الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب العتق
(1)
يُسن عتقُ من لَهُ كسب
(2)
، وَيكرهُ لمن لَا قُوَّةَ لَهُ وَلَا كسب.
(1)
العتق لغة: الخلوص، وشرعاً: تحرير الرقبة وتخليصها من الرق. والعتق من أفضل القربات، وهو مقدم في كثير من الكفارات. ويحصل العتق بأحد ثلاثة أمور: 1 - بالقول، كقوله لعبده: أعتقتك، 2 - وبالملك، بأن يملك ذا رحم محرم بنسب لا برضاع، ولا بمصاهرة، 3 - وبالفعل، كأن يمثِّلَ برقيقه فيقطع أنفه أو أذنه أو عضواً من أعضائه، فيعتق إذَن بلا حكم حاكم ولو حصل من غير قصد.
(2)
يسن أن يعتق الإنسانُ مَنْ كان صاحبَ دِين وله قدرة على الكسب.
وَلَا تصحُّ الوَصِيَّةُ بِهِ
(1)
بل تَعْلِيقُهُ بِالموْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ
(2)
، وَيُعْتَبرُ من الثُّلث
(3)
.
وَتُسنُّ كِتَابَةُ مَنْ علم فِيهِ خيراً وَهُوَ الكسْب وَالأَمَانَةُ، وَتُكرَهُ لمن لا كسب لَهُ
(4)
.
(1)
أي: لا تصح الوصية بالعتق، وفيه نظر! بل قال في الإقناع:(ومن التدبير الوصية بالعتق)، فالوصية بالعتق تدبير فلا يصح الرجوع عنه كالتدبير، وقد علق ابن جامع رحمه الله في الفوائد المنتخبات على كلام الماتن فقال:(الذي يظهر أن هذه العبارة - وهي عدم صحة الوصية بالعتق - غير صحيحة أو على غير الصحيح من المذهب، وهذا المختصر إنما بُنِي على الصحيح؛ لأن صحة الوصية بالعتق إذا خرج من الثلث أشهر من أن تذكر، ولو كانت النسخة بغير كتابة المصنف لقلت تحريفاً من الناسخ، والله أعلم). ثم وقفت على نسخة بخط المصنف وضبطه بهذا السياق: (ويصح تعليقه بالموت وهو التدبير ويعتبر من الثلث) وبهذا السياق فلا إشكال.
(2)
التدبير: تعليق العتق بالموت، أي: موت السيد، فيصح تدبير العبد؛ لأنه تعليق للعتق بالموت دون الوصية بالتدبير؛ لأن الوصية تنفَّذ بعد الموت، وصيغته: أنت حر بعد موتي، أو: أنت حر دبر موتي، ونحو ذلك. ويصح وقف المدبر، وبيعه، وهبته، ومتى عاد إلى ملك المُدَبِّرِ عاد التدبير.
(3)
أي: يشترط في عتق المدبر أن تكون قيمته - يوم موت السيد - ثلث التركة فأقل.
(4)
الكتابة: بيع سيدٍ رقيقَه نفسَه بمالٍ في ذمته مباح معلوم مُنجَّم نجمين فصاعداً يُعلم قسط كل نجم ومدته. فتسن كتابة مَنْ علم فيه خيراً؛ لقوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} [النور، 33]، والمراد بالخير: أن يكون أميناً ويقدر على التكسب، فتُكره كتابة من لا كسب له؛ لئلا يصير كلًّا على الناس.
وَيجوزُ بيعُ المكَاتَبِ، ومشتريهِ يقومُ مقَامَ مكَاتِبهِ، فَإِن أدى عَتَق. وَوَلَاؤُهُ لِمُنْتَقَلٍ إليه
(1)
.
وأُمُّ الوَلَد تعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدهَا من كُلِّ مَالِهِ، وَهِي من ولدت مَا فِيهِ صُورَةٌ وَلَو خفيةً
(2)
مِن مَالك وَلَو بَعْضَهَا أو مُحرمَةً عَلَيْهِ أو من أبيه إن لم يكن وَطئهَا الابْن
(3)
.
وأحكامها كأمةٍ إلا فِيمَا ينقُلُ الملك فِي رقبَتهَا أو يُرَادُ لَهُ
(4)
.
(1)
فإن أدى المكاتب بقية النجوم - أي: الأقساط - للمشتري عتق، وكان الولاء للمشتري.
(2)
يشترط لعتق أم الولد بموت سيدها: (الشرط الأول) أن تلد ما فيه صورة إنسان ولو خفية، ولو كان ما ولدته ميتا كما في الإقناع، فإن وضعت جسما لا تخطيط فيه كمضغة ونحوها - كعلقة - لم تصر به أم ولد؛ لأنه ليس بولد وعتقها مشروط بصيرورتها أم ولد فإن شهد ثقات من النساء بأن في هذا الجسم صورةً خفيةً تعلقت بها الأحكامُ لأنهن اطلعن على الصورة التي خفيت على غيرهن، ذكره في الإقناع والمنتهى.
(3)
(الشرط الثاني) أن يكون واطئها مالكاً لها ولو لبعضها، وكذا لو كانت مُحَرَّماً عليه وطؤها كأن تكون ابنته من الرضاع فإنها تكون أم ولد، وكذا لو وطئها أبو المالك إن لم يكن وطئها ابنه، فإن كان وطئها ابنه لم تكن أم ولد للأب؛ لأنه يحرم على الأب وطء حليلة ابنه.
(4)
أي: أحكام أم الولد كأحكام الأمة إلا في أمرين: 1 - لا يصح تدبير أم الولد، 2 - ويحرم نقل الملك في رقبتها كبيع أو هبة، ويحرم استخدامها فيما يُراد لنقل الملك كالرهن؛ لأنه يؤول إلى انتقال الملك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع أمهات الأولاد رواه الإمام مالك والدارقطني.
وَمن أعتقَ رَقَبَةً، أو عتقتْ عَلَيْهِ
(1)
فَلهُ عَلَيْهَا الوَلَاء
(2)
، وَهُوَ أنه يصير عصبَةً لَهَا مُطلقًا عِنْد عدمِ عصبَةِ النّسَب
(3)
.
(1)
وضابط الرقاب التي تعتق على الشخص إن اشتراها: كل أنثى لا يجوز أن يتزوجها لنسب - لا لرضاع أو مصاهرة -، وكل ذكر لو قُدِّر أنه أنثى لم يجز له أن يتزوجها لنسب، ذكره البهوتي في كشاف القناع، وكذا لو عتق بالفعل كما تقدم أول العتق.
(2)
أي: فللمعتِق على من أعتقه أو عتق عليه الولاءُ، والولاء لغة: الملك، وشرعاً: ثبوت حكم شرعي بعتق، أو تعاطي سببه كاستيلاد وتدبير.
(3)
أي: إذا مات المُعْتَقُ الذي صار حراً، وعُدمت عصبته من النسب، فإن ميراثه يكون لمعتِقه، وقوله: مطلقاً: أي ذكراً كان المعتِق أو أنثى. والله أعلم.