الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في المرتد)
(1)
وَالمرتَدُّ من كَفَرَ طَوْعاً وَلَو مُمَيّزاً بعد إسلامِهِ.
فَمَتَى ادّعى النُّبُوَّةَ
(2)
أو سبّ اللهَ
(3)
أو رَسُولَه
(4)
أو جَحَدَه
(5)
أو صفةً منْ صِفَاته
(6)
،
(1)
المرتد لغة: الراجع، وشرعاً: من كفر طوعاً ولو هازلاً - بنطق أو اعتقاد أو فعل أو شك - ولو مميزاً بعد إسلامه، وتثبت الردة: بشهادة رجلين أو بالإقرار.
(2)
أو صَدَّق من ادَّعاها فقد كفر؛ لأنه مكذب لكتاب الله تعالى.
(3)
السب والشتم، فمن سب الله تعالى أو تنقصه كفر.
(4)
أو تنقصه فإنه يكفر.
(5)
أي: جحد كون الله رباً، فأنكر ذلك مع علمه به.
(6)
وفي هذا تفصيل: فلو جحد صفة لله تعالى اتفق العلماءُ على إثباتها، أو صفةً ذاتيةً لازمةً كالعلم والحياة، فإنه يكفر، أما الصفات الفعلية كالخلق والرزق، فلا يكفر منكرها - كما ذكر الشيخ اللبدي -، ولذلك لم يكفر الحنابلةُ المعتزلةَ مع اشتهارهم بنفي الصفات قاله اللبدي، لكن من قال بخلق القرآن أو نفى الرؤية، فالصحيح - كما في الإقناع والمنتهى في كتاب الشهادات - أن من دعا إلى ذلك فإنه كافر، وكذلك العالم من الرافضة الذي يدعو إلى الرفض فإنه كافر، أما المقلدون منهم فإنهم فسقة، والقاعدة على المذهب: أن من قلد في بدعة مكفرة فإنه فاسق، ومن دعا إليها فهو كافر.
(تتمة): من أثبت الصفات وأوَّلَها كمن أوّل اليد بالقدرة، فلا يكفر، والأشاعرة - وهم من المؤولة في الصفات - ليسوا كفاراً حتى العالِم منهم، وهو رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
أو كتاباً
(1)
أو رَسُولاً
(2)
أو مَلَكاً، أو إحدى العِبَادَات الخمس، أو حكماً ظَاهراً مجمعاً عَلَيهِ
(3)
كَفَرَ، فيستتابُ ثَلَاثَةَ أيامٍ فَإِن لم يتبْ قتل
(4)
.
وَلَا تُقبلُ ظَاهراً
(5)
مِمَّن سبَّ الله أو رَسُولَه
(6)
، أو تَكَرَّرَتْ
(1)
أي: جحد كتاباً من الكتب التي أنزلها الله تعالى.
(2)
أي: جحد رسولاً من رسله المجمع عليهم، أو ممن ثبتت رسالته بالتواتر لا بالآحاد.
(3)
والمراد: ما أُجمع عليه إجماعاً قطعياً - كما في شرح المنتهى للبهوتي - كحرمة الزنا وحل الخبز، لا ما أجمع عليه إجماعاً سكوتياً أو ظنياً؛ لأن فيه شبهة.
(4)
فيستتاب ثلاثة أيام وجوباً، فإن تاب وإلا قُتل بالسيف. أما المميز، فتصح ردته لكن لا يقتل حتى يبلغ ويستتاب، ويستثنى من شرط العقل: السكرانُ إذا كان آثماً بسُكره، فتصح ردته.
(5)
أي: لا تقبل توبتهم ظاهراً في أحكام الدنيا، أما عند الله، فقد تُقبل.
(6)
السب: الشتم، كما في المطلع، فمن سب الله أو رسوله لم تقبل توبته ووجب قتله؛ لئلا يستهين ويستسهل الناس ذلك، وقد ألّف شيخ الإسلام كتاباً في من سب النبي صلى الله عليه وسلم سماه:(الصارم المسلول على شاتم الرسول).
رِدتُه
(1)
، وَلَا من مُنَافِق
(2)
وساحرٍ
(3)
.
(1)
أي: أسلم ثم ارتد، ثم أسلم ثم ارتد، وهكذا. واختلف الحنابلة في العدد المعتبر في تكرر الردة الذي يوجب عدم قبول التوبة ظاهراً، فأما صاحب الغاية فجعل أقله ثلاثة، فلا تقبل توبته في الردة الرابعة كالعادة في الحيض لا تثبت إلا في الشهر الرابع، وأما الشيخ منصور فنقل عن الإنصاف الاكتفاء بمرتين، فلا تقبل توبته في الردة الثالثة، ولعل الأول هو المذهب؛ لقوله تعالى:{إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً} [النساء، 137]، وازدياد الكفر يقتضي كفراً متجدداً، ولا بد من تقدم الإيمان عليه. (خلاف المتأخرين)
(2)
وهو: الذي يُظهر الإسلام ويبطن الكفر، فلا يمكن معرفة توبته؛ لأن ظاهره مسلم فما الذي سيظهره غير ذلك حتى تعلم توبته؟ قال البهوتي في شرح المنتهى:(والزنديق: لا يعلم تبين رجوعه وتوبته؛ لأنه لا يظهر منه بالتوبة خلاف ما كان عليه، فإنه كان ينفي الكفر عن نفسه قبل ذلك وقلبه لا يطلع عليه).
(3)
فلا تقبل توبته في الظاهر؛ لحديث جندب رضي الله عنه: «حد الساحر ضربة بالسيف» . والساحر تصعب توبته؛ لأن الجن لا تتركه، وإذا قُبض عليه فقد يتوب أمام الناس كي يُترك. والمراد بالساحر هنا: من يكفَّر بسحره، لا من عنده خفة يد.
(تتمة) توبة الكافر: لا يخلو: إما أن يكون كفره أصلياً، فتوبته تحصل بما يلي: بالنطق بالشهادتين، أو بقوله: أنا مسلم، أو: أسلمت، أو: أنا مؤمن. وإن كان مرتداً فلا يخلو: إن كان كفره بجحد فرض، فتوبته مع ما تقدم: أن يقر بما جحده، وإلا فتوبته كتوبة الكافر الأصلي. والله أعلم.
وَتجبُ التَّوْبَةُ من كلِّ ذَنب، وَهِي إقلاعٌ وَنَدمٌ وعزمٌ أن لَا يعودَ مَعَ رَدِّ مَظْلَمَةٍ
(1)
لَا استحلالٌ مِنْ نَحْوِ غيبَةٍ
(2)
وَقذفٍ.
(1)
شروط التوبة: 1 - الإقلاع، أي: ترك الذنب، 2 - والندم بقلبه على ما مضى، 3 - والعزم على عدم العودة، 4 - ورد المظلمة.
(2)
فلا يشترط في قبول التوبة أن يتحلل الإنسانُ ممن اغتابه فيطلب منه الحل، سواء بلغه أنه اغتابه أو لم يبلغه؛ لأن فيه زيادة غمٍّ، لكنه لو فعل لكان أفضل خروجاً من خلاف الشافعية.