الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في المساقاة
(1)
والمزارعة)
وَتَصِح المسَاقَاةُ على شجرٍ لَهُ ثَمَرٌ يُؤْكَل
(2)
، وَثَمَرَةٍ مَوجُودَةٍ بِجُزْءٍ مِنْهَا
(3)
، وعَلى شجرٍ يغرِسُه ويعملُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثمرَ بِجُزْءٍ من الثَّمَرَةِ أو الشّجرِ أو مِنْهُمَا
(4)
،
فَإِن فسخ مَالكٌ قبل ظُهُور ثَمَرَةٍ فلعاملٍ
(1)
المساقاة لغة: مفاعلة من السقي، أي: سقي الماء، أما شرعاً فلها ثلاث صور ستأتي، وكلها جائزة. والأصل فيها حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع، متفق عليه.
(2)
(الصورة الأولى) أن يدفع المالك للعامل أرضاً وشجراً له ثمر يؤكل لكنه لم يظهر بعد، فيعمل عليه حتى يُثمر بجزء مشاع من الثمر لا من الشجر.
(3)
(الصورة الثانية) أن يدفع المالك للعامل أرضه وشجره، وأن يكون للشجر ثمر ظاهر موجود، فيعمل عليه العامل حتى يكتمل نماؤه بجزء مشاع من الثمرة لا من الشجر.
(4)
(الصورة الثالثة) المغارسة أو المناصبة: وهي دفع شجر غير مغروس لمن يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء مشاع معلوم من الثمر، أو من الشجر، أو منهما معاً كأن يشرط له ثلث الشجر وثلث الثمر.
(تتمة) يشترط لصحة المساقاة خمسة شروط: 1 - أن يكون الشجر معلوماً للمالك والعامل، 2 - أن يكون للشجر ثمر يؤكل، فلا تصح على شجر لا ثمرة له أو له ثمرة لا تؤكل، 3 - أن يكون كل من العامل وصاحب النخل جائز التصرف، 4 - أن يكون الشجر من رب الأرض، فلا تصح على شجر من العامل، 5 - أن يُشرط للعامل جزءٌ مشاع معلوم من الثمر، وهذا في المساقاة، أما في المناصبة فيصح كون المشروط جزءاً مشاعاً من الثمر أو من الشجر أو منهما، كما تقدم.
أجرتُهُ
(1)
، أو عَاملٌ فَلَا شَيء لَهُ
(2)
.
وتُملك الثَّمَرَةُ بظهورها
(3)
، فعلى عَاملٍ تَمامُ عملٍ إذا فُسخت بعده
(4)
، وعَلى عَاملٍ كُلُّ مَا فِيهِ نموٌّ أو إصلاحٌ وحصادٌ وَنَحْوُه
(5)
، وعَلى
(1)
أي: إذا شرع العامل في عمله ثم فسخ المالك قبل ظهور الثمرة، فإن المساقاة تتحول إلى إجارة، فتقدر له أجرة ما عمل قبل الفسخ. أما شيخ الإسلام فيرى أنه يأخذ ما يقابل عمله مما جعل له من الثمر بالقسط، فإن عمل ربع العمل فله الربع مما قدر له من الجزء المشروط.
(2)
أي: إذا فسخ العامل قبل ظهور الثمرة فلا شيء له، وقد تقدم في باب الوكالة أن المساقاة عقدٌ جائزٌ لكلٍّ من المتعاقدين فسخها.
(تتمة) وإن ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة فلم تحمل الأشجار تلك السنة، فلا شيء للعامل.
(3)
أي: يملك كلٌّ من العامل والمالك نصيبه من الثمرة بمجرد ظهورها.
(4)
فإذا فسخت المساقاة بعد ظهور الثمرة وجب على العامل إتمام عمله حتى ينضج الثمر.
(5)
فيجب على العامل في المساقاة والمغارسة والمزارعة: كلُّ ما فيه نمو أو إصلاح للثمر من الحرث، وإصلاح الطرق، والسقي، وكذا بَقَرُ الحرث فإنها عليه.
ربِّ أصلٍ حفظٌ وَنَحْوُه
(1)
، وَعَلَيْهِمَا بِقدر حِصَتَيْهِمَا جدَادٌ
(2)
.
وَتَصِح المُزَارعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يخرج من الأرض
(3)
بِشَرْطِ عِلمِ بذرٍ
(4)
وَقدرِه
(5)
وَكَونِهِ من ربِّ الأرض
(6)
.
(1)
أي: يجب على رب الأصل - أي: رب الأرض -: حفظ الأصل، وإجراء الأنهار، وحفر الآبار، والإتيان بالماء إلى المزرعة.
(تتمة) إن شرط أحدهما على الآخر ما يلزمه هو، كأن شرط العاملُ أن يكون الحرثُ على المالك، أو شرط المالكُ على العامل أن يحفر الآبار والعيون لم يصح الشرط، والعقد باطل؛ لمخالفة الشرط مقتضى العقد، إلا إذا شرط المالك الجذاذ على العامل، فيصح.
(2)
أي: قطع الثمر، فلو كان للعامل ثلث الثمرة فعليه قطع الثلث، والباقي على المالك.
(3)
المزارعة: دفعُ أرضٍ وحبٍ لمن يزرعه ويقومُ عليه، أو دفعُ مزروعٍ لمن يعمل عليه بجزء مشاعٍ مما يتحصل منه، قال النجدي:(لا منه ومن الأرض).
(4)
يشترط لصحة المزارعة: (الشرط الأول) علم جنس البذر - كما هو نص الإقناع -، هل هو قمح أو شعير أو غير ذلك، وإنما يكون ذلك برؤية أو صفة كشجر في مساقاة، كما في شرح المنتهى.
(5)
(الشرط الثاني) علم قدر البذر الذي سيبذره العامل، وزاد في الإقناع:(وفي المغني: أو تقدير المكان)، يعني: معرفة مساحة المكان الذي سيبذر فيه العامل البذر، وإن لم يعلم قدره.
(6)
(الشرط الثالث) كون البذر من رب الأرض أو مالك نفع الأرض كالمستأجر والموقوف عليه، فلا يصح كونه من العامل، وفي زاد المستقنع:(لا يشترط كون البذر والغراس من رب الأرض، وعليه عمل الناس)، وهو أقوى دليلاً، قاله في الإنصاف؛ لأنه لم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع البذر إلى أهل خيبر لما عاملهم، متفق عليه، وذكره في الإقناع رواية بعد تقديم المذهب، وذكر مَن اختاره.
(تتمة)(الشرط الرابع) أن يُشترط للعامل جزء مشاع معلوم مما يحصل من الغلة، والله أعلم.