الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الأيمان
(1)
تحرم بِغَيْر الله، أو صفةٍ من صِفَاتِهِ
(2)
، أو القُرآنِ
(3)
، فَمن حَلَفَ وَحَنِثَ وَجَبت عَلَيْهِ الكَفَّارَةُ.
ولوجوبها أربعةُ شُرُوط:
قصدُ عقدِ اليَمين
(4)
، وَكَونُهَا على مُستَقبلٍ
(5)
، فَلَا تَنعَقِد على مَاضٍ
(1)
الأيمان لغة: جمع يمين، وهو القسم، واصطلاحاً: هو توكيد حكمٍ بذكر معظمٍ على وجه مخصوص.
(2)
كوجه الله وعظمته وكبريائه، ويشترط لجواز الحلف بصفة الله: أن يضيفها إلى الله تعالى باللفظ كوجه الله، أو بالنية أي: ينوي صفته تعالى.
(3)
فيجوز الحلف بالقرآن، أما الحلف بالمخلوق كالأولياء والأنبياء والكعبة فلا يجوز، ولا تجب به كفارة.
(4)
يشترط لوجوب الكفارة أربعة شروط: (الشرط الأول) قصدُ عقد اليَمين: فلا كفارة إن حلف لغواً بدون قصد اليمين بأن سبقت على لسانه بلا قصد كقوله: لا والله، أو: بلى والله، قال في الإقناع:(وظاهره: ولو في المستقبل)، أي: ولو قال: لا والله - غير قاصد اليمين - على فعل مستقبل، ولا تنعقد أيضاً من نائم، وصغير، ومجنون ونحوهم؛ لأنه لا قصد لهم، ويستثنى من هذا: من سكر بمحرم غير مكرَه، فتنعقد يمينه.
(5)
(الشرط الثاني) كونها على مستقبل ممكن، أي: يمكن فعله، وإلا لم تنعقد.
كَاذِباً عَالماً بِهِ وَهِي الغمُوسُ
(1)
، وَلَا ظَاناً صِدْقَ نَفسِه فيَبِينُ بِخِلَافِهِ
(2)
،
وَلَا على فعلٍ مُسْتَحِيلٍ
(3)
، وَكَونُ حَالفٍ مُخْتَاراً
(4)
، وحِنْثُه بِفعل مَا حلف على تَركه أو تركِ مَا حلف على فعله غيرَ مكرهٍ
(5)
أو جَاهِلٍ أو نَاسٍ.
(1)
وسبب تسميتها بالغموس: أنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، ولا كفارة فيها. ومثال الحلف على أمر ماض أن يقول: والله إني ذهبت إلى بيت فلان أمس.
(2)
أي: لو حلف على أمر ماض ظاناً صدق نفسه فتبين عدمَ صحةِ ما حلف عليه، لم تنعقد يمينه ولا كفارة عليه، وقد حكاه ابن المنذر إجماعاً.
(تتمة) إن كانت يمينه بطلاق أو عتق على أمر ماض يظن صدق نفسه فتبين بخلافه وقع الطلاق والعتق؛ لأنها أيمان غير مكفرة، ذكر هذه المسألة صاحبُ الإقناع هنا، فلو قال مثلاً: علي الطلاق أن زيداً ذهب إلى المطعم بالأمس يظن ذهابه، فتبين عدم ذهابه، وقع الطلاق. (بحث مهم)
(3)
لو حلف على عدم فعل شيء مستحيل، فلا تنعقد يمينه كقوله: والله لن أمشي في الهواء، أو: والله لن أشرب ماء هذا الكوب، ولا ماء فيه، فلا تنعقد يمينه. أما لو حلف على فعل شيء مستحيل كقوله: والله لأمشينَّ في الهواء، أو: والله لأشربن ماء هذا الكوب، ولا ماء فيه، فتنعقد يمينه، وتلزمه الكفارة في الحال؛ لاستحالة البر فيه.
(4)
(الشرط الثالث) كون الحالف مختاراً لا مكرهاً.
(5)
(الشرط الرابع) الحنث مختاراً: وهو أن يفعل ما حلف على تركه مختاراً، أو يترك ما حلف على فعله مختاراً، فإن حصل ذلك عن إكراه فلا كفارة عليه، لكن لا تنحل يمينه.
وَيسنُّ حِنْثٌ وَيكرهُ بِرٌّ إذا كَانَت على فعل مَكرُوهٍ أو تركِ مَندُوب
(1)
، وَعَكسُه بعكسِه
(2)
.
وَيجب إن كَانَت على فعل محرَّمٍ أو تركِ وَاجِبٍ وَعَكسُه بعكسِه
(3)
.
(1)
حكم الحنث في اليمين يختلف باختلاف نوع اليمين: فإذا حلف على فعل مكروه، سن أن يحنث وكره أن يبر، ومثله ترك المسنون كقوله: والله لا أصلي ركعتي تحية المسجد.
(2)
فلو حلف على فعل مندوب أو ترك مكروه كره له الحنث، وسن أن يبر به.
(3)
أي: يجب الحنث على من حلف على ترك واجب أو فعل محرم، ويحرم أن يبر بيمينه، ومثاله في ترك الواجب: حلفه على ترك الصلاة، وفي فعل المحرم: حلفه على شرب الخمر. أما من حلف على فعل واجب أو ترك محرم، فإنه يجب عليه أن يبر في يمينه، ويحرم عليه أن يحنث.
(تتمة) الأيمان من حيث دخول الكفارة فيها وعدمه قسمان: (القسم الأول) أيمان مكفرة، وهي التي تدخلها الكفارة كاليمين بالله تعالى والظهار والنذر، (القسم الثاني) أيمان غير مكفرة، وهي التي? تدخلها الكفارة كالحلف بالطلاق والعتاق.
ومن الفروق بين الأيمان المكفرة وغير المكفرة:
الفرق الأول: أن الأيمان المكفرة ينفع فيها الاستثناء بأن يقول بعد اليمين: إن شاء الله، بشرط توفر الشروط الأربعة المعتبرة. أما الأيمان غير المكفرة فلا ينفع فيها الاستثناء، فلو قال: أنتِ طالق إن شاء الله، وقع طلاقه. انظر: الكشاف (14/ 400)، وشرح المنتهى (6/ 381).
الفرق الثاني: أنه لو حلف في اليمين المكفرة على أمر ماض يظن صدق نفسه فبان الأمر بخلاف ما حلف عليه لم يحنث. ومثاله لو قال: والله إن فلاناً ذهب بالأمس إلى الأحساء ظاناً ذهابه، فتبين أنه لم يذهب، فإنه لا يحنث. أما اليمين غير المكفرة، فهي بخلاف ذلك، فلو قال: علي الطلاق أن فلاناً ذهب بالأمس إلى الأحساء ظاناً ذهابه، فتبين أنه لم يذهب، فإنه يحنث وتطلق زوجته. انظر: الكشاف (12/ 361)، وشرح المنتهى (6/ 485).
الفرق الثالث: إن حلف على نفسه أو غيره ممن يقصد منعه أن لا يفعل شيئاً، ففعله ناسياً أو جاهلاً، حنث في الطلاق والعتاق فقط. أما الأيمان المكفرة، فلا يحنث فيها إلا إن خالف ما حلف عليه مختاراً ذاكراً. (بحث)