الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في الحضانة)
وَتجب الحَضَانَةُ
(1)
لحفظِ صَغِيرٍ
(2)
وَمَجْنُونٍ ومعتوهٍ
(3)
.
والأحقُّ بهَا أُمٌّ
(4)
، ثمَّ أمهاتُها القُرْبَى
(1)
الحضانة لغة: مصدر حضنت الصغير حضانة، أي: تحملت مؤونته وتربيته. وهي اصطلاحاً - كما في المنتهى -: (حفظ صغير ومعتوه - وهو: المختل العقل - ومجنونٍ عما يضرهم، وتربيتهم بعمل مصالحهم)، وزاد في الإقناع:(كغسل رأس الطفل وثيابه وبدنه وتكحيله وربطه في المهد وتحريكه لينام ونحو ذلك، وحضانة هؤلاء واجبة كوجوب النفقة عليهم)، ومن قول الإقناع:(وحضانة هؤلاء واجبة كوجوب النفقة عليهم) يؤخذ: أن الحضانة إذا لم يرض أحد بحضانته فإنها واجبة على المنفِق أباً كان أو غيره والله أعلم. (تحرير)
(2)
الصغير في المذهب: من دون البلوغ، فيدخل فيه المراهق؛ لكن المراد بالصغير هنا من لم يميز، وهو: من لم يستكمل سبع سنين، ويُذكر حد الصغر ونحوه في باب الوصايا فيمن أوصى لصغارٍ مثلاً، من يدخل في وصيته؟
(3)
وهو: مختل العقل، أي: له عقل لكنه مختل.
(4)
والمراد: مع أهليتها، والمراد بأهليتها - كما قال الشيخ منصور في الكشاف -:(أن تكون حرة عاقلة عدلاً ولو في الظاهر). ولو طلبت الأمُ أجرةً على الحضانة فهي أحق بها حتى مع وجود متبرعة، والدليل على تقديم الأم: حديث المرأة التي قالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحجري له حواءً، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أنتِ أحق به ما لم تنكحي» ، رواه أحمد وأبو داود، وصحح إسناده الحاكم ووافقه الذهبي، وابن الملقن، وابن القيم في زاد المعاد.
فالقُرْبى
(1)
، ثُمَّ أبٌ، ثُمَّ أمهاتُهُ كَذَلِك
(2)
، ثمَّ جَدٌّ، ثمَّ أُمهاتُهُ كَذَلِك، ثمَّ أُختٌ لِأَبَوَيْنِ، ثمَّ لأُمٍّ ثمَّ لأبٍ، ثمَّ خَالَةٌ
(3)
، ثمَّ عمَّةٌ
(4)
، ثمَّ بنتُ أخٍ وأختٍ، ثمَّ بنتُ عَمٍّ وعمةٍ، ثمَّ بنتُ عَمِّ أبٍ وَعَمَّتِه على مَا فُصِّلَ
(5)
، ثمَّ لباقي العصبَةِ الأَقْرَبِ فَالأَقْرَبِ، وَشُرط كَونُهُ محرماً لأنثى
(6)
،
(1)
أي: أم الأم، ثم أم أم الأم، وهكذا.
(2)
أي: أم الأب، ثم أم أم الأب، وهكذا.
(3)
أي: أخت أم المحضون لأبوين ثم لأم ثم لأب، وقدمت على العمة؛ لأنها تدلي بالأم.
(4)
لأبوين ثم لأم ثم لأب.
(تتمة) ويأتي بعد العمة في الترتيب: خالة الأم ثم خالة الأب ثم عمة الأب.
(5)
أي: بنت الأخ، ثم بنت الأخت، ثم بنت العم، ثم بنت العمة، ثم بنت عم الأب، ثم بنت عمة الأب، تقدم في كل واحدة من كانت لأبوين ثم لأم ثم لأب.
(6)
ولو بمصاهرة، أو رضاع كأخيها من الرضاع، فلا يشترط كونه محرماً من النسب. وقوله: لأنثى: كذا في الإقناع، وقيده بكلام المغني - وجزم به المنتهى والغاية - ببلوغها سبعاً، فلا يشترط كون العصبة محرماً لها قبل ذلك؛ لأنه لا حكم لعورتها إذن.
(تتمة) إن تعذر محرم أخذها العصبة الذي ليس بمحرم لها ويسلمها إلى ثقة يختارها، أو إلى محرَمه، وكذا أم تزوجت وليس لولدها غيرها فتسلِّم ولدَها إلى ثقة تختاره أو محرمها، كما في المنتهى وشرحه.
ثمَّ لِذِي رحِمٍ
(1)
ثمَّ لحَاكمٍ
(2)
.
وَلَا تثبتُ لمن فِيهِ رِقٌّ
(3)
، وَلَا لكَافِرٍ على مُسلمٍ
(4)
، وَلَا لفَاسِقٍ
(5)
، وَلَا لمزوجةٍ بأجنبيٍّ من محضونٍ من حِين عقدٍ
(6)
.
(1)
فمع عدم العصبة ينتقل إلى ذوي الأرحام، وذوو الأرحام هم - كما قال الشيخ عثمان -:(من بينهم وبين المحضون قرابة من جهة النساء، قال: فدخل فيه الأخ لأم مع كونه من ذوي الفروض).
(2)
فإذا لم يوجد أحد من ذوي الأرحام انتقلت الحضانة إلى الحاكم، فيسلمه إلى من توفرت فيه أهلية وشفقة، كما في الإقناع.
(3)
يشترط في الحاضن: (الشرط الأول) كونه حراً.
(4)
(الشرط الثاني) كون حاضن المسلم مسلماً.
(5)
(الشرط الثالث) كونه عدلاً، فلا يكون فاسقاً في الظاهر.
(6)
(الشرط الرابع) أن لا تكون الحاضنة الأنثى متزوجة بأجنبي من المحضون من حين عقد؛ فإن تزوجت فلا حق لها في الحضانة ولو رضي الزوج الجديد بأن تحضن ولدها. والمراد بالأجنبي هنا: كل من ليس بينه وبين المحضون قرابة، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«أنتِ أحق به ما لم تنكحي» ، رواه الإمام أحمد وغيره.
(تتمة)(الشرط الخامس) أن يكون الحاضن مكلفاً.
(تتمة) ومتى زالت الموانع من كل مَنْ تقدم، ولو طُلِّقت أم المحضون طلاقاً رجعياً ولم تنقض عدتها، عاد حقها من الحضانة.
وإن أراد أَحدُ أبويه نُقلةً إلى بلدٍ آمن، وطريقُهُ مَسَافَةُ قصرٍ فَأكْثر ليسكُنَهُ فأبٌ أحقُّ
(1)
،
أو إلى قريبٍ للسُّكْنَى فَأمٌّ
(2)
، ولحاجةٍ مَعَ بُعدٍ أو لَا فمقيمٌ
(3)
. وإذا بلغَ صبيٌّ سبعَ سِنِين عَاقِلاً خُيِّرَ بَين أبويه
(4)
.
(1)
ذكر المؤلف مسألة تستثنى من الترتيب السابق لحق الحضانة، وهي: إذا أراد أحد الأبوين أن ينتقل إلى بلد آمن ليسكنه - لا لحاجة ثم يرجع -، وكان طريقه مسافة قصر فأكثر، فالأب أحق بالحضانة سواء كان هو المنتقل أو الأم.
(تتمة) إنما يستحق الأب الحضانة - كما ذكر ابن القيم ونقله عنه في الإقناع - ما لم يرد بالنقلة مضارة الأم وانتزاع الولد، وإلا لم يُجَب إلى ذلك، قال في المبدع عن ذلك:(وهو مراد الأصحاب).
(2)
فإذا كان البلد المُنْتَقَلُ إليه للسكنى قريباً دون مسافة قصر، فالأم أحق.
(3)
أي: إذا أراد أحد الأبوين السفر لحاجة ويرجع، فالمقيم منهما - أب أو أم - أحق بالحضانة، سواء كان السفر مسافة قصر أو أكثر أو أقل.
(4)
فإن لم يختر منهما أحداً، أو اختارهما: أُقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة أخذه، لكن إن أراد الصبي الوالدَ الآخرَ فإنه يرد إليه وهكذا كما يقررونه، أما المجنون والمعتوه فلا يخير، وإنما يكون عند أمه ذكراً كان أو أنثى؛ لأنها أكمل شفقة من الأب.
وَلَا يُقَرُّ محضونٌ بيَدِ مَنْ لَا يصونُهُ ويُصلِحُهُ
(1)
.
وَتَكونُ بنتُ سبعٍ عِند أبٍ أو من يقومُ مقَامَهُ إلى زِفافٍ
(2)
.
(1)
فمن كان لا يصون المحضون عن المحرمات والفواحش والأخلاق الدنيئة، ولا يحرص على إصلاحه وإكمال أخلاقه، فإن حقه في الحضانة يسقط وينتقل إلى من يليه.
(2)
أي: إذا استكملت البنت سبع سنين كانت عند أبيها وجوباً أو عند من يقوم مقام الأب إلى زواجها، بخلاف الصبي فيُخَير، كما تقدم. (فرق فقهي) ويستثنى من هذا: إذا مرضت البنت، فعند أمها؛ لأنها أحق بتمريضها، وكذا المعتوه يكون عند أمه.
(تتمة) الذكر العاقل البالغ له أن ينفرد بنفسه عن أبويه - إلا أن يكون أمرداً يُخاف عليه الفتنة، فيُمنع من مفارقة أبويه -، لكن يستحب أن لا ينفرد عنهما ولا يقطع بره عنهما. أما البنت البالغة، فليس لها الانفراد بنفسها - بأن تعيش وحدها -، بل لا بد أن تكون عند أبيها إلى أن تتزوج. والله أعلم.