الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل (في صلاة الجماعة)
تجب الْجَمَاعَةُ
(1)
للخمس
(1)
وجوباً عينياً، إلا في الجمعة والعيد، فالجماعة شرط فيهما.
(تتمة) الأدلة على وجوب صلاة الجماعة كثيرة: منها حديث: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلِّي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» متفق عليه، والله عز وجل قد أوجب صلاة الجماعة في حال الخوف والقتال، فوجوبها في حال الأمن أولى. لكن تصح صلاة الفذ، ويأثم إن كان غير معذور. أما صلاة الجماعة في المسجد فسُنة، فيجوز إقامة الجماعة في كل مكان، لكن الأفضل أن تكون في المسجد، ومما يدل على عدم وجوب الصلاة في المسجد: ما رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه - أو كتفه - وآلى من نسائه شهرا، فجلس في مشربة له درجتها من جذوع، فأتاه أصحابه يعودونه، فصلى بهم جالسا وهم قيام) قال ابن رجب في فتح الباري: (وفي الحديث: دليل على أن المريض الذي يشق عليه حضور المسجد له الصلاة في بيته، مع قرب بيته من المسجد، وفيه: أن المريض يصلي بمن دخل عليه للعيادة جماعة؛ لتحصيل فضل الجماعة، وقد يستدل بذلك على أن شهود المسجد للجماعة غير واجب على الأعيان، كما هو رواية عن أحمد؛ فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بإعادة صلاتهم في المسجد، بل اكتفى منهم بصلاتهم معه في مشربته.)
المؤدّاةِ
(1)
على الرِّجَالِ الأحرارِ القادرين
(2)
، وَحرُم أن يَؤُم قبل راتب إلا بِإِذْنِهِ أو عذره أو عدم كَرَاهَته
(3)
.
وَمن كبّر قبل تَسْلِيمَة الإمام الأولى أدرَكَ الْجَمَاعَة
(4)
، وَمن أدركه رَاكِعاً أدرَكَ الرَّكْعَة، بِشَرْط إدراكه رَاكِعاً، وَعدمِ شكه فِيهِ، وتحريمتِهِ قَائِماً
(5)
،
(1)
دون المقضيات، فلا تجب لها الجماعة.
(2)
على حضور الجماعة، فلا تجب الجماعة على النساء والعبيد وأهل الأعذار.
(3)
أي: يحرم أن يؤم قبل الإمام الراتب إلا في ثلاثة أحوال: 1 - أن يأذن بذلك، 2 - أن يكون له عذر، وقد علم الجماعة عذره، 3 - أن يعلموا أنه لا يكره ذلك.
أما الحكم الوضعي: فلا تصح الصلاة إن أمّ شخص قبل الإمام الراتب - في غير ما استثني - للحديث: «لا يؤمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه» ، رواه مسلم، والإمام سلطان في مسجده.
(4)
ولو لم يجلس المأموم المسبوق، فيبني عليها ولا يجدد إحراماً، فإن كبر بعد التسليمة الأولى لم يدرك الجماعة، وإن كبر أثناء التسليمة الأولى فالظاهر أنه أدرك الجماعة مع التردد، فلتحرر.
(5)
تدرك الركعة بثلاثة شروط: 1 - أن يدرك المأمومُ الإمامَ وهو راكع، 2 - ألا يشك المأموم في إدراك إمامه راكعاً، فإن شك لم يعتد بالركعة وسجد للسهو، 3 - أن يكبر للإحرام وهو قائم، فإن كبر وهو هاوٍ للركوع لم تنعقد صلاته. والدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:«من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة» ، رواه أبو داود. وإنّما يدرك المأموم الركعة إذا اجتمع مع إمامه في الركوع، بحيث يصل المأموم إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عنه.
وَتسن ثَانِيَةٌ للرُّكُوع
(1)
،
وَمَا أدرَكَ مَعَه آخرها، وَمَا يَقْضِيه أولها
(2)
.
(1)
أي: إن كبر للإحرام من أدرك الإمام راكعاً، فإن تكبيرة الركوع في حقه مسنونة، وإن نوى بتكبيرةٍ واحدةٍ التحريمةَ وتكبيرةَ الركوع لم تنعقد صلاته، وقد تقدم أن تكبيرات الصلاة واجبة إلا تكبيرة الإحرام فركن، وإلا تكبيرة الركوع في حق من أدرك إمامه راكعاً فمسنونة.
(تتمة) سُنَّ دخول المأموم مع الإمام في أي حال أدركه، وينحط بلا تكبير نصاً، ويقوم مسبوق - لقضاء ما فاته - بتكبير نصاً؛ لوجوبه لكل انتقال يعتد به المصلي، وهذا منه.
(2)
أي: ما أدركه المسبوق مع الإمام يعتبر آخر صلاته، والذي يقضيه هو أولها. فإذا سلم الإمام قام وأتى بالركعة الأولى، فيستفتح ويقرأ سورة بعد الفاتحة. والدليل ما رواه الإمام أحمد والنسائي:«وما فاتكم فاقضوا» ، ولمسلم:«فصلِّ ما أدركت، واقضِ ما سبقك» . وهذا هو المذهب، وبهذا القول تكون صلاة المسبوق أكمل وأتم؛ لأنه سيأتي بسنة القراءة بعد الفاتحة، بخلاف من قال: إن ما أدركه المسبوق مع الإمام أول صلاته؛ فإنَّ المسبوق إذا قام فلن يأتي بسورة بعد الفاتحة والله أعلم.
(تتمة) يستثنى على المذهب ثلاثة أشياء ليست آخر صلاته: (الأول): لو أدرك المسبوق مع إمامه ركعة من رباعية أو مغرب، فإنه يتشهد التشهد الأول بعد ركعة أخرى؛ لئلا يغير هيئة الصلاة، (الثاني): إذا جلس للتشهد الأخير مع الإمام، فإن المسبوق يكرر التشهد الأول ندباً حتى يسلم إمامه التسليمتين ما لم يكن محلاً لتشهده الأول، فالواجب منه المرة الأولى، (الثالث): يتورك المسبوق في التشهد الأخير للإمام، ويتورك أيضاً فيما يقضيه.
ويتحمل عَن مأمومٍ قِرَاءَةٍ
(1)
، وَسُجُودَ سَهْوٍ
(2)
، وتلاوةً
(3)
، وسترةً
(4)
، وَدُعَاءَ قنوتٍ
(5)
، وتشهداً أول إذا سُبق بِرَكْعَة
(6)
،
لَكِن يسن أن يقرأ فِي
(1)
يتحمل الإمام عن المأموم ثمانية أشياء: (الأول): قراءة الفاتحة؛ لحديث أبي هريرة: «من كان له إمام فقراءته له قراءة» ، رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني، وضعفه البوصيري وابن حجر.
(2)
(الثاني) إذا سها المأموم في صلاته، فإن إمامه يتحمله عنه، فلا يجب عليه أن يسجد للسهو، وليس المراد أن الإمام يسجد للسهو بسببه. وهذا في حق من دخل مع الإمام من أول الصلاة، أما من سُبق بركعة فأكثر وسها وهو مع إمامه أو وحده بعد مفارقة إمامه، فإنه يسجد للسهو.
(3)
(الثالث) سجود التلاوة: ويدخل فيه صورتان: 1 - إذا قرأ المأمومُ آية سجدة، فإن الإمام يتحملها عنه بحيث لا يطالب المأموم بتلك السُّنة؛ 2 - وإذا قرأ الإمام آية سجدة في صلاة سرية وسجد فيها خُيّر المأموم، فإن شاء سجد وإن شاء لم يسجد، وفي الإقناع وشرحه:(والأولى السجود؛ متابعةً للإمام)، وقطع به في الغاية ومطالب أولي النهى.
(4)
(الرابع) السترة: فإن كان للإمام سترة، فسترته سترة لمن خلفه.
(5)
(الخامس) دعاء القنوت: ويستحب للمأموم أن يؤمّن على دعاء قنوت الإمام إن كان يسمعه، فإن كان لا يسمعه، فإنه يدعو لنفسه.
(6)
(السادس) التشهد الأول إذا سُبق المأموم بركعة في رباعية: فمن دخل مع الإمام في الركعة الثانية من رباعية، فإنّ الإمام إذا فرغ من الركعة الثالثة وقام للرابعة كان ذلك موضع التشهد الأول للمأموم، لكنه لا يجلس له، بل يتابع إمامه ويتحمل عنه التشهد الأول.
(تتمة) اقتصر الماتن على ما ذكره المنتهى هنا، وزاد الإقناع والغاية:(السابع) قول «سمع الله لمن حمده» ، و (الثامن) قول «ملء السماء وملء الأرض
…
».
سكتاته
(1)
وسرية
(2)
وإذا لم يسمعهُ لبعد لَا طرش
(3)
.
(1)
أي: يسن أن يقرأ المأموم الفاتحة وسورة حيث شُرعت في سكتات إمامه مطلقاً، حتى لو سكت لتنفس، فإذا جهر الإمام بالقراءة سن له أن ينصت، فإذا سكت الإمام أكمل قراءة الفاتحة، ونص في الإقناع على كراهة القراءة والإمام يقرأ.
(تتمة) أما استفتاح المأموم والتعوذ، فإنه يستفتح ويتعوذ ولو في حال جهر الإمام على ظاهر المنتهى، وتبعه في الغاية، وهو الذي شرح به شيخ الإسلام في شرح العمدة (2/ 744) واستدل له من السنة، وذهب في الإقناع - تبعاً للتنقيح - إلى أنه لا يستفتح ولا يتعوذ إلا في سكتات الإمام كالقراءة، ولعل المذهب ما في الإقناع. والله أعلم. (مخالفة)
(تتمة) يستحب للإمام ثلاث سكتات: (الأولى) قبل الفاتحة في الركعة الأولى فقط، (الثانية) بعد الفاتحة في كل ركعة، وتسن السكتة هنا بقدر الفاتحة ليتمكن المأموم من قراءتها (الثالثة) بعد فراغ القراءة ليتمكن المأموم من قراءة السورة فيها.
(2)
أي: يسن للمأموم أن يقرأ في الصلاة السرية كالظهر، ولا يجب عليه. وكذا يسن للمأموم أن يقرأ في الركعات التي يُسِرُّ فيها الإمامُ كالثالثة والرابعة من العشاء.
(3)
الطرش: هو الصمم أي: الذي لا يسمع. فيسن للمأموم أن يقرأ الفاتحة إذا لم يسمع الإمام لبعده عنه لا لطرش، فإن كان أطرش فلا يسن له أن يقرأ الفاتحة. وظاهر المتن - كزاد المستقنع - لا يسن أن يقرأ مطلقاً، والمذهب: يسن للأطرش أن يقرأ إن لم يشغل من بجانبه، فإن أشغل من بجانبه ترك القراءة وجوباً في اتجاه للغاية، ووافقاه. (مخالفة الماتن)
وَسُنَّ لَهُ التَّخْفِيفُ مَعَ الإتمامِ
(1)
، وَتَطْوِيلُ الأولى على الثَّانِيَة
(2)
، وانتظارُ دَاخلٍ مَا لم يشق
(3)
.
(1)
أي: يسن للإمام التخفيف للحديث: «إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف» رواه الجماعة. وقوله: مع الإتمام: أي بأن يأتي بالسنن، ولذلك يقول الفقهاء: تُكره سرعة تمنع المأموم من فعل ما يسن، وإنما يسن التخفيف ما لم يؤثر المأمومُ التطويلَ، فإن آثره استحب، كما في الإقناع، وزاد في المبدع:(وعددهم منحصر) ذكره في الكشاف.
(2)
أي: يسن تطويل الركعة الأولى على الثانية لحديث أبي قتادة رضي الله عنه عند مسلم: «وكان يطول الركعة الأولى» . ويستثنى من ذلك صورتان: (الصورة الأولى) إذا كانت الثانيةُ أطولَ من الأولى بيسير كما في صلاة الجمعة والعيدين، فيقرأ في الأولى بـ «سبح» وفي الثانية بـ «الغاشية» . (الصورة الثانية) في الوجه الثاني من صلاة الخوف حيث يكون العدو في غير جهة القبلة ويقسم الإمام المقاتلين طائفتين، فتكون الركعة الثانية - بالنسبة للإمام - أطول من الأولى؛ لانتظار الطائفة التي تأتي لتأتمّ به.
(3)
فإذا كانت الجماعةُ يسيرةً ولا يشق الانتظار على المأمومين ولا على بعضهم، استحب للإمام انتظارُ الداخلِ في الركوع والسجود وغيرهما، وإذا كان يشق عليهم أو على بعضهم فيكره؛ لأنَّ حرمة المأموم الذي معه في الصلاة أعظم من حرمة الداخل، فلا يشق على من معه لنفع الداخل. قال الكرمي في الغاية:(وانتظارُ داخل مطلقاً في ركوع وغيره بنية تقرب لا تودد إن لم يشق على مأموم فيكره، وكذا - أي يكره انتظار داخل - لو كثرت جماعة؛ لأنه يبعد أن لا يكون فيهم من يشق عليه).