا ذوو الأرحام. ولا يعتبر في العاقلة كونهم وارثين في الحال، بل عليهم العقل حتى لو حُجبوا. ومقدار ما يتحمله كل واحد منهم: يرجع إلى اجتهاد الحاكم، ويُبدأ بالأقرب فالأقرب من العصبات في الإرث، وفي الإقناع - وتابعه الغاية -:(يبدأ بالآباء ثم الأبناء)، وتعقبه البهوتي في الكشاف:(بأن مقتضى كلام الإنصاف: أنه يبدأ بالأبناء ثم الآباء)، وأما في شرح ابن النجار فقال:(فيقسم على الآباء والأبناء ثم على الإخوة)، ومثله في شرح المنتهى للبهوتي! فظاهر كلامهما هنا: التسويةُ بين الآباء والأبناء، والذي في العصبات - التي أحالوا عليها -:(أقربهم ابن فأب)، وهو يوافق ما قرره البهوتي عن الإنصاف من تقديم الأبناء على الآباء، ولعله هو المذهب؛ لأنه الذي اتفقوا عليه، والله أعلم. (مخالفة) ثم بعد الآباء يأتي الإخوة، ثم بنوهم، ثم الأعمام، ثم بنوهم، ثم أعمام الأب، ثم بنوهم، وهكذا كميراث.
ومخالفٍ دينَ جَانٍ
(1)
.
وَلَا تحملُ عمداً
(2)
، وَلَا عبداً
(3)
، وَلَا صُلحاً
(4)
، وَلَا اعترافاً
(5)
، وَلَا مَا دون ثلثِ الدِّيَةِ
(6)
.
(1)
شروط من يجب عليه العقل: كونه ذكراً، مكلفاً، حراً، غنياً، موافقاً لدين الجاني.
(2)
وإنما تتحمل العاقلة: الخطأَ وشبهَ العمد، ولا يتحمل القاتل - في المذهب - مع عاقلته شيئاً من الدية، وإنما تجب عليه كفارة القتل، أما إن قتل عمداً، فالدية عليه وحده.
(3)
فلو قتل الجاني عبداً لم تتحمل العاقلة قيمتَه.
(4)
والمراد: صلح الإنكار - كما في الإقناع والمنتهى -، فكأنه اعترف بالحق على نفسه.
(5)
بأن يقر على نفسه بجناية وتنكر العاقلة ذلك.
(6)
أي: ثُلث الدية التامة، وهي دية الذكر المسلم، فلا تتحمل العاقلة ما دون ذلك كدية ثلاثة أصابع - وهي: ثلاثون من الإبل -، وأرش الموضحة - وهي خمس من الإبل -.
(تتمة) من لا عاقِلة له: قال في المنتهى وشرحه: (ومن لا عاقلة له، أو له) عاقلة (وعجزت عن الجميع) أي: جميع ما وجب بجناية خطأ (فالواجب) من الدية إن لم تكن عاقلةٌ، أو كانت وعجزت عن شيء منها، (أو تتمتُها) إن عجزت عن بعضها وقدرت على البعض (مع كُفْر جانٍ عليه) في ماله حالاًّ، (ومع إسلامه) أي: الجاني، الواجبُ أو تتمتُه (في بيت المال حالاًّ)).
وَمن قتل نفساً مُحرَّمَةً غيرَ عمدٍ أو شَاركَ فِيهِ فَعَلَيهِ الكَفَّارَةُ
(1)
،
وَهِي ككفارةِ ظِهَارٍ إلا أنها لَا إطعامَ فِيهَا
(2)
، وَيُكفِّرُ عبدٌ بِالصَّوْمِ
(3)
.
والقَسَامَةُ
(4)
أيمان مكررةٌ فِي
(1)
انتقل الماتن إلى الكفارة، فتجب الكفارة في قتل النفس - ولو نفسه - خطأ وشبه العمد، دون القتل العمد وقطع الأطراف، وسواء انفرد بالقتل أو شارك فيه غيرَه فعلى كل واحد كفارة. وقوله:(نفساً محرمة): خرج به قتلُ البهائم، وقتلُ النفس المباحة: كالمقتول قصاصاً أو حداً، وكذا الباغي والصائل، فلا كفارة في ذلك.
(تتمة) تتعدد الكفارة بتعدد القتل، ولا تتداخل.
(2)
فيجب فيها عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ولا إطعام فيها، فإن عجز عن الصيام بقيت الكفارةُ في ذمته حتى يقدر عليها.
(3)
لأنه لا مال له.
(4)
مثال وصورة القسامة: أن يدخل شخص في حي من الأحياء فيُقتل فيه، فيقوم ورثته باتهام شخص معين، فيؤمرون أن يحلفوا خمسين يميناً، فإن فعلوا استحقوا دمَ من عينوه - قصاصاً أو دية -، وإن لم يحلفوا حلف المدعى عليه يمينا واحدة وبراء، وهذا على خلاف الأصل والقياس حيث جُعِلتْ اليمين للمدعي، وإنما يُحكم بالقسامة مع عدم البينة، وقد أقر الرسول صلى الله عليه وسلم القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، رواه مسلم. ولها شروط عشرة، قال في كشف المخدرات:(وشروط صحتها عشرة: أحدها: اللوث، وهي العداوة الظاهرة، وُجد معها أثر قتل أو لا، ولو كانت مع سيد مقتول، الثاني: تكليف قاتل؛ لتصح الدعوى، الثالث: إمكان القتل منه، فلا تصح من نحو زَمِن، الرابع: وصف القتل في الدعوى كأن يقول: جرحه بسيف ونحوه في محل كذا من بدنه، أو خنقه ونحوه، فلو استحلفه حاكم قبل تفصيله لم يعتد به، الخامس: طلب جميع الورثة، السادس: اتفاقهم على الدعوى فلا يكفي عدم تكذيب بعضهم بعضاً؛ إذ الساكت لا ينسب إليه حكم، السابع: اتفاقهم على القتل، فإن أنكر بعضهم فلا قسامة، الثامن: اتفاقهم على عين قاتل نصاً، فلو قال: بعضهم قتله زيد، وبعضهم: عمرو، فلا قسامة، التاسع: كون فيهم ذكور مكلفون، ولا يقدح غيبة بعضهم ولا عدم تكليفه ولا نكوله، فلذكر حاضر مكلف أن يحلف بقسطه من الأيمان، ويستحق نصيبه من الدية، ولمن قدم أو كلف أن يحلف بقسط نصيبه ويأخذه، العاشر: كون الدعوى على واحد معين فلو قالوا قتله هذا مع آخر أو قتله أحدهما فلا قسامة) ..
دَعْوَى
(1)
قتلِ
(2)
مَعْصُومٍ
(3)
.
وإذا تمَّت شُرُوطهَا بُدئَ بأيمانِ ذُكُور عصبته
(4)
الوَارِثين، فَيحلفُونَ خمسين يَمِيناً، كلٌّ بِقدرِ إرثِهِ
(5)
(1)
أي: بلا بينة، فإن كان عند المدعي بينة قضي بها ولا قسامة كما في الإقناع.
(2)
في دعوى قتل عمد أو شبه عمد أو خطأ، ولا قسامة في دعوى جناية دون النفس كقطع الأطراف، والجروح.
(3)
فهي خمسون يميناً في دعوى قتل معصوم، سواء كان القتل عمداً أو شبه عمد أو خطأً، كما تقدم.
(4)
أي: عصبة القتيل.
(5)
فإن لم يكن إلا وارث واحد حلف كل الأيمان الخمسين. وإن كان الورثة زوجاً وابناً، فيحلف الزوج رُبع الأيمان، ويحلف الابن ثلاثة أرباعها.
وَيُجْبرُ كسرٌ
(1)
، فَإِن نكلوا أو كَانَ الكُلُّ نسَاء
(2)
حَلفهَا مدعى عَلَيْهِ وبَرِئَ
(3)
.
(1)
ففي زوج وابن، للزوج ربع الخمسين، وهي ثلاث عشرة يميناً بعد جبر الكسر، وللابن ثلاثة أرباع الخمسين، وهي ثمان وثلاثون يميناً بعد جبر الكسر.
(تتمة) متى حلف الذكور الوارثون فالحق الواجب بالقتل - حتى في قتل عمد - لجميع الورثة ذكوراً ونساء؛ لأنه حق ثبت للميت، فصار لجميع ورثته كالدين.
(2)
فلا يحلفنَ؛ لأنه لا مدخل للنساء في الدماء من قصاص أو حد كما سيأتي في الشهادات إن شاء الله، فلو قتلت امرأة أخرى في عرس مثلاً وشهد على ذلك امرأتان أو أربع أو أكثر لم يثبت القصاص.
(3)
أي: إن نكل العصبة الذكور عن الأيمان أو كان الكل نساءً، حلف المدعى عليه خمسين يميناً وبرئ، فإن لم يحلف فعليه الدية ولا قصاص. والله أعلم.