الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في لزوم الإجارة وما يوجب الفسخ)
وَهِي عقدٌ لَازمٌ
(1)
، فَإِن تحول مُسْتَأجرٌ فِي أثناءِ المدَّةِ بِلَا عذرٍ فَعَلَيهِ كلُّ الأجرةِ
(2)
، وإن حوَّله مَالكٌ فَلَا شَيْء لَهُ
(3)
.
وتنفسخُ بِتَلفِ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ
(4)
، وَمَوْتِ مرتضِع
(5)
، وانقلاعِ ضرسٍ أو بُرئه
(6)
وَنَحْوِهِ.
(1)
من الطرفين، فلا يجوز لأحدهما أن يفسخها بلا موجب؛ لأنها عقد معاوضة، وظاهر كلامهم لزوم عقد الإجارة في الضربين: إجارة العين، وعلى منفعة في الذمة.
(2)
أي: بلا عذر يمنعه من الانتفاع من العين المستأجرة، ومن ذلك: أن يستأجر شَقة في مدينة أتاها لقضاء حاجة يظنها تستغرق شهراً فقضاها في أسبوع، فليس له فسخ الإجارة فيما بقي، ويلزمه دفع جميع الأجرة، ولا يجوز للمؤجر أن يؤجر شَقته قبل نهاية العقد بلا رضاه؛ لأن منافعها ملك له، وإلا لزمته أجرة المثل يدفعها له.
(3)
ويحرم عليه أن يحوله.
(4)
كأن يستأجر سيارة فتتلف قبل نهاية المدة، فإن الإجارة تنفسخ.
(5)
أي: لو استأجر امرأة لترضع طفلاً فمات الطفل انفسخت الإجارة.
(6)
أي: لو استأجر طبيباً ليقلع ضرساً أو يعالج مريضاً، فانقلع الضرس، أو برئ المريض قبل عمل الطبيب انفسخ عقد الإجارة.
(تتمة) ضابط الأمور التي تنفسخ بها الإجارة: تعذر استيفاء المنفعة المعقود عليها في العين، وهو منطبق على الأمثلة الثلاثة السابقة.
(تتمة) لو ظهر أو حدث عيب في العين المستأجرة: قال في المنتهى وشرحه: ((وإن ظهر) بمؤجرة عيب بأن كان بها حين العقد ولم يعلم به مستأجر .. (أو حدث) بمؤجر، عيب كجنون أجير، أو مرضه ونحوه (وهو) أي: العيب (ما يظهر به تفاوت الأجرة) بأن تكون الأجرة معه دونها مع عدمه (فلمستأجر الفسخ)؛ لأنه عيب في المعقود عليه أشبه العيب في بيوع الأعيان. والمنافع لا يحصل قبضها إلا شيئاً فشيئاً، فإذا حدث العيب، فقد وُجد قبل قبض الباقي من المعقود عليه، فأثبت الفسخ فيما بقي منها (إن لم يزل) العيب (بلا ضرر يلحقه) أي: المستأجر
…
ولمستأجر أيضاً الإمضاء مجاناً بلا أرش).
وَلَا يضمن أجيرٌ خَاصٌّ مَا جنت يَده خطأً
(1)
، وَلَا نَحْوُ حجّامٍ،
(1)
أي: ما اعتدت يده خطأً، فلا يضمن ما لم يتعد أو يفرط، والأجير الخاص: هو من قُدر نفعه بالزمن.
(تتمة) ما يستثنى من زمن الإجارة الخاصة: قال في الإقناع وشرحه: ((يستحق المستأجر نفعه في جميع المدة المقدر نفعه بها) لا يشركه فيها أحد، فإن لم يستحق نفعه في جميع الزمن فمشترك كما يأتي (سوى) زمن (فعل الصلوات الخمس في أوقاتها بسننها) أي: المؤكدات، قاله في المستوعب، (و) سوى (صلاة جمعة وعيد) فإن أزمنة ذلك لا تدخل في العقد، بل هي مستثناة شرعاً، قال المجد في شرحه: ظاهر النص: يمنع من شهود الجماعة إلا بشرط أو إذن (سواء سلم نفسه للمستأجر) بأن كان يعمل عند المستأجر (أو لا) بأن كان يعمل في بيت نفسه).
وطبيبٍ، وبيطارٍ، عُرف حِذْقُهم إن أَذِن فِيهِ مُكَلّفٌ أو وليُّ غَيره وَلم تَجْنِ أيديهم
(1)
، وَلَا رَاعٍ مَا لم يَتَعَدَّ أو يفرِّط
(2)
.
وَيضمنُ مُشْتَركٌ مَا تَلِف بِفِعْلِهِ
(3)
لَا من حرزِه
(4)
وَلَا أجرةَ لَهُ
(5)
.
(1)
فلا يضمن أحدهم - وكذا ختان - سواء كان أجيراً خاصًّا أو مشتركاً إن توفرت ثلاثة شروط: 1 - أن يُعرف حذقه، بأن يكون له بصارة ومعرفة بصنعته - كما قال النجدي -، 2 - وأن يأذن فيه مكلف، أو ولي غير مكلف، أي: في فعل الحجامة ونحوها، 3 - وألا تجني يده، أي: ألا يتجاوز بفعله ما لا ينبغي تجاوزه، كأن يقطع من الجلد أكثر مما يحتاج إليه، فيضمن ما تلف ولو لم يتعمد. والبيطار: البزاغ، الذي يبزغ الجسم أو الجلد فيخرج منه الدم.
(2)
فلا يضمن الراعي - الذي يرعى الغنم ونحوها - ما تلف إلا إذا تعدى أو فرط، وقد تقدم أن التعدي: هو فعل ما لا يجوز، والتفريط: هو ترك ما يجب فعله.
(3)
فالأجير المشترك - وهو من قدر نفعه بالعمل - يضمن ما تلف بجناية يده، ولو لم يتعمد كأن يخطئ في تفصيل ثوب، أو يَسقط منه شيء فينكسر، خلافاً للشيخ ابن عثيمين فإنه لا يضمنه.
(4)
كأن يضع الثوب والسلعة في مكان فيحترق، فلا يضمن إن لم يفرط؛ لأنه بغير فعله.
(5)
فإذا تلف شيء في حرزه فلا أجرة له على ما عمله في ذلك التالف.
وَالخَاصُّ
(1)
من قُدِّرَ نَفعُه بالزمن والمشتركُ بِالعَمَلِ.
وَتجب الأجرةُ بِالعقدِ مَا لم تؤجَّل
(2)
.
وَلَا ضَمَانَ على مُسْتَأجرٍ إلا بتعدٍّ أو تَفْرِيط
(3)
، وَالقَوْلُ قَوْلُهُ فِي نفيهما
(4)
.
(1)
أي: الأجير الخاص.
(2)
أي: يملك المؤجر الأجرةَ - في إجارة العين أو الإجارة في الذمة - بمجرد العقد، شَرَط الحلول فيها أو أطلق، فإن أُجلت لم تجب إلا بحلوله. ويتعلق بالأجرة: وجوب ثم استحقاق ثم استقرار، واقتصر المؤلف على أوَّلها.
(3)
أي: لا يضمن مستأجرُ عينٍ كسيارة تلفت إلا بتعدٍّ أو تفريط؛ لأنه قبض العين ولا يختص بنفعها، وإنما ينتفع بها هو وصاحبها، فيده يد أمانة. والله أعلم.
(4)
أي: التعدي والتفريط؛ لأنه أمين.
(تتمة) الإيجار المنتهي بالتمليك ومحاولة تخريجه على المذهب:
من إشكاليات هذا العقد جعل الضمان على المستأجر مطلقاً سواء تعدى أو فرط أو لا. ويقرر الحنابلة في باب «الشروط في البيع» : أن الشرط الذي ينافي مقتضى البيع فاسد كشرط ألا يبيعه ولا يهبه؛ لكنه? يُفسد العقد. وظاهر كلامهم جواز الإقدام على عقد فيه شرط فاسد؛ لحديث بريرة رضي الله عنها: «خذيها واشترطي لهم الولاء» ، متفق عليه؛ لكنهم جعلوا لمن فات غرضُه بفساد الشرط الفسخَ أو أرش ما نقص بسبب الشرط.
ونظير ذلك لو شرط المؤجر على المستأجر ما ينافي مقتضى العقد كضمان العين، فالشرط باطل - كما نص عليه صاحب الإقناع -؛ لأن مقتضى عقد الإجارة كون يد المستأجر يد أمانة، فلا يضمن العين إلا بالتعدي أو التفريط.
فالظاهر جواز الإقدام على عقد الإيجار المنتهي بالتمليك مع وجود شرط الضمان - أي: التأمين - على المستأجر مطلقاً، وله بعد ذلك الامتناع من الضمان - الذي يكون بسبب تلف، أو عيب بغير تعد منه ولا تفريط - عن طريق المحكمة. والظاهر حرمة تضمين المستأجر، لكن لو حصل ذلك فإن العقد لا يزال صحيحاً، وقد حلت مؤسسة الراجحي الإشكال بأن جعلوا التأمين والضمان عليهم لا على المستأجر. (بحث)