المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في صفة الحج والعمرة - الحواشي السابغات على أخصر المختصرات

[أحمد بن ناصر القعيمي]

فهرس الكتاب

- ‌تقريظ سماحة المفتي العام للمملكة

- ‌تقديم

- ‌تقريظ الشيخ محمد بن عبد الرحمن السماعيل

- ‌مقدمة أسفار

- ‌مصطلحات الحاشية:

- ‌مقدمة الطبعة الثانية

- ‌كتاب الطهارة

- ‌فصل (في الآنية)

- ‌فصل (في الاستنجاء)

- ‌فصل (في السواك وسنن الفطرة)

- ‌فصل (في الوضوء)

- ‌فصل (في المسح على الخفين)

- ‌فصل (في نواقض الوضوء)

- ‌فصل (في الغسل)

- ‌فصل (في التيمم)

- ‌فصل (في إزالة النجاسة)

- ‌فصل في الحيض

- ‌كتاب الصلاة

- ‌فصل (في الأذان والإقامة)

- ‌فصل (في شروط الصلاة)

- ‌باب صفة الصلاة

- ‌فصل (في أركانها(1)وواجباتها)

- ‌فصل (في سجود السهو)

- ‌فصل (في صلاةِ التطوع)

- ‌فصل (في صلاة الجماعة)

- ‌فصل (في أحكام الإمامة)

- ‌فصل (في صلاة أهل الأعذار)

- ‌فصل (في القصر والجمع وصلاة الخوف)

- ‌فصل (في صلاة الجمعة)

- ‌فصل (في صلاة العيدين)

- ‌فصل (في صلاتي الكسوف(1)والاستسقاء)

- ‌كتاب الجنائز

- ‌فصل (في غسل الميت وتكفينه)

- ‌فصل (في الصلاة على الميت وحمله ودفنه)

- ‌كتاب الزكاة

- ‌فصل (في زكاة الخارج من الأرض)

- ‌فصل (في زكاة الأثمان والعروض)

- ‌فصل (في زكاة الفطر)

- ‌فصل (في إخراج الزكاة وأهلها)

- ‌كتاب الصيام

- ‌فصل (في مفسدات الصوم وما يكره ويسن فيه)

- ‌فصل (في صوم التطوع)

- ‌فصل (في الاعتكاف

- ‌كتاب الحج والعمرة

- ‌فصل (في المواقيت(1)ومحظورات الإحرام)

- ‌فصل في الْفِدْيَةِ

- ‌باب دخول مكة

- ‌فصل في صفة الحج والعمرة

- ‌فصل (في أركان وواجبات الحج والعمرة)

- ‌فصل في (الهدي والأضحية)

- ‌كتاب الجهاد

- ‌فصل (في عقد الذمة)

- ‌كتاب البيع(1)وسائر المعاملات

- ‌فصل (في الشروط في البيع)

- ‌فصل (في الخيار)

- ‌فصل (في أحكام قبض المبيع)

- ‌فصل (في الربا والصرف)

- ‌فصل (في بيع الأصول والثمار)

- ‌فصل (في السلم)

- ‌فصل في (القرض)

- ‌فصل (في الرهن)

- ‌فصل (في الضمان(1)والكفالة والحوالة)

- ‌فصل (في الصلح)

- ‌فصل (في أحكام الجوار)

- ‌فصل (في الحجر)

- ‌فصل (في المحجور عليه لحظه)

- ‌فصل (في الوكالة)

- ‌فصل (في الشَّرِكَة)

- ‌فصل (في المساقاة(1)والمزارعة)

- ‌فصل (في الإجارة)

- ‌فصل (في لزوم الإجارة وما يوجب الفسخ)

- ‌فصل (في المسابقة)

- ‌فصل (في العارية)

- ‌فصل (في الغصب)

- ‌فصل (في تصرفات الغاصب وغيره)

- ‌فصل (في الشفعة)

- ‌فصل (في الوديعة)

- ‌فصل (في إحياء الموات)

- ‌فصل (في الجِعالة)

- ‌فصل (في اللقطة)

- ‌فصل (في الوقف)

- ‌فصل (في الهبة)

- ‌كتاب الوصايا

- ‌فصل (في الموصى إليه)

- ‌كتاب الفرائض

- ‌فصل (في الجد مع الإخوة)

- ‌فصل (في الحجب)

- ‌فصل (في التعصيب)

- ‌فصل (في التأصيل والعول والرد)

- ‌فصل في ذوي الأرحام

- ‌فصل (في ميراث الحمل)

- ‌كتاب العتق

- ‌كتاب النكاح

- ‌فصل (في أركان النكاح وشروطه)

- ‌فصل (في المحرمات في النكاح)

- ‌فصل (في الشروط في النكاح)

- ‌فصل (في العيوب في النكاح)

- ‌باب الصداق

- ‌فصل في الوليمة

- ‌فصل (في عشرة النساء)

- ‌باب الخلع

- ‌كتاب الطلاق

- ‌فصل (في تعليق الطلاق)

- ‌فصل (في الرجعة)

- ‌فصل (في الإيلاء)

- ‌فصل (في الظهار)

- ‌فصل (في اللعان وما يلحق من النسب)

- ‌باب العِدَد

- ‌فصل (في الرضاع)

- ‌باب النفقات

- ‌فصل (في نفقة الأقارب والمماليك والبهائم)

- ‌فصل (في الحضانة)

- ‌كتاب الجنايات

- ‌فصل (في شروط القصاص)

- ‌فصل (في العفو عن القصاص والقود فيما دون النفس)

- ‌فصل (في الديات)

- ‌فصل (في مقادير ديات النفس)

- ‌فصل (في ديات الأعضاء ومنافعها والشجاج)

- ‌فصل (في العاقلة(1)والقسامة)

- ‌كتاب الحدود

- ‌فصل (في حد المسكر)

- ‌فصل (في القطع في السرقة)

- ‌فصل (في حد قطاع الطريق(1)وفي البغاة)

- ‌فصل (في المرتد)

- ‌فصل (في الأطعمة)

- ‌فصل (في الذكاة)

- ‌فصل (في الصيد)

- ‌باب الأيمان

- ‌فصل (في كفارة اليمين وجامع الأيمان)

- ‌فصل (في النذر)

- ‌كتاب القضاء

- ‌فصل (في الدعاوى والبينات)

- ‌فصل (في القسمة)

- ‌كتاب الشهادات

- ‌فصل (في عدد الشهود)

- ‌فصل (في الشهادة على الشهادة)

- ‌كتاب الإقرار

الفصل: ‌فصل في صفة الحج والعمرة

‌فصل في صفة الحج والعمرة

يسن لمحِلٍّ بِمَكَّةَ

(1)

الإحرامُ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرويَةِ

(2)

، وَالمَبِيتُ بمنى

(3)

، فإذا طلعت الشَّمْسُ سَار إلى عَرَفَةَ

(4)

وَكلُّهَا موقفٌ إلا بطنَ

(1)

وكذا مَنْ هو قريب منها دون مسافة القصر، ويدخل في هذا المتمتعُ الذي حلَّ من عمرته، ومَنْ أراد إفراداً من مكة. أما غيرهما كالقارن، فلا يحل من إحرامه إلا يوم النحر.

(2)

وهو الثامن من ذي الحجة، ويُحْرِم من مكة، ويسن أن يفعل عند إحرامه هنا ما يفعله عند إحرامه من الميقات من غُسل وغيره، ثم بعد ذلك يطوف أسبوعاً ويصلي ركعتين، ثم يحرم بالحج من المسجد الحرام كما في الإقناع، وفي المنتهى:(وصح إحرامه من خارج الحرم، ولا شيء عليه).

(3)

فيسن أن يحرم قبل الظهر، ثم يذهب إلى منى فيبيت بها ليلة التاسع استحباباً.

(4)

والمذهب: أن يأتي نمرة استحباباً حيث يوجد المسجد الذي يخطب فيه الآن خطبة عرفة، ثم يبقى فيها إلى الزوال، ويخطب ويصلي الظهر والعصر جمع تقديم إن جاز له الجمع كالمسافر بأذان واحد وإقامتين، ثم يسير إلى عرفة.

(تتمة) نمرة على المذهب: موضع بعرفة، وعلى رأي شيخ الإسلام - ورجحه ابن جاسر -: ليست من عرفة، والله أعلم.

ص: 289

عُرَنَةَ

(1)

وَجمعَ فِيهَا بَين الظّهْرِ وَالعصرِ تَقْدِيمًا

(2)

،

وأكْثَرَ الدُّعَاءَ، ومِمَّا ورد

(3)

.

(1)

وهو وادي في عرفة، وليس منها، ولا يجزئ الوقوف فيه.

(2)

استحباباً ممن يجوز له الجمع، ويجمع بينهما بأذان وإقامتين.

(تتمة) الجمع بعرفة: المذهب عدم الجواز إلا لمن له الجمع، وقد استفتيت الشافعية فوافقونا.

والقول الثاني: يجوز الجمع حتى لمن ليس من أهل الجمع، قال في الفروع:(وهو الأشهر عن الإمام أحمد رحمه الله، واختاره الموفق رحمه الله في المغني، وذكر المذهبَ وقال عنه: (ليس بصحيح)، وذكر عن ابن المنذر إجماعَ أهلِ العلم على جوازِ الجمع. وذكر الموفق أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بعرفة، وجمع معه مَنْ حَضَرَه من المكيِّين وغيرهم، ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال:«أتموا» ، وختم كلامه بذكر الإجماع على ذلك، فقال:(ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين خلاف في الجمع بعرفة ومزدلفة، بل وافق عليه من? يرى الجمع في غيره، والحقُّ فيما أجمعوا عليه، فلا يعرج على غيره). وقد وافقه الشارح وابن عثيمين في الجمع فقط، ووافقه شيخُ الإسلام في الجمع، واختار جواز القصر أيضاً، رحمة الله على الجميع.

ومع ذلك، فإن المرداوي رحمه الله في الإنصاف أخذ من ظاهر كلام الموفق رحمه الله في المقنع عدمَ جواز الجمع والقصر لأهل مكة، ثم ذكر اختياره في جواز الجمع دون القصر. والله أعلم. (بحث)

(3)

فيكثر الدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم، والدعاء الوارد ما أتى في الحديث:«خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» ، رواه مالك والبيهقي.

ص: 290

وَوقتُ الوُقُوفِ من فَجْرِ عَرَفَة إلى فجرِ النَّحْرِ

(1)

.

(1)

وهذه من المفردات، أي: من المسائل التي انفرد بها الحنابلة عن غيرهم. ودليلهم حديث عروة بن مضرس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من شهد صلاتنا هذه - يعني: بالمزدلفة - فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى تفثه» ، قال النووي:(رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة)، وقال الترمذي:(حديث حسن صحيح). وقوله في الحديث: (ليلا أو نهاراً): يشمل كل يوم عرفة من طلوع الفجر الثاني حتى طلوع فجر يوم النحر.

وقال الجمهور: يبدأ الوقوف من الزوال، وهو اختيار الشيخ تقي الدين، وحُكِي هذا القولُ إجماعاً؛ لكن ليس كل إجماع يحكى يكون صحيحاً ومسلماً به. وقد ذكر ابن القيم أن ابن المنذر يحكي الإجماعَ في بعض المسائل إذا رأى أكثرَ العلماء اجتمعوا على رأي واحد؛ فأتى بإجماعات غير صحيحة، وإلا فالحنابلة يخالفون في مسائل كثيرة قد حكي فيها الإجماع. وبعض طلبة العلم إذا رأى إجماعاً يُحْكَى في مسألة وقد خالف فيها الحنابلة - وإن كان لهم فيها دليل كحديث عروة رضي الله عنه هنا - حَكَم على قولهم بالشذوذ، وهذا غريب جداً، فلا يستعجل طالب العلم إذا رأى إجماعاً قد حكي حتى يتأكد من استيفائه الشروط المعتبرة، والله أعلم.

(تتمة) شروط صحة الوقوف بعرفة: 1 - كونه في وقت الوقوف: من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر، 2 - كونه مسلماً، 3 - كونه محرماً بالحج، 4 - العقل: بألا يكون سكران، ولا مجنوناً، ولا مغمىً عليه إلا أن يفيقوا وهم بها قبل خروج وقت الوقوف، أو بعد الدفع إن عادوا فوقفوا بها في الوقت.

ص: 291

ثمَّ يَدْفعُ بعد الْغُرُوب إلى مُزْدَلِفَةَ بسكينةٍ وَيَجْمعُ فِيهَا بَين العِشائين تَأْخِيراً

(1)

ويبيتُ بهَا

(2)

.

فَإِذا صلى الصُّبْحَ أتى المشعرَ الحرَامَ، فَرَقَاهُ ووقفَ عِنْده

(3)

، وَحمد الله وَكبَّر وقرأ:{فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ} الآيتين، وَيَدعُو حَتَّى يسفر

(4)

.

ثمَّ يدْفع إلى منى

(5)

، فَإِذا بلغ محسراً أسرع رمية حجر

(6)

، وأخذ

(1)

استحباباً: ويقيد بمن يباح لهم الجمع، كما سبق. وقوله:(بسكينة): أي: بطمأنينة.

(2)

وجوباً.

(3)

فيسن أن يأتيه بعد الصبح، ويرقاه إن أمكن - كما في الإقناع وشرح المنتهى -، وإلا وقف عنده، والمشعر الحرام يطلق على كل مزدلفة، ويطلق أيضاً على موضع معين منها. وقال أحد العلماء: إنه المكان الذي بني فيه المسجد الآن، والله أعلم.

(4)

فيدعو حتى يسفر جداً، أي: يظهر النور قبل شروق الشمس.

(5)

قبل طلوع الشمس، كما في الإقناع وشرح المنتهى للبهوتي ولمصنِّفه ابن النجار.

(6)

أي: قدر رمية حجر، وهذا لمن كان ماشياً، فإن كان على دابة، فيقولون: إنه يحرك دابته. ويقول ابن عثيمين رحمه الله: (والظاهر أنه لا يمكن الإسراع الآن؛ لأن الإنسان محبوس بالسيارات، فينوي بقلبه أنه لو تيسر له أن يسرع لأسرع، وإذا علم الله من نيته هذا، فإنه قد يثيبه على ما فاته من الأجر والثواب)، انتهى كلام الشيخ ملخصاً.

ص: 292

حَصى الجمار

(1)

سبعين

(2)

أكبر من الحِمِّص وَدون البُنْدُقِ، فَيَرْمِي جَمْرَةَ الْعقبَةِ وَحدَهَا بِسبعٍ

(3)

،

يرفعُ يُمناه حَتَّى يُرى بَيَاضُ إبِطِه، وَيكبرُ مَعَ كلِّ حَصَاةٍ

(4)

.

ثمَّ ينْحَرُ ويحلقُ أو يقصِّرُ من جَمِيع شَعَرِه، والمرأةُ قدرَ أُنْمُلَة

(5)

، ثمَّ

(1)

قال ابن جاسر في مفيد الأنام بعد بحث طويل ونقولات: (والصحيح من كلامهم أن له أخذ حصى الجمار من مزدلفة، ومن طريقه منها إلى منى، ومن منى، ومن حيث شاء إلا من نفس المسجد الحرام).

(2)

سبع حصيات ليوم النحر، وإحدى وعشرين لكل الأيام الثلاثة التي تليه.

(3)

وجوباً.

(تتمة) شروط صحة الرمي تسعة: 1 - الحجم: بأن تكون الجمار أكبر من الحمص ودون البندق، وإلا لم تجزئ، 2 - العدد: سبع لكل جمرة، 3 - كونها من الحصى لا من غيرها، 4 - كون الرمي متعاقباً لا دفعة واحدة، 5 - أن يرمي في الوقت المعتبر شرعاً، وهو لجمرة العقبة من نصف ليلة النحر إلى الغروب، وفي بقية الأيام من الزوال إلى الغروب لكل الجمرات، 6 - أن يقصد الرمي، 7 - الترتيب بين الجمرات، 8 - ألا يكون الحصى قد رُمي به من قبل، 9 - كونه رمياً لا وضعاً.

(4)

استحباباً.

(5)

فيقصر الرجل من مجموع شعره لا من كل شعرة بعينها. وليس لتقصيره حد في المذهب، فيقصر قدر أنملة أو أقل أو أكثر، بخلاف المرأة فتقصر قدر أنملة فأقل، قال في المغني والشرح الكبير:(وأي قدر قصر منه أجزأ؛ لأن الأمر مطلق، فيتناول أقل ما يقع عليه الاسم)، وقال شيخ الإسلام في الفتاوى:(وإذا قصره جمع الشعر وقص منه بقدر الأنملة أو أقل أو أكثر، والمرأة لا تقص أكثر من ذلك، وأما الرجل فله أن يقصر ما شاء)، والْأُنْملَة: رأس الأصبع من المفصل الأعلى، وقدَّر ذلك الشيخ ابن عثيمين بـ: 2 سم. فتجمع شعرها وتقصر من رؤوس الظفائر قدر أنملة فأقل. (فرق فقهي)

ص: 293

قد حل لَهُ كلُّ شَيْء إلا النِّسَاءَ

(1)

.

ثمَّ يُفِيضُ إلى مَكَّة فيطوفُ طوافَ الزِّيَارَةِ

(2)

الَّذِي هُوَ ركنٌ

(3)

، ثمَّ يسْعَى إن لم يكن سعى، وَقد حل لَهُ كلُّ شَيْء.

وَسُنَّ أنْ يشربَ من زَمْزَم لما أحب

(4)

،

(1)

فيما يتعلق بالوطء، والمباشرة، والتقبيل، واللمس بشهوة، وعقد النكاح.

(2)

خالف الماتن هنا المذهبَ - كزاد المستقنع - في كونه إذا أفاض إلى مكة يطوف للإفاضة مباشرة. والمذهب: أنه قبل أن يطوف للإفاضة، يستحب لمفرد وقارن لم يدخلا مكة قبلُ أن يطوفا للقدوم برمل واضطباع، ثم للإفاضة، ويستحب للمتمتع أن يطوف هنا للقدوم بلا رمل ولا اضطباع ثم للإفاضة. (مخالفة الماتن)

(تتمة) قال في الإقناع بعد أن قدَّم المذهب: (وقيل: لا يطوف للقدوم أحد منهم، اختاره الشيخ الموفق، وردَّ الأول وقال: لا نعلم أحداً وافق أبا عبد الله على ذلك، قال ابن رجب: وهو الأصح).

(3)

وأول وقته: من نصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة، ولا آخر لوقته.

(4)

أي: لما أحب أن يعطيه الله - كما قال النجدي -؛ لحديث: «ماء زمزم لما شرب له» ، رواه ابن ماجه؛ فينوي إذا شرب منه أنه يريد شيئاً من علم أو رزق

ص: 294

ويتضلعَ مِنْهُ

(1)

وَيَدْعُوَ بِمَا ورد.

ثمَّ يرجعُ فيبيتُ بمنى

(2)

ثَلَاثَ لَيَال، وَيَرْمِي الْجمارَ فِي كل يَوْم من أيام التَّشْرِيق بعد الزَّوَال وَقبل الصَّلَاةِ

(3)

، وَمن تعجل فِي يَوْمَيْنِ إن لم يخرج قبل الْغُرُوب لزمَه الْمبيتُ وَالرَّمْيُ من الْغَد

(4)

.

وَطوافُ الْوَدَاعِ وَاجِب يَفْعَلُه

(5)

، ثمَّ يقفُ فِي

(1)

أي: يملأ أضلاعه منه - كما قال البهوتي -، فيشرب حتى يحس أنه دخل بين أضلاعه.

(2)

وجوباً، ويستثنى من وجوب المبيت بمنى، وكذا مزدلفة على ما في الإقناع: السقاة - وهم سقاة زمزم على ما في المطلع - والرعاة، فإن غربت الشمس والسقاة والرعاة بمنى لزم الرعاة فقط. وعلى الصحيح يستثنى أيضاً: أهل الأعذار كالمريض، ومن له مال يخاف ضياعه، ونحوه، كما جزم به الشيخ البهوتي في شرح المنتهى، والشيخ مرعي في الغاية، والله أعلم.

(3)

يرمي بعد الزوال وجوباً - فلا يجزئ قبله -، وقبل الصلاة استحباباً.

(4)

للآية.

(5)

إذا فرغ من جميع أموره، فيفعله وجوباً ولو لم يكن بمكة، كما ذكر صاحب الفروع، والبهوتي في حاشيته على المنتهى، والنجدي. فإذا كان بمنى مثلاً وجب عليه أن يذهب إلى مكة فيطوف للوداع. ويستثنى من هذا: الحائض والنفساء، فلا وداع عليهما إلا أن تطهرا قبل مفارقة البنيان، فيجب عليهما الرجوع لتطوفا للوداع.

ص: 295

الْمُلْتَزمِ

(1)

دَاعياً بِمَا وَرَد، وَتَدْعُو الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ على بَاب الْمَسْجِد

(2)

.

(1)

وهو ما بين الركن والباب بقدر أربعة أذرع، فيسن - كما في الغاية والشرح الكبير - أن يلصق وجهه وكفيه وصدره وذراعيه وجميع بدنه. وذكر ابن قاسم في ترجمة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: أنه دعا الله في هذا الموطن، فاستجاب الله دعاءه.

(2)

ندباً؛ ولا يجوز لهما دخول المسجد.

(تتمة) في مسائل مستفادة من كتاب «دليل الناسك» للشيخ اللبدي، مع التعليق على بعضها، رأيت أن أضعها هنا لكي يستفاد منها؛ لأني لم أجدها في غير كتابه:

المسألة الأولى: قال اللبدي: (ظاهر كلام كثيرين أن أمنَ الطريق، وبلا خفارة، والدليل للجاهل والأعمى شروطُ لزوم لا لوجوب الحج، فلا يصح عدها من الاستطاعة).

قلت: كلها في المذهب شروط وجوب، فإن تخلف واحد منها فليس بمستطيع، ولا يجب عليه الحج.

المسألة الثانية: وافق اللبديُّ الشيخَ منصورا في التسوية بين الحج عن المعضوب نفلاً وبين إهداء ثواب الحج له، وأن كليهما يصح بلا إذن المحجوج عنه.

قلت: ظاهر كلام ا? قناع والمنتهى: التفريق، وأنه يجوز إهداء الثواب بلا إذن الْمُهْدَى له الحي، و? يصح الحج عنه نفلاً بلا إذنه، وهو صريح الغاية حيث قال:(? عن حي بلا إذنه، ويقع عن نفسه ولو نفلاً، فإن جعل ثوابه له حصل لما مر آخر الجنائز).

المسألة الثالثة: تعقب اللبديُّ رحمه الله قولَ ا? قناع والمنتهى: (وإن أيست منه استنابت)، وأن هذا يتمشى على القول بأن المحْرَم شرطٌ للزوم السعي? للوجوب، وأنه مخالف لما ذكراه من أنه شرط لوجوب الحج، فتناقض قولهم، ثم ذكر توجيه البهوتي:(والمراد أيست بعد وجود المحرم، وفرّطت بالتأخير حتى فُقد)، قال اللبدي:(ولكن المراد? يدفع الإيراد).

قلت: صدق رحمه الله.

المسألة الرابعة: هل إذا اشترط في إحرامه بالقول وحصل له عذر يحل بمجرد حصوله أم? يحل إلا إذا أراد ذلك ونواه؟ استظهر اللبدي أنه يحل بمجرد حصول العذر؛ لأن البهوتي قال: ولو قال: فلي أن أحل خُيِّر، قال اللبدي:(وظاهر هذا: أنه في الأُولى يحل بمجرد الحبس، فليتأمل).

قلت: هذا الظاهر غير مراد، وأنه? يحل بمجرد العذر بل بالنية، ويخيَّر أيضاً بدليل: قوله في الإقناع هنا: (ويفيد هذا الاشتراط

أن له التحلل). وفي الإنصاف: (جاز له التحلل

وهو المذهب)، ومثله في الشرح الكبير، وكذا قال في المنتهى في آخر الفوات والإحصار: (ومن شَرَط في ابتداء إحرامه

فله التحلل مجاناً) وهي عبارات تفيد جواز التحلل، لا تحقق وجوده مباشرة.

المسألة الخامسة: قال اللبدي رحمه الله: (النيابة في النية تصح للضرورة في مواضع كثيرة: كعن الصغير في ا? حرام، وفي طوافه، وفي سعيه، ونحو ذلك مما تشترط له النية، وكالمجنونة التي تغسل من الحيض أو النفاس لحل وطء زوجها لها، ومثلها الممتنعة من غسلها لذلك ولو عاقلة، ولكن لم أر هذا البحث لأحد، فليتأمل، وليحرر).

قلت: أما الممتنعة فصرح في ا? قناع وشرحه: أنه? نية معتبرة هنا؛ للعذر، كالممتنع من زكاة.

المسألة السادسة: قال رحمه الله: (لو قيل بعدم صحة الطائف حبواً أو زحفاً أو منحنياً كراكع لغير عذر لكان له وجه).

المسألة السابعة: قال رحمه الله: (فإن مد يده على جدار الحجر، أو على الكعبة في هواء الشاذروان وهو يمشي، أو أهوى برأسه لتقبيل الحجر، ثم مشى ورأسه في هواء الشاذروان صح طوافه؛ لأن معظمه خارج البيت، قاله في الإنصاف. ثم قال: قلت: ويحتمل عدم الصحة. انتهى).

قلت: وما قرره اللبدي من الصحة صريح في الإقناع وغيره.

المسألة الثامنة: قال رحمه الله: (وليحذر عند الازدحام من أن ينحرف بوجهه أو ظهره لجهة البيت، ثم يمشي ولو خطوة أو بعض خطوة، فإنه? يصح ذلك الشوط إلا أن يرجع إلى محل الانحراف، ثم يجعل البيت عن يساره ويمشي، وهذا يخل به كثير من الناس).

قلت: لعله يريد بـ «بوجهه» : أن يجعل الكعبة أمامه ويمشي خطوة جهة اليمين، وقوله:«أو ظهره» : أن يجعل الكعبة خلفه ويمشي خطوة جهة اليسار، فيكون بذلك أخل بشرط جعل البيت عن يساره. والله أعلم.

المسألة التاسعة: قال رحمه الله: (فينبغي للمرأة الحرة إذا كانت بالغة أن تحترز من كشف شيء من بدنها ولو من شعرها أو قدميها ونحو ذلك مما جرت العادة بكشفه من بعض النساء، فقد يتساهلن في ذلك، فيكون الطواف غير صحيح، فإن كان طواف الفرض فحجها لم يتم، وتبقى غير محللة للنكاح، وهذا فيه خطر عظيم).

المسألة العاشرة: قال رحمه الله: (يشترط لصحة الطواف فرضاً أو نفلاً نيةٌ إلا من صغير دون التمييز، فإنه ينوي عنه وليه)، وقال مثله في السعي، أعني: في نية الولي عن غير المميز.

المسألة الإحدى عشر: قال رحمه الله: (لم أر من ذكر المدة التي تفوت فيها الموالاة بين أشواط الطواف والسعي، ولعله يعتبر العرف).

قلت: هو منصوص البهوتي في شرح المنتهى حيث قيد كلام المنتهى بالعرف، فالذي لا يقطع الموالاة بين أشواط الطواف والسعي على المذهب واحد مما يلي: 1 - الفاصل القليل عرفاً، 2 - الصلاة المكتوبة، 3 - صلاة الجنازة.

المسألة الثانية عشر: قال: ظاهر كلامهم أنه? يشرع تقبيل الحجر الأسود إلا عند ابتداء الطواف دون بقيته، وإنما المشروع في كل شوط استلامه إن أمكن، وقوله: اللهم إيماناً بك

إلخ، وإن لم يستلمه كبر فقط. ثم إني رأيت في ا? نصاف - نقلاً عن المستوعب وغيره - ما يفيد أن استلامه وتقبيله في كل شوط، فراجعه إن شئت.

قلت: ما استظهره هو ظاهر ا? قناع والمنتهى، وصرح به الشيخ سليمان بن علي في منسكه، كما نقله عنه ابن جاسر في مفيد الأنام.

المسألة الثالثة عشر: قال رحمه الله: (لكن لو طاف للقدوم ولم يسع حتى نزل من عرفة، فهل يصح سعيه قبل طواف الإفاضة؛ ? نه تقدمه طواف القدوم، أو? يصح، أو يُفرَّق بين كونه بعد دخول وقت طواف ا? فاضة وبين كونه قبله، فيصح في الثانية دون ا? ولى؟ لم أر من ذكر ذلك من علمائنا، ولا من أشار إليه لقلة اطلاعي وقصر باعي، فليحرر).

قلت: ظاهر المذهب: الصحة، وذلك لعدم اشتراط الموا? ة بين طواف القدوم والسعي، بل ولا بين طواف العمرة أو الحج وسعيهما. وكونه إذا دخل وقت طواف ا? فاضة فلا يصح تقديم السعي على ا? فاضة هو الأحوط وأبرأ للذمة. والله أعلم.

ثم رأيت في كلام ابن النجار في معونة أولي النهى (4/ 231) التصريحَ بوجوب تقديم طواف الزيارة على السعي حيث قال: (فإن لم يكن سعى بعد طواف القدوم وجب عليه أن يسعى بعد طواف الزيارة).

المسألة الرابعة عشر: حكاية ابن عبد البر الإجماع على أن وقت الوقوف من الزوال، قاله في ا? نصاف. قال اللبدي رحمه الله:(مع أن أكثر علماء المذهب على أنه من الفجر إلا أن يحمل قول ابن عبد البر إجماعاً على أن دخول وقت الوقوف? يتأخر عن الزوال إجماعاً، وقصده بذلك الرد على من شذ وقال? بد أن يمضي بعد الزوال مقدار مضي خطبتين، والجمع بين الظهرين، وفراغه منهما، ? أنه? يدخل وقت الوقوف قبل الزوال).

المسألة الخامسة عشر: قال رحمه الله: (وليحترز عند الحلق من حلق الشعر النازل عن حد الرأس كالعنق والعارض قبل إكمال الرأس، فإنه? يجوز، وقَلَّ مَنْ يتنبه له من الحلاقين وغيرهم؛ نعم إذا كان الحلق بعد الرمي والطواف جاز؛ لأنه حصل التحلل بهما).

المسألة السادسة عشر: استظهر اللبدي رحمه الله جوازَ البداءةِ بالحلق أو التقصير قبل الرمي والطواف كليهما).

قلت: وهذا صحيح، لكن يكره للعالم دون الجاهل، كما في ا? قناع. ولا يعني ذلك جواز فعل المحظورات من لبس الثياب والتطيب حتى يضم مع الحلقِ الرميَ أو الطوافَ.

المسألة السابعة عشر: قال رحمه الله: (وأما المحرم بعمرة، فظاهر كلامهم أنه ليس له إلا تحلل واحد، أي: بإتمامها بالحلق أو التقصير، وأنه قبل ذلك? يجوز فعل شيء من المحظورات ولو بعد السعي).

قلت: لم أر أحداً نص على أن المعتمر له تحلل أول - وأنه يكون بتمام السعي، وقبله? يكون متحللاً - إلا الشيخ منصور في شرح المنتهى. وا? قرب ما ذكره اللبدي؛ ? نه لو قيل بالتحلل ا? ول لجاز له بعد السعي وقبل الحلق المحظورات غير النساء، ولم ينص أحد على ذلك، بل صرح اللبدي بمنع ذلك حتى يحلق أو يقصر.

المسألة الثامنة عشر: ذكر اللبدي: (أنه لو وطئ في العمرة بعد السعي? يفسدها ولا دم عليه في ظاهر كلامهم، فليحرر).

قلت: كون الدم - الذي هو فدية أذى - للوطء في العمرة يكون? فسادها قبل تمام السعي، وبعده? يفسدها و? دم عليه هو مفهوم كلام الغاية، قال: وعليه? فساد العمرة شاة. انتهى. ومثله في دليل الطالب، والمعونة لابن النجار، والشرح الكبير. لكن صرح البهوتي في شرح المنتهى: بأن الشاة واجبة للوطء في العمرة سواء وطئ قبل تمام السعي أو بعده وقبل الحلق، وكذا في التنقيح، ومفهوم ا? قناع، وظاهر المنتهى، ويؤيده كلامهم في الفدية بذكر وجوب الشاة بالوطء في العمرة بدون تفصيل. والله أعلم.

المسألة التاسعة عشر: قال رحمه الله: (وانظر لو لم يرم الجمار كلها حتى جمرة العقبة يوم النحر وبعده إلى أن انقضت أيام التشريق، فهل يبقى غير متحلل التحلل الثاني بعد أن طاف وسعى وحلق؟ )

(تتمة) هل تضعيف الصلاة في مكة والمدينة خاص بالمسجد أم يشمل كل الحرم؟ في بداية أمري لم أر لهم كلاماً صريحاً في ذلك، ثم وقفت على كلام الإقناع في كتاب الحج، وهو قوله فيه مع شرحه:((وحسنات الحرم) في المضاعفة (كصلاته) لما تقدم عن ابن عباس))، فهذا فيه تقرير بأن حسنات الحرم مضاعفة قياساً على الصلاة فيه، فيفهم منه أن الصلاة في الحرم مضاعفة، وليس التضعيف خاصاً بالمسجد فحسب.

وفي الغاية مع شرحه في كتاب الحج: ((وبقية حسنات الحرم) المكي (كصلاة فيه، فكل عمل بر) من صدقة وذكر وكلمة طيبة، ونحو ذلك من القربات التي تقع (فيه)، أي: الحرم: (بمائة ألف) في غيره).

ثم وقفت على كلام اللبدي في دليل الناسك، وهو:(وهل المضاعفة في نفس المسجد أو في جميع الحرم؟ خلاف، والأول أقوى دليلاً)، لكني قدمتُ عليه مفهومَ الإقناع.

ثم وقفت على كلام الغاية، وهو قوله - وهو كلام الفروع - مع المطالب:((وظاهر كلامهم) أيضاً: (أن المسجد الحرام نفس المسجد)، ومع ما يزيد فيه كما تقدم، (وقيل: الحرم كله مسجد)، فتحصل فيه المضاعفة المذكورة، وهو ضعيف)، وهو بعد قوله: (وبقية حسنات الحرم

إلخ) الذي نقلته سابقاً، فاختلف مفهومُ كلامِهِ مع منطوقه!

فترددت كثيراً؛ لكونه يؤيد ما قواه اللبدي، ثم وجدت كلاماً في الإقناع في كتاب الصلاة يؤيد ما استظهره صاحب الغاية وقواه اللبدي وهو:(ولا تسقط الفائتة بحج، ولا تضعيف صلاة في المساجد الثلاثة)، أي: من عليه فوائت كثيرة، فلا تسقط بصلاته في مسجد تضاعف فيه الصلاة كالمساجد الثلاثة. ويفهم منه: أن التضعيف خاص بالمسجد فقط، فاختلف المفهوم من قولي الإقناع، وكذا مفهوم الغاية مع منطوقه. ومما يدل أيضاً على أن التضعيف خاص بالمسجد قولهم في آخر كتاب الاعتكاف: وما زيد في المسجد فمنه حتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، خلافاً لمن خصه بالمسجد الذي في زمنه صلى الله عليه وسلم استدلالاً بالإشارة في حديث: «صلاة في مسجدي هذا بألف

». قلت: فلو كان التضعيف عاماً لكل الحرم لما اختلف أصحابنا فيما زيد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.

والذي أميل إليه الآن أن التضعيف خاص بالمسجد؛ لكثرة مرجحاته، لكن مع شيء من التردد، والله أعلم. (بحث)

ص: 296

وَسن زِيَارَةُ قبر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وقَبْرَي صَاحِبيهِ

(1)

.

(1)

يؤخذ من سنية الزيارة استحباب شد الرحال لها، كذا ذكره ابن نصر الله، ونقله الشيخ منصور في الكشاف؛ لكن لم أر لهم ذكر استحباب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم في غير هذا الموطن، وهو بعد الفراغ من الحج، أي: فلا يسن في غير هذا الزمن، والله أعلم. وهذا خلافاً لما ذهب إليه شيخ الإسلام، والجائز بإجماع - كما قال شيخ الإسلام - أن ينوي المسلم زيارة المسجد النبوي، فإذا أتاه نوى زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم. وإنما يحصل الإشكال لو نوى من بلده السفر لزيارة القبر. ويكره في المذهب قصد القبور للدعاء عندها، فمن سافر لذلك لا يترخص برخص السفر.

(تتمة) صفة الزيارة: أن يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلاً له، ويتقدم، ويقول: السلام عليك يا رسول الله، وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يزيد على ذلك، رواه مالك وغيره، وصححه ابن حجر في المطالب العالية، قال في الإقناع:(إن زاد على ذلك فحسن). ولا يرفع صوته، ولا يتمسح، ولا يمس القبر، ولا حائطه، ولا يقبله، وكل ذلك مكروه؛ لما فيه من إساءة الأدب والابتداع. ثم يتقدم عن يمينه نحو ذراع ويسلم على أبي بكررضي الله عنه فيقول:(السلام عليك يا أبا بكر الصديق)، ثم يتقدم عن يمينه نحو ذراع أيضاً ويسلم على عمر رضي الله عنهم فيقول:(السلام عليك يا عمر الفاروق) كذا في الكشاف، وبعد ذلك يتقدم قليلاً ويقف ويدعو ويستقبل القبلة، ولا يجعل القبور خلفه.

ص: 303

وَصفَةُ الْعمرَة أن يُحرم بهَا من بِالْحرم من أدنى الْحل

(1)

، وَغَيرُه من دويرةِ أهلِه إن كَانَ دونَ مِيقَاتٍ

(2)

وإلا فَمِنْهُ

(3)

، ثمَّ يطوفُ وَيسْعَى وَيقصِّرُ.

(1)

أي: من أقرب الحل؛ وهو ميقاته، فإذا أحرم من الحرم فعليه دم.

(2)

من كان بين الميقات والحرم أحرم من مكانه، والمراد: كل بلده ميقات له، كما قرره الخلوتي وغيره، فإن تجاوزه بلا إحرام فعليه دم.

(3)

أي: من كان قبل الميقات أحرم منه.

ص: 304